في قلب القاهرة، حيث تمتزج الحكايات اليومية بصوت "المترو"، ووهج المسرح، يُفتح الستار كل ليلة على خشبة مسرح "السلام"، ليُعلن عن بداية عرض "يمين في أول شمال"، وهو عمل مسرحي ينبض بالصدق، ويعكس تفاصيل الحياة كما هي.. ضحكة من القلب، دمعة صادقة، رقصة عفوية وأغنية تشبهنا. بقيادة المخرج والممثل عبد الله صابر، وتأليف محمود جمال حديني، وبمشاركة فريق شاب يحمل شغفا حقيقيا، استطاع العرض أن يلمس قلوب الجمهور، ليس فقط بعفويته، بل بواقعيته وجرأته في تناول قضايا الناس البسطاء. من قلب الواقع إلى خشبة المسرح، تأتي هذه التجربة لتؤكد أن الفن الصادق لا يحتاج إلى بهرجة، بل إلى إحساس حي، وإيمان جماعي بقوة الحكاية. يوميا على خشبة مسرح "السلام" بالقصر العيني، وفي تمام التاسعة مساءً، يفتح الستار ليظهر أبطال عرض "يمين فى أول شمال"، وتبدأ رحلة يوم من حياتهم اليومية، ويشاركهم الجمهور جميع لحظات الفرح والبكاء والرقص والغناء.. العرض إخراج عبد الله صابر، وتأليف محمود جمال حديني، بطولة عبد الله صابر، إيهاب محفوظ، أمنية حسن، طارق راغب، ديكور باسم وديع، موسيقى مروان خاطر، إستعراضات علي چيمي، أزياء أميرة صابر، إضاءة أحمد طارق، تصميم دعاية أحمد مجدي، مساعدا الإخراج محمد خالد، ريم مختار، المخرج المنفذ بسنت علي. يقول مخرج العرض وأحد أبطاله، عبد الله صابر: "هذه المسرحية بالنسبة لي حالة فريدة من نوعها، وبالرغم أنني اخرجت أكثر من 30 عرض مسرحي، إلا أن (يمين في أول شمال) تجربة مميزة، لأنها صنعت بشكل واقعي، ويناقش قضية حقيقية تلمس أرض الواقع ، وصنعت بكل حب، وهذا ظهر بالتأكيد من خلال ردود أفعال الجمهور، وفي الوقت ذاته التحضيرات والاستعدادات كانت بسيطة وسهلة، وما ساعدني وجود أبطال بهذا الجهد والنشاط، واذكر إن العرض قبل أن يكون عرض مستقل شارك في مهرجان نقابة المهن التمثيلية بقيادة الدكتور أشرف زكي، وهو في الحقيقة كان له دورا كبيرا وتشجيعيا حتى يظهر العرض بهذا الشكل، واشكر الأستاذ هشام عطوة والأستاذ محسن منصور لدعمهما الكبير، وبالتأكيد جزيل الشكر لوزير الثقافة د. أحمد هنو". وأضاف: "التنفيذ أخذ من الوقت شهور أثناء الاستعدادات والبروفات، بالرغم من أن العرض الذي سبقه أخذ مني تقريبا سنة إلا أن هذا العرض لم يأخذ وقتا طويلا، وظهر للنور، ولم يكن يسبب لي ضغط فني أو عصبي كبير، بل بالعكس دائما كنت أنا من يستعجل ظهوره، والعمل به وهذا يرجع للممثلين وفريق الإخراج بأكمله واجتهادهم، وسعيد جدا بردود أفعال الجمهور واحتفالهم وأرائهم والضيوف الذين ترددوا علي العرض، ومن أبرزهم الفنانة القديرة شريهان التي جعلت لهذه الليلة طابع خاص أثر في كثيرا، وتفاجئت عندما وجدتها أمامي، وأنا على خشبة المسرح وهي تبدي رأيها وتتفاعل معنا وتبكي وتضحك وأشكر المخرج كريم الشناوي، لأنه هو من دعاها لحضور العرض ومشاهدته بعد أن حضره