انطلاق برنامج تدريبي في بكين لطلاب هندسة الجامعة المصرية الصينية (صور)    مجلس النواب يوافق على ضوابط جديدة لتقاعد أعضاء هيئة التعليم لسن المعاش    57,523 شهيدا و136,617 مصابا.. أحدث حصيلة للعدوان على غزة منذ 7 أكتوبر    تفاصيل قرعة مجموعتي بحري بدوري القسم الثاني ب    اختياريا ومدته 3 سنوات، النواب يوافق على نظام البكالوريا    إقبال كثيف على معرض الإسكندرية الدولي للكتاب (فيديو وصور)    فى أزمة الأسمدة.. الحكومة تجلس على مقاعد المشاهدين!    تطوير صالات الأنشطة بمركز شباب البداري أسيوط بتكلفة 4.5 مليون جنيه    ابتكارات وطنية جديدة من «القومي للبحوث».. إنتاج مخصب زراعي مصري 100%.. تصنيع الخام الدوائي «السيليمارين».. بديل جديد لمعالجة مياه الصرف والمخلفات الصناعية.. وأقمشة طبية مضادة للبكتيريا والفيروسات    لهو يتحول لمأساة، مصرع طفلتين في مياه بحر يوسف ببني سويف    رئيس مجلس الدولة يستقبل وزير الشئون النيابية والقانونية لتقديم التهنئة له بمنصبه الجديد    تطوير مستشفى التأمين الصحي بأسوان وتحويلها إلى مجمع طبي بسعة 400 سرير    صرف 100 ألف جنيه لكل متوفي بحادث الطريق الإقليمي    «الإحصاء»: 743.64 مليون دولار صادرات مصر للصومال خلال 10 سنوات    وزير الري يلتقي الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر UNDP    رئيس مجلس الدولة يستقبل مفتي الجمهورية لتهنئته بمنصبه    المبعوث الأمريكي توماس باراك: ترامب التزم باحترام لبنان وتعهد بالوقوف خلفه    عراقجي: الهجمات الإسرائيلية والأمريكية انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة    مستشار المرشد الإيراني: أنتجنا آلاف الصواريخ والمسيرات وجاهزون لكل السيناريوهات    وزير الخارجية الروسي: إصلاح منظمة التجارة العالمية بات ضرورة ملحة    إيمان كريم: نُشجع الأشخاص ذوي الإعاقة على المشاركة في متابعة انتخابات الشيوخ 2025    مجلس النواب يوافق على إضافة الصيادلة لبند صرف بدل السهر والمبيت    الزمالك يجهز لصرف مستحقات الجهاز المعاون للرمادي    الرمادي: حصلت على مستحقاتي من الزمالك.. وهذه رسالتي للجمهور    مصطفى محمد يرد على عرض الأهلي.. أحمد حسن يكشف التفاصيل    فرحات يلتقي بالخبير الهولندي لقيادة خطة تطوير منتخب مصر للهوكي    تنسيق الجامعات 2025.. أماكن اختبارات القدرات للالتحاق بكليات التربية الفنية    محافظ الإسماعيلية يعتمد درجات القبول بالمدارس الثانوية    مساعد وزير التموين: حملات رقابية مكثفة لضبط الأسواق وحماية المستهلك    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 فور اعتمادها رسميًا (رابط رسمي)    محافظ المنوفية يوجه بتكثيف الحملات المرورية خلال غلق الطريق الإقليمي    لليوم الثالث.. استمرار تلقي طلبات الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ    «قصور الثقافة» تختتم فعاليات مهرجان فرق الأقاليم المسرحية ال47    من 3 إلى 13 يوليو 2025 |مصر ضيف شرف معرض فنزويلا للكتاب    ياسين السقا يدعم والده بعد أزمة والدته: "هتفضل سندي وضهري في الدنيا"    تداول 48 ألف طن و460 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    نائب وزير الصحة يتفقد الخدمات الطبية بالإسماعيلية ويوجه بمكافآت وعقوبات    إدوارد يكشف معركته مع السرطان: «كنت بضحك وأنا من جوّا منهار»    بسبب ارتفاع درجات الحرارة.. متحدث الصحة يصدر تحذيرات وقائية    يوم الشوكولاتة العالمي 2025.. ما الكمية المناسبة لطفلك؟    