التعليم العالي: 18618 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    الأزهري يهنئ رئيس محكمة النقض الجديد ويؤكد على التعاون بين المؤسستين    «الوطنية للتدريب» تواصل تنفيذ برنامج «المرأة تقود في المحافظات المصرية»    النقل: التسجيل المنسوب ل كامل الوزير حول هشاشة البنية التحتية كاذب ومدلس    "تحسين الرؤية البصرية".. تطوير واجهات العقارات على طريق كورنيش الإسكندرية    رئيس الوزراء يبدأ جولة تفقدية لعدد من المشروعات بمحافظة الإسكندرية    وفاة لاعب «فلاي بورد» محمود عبدالغني أثناء عرض استعراضي بالغردقة    محافظ المنوفية: ترخيص 22 مشروعا زراعيا.. وتنظيم 33 ندوة توعوية للفلاحين    القاهرة الإخبارية: الجدل يتصاعد داخل إسرائيل بسبب «المدينة الإنسانية»    إعلام إسرائيلي: مروحيات عسكرية تجلي مصابين في "حدث أمني خطير" وسط غزة    تهديدات ترامب الجمركية تهبط بأسهم شركات السيارات الألمانية الكبرى    طهران: قواتنا مستعدة لتوجيه الرد المزلزل إذا كرر الأعداء ارتكاب الخطأ    حارس الزمالك مطلوب في بيراميدز    لفت الأنظار في المونديال.. بالميراس يرفض 3 عروض أوروبية لريتشارد ريوس    وكيله: الهلال استفسر عن التعاقد مع إيدرسون    تأجيل نظر 25 طعنا بالقاهرة والجيزة علي مرشحي «الشيوخ» للجلسة المسائية    استعدادات الإسكندرية للصيف..الارتقاء بمنظومة الانقاذ وخطة لتطوير الشواطئ ومنظومة النظافة    مهرجان للفنون والحرف التراثية في قنا    مسرحية «يمين فى أول شمال» .. رحلة تتحول إلى حالة فنية استثنائية    الأب بطرس دانيال يطمئن محبي لطفي لبيب: تعب بسيط وحالته تتحسن| خاص    «الأوقاف» تُطلق الأسبوع الثقافي ب27 مسجدًا على مستوى الجمهورية    السبكي: 23 مليون خدمة ب130 مركز طب أسرة بإقليم القناة    رئيس الوزراء يتفقد مشروع تطوير مركز القسطرة وجراحة القلب والصدر بمستشفى شرق المدينة    الأهلي يبدأ اتخاذ إجراءات قانونية ضد مصطفى يونس بحضور الخطيب (تفاصيل)    نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة: فاروق جعفر أهلاوي    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء محور السادات «كوبري 45» بالإسكندرية    ندى ثابت: كلمة السيسي بقمة الاتحاد الأفريقي عكست التزام مصر بدعم منظومة الأمن في القارة    قرار جديد من جهات التحقيق في واقعة التعدي على 3 سيدات بسبب «إيجار شقة» بالدقهلية    تفاصيل ضبط قائد سيارة اعتدى على فتاة وصديقتها بالتجمع    نتنياهو ينتقد خطط الجيش ل"المدينة الإنسانية" في رفح    عمره 92 عامًا.. الرئيس الكاميروني بول بيا يعلن ترشحه لولاية ثامنة    وزير الشئون النيابية يلتقي عددا من صحفيين بعد فض دور الانعقاد الخامس للبرلمان    قبل «درويش».. 3 أفلام جمعت عمرو يوسف ودينا الشربيني    الطعون الانتخابية تتصدر مشهد انتخابات الشيوخ بدمياط    رمضان عبد المعز: النبي غرس العقيدة في سنوات مكة.. والتشريعات نزلت في المدينة    موعد صرف معاشات شهر أغسطس 2025 بعد تطبيق الزيادة الأخيرة (احسب معاشك)    الخطيب يتفاوض مع بتروجت لضم حامد حمدان.. ومدرب الزمالك السابق يعلق: داخل عشان يبوظ    «الصحة»: دعم وتدريب مجاني لأسر الأطفال حديثي الولادة ضمن «الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية»    ضبط 10 أطنان من الدقيق في حملات لشرطة التموين خلال 24 ساعة    الأوبرا تعلن المحاور البحثية لمؤتمر مهرجان الموسيقى العربية في دورته 33    جيش الاحتلال: أكثر من 100 هجوم على مواقع مختلفة في غزة خلال الساعات الماضية    محافظ سوهاج يوجه بخفض مجموع القبول بمدارس التمريض بنات مع بدء التنسيق    موعد شهر رمضان المبارك 2026: فاضل فد ايه على الشهر الكريم؟    