ل3 مرات، وأبدى إعجابه به، وأخبرني وقتها أنه سيكون واثق في دعوة الضيوف (بقلب جامد)، وكذلك الفنان سامي مغاوري الذي أشاد بالعرض، وهذا أثر في كثيرا، وقال أنه (رد فيه الروح)، وأخيرا أريد أن أذكر أن كواليس العمل كانت من أمتع الكواليس بالنسبة لي، وكنا فعلا أسرة واحدة، وهذا جعله عمل سهل ممتنع، مليء بالتفاصيل التي تبدو هينة، لكنها مؤثرة وأظهرت العمل بهذا الشكل والتجربة مختلفة، لأنني لأول مرة أشارك وأمثل في عمل أقوم بإخراجه أيضا، وهذا جعلني في حالة توتر، وحرص شديد، لأنه عادة عندما ينتهي المخرج من عمله الأساسي يترك الأمر لباقي فريق الإخراج، لكن هذا لم يحدث معي، بل بالعكس كنت أحمل على عاتقي كافة تفاصيل العرض في كل من الجانبين الإخراج والتمثيل، بخلاصة أستطيع أن أقول إن (يمين في أول شمال) حالة خاصة". ويقول إيهاب محفوظ الذي يقوم بدور "عبد القادر": "أقوم بشخصية زوج مصري وعامل بسيط في (المترو)، تحب زوجته التمثيل كثيرا، وستقوم بإجراء عملية في القلب، وتصادف إنها ليلة عيد ميلادها، وهو لا يستطيع أن يعبر عن حبه لها، فتصادف أنه يقابل ممثل تعرفه، فيجعله يأتي لمنزلهم كهدية منه لعيد ميلادها، وتبدأ وقتها الأحداث، وبدأنا في الاستعدادات للعمل منذ شهر ديسمبر الماضي تقريبا، ومن رشحني للدور هو مخرج العمل وزميلي عبد الله صابر، وكنا نريد العمل سويا، وعندما قرأت النص وأعجبت به وتشجعت، خاصة أن الكاتب هو محمود جمال الحديني، وهو مؤلف مميز وله طابعه الخاص، وشعرت أن صعوبة الدور تكمن في بساطته، وكانت الكواليس رائعة، خاصة أن المخرج يترك مساحة نقاشات تخدم العمل، ويجعلنا كلنا نتشاور، ويستطيع أن يوظف كل وجهات النظر في مصلحة العرض، وفي النهاية هو شخص مرن جدا، وأيضا من شاركتني في الدور، ولعبت أمامي دور زوجتي هي الفنانه وزميلتي أمنية حسن، وهي فنانة شاملة تشمل وتغني وترقص، وهي شخص واعي وحساس، وكان بيننا تجانس قوي، وزاد هذا التجانس والاستمتاع عندما قدمنا العرض، وقابلنا الجمهور، ووجدنا ردود أفعال مبهرة زادتنا تشجيعا ليله بعد ليلة، وأكثر ما يسعدني هو عندما اسمع جملة (إحنا ضحكنا وعيطنا)، ومن أكثر ما أسعدني، هو زيارات الفنانين للعرض، وعلى رأسهم الأيقونة شيريهان، خاصة عندما أبدت رأيها وإعجابها وأشادت بالعرض وقتها، وشعرت كأنني في حلم وتحقق، وأتمنى أن نستمر في هذا النجاح وتوفيق الله، وأريد من خلال (أخبار النجوم) أن أوجه الشكر لدكتور أشرف زكي، وهو الداعم الأول لنا، وحقيقي أشعر كأنه أب حقيقي لنا، بعيدا عن منصبه، ولازال دعمه مستمر حتى بعد نجاح العرض". أما بطلة العرض أمنية حسن فتقول: "أقوم بدور زوجة البطل (نورا)، وهو دور مركب إلى حد ما، لأنها متزوجة في أوائل الثلاثينيات من عمرها، وروحها ممزوجة بالفن والمرح والحياة، وتعاني من الخرس الزوجي بالرغم من حب زوجها لها، لكنه لا يستطيع أن يعبر عن هذا الحب، وهي