جمال عبدالحميد يتحدث عن علاقته ب فيفي عبده ونزوله أرض الملعب بطائرة خلال اعتزاله (تفاصيل)    فيلم أحمد وأحمد يحصد 2 مليون و700 ألف جنيه في شباك تذاكر أمس الأحد    «الغموض سر الجاذبية»: 4 أبراج تحب الغموض وتكره الوضوح المفرط ..هل برجك من بينهم؟    فات الميعاد الحلقة 18.. التحقيق مع أحمد مجدى بتهمة تهريب أدوية خام    ضبط 3 أشخاص بالقاهرة لقيامهم بأعمال الحفر والتنقيب غير المشروع عن الآثار    مباراة تشيلسي وفلومينينسي الموعد والقناة الناقلة مباشر في نصف النهائي    البنك المركزى يوجه البنوك بدعم العملاء المصدرين والتوافق بيئيا مع المعايير الدولية    تالجو ومكيف.. جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» الاثنين 7 يوليو 2025    السكة الحديد: تشغيل حركة القطارات اتجاه القاهرة- الإسكندرية في الاتجاهين    رئيس الوزراء يلتقي رئيس جمهورية الأوروجواي على هامش مشاركته في قمة بريكس بالبرازيل    الهلال يستعد لثورة تغييرات في قائمة الأجانب بقرار من إنزاجي    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    بريكس تطالب بإصلاح صندوق النقد وكسر احتكار إدارته الغربية    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    حكومة غزة: نرفض الاتهامات الأمريكية بضلوع حماس في الهجوم على موقع الإغاثة    «لها حدود وضوابط».. أمين الفتوى: لا يجوز الوصية بكل المال إذا كان للموصي ورثة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في معنى الهزيمة
نشر في المشهد يوم 22 - 10 - 2011

منذ اندلاع شرارة الثورات العربية في تونس والأنظمة العربية تبحث عن سبل الانتصار على الشعوب، وهذه واحدة من أندر المفارقات في التاريخ العالمي الذي راح يأخذ ملامح جديدة في القرن الحادي والعشرين.
الأنظمة التي تبحث عن سبل الانتصار على شعوبها يعني أنها تريد إلحاق الهزيمة بالشعب، أي أنها تريد أن تلحق الهزيمة بالتاريخ، ومعها تولد هزيمة التاريخ تاريخاً للهزيمة، أي تاريخاً للعار الإنساني، لأن هزيمة التاريخ هي عار بكل معنى الكلمة، وباستطاعتنا القول - دون أي نسبية في الحقيقة - إن الثورة العربية الآن وفي المستقبل القريب هي انتقام التاريخ لنفسه وثأر من صناع العار الإنساني.
فعلى امتداد عقود من الزمن والطغاة يعملون خناجرهم في روح التاريخ - الشعب، ملحقين به الهزيمة تلو الهزيمة، ولأن روح التاريخ هي روح الشعب فإن الخناجر التي طعنت روح التاريخ بوصفها روح الشعب، ظلت مسلولة للحفاظ على هزيمة التاريخ.
وما استلال الحرية من الروح، إلا ملمح العملية الدائمة التي مارسها النظام العربي معتقداً أن التاريخ قد لفظ أنفاسه الأخيرة، ذلك أن الجهل بالتاريخ، هيأ لها أن التاريخ المهزوم يظل مهزوماً إلى ما لا نهاية.
حين استعاد الشعب روحه، واستيقظت فيه جذوة الحياة حتى اعترى النظام العربي الدهشة من جهة والثقة المطلقة بقدرته على هزيمة الشعب، المسألة التي لم تدخل وعي النظام السياسي العربي الاستبدادي المتخلف أن الانتصار على الشعب هو أكبر هزيمة للنظام نفسه لأن من يصنع العار الإنساني هو مهزوم بالضرورة بل إن كلمة انتصار النظام السياسي ليس لها معنى أبداً، لأنه ببساطة سيكون جزءاً لا يتجزأ من هزيمة التاريخ الإنساني، بل إن النظام السياسي العربي منذ عقود وحتى هذه اللحظة هو المعلم الرئيس والواضح والفاقع للهزيمة واستمرارها.
فهذا الركود التاريخي ليس سوى الحاصل مع حراسة دائمة لهذا الركود من قبل السُلط العربية، ليس سوى التعبير عن المهزوم الذي ظن أنه انتصر على روح الشعب.