البكالوريا المصرية تدخل حيز التنفيذ.. ولا يسمح بالتحويل إلى الثانوية العامة أو الفنية    7 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا تجارة العملة خلال 24 ساعة    هشام جمال: "سمعت صوت حسين الجسمي أول مرة وأنا عندي 14 سنة"    مستشار الرئيس للصحة: الالتهاب السحائي نادر الحدوث بمصر    الصحة توزع 977 جهاز أكسجين منزلي لمرضى التليف الرئوي    بعد غياب 4 أعوام.. محمد حماقي ونانسي عجرم يجتمعان في حفل غنائي بمهرجان ليالي مراسي    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الاثنين 14-7-2025 للمستهلك الآن    انطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي بالمسجد الكبير بإطسا شرق في الفيوم    الفراخ ب 78 جنيها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الاثنين 14 يوليو 2025    «انت الخسران».. جماهير الأهلي تنفجر غضبًا ضد وسام أبوعلي بعد التصرف الأخير    بداية فترة من النجاح المتصاعد.. حظ برج الدلو اليوم 14 يوليو    على النضارة.. أفضل صورة لترامب وزوجته من نهائي كأس العالم للأندية 2025    دعاء في جوف الليل: اللهم اللهم أرِح قلبي بما أنت به أعلم    "عندي 11 سنة وأؤدي بعض الصلوات هل آخذ عليها ثواب؟".. أمين الفتوى يُجيب    الطب الشرعي يُجري أعمال الصفة التشريحية لبيان سبب وفاة برلماني سابق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" مذكرات عربجي".. تستطيع أن تستحم في نهر الثورة مرتين!
نشر في المشهد يوم 06 - 10 - 2011

يبدو أنك تستطيع أن " تستحم" في نهر الثورة مرتين، وأنه " ما أشبه الليلة بالبارحة" حقا كما قال العربي الحكيم، فكتاب " مذكرات عربجي" المُعاد طباعته مؤخرا في سلسلة " ذاكرة الوطن" الصادرة عن هيئة قصور الثقافة - هذا الكتاب- لمؤلفه " الأسطى حنفي أبو محمود" يؤكد أنه لا فارق كبيرا بين ما حدث عقب ثورة 1919، وما يحدث حاليا بعد ثورة 25 يناير 2011.
يفتتح فكري أباظة المذكرات ناصحا الأسطى حنفي الذي ضربت أزمة ما بعد الثورة مهنته كعربجي حنطور محترف وأديب هاو، بقوله: " لا تفكر كثيرا يا حنفي في الأزمة ولا تطمع. ومادام علفك وعلف أولادك ومواشيك موجودا، فاحمد الله، ومادمت فيلسوفا فليكن جيبك " فاضيا" مثل قلبك، ألا تعلم أن من تصدى لتهذيب الجمهور، وجب أن " يدوسه" الجمهور"؟
والأسطى حنفي، لمن لا يعرفه، عربجي مثقف أدركته حُرفة الأدب ( أي شقائه)، لا ينسى أن يشتري مع شعير البهائم وبرسيمها جرائد المساء، ومذكراته هي شبه يوميات لرجل ينقل الناس من مكان إلى آخر، من أقصى قاهرة العشرينات إلى أدناها.
وهو يتسمع لما يقولونه من أحاديث، راصدا بسخرية لاسعة مثل كرباجه خبايا ومفارقات مجتمع ما بعد الثورة، وكيف أن هؤلاء البهوات " المقلفطين" الذين يركبون حنطوره، ركبوا الثورة أيضا ودلدلوا رجليهم، مدلدلين - فوق ذلك- لسانهم للثوار.
ومن هؤلاء سياسي يذكره المؤلف بالاسم، هو أحمد بك الشيخ عضو مجلس الشيوخ عن مديرية الغربية آنذاك، الذي بدأ مشواره مع السياسة " بلا رئيس إلاّ سعد"، ثم تحوّل إلى " عدلي فوق الجميع"، ثم ظهر بعد ذلك أنه " لا حياة إلاّ لثروت"، وهناك وقف لأن " التالتة تابتة".