تقدر ذلك وتفهمه، وتشته (نورا) بالوحدة وتضيع الوقت طوال اليوم بالجلوس أمام التلفاز، وهذا يجعلها تتعلق بالفن والفنانين، وهي شخصية ثرية بالنسبة لي لأنني في الحقيقة احب التمثيل والغناء والرقص مثلها تماما، وجزء من معاناتها أنها مريضة بمرض في القلب، وستقوم بإجراء عملية، وبالتأكيد هذا أخذ مني الكثير من المجهود لتنسيق الشخصية لتظهر بهذا الشكل في النهاية بكل تفاصيلها، وهذا تطلب مني أن أشعر بالدور وأصدقة لكي يصدقه المتلقي، وكانت الكواليس رائعة أننا جميعا أصدقاء بعيدا عن تعاوننا في المسرحية، وهذا جعل روح العمل مميزة، وكل شخصية تضيف للأخرى، خاصة أن مخرج العمل هو أحد الأبطال، وهذا جعلنا نشاهده كأننا أحد الجماهير، وكان يتطلب هذا أن نكون عيون للمخرج، وأعتدق أننا وفقنا في هذا بنسبة كبيرة، وعلى المستوى الإنساني كنا نتعامل كأسرة واحدة، وهذا ظهر في النتيجة النهائية للعمل.. والعمل بالنسبة لي حالة منذ أعجبت بالفكرة، خاصة أنني قدمت شخصية تعاني معاناة حقيقية يتعرض لها الكثير من النساء، ومن دوري أردت أن أقدم حل، والعمل خفيف يجمع بين الكوميديا والتراجيديا، كما سعدت جدا بردود أفعال الجمهور، فالناس تأتي لتحضر العرض بطاقة، وعندما ينتهي تتجدد طاقتهم بشكل مبهر وملحوظ، وهذا هو الهدف أن تتجدد هذه الطاقة، وأنا سعيد جدا بردود الأفعال التي نتلقاها يوميا ومباشرة بعد العرض، وأتمنى المزيد من النجاح". وعن رأي محمود جمال الحديني، مؤلف العرض، يقول: "الفكرة جاءتني في وقت قصير جدا تقريبا اخذت مني يومين لكتابتها، ولم أتردد في تنفيذها، وهذا ما حدث مع يمين في أول شمال، وأرى أنه هناك الكثير من المؤلفين والأفكار التي تستحق الإلتفات لها والتنفيذ، لكن العائق لدينا في المسرح قلة الإنتاجية، لكن ليس لدينا قصور في المؤلفين، بل بالعكس، رغم قلة العروض الجديدة على مدار العام، لكن هناك مسرحيات يعاد إنتاجها، وأخرهم (الملك لير) التي ستقدم للمرة الثالثة، ومع كل مرة يحدث تطورات في النصوص، وأنا لست ضد ذلك، لكنها أزمة إنتاج، وأتمنى أن تمر، وإذا نظرنا لعروض وإنتاجات قصور الثقافة، سنجد أن هناك طاقات شابة مميزة، سواء كانت في الكتابة أو التمثيل أو الإخراج، وكذلك في المجال الجامعي". وأختتم كلامه بالقول: "اخترت هذا الاسم للعرض تحديدا، لأنه يتحدث عن فئة مهمشة ويمين في أول شمال، هي الجملة التي يرددها بطل العرض في التصوير الذي سيقوم به، وحرصت على ترك مساحات للإرتجال بين الأبطال لأنهم يقوموا بتمثيل أجزاء من أفلام قديمة من خلال العرض، وأنا سعيد بكل ردود الأفعال التي تلقيناها من خلال الجمهور، سواء كان العادي أو المتخصص أو الفنانين، وأتمنى المزيد من النجاح، كما أنني سعيد بالتعاون مع مخرج العمل الذي قدمه بهذا الشكل البسيط والمبهر". اقرأ أيضا: شريهان ومنى الشاذلي والشناوي يشاهدون «يمين في أول شمال» بمسرح السلام