كتب أحمد الجار الله، رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية، فى افتتاحية الصحيفة، اليوم الاثنين، مقالا له بعنوان "مبارك أبشر بشرى الصابرين" قال فيه: "لم يكن الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك يقرأ الغيب حين قال وهو يغادر القصر الجمهورى، قبل عامين، إن الفوضى تنتظر مصر، بل كان يقرأ واقع بلده السياسى، فها هى الفوضى أصبحت طوفانا من الدم والخراب، والصدامات بين مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين المهيمنة على الحكم وبين غالبية الشعب المصرى، يومها قال مبارك للدول التى وقفت حكوماتها ضده وضغطت على مصر لتنحيه عن منصبه: "دعونا نصلح ما خربه الفساد، وإلا فإن البلاد ستذهب ضحية لطمع "الإخوان" فى السيطرة على مقدراتها، بل ستدمر"، لكن من كان خارج البيت لا يدرى بما فيه، لهذا تسرعت تلك الدوائر فى مواقفها التى يمكن اعتبارها تشجيعا على الفوضى وانهيار نظام الحكم، وها هى كؤوس الحقيقة المرة يتجرعها الشعب المصرى اليوم. وأضاف "الجار الله": "صحيح أن الدولة فى مصر لم تكن بعيدة عن الفساد، وهى فى ذلك ككل الدول لأن الفساد أصبح عملة عالمية، تتفاوت نسب بين دولة وأخرى، إنما إفشال الدولة هو الخطر الأكبر الذى تتعرض له أرض الكنانة اليوم وتسير إلى الصوملة، فما كان فى عهد مبارك مرض قابل للعلاج، لكن لا علاج لفشل الدولة، وتجربة هذه الجماعة وغيرها من التيارات الدينية خير دليل على ذلك، هذا هو الطوفان الذى نبه منه مبارك". وتابع "الجار الله": ففساد "الإخوان" فى أقل من عام بلغ أضعاف أضعاف ما أعلنه الثوار وضخمته بعض دوائر القرار فى العالم، واستغلته وتاجرت به "الجماعة" كى تسهل سرقتها للثورة وسيطرتها على الحكم، وتبدأ عملية النهب الممنهج، ففى غضون أشهر سرقوا مصر كلها ما دفع الشعب للخروج مجددا إلى الميادين والشوارع ليوقفهم عند حدهم بعدما اكتشف صواب كلام رئيسه السابق، لأنه كان تحذير الصادق المؤمن بوطنه، وليس كما زعم قادة "الإخوان" إنه التهديد بالفوضى، فلو أراد مبارك ذلك لما صمد فى مصر وبقى على أرضها، وواجه كل هذه الإهانات بصبر وعزيمة، بل كان غادرها وتركها للغيلان تنهش بها. وأضاف: هذا هو الرئيس الذى قال: "ولدت على أرض مصر وحاربت من أجلها وسخرت حياتى لها وأموت على أرضها"، الرجل الذى ظهر فى المحكمة وعلى وجهه علائم الصبر والثبات لأنه مؤمن أن الله مع الصابرين الذين يوفيهم أجرهم بغير حساب، وكأن ابتسامته فى المحكمة تقول لتلك الجماعة: "شكرا لقد فضحتم أنفسكم وبينتم قبحكم للشعب، فما نهبتموه فى أشهر يفوق بكثير ما اتهمنا به، ومن قتلتموهم فى ساعات أكثر بكثير مما استشهد أثناء الثورة". المؤمنون مبتلون لكن نهاية البلاء الخير كما وعدهم الله عز وجل، ومبارك ممن بشرهم الله فى ذلك حين بانت نوايا الذين استباحوا، تحت شعار الدين، كل المحرمات فى مصر. غير أن ذلك لا يعنى أن عهد الرئيس مبارك لم يشهد أخطاء، ففى كل الدول هناك فاسدون يتغلغلون فى المؤسسات، ويحملون تبعة أعمالهم إلى الحكام كى يحصنوا أنفسهم، ويبعدوا عن رقابهم سيف المساءلة، لكن كل الأخطاء التى حصلت فى عهده لا تساوى عشر ما ارتكبته جماعة "الإخوان" فى أشهر معدودات من خطايا، بل كبائر لا تغسلها كل مياه الأرض. واختتم "الجار الله" مقاله قائلا: "الشعب اليوم استيقظ من غفلة التدليس الإخوانية، واكتشف حقيقة رئيسه السابق، الذى لا بد أنه سيظفر فى نهاية المطاف، ونقولها لمبارك: تأكد أن الشعب المصرى سينتقم لك ممن ظلمك وظلم مصر، وهو وعد الله فى معاقبة الظالمين". مصدر الخبر : اليوم السابع - عاجل