على تعليقه فى موقع "تويتر"، كتب "Fazlooka":"المواطنون الشرفاء، مؤيدو المجلس العسكرى: هل تستطيع أن تقف عارى الصدر تستقبل الرصاص، وتفقد إحدى عينيك دفاعا عن المجلس؟!". الجواب بالقطع : "لا..."!.
لماذا؟! : لأن الشاب الذى واجه بالصدر الأعزل والإرادة الفولاذية، جحافل الأمن المركزى، وجيش "حبيب العادلى" الجرّار، وعصابات مباحث أمن الدولة، أيام الثورة المجيدة، والذى واجهها أيضا بنفس الإصرار والإرادة، خلال الأيام القليلة الماضية، كان يدافع عن قضية يؤمن بها، ومستعد للتضحية بحياته فى سبيلها، لا لمصلحة شخصية رخيصة، أو مكسب مادى عابر.
ولقد خلق هذا التنافر فى الأهداف حساسية شديدة لدى شباب التحرير تجاه كل من يتاجر بآلامهم، ويصعد على أجداث شهدائهم، ولذا كان موقفهم الحاسم من رموز التيارات والأحزاب والشخصيات، التى لم تتورع عن المتاجرة بالثورة، وتركتها فى عز أزمتها، لكى تتصارع على فتات موائد النظام، أو تتسابق من أجل السيطرة على السلطة، أو تتشاجر على كراسى البرلمان، بعد أن تناسوا الثورة وأهدافها، وأداروا الظهر لأحلام الشباب الذي فجرها، ولأمانى الملايين من الفقراء والمهمشين، وتطلعهم للحياة الحرة الكريمة، وفى العدل الاجتماعى، والدولة المدنية، وهى ما عبرت عنها شعارات الثورة، فى ميادين التحرير، قبل أن يتجمع للانقضاض عليها: المجلس العسكرى، وحكومة شرف، وفلول الحزب"الوطنى" المنحل، ونخب "المعارضة" البائسة، وعلى رأسها الجماعات الأصولية، بتنوعاتها المختلفة، التى كان بعض أهم فصائلها الآن، ضالعا فى خدمة النظام الفاسد المستبد المخلوع، وأجهزة قمعه الباطشة!.
ما يعنينا فى هذا السياق "جماعة الأخوان"، التى قاتلت باستماته من أجل الدفع باتجاه انتخابات نيابية، فى أسرع وقت، لتصورها أن هذه هى فرصتها التاريخية ل"اقتناص" سلطة، عاشت تحلم بها منذ أكثر من ثمانية عقود، دون أن تقيم أدنى اعتبار لظروف مجتمع خرج من ثورة هائلة، وكانت قواه الجديدة، والشباب فى مقدمتها، بحاجة إلى وقت لتنظيم الحركة، وترتيب الصفوف، حتى يتسنى لها خوض منافسة متكافئة، ولو نسبيا، تسمح بتجديد دماء الحركة السياسية المتجمدة فى العروق الشائخة، وتسهم فى تحقيق الأمانى المشروعة للأجيال الجديدة.
وقد شعر الشباب فورا، بتخلى الإخوان عن "الحلم العام"، لتحقيق مشروعها الخاص فى الهيمنة والاستحواذ، وتكررت الحوادث التى بدا فيها هذا الأمر جليا، وكانت أحداث الأيام الأخيرة أكبر دليل على ذلك.
ف "جماعة الإخوان" لم تكتف بالتخلى عن الميدان، والاتحاد مع الجماعات السلفية فى استعراض القوى المكشوف، فى"جمعة قندهارالثانية"، (18/11/2011)، قبل الانتخابات بأيام !، وإنما انتقل موقف "الإخوان" إلى"مسخرة" مليونية "إنقاذ القدس" المزعومة، البائسة، الفاشلة، والتى مثّلت طعنة نجلاء فى ظهر الثورة والشباب، ومحاولة خبيثة ومكشوفة لتقسيم الصف الثورى، فى توقيت تواكب مع تحرك "فلول" السلطة فى مظاهرة "العباسية" المصنوعة، وهو ما شعر به الشباب على الفور، فردوا عليها بقوة، عبر طرد ممثلى الجماعة من الميدان، وكذا عناصر من مرشحى التيارات الأصولية للرئاسة، وبعض المدعين من "الدعاة"، الذين ركبوا الثورة، وباعوا دم الشهداء على شاشات الفضائيات، التى قدمتهم كقادة وصناع لثورة، لم ينتموا -صدقا- لها فى يوم من الأيام!.
لقد رأى الشباب فى هذا السلوك المستهجن، لعبا على الحبال، وتخليا عن أهداف الثورة، ولم يكن هذا هو رأيهم وحدهم، بل كانت رؤية جماهير غفيرة، ومراقبين كثر، أجمعوا على توصيف هذا السلوك بنفس توصيف ورؤية الشباب، بل ان عناصر إخوانية عديدة اعترفت بهذا الأمر، وإن كانت حاولت تبريره!، ولعل فى التعبير المصرى الساخر: ("الرجّالة" فى الميدان، و"الجماعة" فى البيت)، ما يُغنى عن ألف توضيح!.
وهكذا، فقد تنتهى الانتخابات الراهنة بتواجد مؤثر للإخوان فى البرلمان الجديد، وباقترابهم -مع حلفائهم من السلفيين- من كراسى الحكم الوثيرة!، لكنهم يخطئون كثيرا جدا، إذا ما تصوروا أنهم ورثة "الحزب الوطنى المنحل"، وأن السلطة، قد دانت لهم، مؤخرا، وحان وقت التنعم فى رخائها!.. متناسين متغيرا جديدا طرأ على ساحة العمل السياسي فى مصر، وهو الشباب الثائر، الذى أطاح، مع الشعب، بالمستبد الفاسد، حسنى مبارك، وأركان حكمه الكبار، هذا الشباب البديع، الذى بات الأيام الأخيرة، على إصراره، فى الميدان، وسط المطر والبرد، عاضّا على الأمل والحلم، غير قابل للتفريط فيهما أو التنازل عن وعودهما!.
جماعة "الإخوان"، بين "الميدان"، و"البرلمان"!، هو عنوان أزمة "الجماعة"، التى تفشل فى كل اختبارات التاريخ، فتسلك -دائما- عند كل منعطف حاسم، السلوك الوحيد الذى كان ينبغى عليها تجنبه!. __________ * وكيل مؤسسى "الحزب الاشتراكى المصرى"