حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    «الثروة الحيوانية»: انتشار الحمى القلاعية شائعة ولا داعٍ للقلق (فيديو)    قطع التيار الكهربائي اليوم عن 18 منطقة في كفر الشيخ.. اعرف السبب    مجلس الشيوخ الأمريكى يتوصل إلى اتفاق مبدئى لإنهاء الإغلاق الحكومى    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    بالأسماء.. شيكابالا يكشف 12 لاعبًا يستحقون الاستمرار مع الزمالك    شبورة وأمطار.. الأرصاد تكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم 10 نوفمبر    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    عاجل نقل الفنان محمد صبحي للعناية المركزة.. التفاصيل هنا    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    لمواجهة ارتفاع الأسعار.. التموين: طرح زيت طعام 700 مللي ب 46.60 جنيه في 1060مجمعا استهلاكيا    قائمة مقررات الصف الثاني الثانوي أدبي ل امتحانات شهر نوفمبر 2025.. المواعيد كاملة    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    الاتحاد الأفريقي يعرب عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الأمني في مالي    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    رعب في بروكسل بعد رصد طائرات مسيرة تحلق فوق أكبر محطة نووية    سيلتا فيجو ضد برشلونة.. ليفاندوفسكي: علينا التحسن بعد التوقف الدولي    متى ستحصل مصر على الشريحتين الخامسة والسادسة من قرض صندوق النقد؟ وزير المالية يجيب    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    طارق قنديل: الدوري لن يخرج من الأهلي.. وتوروب يسير بخطى ثابتة    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 10 نوفمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    وزير المالية: نسعى لتنفيذ صفقة حكوميه للتخارج قبل نهاية العام    عمرو أديب عن نهائي السوبر بين الأهلي والزمالك: «معلق المباراة جابلي هسهس»    مفتى الجمهورية يشارك فى مناقشة رسالة ماجستير بجامعة المنصورة.. صور    "مصر تتسلم 3.5 مليار دولار".. وزير المالية يكشف تفاصيل صفقة "علم الروم"    غارات جوية أمريكية تستهدف تنظيم القاعدة في اليمن    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    البابا تواضروس ومحافظ الجيزة يفتتحان عددًا من المشروعات الخدمية والاجتماعية ب6 أكتوبر    انتخابات مجلس النواب 2025.. خطوات الاستعلام عن اللجنة الانتخابية بالمرحلة الأولى (رابط)    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    الصحة ل ستوديو إكسترا: 384 مشروعا لتطوير القطاع الصحي حتى عام 2030    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    عمرو أديب عن العلاقات المصرية السعودية: «أنا عايز حد يقولي إيه المشكلة؟!»    حضور فني ضخم في عزاء والد محمد رمضان بمسجد الشرطة بالشيخ زايد.. صور    الكشف إصابة أحمد سامي مدافع بيراميدز    أمواج تسونامي خفيفة تصل شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    نجل عبد الناصر يرد على ياسر جلال بعد تصريح إنزال قوات صاعقة جزائرية بميدان التحرير    فوائد زيادة العضلات بالجسم بعد الأربعين    محافظ الغربية يتفقد مستشفى قطور المركزي وعيادة التأمين الصحي    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    بث مباشر.. صدام النجوم المصريين: مانشستر سيتي يواجه ليفربول في قمة الدوري الإنجليزي    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحداث ماسبيرو بين الحقيقة والوهم (4).. أزمة أكثر عمقا
نشر في المشهد يوم 13 - 11 - 2011

نعود مرة أخرى لأحداث ماسبيرو فى قضية يكتنفها الكثير من الوهم رغم أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس، وتلك القضية هى دور ومسئولية الإعلام الرسمى ممثلا فى التليفزيون الحكومى ومؤسسة وزارة الإعلام ككل فيما حدث. ففى حين شهدنا وتابعنا هذا الجزء من دون أسرار وبشكل مباشر، جاء التعامل الرسمى عبر تصريحات من مسؤول من المجلس العسكرى، بالإضافة إلى تعامل الجهاز الإعلامى نفسه، لتؤكد حسن الأداء والتفاخر به لأنه قام بتغطية مباشرة لحدث كان يتم فى إطاره الجغرافى ولا يمكن تجاوزه، مع توزيع بعض الاتهامات بعد تصاعد الاحتجاجات بين المذيعة التى قامت بتغطية الحدث والجهات الإدارية التى وجهت سياق التغطية حول المسؤول عما قيل ومسئولية ما قيل فى الأحداث.

ومرة أخرى أجد من الأفضل أن نميز بين التغطية نفسها ودور التغطية فيما حدث، ورغم أن الفارق ليس كبيرًا فى ما ترتب عليه، فإنه كبير فيما يعبر عنه من أزمة. فالتغطية تعبر عن عقلية القائمين بها، بالإضافة إلى ما تعبر عنه من مهنية فى التغطية، أما دورها فيما حدث فهو تعبير عن حقيقة وجود دور للتليفزيون الرسمى فى التعبئة والتحريك، وهو ما يعنى أن ما يقوم به التليفزيون الرسمى المدفوع من دافع الضرائب المصرى ليس شأنًا خاصًا بحكومة أو مجرد شأن إدارى لأنه فى تأثيره يتجاوز هذا الدور ويحتاج لإعادة هيكلة جذرية تخرجه من ثوب التأثير السلبى ومن كونه مكونًا من مكونات صناعة الفرعون فى مصر، إلى مؤسسة لها دور إعلامى ووطنى يتسق مع مصر مختلفة، كما يؤكد ضرورة إعادة النظر فى عمليات التقييد التى تمت على الإعلام فى صوره الأخرى، سواء بشكل مباشر عبر الغلق أو بشكل غير مباشر عبر الضغط أو وضع المزيد من الخطوط الحمراء وافتراض مساحات من الرقابة الذاتية دفعت البعض للابتعاد النسبى فى حركة عصيان سلمية كما فعل يسرى فودة مثلا رغم عدم وضوح تفاصيل قراره واستمرار الغموض فى بعض أوجهه.

لم يشهد أداء التليفزيون المصرى تغيرًا إيجابيًا حقيقيًا ما بعد الثورة، واستمر فى إدارته معبرًا عن نفس العقلية التى أدير بها الإعلام الحكومى لعقود خاصة فى خلق أبطال جدد ودعم صورة الفرعون أيًا من كان. ولكن المشكلة التى عبرت عنها أحداث ماسبيرو أكثر عمقا من هذا ولا تختلف بالنسبة لى عن تعامل الجهاز الأمنى التابع للداخلية من ضباط شرطة وعساكر مع المتظاهرين خلال أحداث الثورة، ففى الحالتين نجد أنفسنا أمام عقلية تحمل الكثير من العنف وكره الآخر، ليس فقط المختلف فى الدين أحيانا ولكنه الآخر فى عمومه الإنسانى لأن الإنسان فى أصله الطبيعى سيرفض استخدام العنف بهذا الشكل أو تبريره تحت أى مسمى.
فخلال أحداث الثورة استوقفتنى فكرة العنف فى القتل حين وجدنا أنفسنا أمام حالات يتلقى فيها الشخص عدة طلقات فى رأسه أو وجهه مثلا، فهل هذا تنفيذ لقرار أو تعبير عن أزمة أكثر عمقا؟ وعلى السياق نفسه هل حماس المذيع/ المذيعة وارتجاله فى التعليق على حدث ما مجرد تنفيذ لقرار إدارى أو قراءة لخبر رسمى مقدم له/ لها من قبل الجهة الإدارية المعنية، أو أنه تعبير عن مشكلة أخرى مرتبطة بتصور هذا الشخص أو بالطريقة التى تم بها إعداد هذا الشخص فيما يتعلق بتنفيذ الأوامر وفيما يتعلق برؤيته العامة للأحداث وللوطن وتركيبه؟

