أجمع رجال الاقتصاد وخبراؤه على أن عام 2011 الذى يوشك على الرحيل هو عام استثنائى ومتفرد فى التاريخ المصرى الحديث، مؤكدين أنه من أصعب الأعوام التى عاشتها على مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأسوأها. وأكدوا أن سيئات هذا العام تفوق حسناته بفارق شاسع يصل لدرجة العناء فى البحث عن محطات ايجابية او مسرات خلاله ، مشيرين الى انه على الرغم من كونه عام الثورة المجيدة ، الا انه ايضا يوصف بعام الازمة الاقتصادية الاعنف فى تاريخ مصر. وقالوا إن أسوأ أحداث شهدها عام 2011 تتركز فى سرقة ثورة 25 يناير وتحويلها الى بلطجة، وتشكيل حكومة الدكتور عصام شرف، وتكبد البورصة اكبر خسائر لها منذ سبع سنوات، وتراجع احتياطى النقد الاجنبى، وارتفاع حجم الدين الخارجى، وارتفاع حجم التعثر بالبنوك، وتراجع الانتاج الصناعى، وفقدان الاسواق التصديرية العربية، وفقدان الصورة الذهنية الايجابية عن مصر دوليا، وضياع الشعور بالامن، وتفشى ظاهرة الاعتصامات بميدان التحرير. فى حين أكدوا أن أفضل الأحداث التى شهدها العام تنحصر فى الثورة، وتشكيل حكومة الدكتور كمال الجنزورى، ورفع الحد الأدنى للأجور. من جانبه أكد إيهاب سعيد - عضو الجمعية الأمريكية للمحللين الفنيين – ل " المشهد " أن عام 2011 من أسوأ الأعوام التى مرت على البورصة المصرية على مدى الأعوام السابقة، وبدى انفصالها الواضح عن أداء باقى الأسواق العالمية، حيث تراجع مؤشر السوق الرئيسى EGX30من مستوى 7245 نقطة وهو الأعلى له خلال العام حتى مستوى 3622.35 نقطة بنسبة 49.3%، وكذلك الحال بالنسبة لمؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة EGX70الذى تراجع من مستوى ال 794 الأعلى له حتى مستوى ال 385 نقطه والذى يعد الأدنى له خلال العام، وذلك منذ تدشينه عام 2008 بالبورصه المصريه فاقدا ما يقارب 409 نقاط بنسبة هبوط تقدر بنحو 52%. وقال إن من الأحداث السيئة التي شهدها العام أيضا التراجع الحاد بقيم وأحجام التداولات لتقترب من أدنى مستوياتها فى سبع سنوات، وذلك نتيجة للخروج العشوائى من قبل المستثمرين الأجانب لتخوفهم من عدم وضوح الرؤية المستقبلية أمامهم، وهى الأسباب ذاتها التى دفعت نسبة كبيرة من المستثمرين المحليين الى الأحجام عن التعامل. وأضاف سعيد أن عام 2011 شهد كذلك أطول فترة إغلاق للبورصة المصرية منذ تسعينيات القرن الماضى لمدة وصلت الى 55 يوما متصلة، وذلك جراء الأحداث التى تعرضت لها البلاد أثناء وبعد ثورة 25 من يناير. وأكد أن تعيين حكومة الدكتور عصام شرف وهى الحكومة التى غلب على أدائها الطابع الاشتراكى بشكل واضح، يعد أيضا من أسوأ أحداث العام حيث كان لذلك أبلغ الأثر سلبا فى أداء مناخ الاستثمار بشكل عام والبورصة بشكل خاص. وأضاف سعيد أن حكومة "شرف" صبت كل اهتمامها فى محاولات إرضاء الشارع سواء المظاهرات الفئوية او ثوار ميدان التحرير، متناسية تماما الوضع الاقتصادى الذى كان يتدهور يوما تلو الآخر، وهو ما بدا واضحاً من تراجع نشاط السياحة التى تشكل حوالى 12% من الناتج القومى بنسب قاربت 99% وكذلك انخفاض الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى الى 20 مليار دولار فاقدا بذلك ما يقارب من 16 مليار دولار. وأكد عبدالرحمن لبيب - عضو الجمعية الانجليزية للمحللين الفنيين - أن أسوأ الأحداث في 2011 هى الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها البورصة مشيرا الى أن العام لم يشهد أي أحداث جيدة. وأضاف من أسوأ الأحداث التى شهدها العام أيضا على المستوى الاقتصادى انخفاض قيمة الجنيه لأدنى مستوى له أمام الدولار فى سبع سنوات. وأكد الدكتور عصام خليفة - سكرتير عام الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار - أن ما حدث في البورصة خلال سنة 2011 هو أسوأ مما شهده الاقتصاد والبورصة المصرية في عام 2008 عام الأزمة المالية العالمية، لكنه أكد أيضا أن تدهور الوضع الاقتصادي بسبب ثورة يناير هو فاتورة الإصلاح من أجل تحسن أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصري. واتفق معه هشام توفيق -عضو مجلس إدارة البورصة المصرية- مؤكدا أنه لا يوجد شىء إيجابى خلال عام 2011، وإن كانت هناك بعض الخطوات الجيدة التى نجحت البورصة فى اتخاذها مثل اتاحة ايقاف تداولات البورصة حتى وإن طالت مدته، بالإضافة الي العمل بالإجراءات الاحترازية. من جانبه أكد الدكتور محرم هلال - الرئيس التنفيذى للاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين - أن أفضل حدث فى عام 2011 هو ثورة 25 يناير، مشيرا الى أنه الحدث الأفضل على مستوى الأعوام والعقود الماضية أيضا وليس على مستوى 2011 فقط. فى المقابل أكد أن أسوأ حدث فى هذا العام هو سرقة الثورة وفرحتها وإجهاضها قبل اكتمال ولادتها وتحقيقها أهدافها، موضحا أن ملامح الثورة السامية النقية اختلطت بوجوه البلطجة القبيحة ويعد ذلك من أكثر ما يحزن القلب ويؤلمه فى هذا العام. وعلى المستوى الاقتصادى أكد هلال أن الأزمة الاقتصادية الطاحنة العاقبة للثورة هى الأسوأ على الإطلاق، فى حين أن أفضلها تولى الدكتور كمال الجنزورى رئاسة مجلس الوزراء. وأكد محمد شكرى -رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات- أن الأحداث السيئة فى عام 2011 كثيرة متعددة على كل المستويات بالنسبة لمصر، مشيرا الى أن من أهمها فقدان الأسواق العربية كاأواق تصديرية مهمة للصادرات مصر، وذلك نتيجة ربيع الثورات العربية والذى أدى الى توقف التصدير لتلك الدول ، لافتا الى أن الدول العربية كانت تستحوذ على نسبة كبيرة من إجمالى الصادرات المصرية وهو ما انعكس سلبا على إجمالى صادرات هذا العام. وأضاف شكرى أن من الأحداث السيئة ايضا تراجع الصناعة انتاجا وتنافسيا، موضحا أن مؤشرات الصناعة كانت تتجه قبيل الثورة فى اتجاهات صعودية نحو طفرة أكيدة، وذلك وهو ما يجعلنا آسفين للغاية تجاه ما يعانيه القطاع الصناعى حاليا. وقال إن ضياع الصورة الذهنية الإيجابية عن مصر لدى مختلف دول العالم نتيجة فقدانها الأمن والأمان أحد أهم ملامحها سابقا بسبب توتر الأجواء وأحداث الاضطرابات يعد ايضا من أسوأ من شهده هذا العام. وأكد شكرى أن أفضل ما فى هذا العام هو الكشف عن القدرة الحقيقة للصناعة المصرية وإصرارها على المواصلة رغم الأزمة الطاحنة التى تمر بها، مشيرا الى أن القطاع الصناعى استطاع أن يثبت أنه قادر وبجدارة على تحمل العناء والمصاعب دون كلل من أجل مواصلة مسيرة الإنتاج المحلى. من ناحية أخرى أكد محمد السويدى -عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات- أن أسوأ حدث عام 2011 هو الانفلات الأمنى وتدهور الأحوال الأمنية فى البلاد، مؤكدا أن الترقب والافتقار الى الأمان الحياة اليومية من أسوأ ما يمكن أن يتعرض له المواطن. وأشار الى أن أفضل أحداث العام كان اتخاذ الوزارات والجهات الحكومية بعض خطوات التصحيح والإصلاح لاستئصال مواطن الفساد والتخلص من المشكلات والعقبات التى تعرقل سير الحركة الاقتصادية.. موضحا أن اتجاه وزارة الصناعة والتجارة الخارجية لإعادة النظر فى الأجهزة التابعة لها مثل هيئة التنمية الصناعية وصندوق دعم الصادرات ومركز تحديث الصناعة من أهم التحركات الإيجابية التى شهدها العام. من جهته أكد إبراهيم محلب- رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب – أن افضل احداث عام 2011 هو ثورة 25 يناير والاطاحة بالنظام السابق ، مضيفا أن رفع الحد الأدنى للأجور ومبادرة العديد من الشركات بتثبيت العمالة المؤقتة يعد ايضا من إيجابيات العام . أما بالنسبه لأسوأ أحداث العام، فأكد محلب انها عديدة