صدرت في ألمانيا في الآونة الأخيرة عدة أعمال عربية مترجمة إلى الألمانية عن دور نشر كبرى، منها "مدن الملح" لعبد الرحمن منيف و"عزازيل" ليوسف زيدان، ورغم ذلك مازالت مبيعات الأدب العربي المترجم للألمانية متواضعة، باستثناء كتاب "تاكسي" لخالد الخميسي الذي يتصدر المبيعات العربية في ألمانيا. وصدرت مؤخراً 3 روايات عربية لدى إحدى أهم دور النشر الأدبية في ألمانيا، وهي دار "زوركامب" العريقة، هذه الروايات هي: "القاهرةالجديدة" لنجيب محفوظ و"مريم الحكايا" لعلوية صبح و"يالو" لإلياس خوري. فهل حقق الأدب العربي بذلك الاختراق المأمول في المنطقة الألمانية؟ وهل نستطيع أن نقول أن الأدب العربي في ألمانيا خرج أخيراً من الشرنقة الضيقة التي كان محبوساً فيها وأصبح الآن بالفعل أدباً عالمياً ترحب به دور النشر الكبرى؟ طرح تليفزيون "دويتشه فيله" السؤال على المترجمة البرلينية، اللبنانية الأصل - ليلى الشماع - التي ترجمت "مريم الحكايا" و"يالو" - فقالت أن هناك تغييراً نوعياً لا كمياً في ترجمة الأدب العربي، ولكن تبقى هذه الحالات – أي صدور روايات عربية عن دار مثل "زوركامب" - "نادرة جداً" واستثناء من القاعدة. وعندما حلّ الأدب العربي في عام 2004 ضيف شرف في معرض فرانكفورت للكتاب، كان كثيرون يأملون أن تكون تلك بداية استقبال الأدب العربي على مستوى لائق في ألمانيا، غير أن الوضع لم يتغير كثيراً منذ ذلك الحين، كما تشير الشماع التي تقول: "بعد الضجة الكبيرة التي أثيرت آنذاك، وبعد ترجمة نحو خمسين كتاباً في 2004، فإن الاهتمام الآن خف، وعادت وتيرة ترجمة الكتب العربية إلى ما كانت عليه قبل 2004، أي نحو 10 كتب في العام". غير أن هذا التغير النوعي لا يعني نجاحاً تجارياً، إذ تشير الشماع في حديثها لدويتشه فيله إلى أن رواية "مريم الحكايا" مبيعاتها في ألمانيا محدودة ولم تزد حتى الآن عن ألف نسخة. والسؤال هو: لماذا؟ ترجع الشماع ذلك في المقام الأول إلى أن القراء الألمان عموماً يفضلون "الكتب السهلة"، مثل الروايات البوليسية التي تحقق أعلى أرقام مبيعات، في حين يبتعدون عن "الأدب الراقي" ذي الموضوعات الصعبة، وتقول إن رواية مثل "يالو" – التي تتناول موضوع الحرب الأهلية اللبنانية - تمثل موضوعاً صعباً بالنسبة لكثيرين من الألمان، مثلما قالت لها دار النشر. من أمثلة "الكتب السهلة" التي تلقى رواجاً في ألمانيا كتاب "تاكسي" لخالد الخميسي، الذي ظهرت ترجمته لدى دار "لينوس" الصغيرة في بازل بسويسرا. "تاكسي" استطاع في غضون شهور قليلة أن يبيع أكثر من 20 ألف نسخة، وذلك لأنه كتاب يتسم بالفكاهة ويقدم حوارات مسلية بين الكاتب وسائقي سيارات الأجرة في مصر، وهو رغم خفته يعطي صورة جيدة عن الوضع الاجتماعي والسياسي في مصر الآن، أي أنه كتاب يجمع بين الإمتاع والتسلية والمعلومة. فإذا ما قارنا مبيعات "تاكسي" (20 ألف نسخة) بمبيعات "مريم الحكايا" أو "يالو" (ألف نسخة لكل رواية) اتضحت لنا نوعية الكتب التي يفضلها القارئ الألماني.