تمتعنا سلسلة »ذاكرة وطن« التي تصدرها الثقافة الجماهيرية باصدارات مهمة »ترام القاهرة، مدينة اسيوط، المعلم يعقوب، المغني المصري«.. وأخيرا »مذكرات عربجي« للاسطي حنفي ابومحمود المنشورة علي صفحات مجلة الكشكول بعد ثورة 1919 وتحديدا عام 1922. وقبل ان يعترض أحد مستنكرا »مذكرات عربجي« وسط هول الاحداث التي نعيشها، اقول أن الكتاب في هذه اللحظة، يكاد أن يكون توقيتا مقصودا ومتعمدا، فالكتاب يربط بين الماضي والحاضر، ويكشف تفاصيل أحوال الحياة الاجماعية في زمن التحولات ومجتمع ما بعد الثورات... وكما يقول »أسامة عفيفي« رئيس تحرير السلسلة، في مقدمة الكتاب أن »مذكرات عربجي لم تتناول عصرها فقط، ولكنها تصلح لكل المجتمعات في لحظات التحول الكبري.. انها كرباج علي ظهر الانتهازيين والمتحولين والمتسلقين علي أكتاف الثورات«. والاسطي »حنفي ابومحمود« مؤلف مجهول، أو هو اسم مستعار لكاتب معروف، قيل أنه »فكري أباظة«، وقيل أنه الفنان »سليمان نجيب« وكان أديبا ومثقفا »ومقتبسا« بتعبير د. شكري راغب نقل مئات المسرحيات وقام بتمصيرها.. وفي كتاب الشاعر صالح جودت »ملوك وصعاليك« فصل عن سليمان نجيب مؤلف مذكرات عربجي. 16 مذكرة كتبها الاسطي حنفي بخفة دم شديدة، وعامية تعكس خبرة وثقافة وتكشف جوانب كثيرة في الحياة الاجتماعية المصرية اوائل العشرينيات »فاضراب الترام والاعتصامات والاضطرابات كان ربيع العربجية وايام العز والمكسب« والحديث يطول عن انتشار السرقة، وغفلة الحكومة، والكوكايين وهو ما أشار اليه »ابن جلا« في مجلة الكشكول »نحن الان في صدر عصر حريتنا ولا يجدر بنا ان نتجاهل أو نتعامي عن ما يجري في أرضنا، ويسبح في اثرنا من انواع المخازي وضروب العار..«. الجميل أن العربجي يفرق بين الشوارع، فشارع »قصر الدوبارة« ليس كشارع عماد الدين، وكما أن هناك احياء مباح فيها الصريخ والعويل، فهناك احياء لا يجوز فيها حتي الهمس«.. وللعربجية ادآب »فيجب السير بهدوء في الشوارع الخالية، ليظهر الفرق الكبير بين (الفسحة) في عربة ومثيلتها في اتوموبيل اجرة..«