ركب " البك" مع الأسطى من أمام جريدة " الأهرام" - تاني؟- حيث بدأ " يسخ" الجمهور مقالاته بعد الثورة، وقال للعربجي : " سوق على بيت سعد باشا يا أسطى إلاّ مافيش وقت".
ويحكي المؤلف " ولهلبت ظهور الخيل بالكرباج، وفي أقل من لمح البصر كنت أمام بيت الأمة، ونزل البك دون أن يدفع الأجرة. وانتظرت، مرت ساعة دون أن يخرج وضاعت مني زبائن كثيرة ( ...) وأخيرا طلبت بواسطة أحد الخدم أجرتي لأنصرف، فأخبرني الخادم أن أحمد بك لا أثر له في الداخل، كيف خرج، بل كيف زاغ؟ هذا ما لا أدريه بالرغم من أني لم أنم. وفي نهاية المطاف جاء فرّاش معالي الرئيس بالأجرة أكثر مما أستحق، وهكذا كان بيت الأمة يدفع من مال الأمة " لجدعان" القضية، حتى أجرة عرباتهم.
وتصادف بعد ذلك، يضيف المؤلف، أني أركبته معي مرارا، أذكر من أطيبها موقفا أيام كان الخلاف بين معالي " سعد باشا" معالي " عدلي باشا" على أشده، وأحمد بك الشيخ معروف حتى في دوائرنا أنه " سعدي" صميم.
ناداني في ميدان الأوبرا، وكان ساهما مفكرا، وقال لي:
سوق على بيت سعد باشا، لا يا أسطى بيت عدلي باشا، أيوه أنا قلت لك بيت سعد باشا؟
فظننت، ولست ولياً من أولياء الله، أنه يريد بيت الأمة، ولم أكن أعلم أنه يستفهم مني بسؤاله الأخير. فما إن وقفت أمام بيت سعد باشا إلاّ وأحمد بك يرفع الكبوت وهو يقول بصوت واطي لكن بحدة:
يا ابن ال ... أنا قلت لك بيت عدلي باشا مش بيت سعد باشا، سوق بلاش فضيحة الله يفضحك يا غبي.
فسرت وأنا أضحك في سري لأن وجود هذه الشخصيات على مسرح السياسة في كل أمة لازم لتفريج الهم عند الضيق (...)، وكان هذا هو آخر عهدي به، فلم أره بعد ذلك إلاّ في أوتومبيلات " رينو"، وكان يمر عليّ وأنا في موقفي كما يمر الغزال الفريد".
ويسجل كاتبنا ملاحظة تدلك على أن الشرطة والشعب كانا - كما زالا- على طرفي نقيض: " وفي الشارع لا يتأتى أن تحس بالاحترام من نفر البوليس إلاّ إذا كنت ممن ينطبق عليهم الدور الغنائي القائل " يا أبو الشريط الأحمر يا للي".
تصوّر جنيها انجليزيا وكورونا نمساويا أمام عيني صرّاف لترى مظاهر الاحترام للأول وآيات الاحتقار للثاني، كذلك نفر بوليسنا تراه لا يتجمل ولا يظهر بغير حقيقته إلاّ أمام النجوم اللامعة"... إنها - فيما يبدو- نبوءة أخرى من العيار الثقيل، حول العلاقة الحالية بين الشرطة والشعب من جهة، والشرطة والجيش من جهة أخرى.
ويتنبأ الأسطى حنفي بظاهرة " ما بعد ثورية" جديدة هي تحوّل الرفقاء إلى فرقاء: " طالما سمعت من المعجب يوم كانت الأمة كتلة واحدة أُعجب العالم باتحادها ( لاحظ)، ثم يوم ابتدأنا نسمع اللهجة الجديدة، أوائل بشائر الخيبة، هذا " سعدي" و ذاك " عدلي" وحضرته " ثروتي"، وتدفقت الأمواج السياسية من هذه الفتحات فأصابت من مقاتلنا ما أصابت، ونلنا من أنفسنا أكثر مما نال من الأعداء"، أعداء الثورة.
أخيرا فإن " مذكرات عربجي" التي أغلب الظن أن كاتبها هو فكري أباظة نفسه، ليست مجرد كتاب فكاهي، إنها - بلغة المثقفين- " باروديا" سياسية تعكس، في مرآة ثورة 19، محاكاة ساخرة لما يحدث في مصر الآن بعد ثورة 25 يناير من لغو ولغط، غير سياسي بالمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.