لستُ ناقدًا مسرحيًا.. فما الذى دفعنى للكتابة عن هذا العرض المسرحى؟ السؤال فيه وجاهة وبه حيرة. شاهدتُ عرضا مسرحيا "فيه إيه يا مصر" بمسرح السلام مساء الجمعة 14 أكتوبر. العرض كان أقرب للملحمة منه إلى المسرحية، وأحسست وأنا اشاهده أننى اشاهد حالة واقعية وليس عرضا مسرحيا عما يحدث بين بعض المسلمين وبعض المسيحيين، ولأننى لست ناقدا مسرحيا فلن أتعرض بالتشريح والتحليل للعمل فهذا ليس دورى، وما أتعرض له هو رؤية مواطن عادى شاهد العرض أقنعه واستمتع به ورأى فيه كل مقومات العمل الناجح المباشر غير المبتذل، التأليف والإخراج والديكور والتمثيل والألحان والغناء كلها كانت سيمفونية متجانسة وكما ذكر د.عمار على حسن صعب أن تجد فيها نتوءات. العمل يتعرض لحالة الاحتقان الطائفى، عرضها بأمانة ومن دون انحياز وكأنك ترى ما يدور فى الشارع حقيقة امام عينيك، وعالجه بموضوعية ثقافية واستدعاء للتاريخ الإسلامى بلا ابتذال ولا تطويع، وأدهشنى الفنان الرائع طارق الدسوقى على قدرته على تكرار المعنى بمستويات مختلفة بلا ملل باللغة العامية واللغة الفصحى والاستشهاد بالنصوص الدينية، وكان مايسترو على المسرح، وجاء دور مخرج العرض ياسر صادق وهو يجسد شخصية أبي الثوار "أبو ذر الغفارى"، وبلا مبالغة اعتقدت أننى أمام أبى ذر حقيقة لا وهما، وتأتى نقطة غاية فى الأهمية وهى تجسيد شاب مسيحى دور الخليفة العادل عمر بن العزيز، الفنان شادى أسعد، وما أبهرنى هو قدرة شاب مسيحى فى مناخ طائفى محتقن يقبل القيام بأداء هذا الدور ويشعرك أنه الخليفة العادل، وعلى أقل تقدير يشعرك أنه مسلم مؤمن، وتساءلت هل لو تمكنت الطائفية من قلب هذا الفنان كان يمكن أن يؤدى هذا الدور، صحيح التمثيل موهبة حرفة وأكل عيش لكنه إيمان بقيمة العمل الذى تؤديه، كان دوره قصيرا لكنه ناجح ومؤثر، واقتنعت أن العبرة ليست بطول الدور ولا قصره بل بأثره، الجميع أدى دوره ببراعة واتقان: الفنانان الجاران الأخوان فى الرضاعة محمد رمضان وراندا البحيرى.. تجسيد لعلاقة طبيعية كلنا شاهدناها فى قرانا وفى أرياف مصر منذ زمن، والصوت القوى الجهورى المميز للفنانة حنان الخولى وزميلتيها فاطمة محمد على وفدوى مكى والفنان أحمد البلصفورى على موسيقى وألحان الفنان الشاب الهادئ المبدع الموسيقار كريم عرفة، جميع الفنانين أدوا أدوارهم باقتدار ولأننى لست ناقدا مسرحيا فيصعب على تقييم كل فرد باسمه، وما ذكرته هو انطباع شخصى لمشاهد عادى بهره العرض بالتأليف والإخراج والألحان والأداء. هذا العرض هو عمل وطنى بامتياز أتمنى أن يراه جميع المصريين ليروا سماحة الإسلام من خلال الأحاديث والقرآن عن معاملة الإسلام لغير المسلمين، وأتمنى عرضه فى كل مدن وقرى ونجوع مصر، ويا ليته يبدأ بعرض فى ميدان التحرير، عرضه فى جميع الجمهورية ضرورة وطنية.