1- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يورث دينارا ً ولا درهما ولكنه ورث شريعة تبلغ للناس وعلما ً ينشر بين الناس وحكمة تذاع بين الخلائق .. وعلي كل من يدعو للإسلام أن يعرف أنه يقف علي منبر رسول الله (ص) ويبلغ رسالة الحق إلي الخلق.. وعليه ألا يدنس هذا المكان الشريف بشهوة أو شبهة .. وعليه ألا يفرح في شبابه بشهوة أو في شيخوخته بشبهة تخالف هدي النبي (ص) حتى وإن وافقه في ذلك كثير من الناس .. وعليه أن يقدم في ذلك رضا الله علي رضا الناس . 2- ليست الدعوة إلي الله هي مجرد سرد لأدلة الأحكام.. ولا هي مجادلة بينك وبين الناس أو منازلة كلامية بينك وبينهم .. ولا هي هزيمة الناس بالحجة والبيان وإسكاتهم .. ولا هي قهرهم بالحجة والدليل .. ولكن الدعوة إلي الله أعظم من ذلك كله وأكبر من ذلك كله .. ولبست من ذلك في شيء.. بل هي الصدع بالحق والرحمة بالخلق .. وهي تحبيب الخلق في الحق .. وسوقهم بلطف ورفق إلي الله .. وحسن ترغيبهم في الدين.. وتليين القلوب لقبول الحق .. أما المراء والجدال فهو مبدأ كل شر وهو الذي يوغر الصدور ويهيج العداوات ويحض علي عدم قبول الحق 3- علي الدعاة أن يعلموا أن قلوب العباد بيد الله لا بأيديهم .. وأنهم مجرد أسباب للهداية والصلاح .. فقد يهدي الله بالسبب وبغير السبب وبعكس السبب .. فقد كفر أبو لهب وهو عم الرسول (صلى الله عليه وسلم) وآمن سلمان الفارسي وهو من بلاد فارس التي لم يطأها الرسول أبدا ً .. وكفر أبو طالب وهو أعلم الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وبدعوته.. وأسلم صهيب الرومي وكأنه جاء من أقصى البلاد من أجل الإسلام .. وكفر أمية بن أبي الصلت وهو الذي كان ينتظر الوحي والرسالة لتتنزل عليه .. وأسلم بلال الحبشي .. فعلى الدعاة أن يعيشوا بقلوبهم وأفئدتهم مع المعنى الرائع: " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .. وما دعوت إذ دعوت ولكن الله هدى.. وما تكلمت إذ تكلمت ولكن الله أنار القلوب ". 4- علي الدعاة إلي الله أن يتدبروا الحكمة العظيمة حينما يقال لهم: "قبل أن تحدثني عن الله دعني أرى الله فيك .. أما أن تحدثني عن الله وأرى فيك أطماع الدنيا كلها .. أو تحدثني عن الدين وأرى فيك نفوس الشياطين أو تحدثني عن الآخرة وأرى فيك عشق الدنيا وملذاتها حتى المحرمة منها " 5- علي الدعاة ألا ينتظروا أجرا ً ماديا ً أو معنويا ً علي دعوتهم.. وأن يعيشوا بقلوبهم وجوارحهم مع قول الرسل جميعا ً " يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا" 6- الداعية الحقيقي هو الذي يبشر ولا ينفر.. ويجمع ولا يفرق.. وييسر ولا يعسر.. ويجمع بين الواجب الشرعي والواقع العملي جمعا ًصحيحا ً.. وبين الصدع بالحق وعفة اللسان ..وبين الصدع بالحق والرحمة بالخلق.. ويخاطب العقل والعاطفة معاً.. ويميز بين العقائدي والشرعي الثابت وبين السياسي والحزبي المتغير.. ويفرق بين ما جاء به الوحي وبين ما هو من أمور الدنيا أو العادات.. ويميز بين مساحات عمل النقل الصحيح ومساحات عمل العقل الذكي.. ويجمع بين الوطنية والإسلام جمعا ً صحيحا ً. 7- علي الدعاة أن يحرصوا علي عدم تجريح الأشخاص والهيئات في دعوتهم.. وأن يحرصوا علي النقد الذي يبني ولا يهدم .. وأن يعترفوا بإيجابيات الآخرين قبل أن يذكروا سلبياتهم.. وأن يذكروا حسنات الآخرين كمدخل حسن إلي النفس البشرية لقبول نصحهم فيما سوى ذلك.