للشيخ محمد حسان مُحبُّون يحق لهم أن يذودوا عنه كيف شاءوا، شرط ألا يأخذهم ذلك لشواطئ التقديس، فنجد أنفسنا – كعرب الجاهلية – نعبد أصناماً تمنعنا من النقد أو البوح أو الغضب. راجع - من فضلك - مواقف نواب حزب "النور" داخل مجلس الشعب، خلال جلسة استتابة النائب زياد العليمي، وراجع كذلك عناوين الصحف التي تلعب هذه الأيام على النغم السلفي، ثم اجمع ملاحظاتك على الأمرين، وضعهما مع ما نُسِب لأحد خطباء الجمعة بأسيوط ب "أن من شتم الشيخ حسان عليه أن يغتسل ويعود إلى إسلامه وصوابه"، في معادلة واحدة، وستجد – في الخلاصة - أن صناعة الأساطير مازالت الحرفة الأشهر التي نتقنها نحن معشر العرب. تريد التأكد؛ راجع قصص الأصنام التي أقامها الأولون حول الكعبة، لتجد أن البعض يسير على نفس الدرب، ولو بغير قصد. - هبل قَدِم إلى أرض العرب بوحي إعجاب زائد من أحدهم بتمثال مقطوع اليد خلال رحلة عابرة إلى بلاد الشام. - وإساف ونائلة أخذا حظهما من التقديس لمجرد أسطورة شاعت عن علاقة آثمة جمعتهما داخل بيت الله الحرام، فكان جزاؤهما المسخ حجرين. - واللات لم تكن سوى صخرة بيضاء مربعة هام بها العرب حتى أنهم كانوا يحجون إليها، دون البيت العتيق. - أما العزى؛ فكانت نخلات في الطريق بين مكة والعراق، بجوارها بيت يطوف حوله المارون ليسمعوا "هواتف الجان" تصدر من داخله، فلما أُعْجِب أجدادنا لم يكتفوا بنحت تمثال لها ليعبدوه، وإنما جعلوها بينهم قَسَماً واسماً ونسباً. وعلى ما تقول السيرة النبوية، فقد أسقط النبي صلى الله عليه وسلم كل هذه الأصنام – وعددها 360 – يوم فتح مكة، ثم وقف بين أهله قائلاً - بلسان مبين -: "يا معشر قريش، إنّ الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم خُلق من تراب". محمد حسان أيضاً خُلِق من تراب، وعلى الذين يحبونه أن يستحضروا ذلك، ويتذكروا دائماً أن "كلاً يُؤْخَذُ مِنه ويُرَدّ إلا المعصوم"، ثم أن عليهم أن يقوموا بواجبهم الحقيقي تجاهه، فيحمونه من أولئك الذين يسعون اليوم لركوب موجته لتحقيق مآرب صغيرة، منها جمع القرابين باسمه، وأخطرها: "التلذذ ببقاء مصر دون عقل أو لسان !".