لم تكن التغطية التى قام بها التليفزيون الرسمى مجرد تغطية ركيكة أو غير مهنية ولكن تغطية كارثية فيما تحمله من معان وفيما ترتب عليها من آثار وفيما عكسته من مشكلة. التغطية التى قام بها تليفزيون يعتبر التليفزيون الرسمى للدولة جاءت على طريقة التمييز بين نحن والآخر على الرغم من أن هذا الآخر المفترض ليس إلا أبناء مصر أيضًا ولا يختلفون عن هذه المذيعة أو الجهاز الذى تعمل فيه فى شيء عندما يتعلق الأمر بالمواطنة، كما أنهم يزيدون عليها بأنهم دافعو الضرائب وبشكل مباشر وواضح هم سبب وجودها فى هذا المكان الذى تم استخدامه لتوجيه سهامه لهم بوصفهم مسيحيين.
كما تم استخدام أسلوب مستهلك ظهر واضحًا بعد الثورة للآسف فى العديد من التغطيات والتعليقات التى تريد أن تثبت وطنية شكلية حين تتم مقارنة حدث وسلوك ما بإسرائيل وكأننا لا يمكن أن نعرف الصواب والخطأ إلا بمقارنته بإسرائيل، وكأننا لا نعرف ما هو صواب وخطأ فى ذاته؟ وهو ما أعتبره فى تلك الحالات التى يذكر فيها إسقاطًا مستفزًا وخارج سياقه ومن قبيل الاستخدام الركيك لصراع آخر فى قضايا لا تخصه.

كانت نبرة الصوت وطريقة الإلقاء والكلمات التى تكررت عبر التغطية والمناشدة للمصريين الشرفاء ضد المسيحيين المعتدين واضحة وتتجاوز مجرد إلقاء بيان أو صورة مغلوطة وصلت خلال الأحداث، كانت تعبيرًا عن عقلية تحمل بين طياتها تقسيمًا واضحًا لنحن والآخر، وتعبيرًا عن تبرير واضح لاستخدام العنف وتصعيد المواقف بدلا من تهدئتها حرصًا على مصلحة البلد القومية ووحدته الوطنية.
والمشكلة فى بعدها الآخر أن حجم الخطأ لم يتم التعامل معه بما يقتضيه من محاسبة، ولم يجد القائمون بتلك الأخطاء غضاضة فى الاعتذار عبر قنوات إعلامية أخرى بحجة الفهم المغلوط بعد تزايد الغضب وحملات المقاطعة والدعوات للمحاسبة. وكلما شاهدت تلك الصور، وكيفية التعامل معها والتبريرات المقدمة تأكدت من أن الثورة بالأساس عملية مستمرة تبدأ بتغيير كراسى عليا ولكنها لا تتوقف حتى تصل لعقليات ومؤسسات تربت على وجود الفرعون ووجود نحن فى مقابل الآخر ووجود مساحات ضيقة للمنفعة لا يعنيها أن تأتى على حساب الوطن.

أما التعامل الحكومى فهو خارج سياق النقاش فى حكومة استنفدت رصيدها الذى افترضت أنه كاف لتستمر وهو رصيد الميدان أو وجود بعض الأسماء التى لم تكن بالضرورة محسوبة على النظام المراد إسقاطه، وبدلا من أن تستغل هذا الرصيد فى دعم خطط تغيير وبناء حقيقية، وفى الوقوف موقف القوي وصاحب الحق فى مواجهة طيور الظلام استنفدت الرصيد فى تكرار الأخطاء والبدء من جديد لتصبح حكومة ضعيفة ولا تحظى بأى رصيد وهو الأمر الذى يمثل سمة عامة فى كل قطاعاتها بما فيها وزارة الإعلام التى اكتفت عبر التصريحات بأنها نافست عبر التغطية المباشرة وأنها لم تتجاهل الحدث وكأن المحتوى قضية أخرى لا ينبغى أن نحاسب عليها، وكأن الأثر المحتمل لتلك التغطية والتصعيد الذى تم وتسببت تغطية التليفزيون فى جزء منه ليس قضية تستحق التوقف أمامها والمحاسبة والاعتراف بالخطأ عنه.
المشكلة الأساسية أن مناخ الثورة يرتب طموحات لعل أبسطها أن تختلف أساليب المسؤولين فى مواجهة الأزمات وأن يدرك كل مسؤول أن الصدق منجاة والاعتراف بالخطأ شجاعة ترتبها ضرورات الوظيفة العامة وأن مقبرة الذاكرة التى اعتمد عليها النظام المراد إسقاطه كُتب على بابها مفتوح لبحث الملفات القديمة ولا مكان لملفات جديدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.