ماذا تعني هزيمة المثقف أو انتصار السلطة على المثقف العضوي؟
لا يعني سوى أن المجتمع قد فقد عقله الشغال وقلبه النضر، لا يعني سوى أن المجتمع صار خلواً من النخب، إلا ما ندر، وبسبب فردي فقط، لا يعني سوى أن العلم صار للإيجار، وهذا هو الذي يفسر انتفاضة المثقف مع انتفاضة الشعب، بل قل ما ان انتفض الشعب حتى استعاد المثقف العضوي المنتمي إلى الحياة روحه التي ظن النظام السياسي أنه انتصر عليها.
ومنذ اندلاع الثورات أظهرت شاشات الفضائيات العربية النمط النموذجي لما يمكن تسميته مثقف السلطة، حيث الترهل والغباء والسوقية، إن شخصاً يدافع عن نظام سياسي فاسد وقاتل ليس مثقفاً على الإطلاق.
لقد برزت هزيمة الحاكم المطلقة عبر تلك الألسنة التي راحت دون أي حظ من العقل والعاطفة الإنسانية - تمارس الكذب دون أي حياء، ولا تقدم أية إجابة معقولة عن أي سؤال يطرح عليها.
عقود من الإعلام الكاذب والايديولوجيا الزائفة واستخدام كل مؤسسات تشكيل الوعي من المدرسة إلى الجامعة إلى الإذاعة إلى التليفزيون إلى منصات الخطابة، إلى النقابات الشكلية بدت فقاعات في الهواء، لا قيمة تذكر لكل الجهود التي بذلها النظام لغرس الوعي المطابق له والمتصالح معه والممجد له، أي هزيمة أشنع وأعنف وأقسى من هذه الهزيمة. ماذا يعني أن يستمر حاكم في السلطة بفعل القوة مع هزيمة كهذه الهزيمة. حتى أولئك الذين أثروا بفضل الفساد، حزموا حقائبهم وهربوا نجاة، وتركوا سيدهم يعارك وحده انتفاضة الشعب.
الهزيمة الأسطع أن حاكماً ما يريد أن يواجه بالتاريخ الراكد الذي صنعه وحماه، تاريخاً متحركاً وروحاً متمردة وقوة ناهضة، ببساطة إن المهزوم تاريخياً يريد أن يهزم ابن المستقبل. الماء الآسن يحارب جريان النهر. لا يعرف الحاكم ابن الركود وصانع الركود، أن هزيمته هزيمة مطلقة والى الأبد، فيما هزيمة الشعب هي دائماً هزيمة مؤقتة، لا يعرف الحاكم الراكد أن روح الشعب المهزوم تزرع في ذاتها بذور التمرد وتشعر مرة بقدرتها على رسم ملامح مستقبلها، ولا يعرف أبداً أوان الانفجار الكبير، فيما الشعب على يقين بأن لهذا الحاكم نهاية لا محال.
ما ان يتأكد الحاكم أن لا أمل له بالبقاء فإنه يختار الهروب والنجاة بحياته وحياة أسرته وترك حاشيته للمصير المعروف. وإذا كان مفرطاً باللاعقل، يختار حالة «عليّ وعلى أعدائي». إن خيار «عليّ وعلى أعدائي» يعني الاعتراف النهائي بالهزيمة، يدرك صاحب هذا الخيار أن أعداءه ليسوا فرداً بعينه، إنه الشعب، ولهذا فإن مضمون «عليّ وعلى أعدائي» لا يعني سوى: أنه سينتقم قبل الرحيل من الشعب بأكبر قدر ممكن من القتل والتدمير وترك البلد خراباً تاركاً للشعب عبئاً ثقيلاً هيهات أن ينزله عن ظهره في زمن قصير.
أقول للنظام العربي السياسي كله من محيط الوطن إلى خليجه إن الهزيمة التاريخية لا محالة محدقة به. وإن هي إلا مسألة وقت، ولعمري أن أشرف هزيمة لأي نظام سياسي عربي أن يدع التاريخ الذي يجري بسلام ويترك للبشر أن يبنوا عالمهم من جديد، ويقرروا مصيرهم بأنفسهم دون إراقة دماء. أعرف أن هذا المطلب مستحيل التحقق لمن تحكمت به تلك الذهنية القروية والبدوية في امتلاك السلطة، لكن إن هي إلا صرخة في وادٍ خير من أن تترك الوادي بلا صراخ.
----------------------
عن صحيفة "السفير" اللبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.