توقعت مؤسسة الخليج للاستثمار تباطؤ النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون بنسبة ضئيلة في عام 2012، عنه في عام 2011، بسبب تردي الثقة الاقتصادية الدولية إلى جانب معطيات المناخ الاقتصادي داخل مجلس التعاون، لتسجل معدلات النمو إجمالية عام 2012 نحو 3.7% مقابل 4.1% متوقعة بنهاية العام 2011. وبين التقرير أن هناك تفاوتًا فى تقديرات النمو المتوقعة تبعًا للجهة القائمة عليها، فوفقًا لمعهد التمويل الدولي فإنه من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي لدول مجلس التعاون نموَّا حقيقيًّا قدره 6.7% في عام 2011 بعد تحقيق معدل نمو يبلغ 5.2% في عام .2010 وأشار تقرير مؤسسة الخليج للاستثمار الذي صدر اليوم السبت إلى استمرار تباين معدل نمو الصادرات في دول الخليج. مبينًا أن معدل نمو صادرات قطر يزيد ثلاث أضعاف على معدل نمو صادرات السعودية أو الكويت، ففي السنوات الثلاث الماضية نمت صادرات قطر بمعدلات تصل إلى 20%، إلا أن المعدل سينخفض في المستقبل إلى حدود 6% عام 2012 في مقابل أقل من 1% في السعودية و4.4% في الكويت. ونوهت المؤسسة بأن المحرك الأقوى للنمو في اقتصاديات المنطقة يتمثل في عوائد تصدير النفط والغاز والتي ستتمثل أساسًا في أسعار البترول وأحجام الصادرات، وعلى الرغم من أن معظم التوقعات تشير إلى استمرار ارتفاع معدلات أسعار البترول عام 2012 لتتراوح بين 85 و100 دولار للبرميل فإن هناك احتمالاً باتجاه الأسعار نحو الانخفاض خاصة إذا ما استمر التباطؤ الاقتصادي العالمي بما يحمله ذلك من مخاطر تقلص الطلب على النفط وانكماش حصيلة صادراته في حال تراجع معدلات الأسعار إلى مستويات قد تلامس حدود 75 دولارًا للبرميل فضلاً عن تقليص أحجام صادرات النفط الخام والبتروكيماويات. وأشار إلى عدة مصادر إضافية للنمو الاقتصادي في دول المجلس والتي ستساعد على المحافظة على توسع الاقتصاد الخليجي، ومن هذه العوامل السياسات المالية والاستثمارية التوسعية خصوصًا في مجالات المشروعات البنية التحتية وسياسات الإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار وتفعيل دور القطاع الخاص في التنمية وتنويع مصادر الدخل شاملة عوائد استثمارات الصناديق السيادية. ونوه بأن السياسات المالية التوسعية والتي أنتجتها حكومات مجلس التعاون في السنوات الماضية خاصة في أعقاب الأزمة المالية الدولية قد بلغت مداها هذا العام وربما يصعب استمرارها بنفس الوتيرة ومعدلات التوسع التي تجاوزت 20% من الناتج المحلي الإجمالي دون إحداث أضرار جانبية تضخمية وتوزيعية غير حميدة ناهيك عن آثارها على التوازنات الخاصة بالميزانيات الحكومية وارتفاع معدلات الواردات وتسريب الموارد المالية للخارج. وأوضح تقرير مؤسسة الخليج للاستثمار أن استمرار الركود الاقتصادي العالمي بالتزامن مع تباطؤ معدلات نمو وتيرة التجارة الدولية وتقلبات أسعار العملات الرئيسية يحمل غير قليل من المخاطر لدول مجلس التعاون خاصة في ظل احتمال انخفاض قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية في ضوء نظام ربط عملات دول المجلس، باستثناء الكويت بالدولار الأمريكي. وذكر أن محصلة التأثير تتمثل في زيادة "التضخم المستورد" في ظل ارتفاع أحجام واردات دول مجلس التعاون من دول الاتحاد الأوروبي واليابان، كما تمثل احتمالية تدهور منظومة الاتحاد الأوروبي وعملتها "اليورو" مصدرًا هامًا للمخاطرة على مستوى الاقتصاد الخليجي تستوجب الحصانة الإدارية والإعداد الكافي للتصدي لتداعياته. وتناول تقرير مؤسسة الخليج للاستثمار أداء أسواق المال الخليجية في الشهر الماضي موضحًا أن الأسواق عاودت تداولاتها في أعقاب عطلة عيد الأضحى الذي حل في بداية شهر نوفمبر، وكان المتعاملون يبحثون على نحو متزايد عن إشارات من الأسواق العالمية ترشدهم إلى اتجاه الأسواق الخليجية. وحددت أزمة الديون الأوروبية وحالة عدم اليقين بشأن انتعاش الاقتصاد العالمي مبكرًا هذا الاتجاه خلال الشهر. وبين أن المستثمرين استشعروا صعوبة رصد ما يبعث على التفاؤل، خاصة بعد إعلانات أرباح الشركات وغياب أي مؤشرات على قرب توافر محفزات، وبالتالي كانت النتيجة سيطرة موجة من التقلب التراجعى على الأسواق الخليجية خلال النصف الثاني من الشهر حيث تراجع مؤشر ستاندراد آند بورز للأسهم الخليجية بواقع 1.82% خلال الشهر، متأثرًا بالخسائر في عموم أسواق المنطقة. ويرى تقرير مؤسسة الخليج للاستثمار أن نتائج أرباح الشركات للربع الرابع من العام الحالي بالإضافة إلى أسعار النفط من العوامل الرئيسية التي يمكن أن تحفز أداء الأسواق الخليجية على المدى القصير والمتوسط، وتظهر الاستنتاجات المستخلصة من نتائج الربع الثالث تحسنًا معتدلاً في المكاسب الإقليمية للربع الأخير، فيما يفترض أن تتلقى الأسواق في المدى القصير دعمًا أيضًا من الطلب الموسمي على النفط والذي ساعد الأسعار على الاحتفاظ بمستوياتها المرتفعة. وفي إطار السيناريو الحالي يفضل المستثمرون على الأرجح القطاعات المحلية والشركات التي من المتوقع أن توزع أرباحًا مجزية، وستحافظ أسهم قطاعات الاتصالات وتجارة التجزئة والسلع الاستهلاكية على أفضليتها وجاذبيتها. وبين التقرير أن الأسواق العالمية تتعرض على نحو متزايد فيما يبدو لتداعيات أزمة الديون الأوروبية فيما يفتح المحللون الباب أمام مناقشات حول مدى إمكانية انهيار منطقة اليورو مالم يتم اتخاذ خطوات مؤلمة لمعالجة الأزمة والحيلولة دون تفاقمها. وهناك في كلتا الحالتين إجماع على أن الانتعاش العالمي سيتأخر كثيرًا في أحسن الأحوال، وهو ما عكسته أسعار النفط الأخيرة التي تعرضت لمزيد من التقلب وضغوط نزولية. وفي ظل غياب محفزات محلية، ستبحث الأسهم الخليجية على نحو متزايد عن إشارات إرشادية من الأسواق العالمية من أجل تحديد الاتجاه العام، ورغم ذلك، فإن حركة السوق في الآونة الأخيرة توحي بأن البورصات الخليجية تتبنى إلى حد ما أسلوب "الانتظار والترقب" حيال الأزمة العالمية، فيما يتوقع أن يظل مؤشر ستاندارد آند بورز للأسهم الخليجية يحوم حول مستواه الحالي في الأمد القصير.