مهنة غريبة قد لا تخطر ببال، رائدها طفل عراقي لم يتجاوز 13 ربيعا، المهنة هي اصطياد الطيور وبيعها كي يحررها من جديد.. من بين زحام المارة في سوق "القلعة" الشعبية بمحافظة كركوك شمال العراق يتناهي صوت أيمن شكر محمد: "اشترى حريته بألف دينار".. تنتاب المارة والمتسوقين الدهشة وتساؤلات عن مصدر الصوت وما هي تلك البضاعة التي يروج لها الطفل، وفي إحدى زوايا السوق يقف أيمن قرب أقفاص سجيناته من الطيور، التي يعاملها بمنتهى الرفق. أيمن، دفعته الحاجة وفقر الحال إلى ابتكار طريقة تكاد لا تخطر ببال من أجل كسب قوت عائلته اليومي ومجاراة غلاء المعيشة المتزايد في العراق.. أيمن يقوم باصطياد "الزرازير"، وهي من الطيور المهاجرة شتاء من موطنها الأصلي في روسيا إلى العراق، ومن ثم يبيعها بطريقة غريبة تقوم على أساس تحرير تلك الطيور من أقفاصها مقابل مبلغ مادي زهيد. حسب طريقة أيمن ينص العقد الشفهي بينه وبين المشتري على تحرير الطيور التي تم شراؤها منه وإطلاقها أمام ناظريه دون أخذها أو حبسها داخل أقفاص مشتريها. و"الزرازير" الصغيرة ذات اللون الأسود والمنقار الطويل هي نوع من الطيور المهاجرة إلى العراق هرباً من برد الشتاء الروسي لتقضيه مقتاتة على الحشرات والفاكهة. ويقول أيمن: "تقصد هذه الطيور، أي الزرازير، إلى المدينة في موسم الشتاء وأقوم باصطيادها ثم بيعها"، مشيراً إلى أن هناك إقبالاً جيداً على بضاعته. وعن كيفية اصطياد تلك الطيور يقول المبتكر الصغير: "أقوم باصطيادها فجراً عند القرى المجاورة لجبال حمرين في كركوك، بآلة أصنعها بيدي تعرف باسم "الشناطة"، وهي أداة مصنوعة من الخيوط القوية. مستطرداً: طريقة صيدي تتم بوضع القمح أو الأرز على الأرض بالقرب من "الشناطة" وحين يمر الطائر على هذه الخيوط يقع في الفخ وأسرع بإمساكه لكي أضعه بأحد الأقفاص، واتجه بها منذ الصباح الباكر إلى السوق لبيعها، منوهاً إلى أنه يصطاد يومياً نحو 20 طائراً منها.. أما عن رأى زبائن أيمن فى تلك المهنة تقول كولستان قادر: " أقبل على هذه السوق بين فترة وأخرى من أجل تحرير بعض الطيور من قفص هذا الصياد لتحقيق أمنيتي في بقاء ابني في ألمانيا". بينما أميرة عبد الرزاق علي، زبونة أخرى دفعها حب عمل الخير والشفقة على تحرير ما احتوته أقفاص الصياد الصغير من تلك الطيور.. تقول: "أجد متعة كبيرة بما أقوم به من عمل الخير من خلال شراء هذه الطيور وإطلاق سراحها من القفص، وذلك لإيماني الكبير بأنه عند إعادة تحريرها ستجلب الحظ السعيد والأوفر لمن قام بذلك".