غير أن أهمها تفشى ظاهرة التظاهرات الفئوية والاعتصامات والاحتجاجات بميدان التحرير، و تراجع حركة الإنتاج، بالاضافة الى زيادة الدين الخارجي علي مصر. وقال صلاح حجاب – رئيس لجنة التشييد والبناء بجمعية رجال الاعمال – إن من أهم إيجابيات 2011 بالنسبة للقطاع العقارى أن الثورة المصرية نجحت فى الكشف عن العديد من الحقائق المهمة في القطاع من خلال التقين من أن ما كان يعرض في السوق العقارية سابقاً كانت لا تتوافق مع حقيقة الطلب، وذلك لأن 80% من الشعب المصري من أصحاب الدخل المتوسط والمنخفض بما لا يحقق التوافق بين العرض والطلب وهو ما يؤثر فى السوق العقارية سلبا. وأشار حجاب إلي ان الأحداث التي عقبت الثوره من شغب واحتجاجات وتعطيل لحركة العمل هى الاسوأ فى هذا العام. وأكد احمد ابو الوفا – منسق عام لشركه الدلة للاستثمار العقاري – أن افضل ما شهدته مصر خلال العام هو تغير النظام السابق وهو ما يعد تحقيقا لاحدى اهم أمنيات الشعب المصري. وقال ابو الوفا إن أسوأ ما شهدته الدوله خلال العام الحالي هو الأزمة الطاحنة التى عصفت بالاقتصاد المصرى وهو ما نتج عنه هروب ملايين الاستثمارات الأجنبية من مصر. من جانبه أكد خالد الشاذلى - مستشار البنك العقارى المصرى العربى - أن ثورة 25 يناير هى افضل ما فى عام 2011 والاحداث التى صاحبت الثورة هى أسوأ ما فى العام ، وذلك لانها ادت لتداعيات سلبية على البنوك والاقتصاد الوطنى بشكل عام. واشار الى ان من مساوئ هذا العام ايضا تراجع التمويل البنكى للمشروعات الاستثمارية كلها وتحجيمها للتسهيلات الائتمانية، لافتا الى ان السبب وراء ذلك يرجع الى عدم قدرة البنوك تقديم اى شىء حيال الوضع الاقتصادى المتأزم حاليا، مشيرا الى ان كل ما ستطاعت البنوك تحقيقه هو الحفاظ على عملائها القدامى. ولفت الشاذلى الى أن عمل البنوك خلال العام المنتهى اعتمد على اتفاقيات التمويل للعام السابق، ولم تشهد الا القليل من عمليات التمويل الجديدة. وقال حسن الشريف - مدير عام بنك الشركة المصرفية العربية الدولية - إن أفضل ما شهده 2011 هو تماسك القطاع المصرفى رغم الأزمات الطاحنة التى طالت الاقتصاد، مؤكدا ان البنوك استطاعت الصمود دون ارتباك جراء هذة الازمة، حيث استطاعت الحفاظ على الانضباط مع العملاء او توفير السيولة اللازمة محلية واجنبية متجاوزة بذلك كل العراقيل العصيبة التى احاطت بالسوق بعد الثورة واهمها تراجع احتياطى النقد الاجنبى . واشار الشريف الى أن اسوأ ما فى العام المنتهى هو تراجع حجم النشاط المصرفى وانخفاض نشاطه تأثرا بتداعيات الثورة . واضاف أن عدم وضوح الرؤية يعد ايضا من سيئات عام 2011، موضحا انه يستحيل وضع خطة طويلة الاجل او حتى وضع لمدى 6 أشهر فى ظل الاوضاع الحالية، مشيرا الى أن التراجع المتوقع لأرباح البنوك خلال نتائج أعمال العام المنتهى سيكون أيضا من مساوئ العام. فيما اكد هشام احمد شوقى - مدير قطاع الاستثمار ببنك الاستثمار العربى - على ان كل احداث 2011 كانت سيئة وافضل ما في العام هو اكتشافنا نقاط الضعف والقوة فى الاقتصاد المصرى بوجه عام والقطاع المصرفى على وجه الخصوص. واوضح ان احداث عام 2011ساهمت فى رفع معدلات التعثر بالبنوك نتيجة تعثر بعض القطاعات الاقتصادية مثل السياحة والصناعة , فضلا عن تعثر العديد من رجال الاعمال فى سداد مستحقات البنوك , واضطرت البنوك الى اعادة جدولة هذه الديون ومد فترات السماح لمراعاة الظروف الصعبة التى تواجه الاقتصاد المصرى. وتوقع شوقى تعافى الاقتصاد وعودة دوران عجلته خلال الفترة المقبلة بعد الحصول على القروض الدولية التى تسعى إليها مصر، حيث ستسهم هذه الأموال فى دفع عجلة الإنتاج وإنعاش السوق، الا أن تحقق ذلك مرهون بهدوء الأوضاع بالشارع وعدم تجدد الاشتباكات بين المتظاهرين وأجهزة الشرطة والجيش.