قال موشى ديان إن أهداف العدوان على مصر هى: 1) تحطيم القوات التى تحاول إخضاعنا 2) تحرير ذلك الجزء من أرض الوطن الذى يحتله الغزاة 3) تأمين حرية الملاحة فى مضايق تيران وقناة السويس. كما قال أثناء العدوان "إن قواتنا الجنوبية تحارب الآن عبر الحدود للقضاء على جيش النيل وحشره فى أرضه". وقال مناحم بيجين بعد توقيع معاهدة السلام مع مصر عام 1979: "سنضطر إلى الانسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الأطراف. سيناء تحتاج إلى ثلاثة ملايين يهودى على الأقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الاتحاد السوفييتى أو الأمريكتين إلى إسرائيل سنعود إليها وستجدونها فى حوزتنا". * * * هذه السطور أكتبها للجيل الجديد، محاولا فيها أن ألخص حكاية صراعنا مع العدو الصهيوني ، لعلهم يحفظونها ظهرا عن قلب وينقلونها لأبنائهم . مقدمات ضرورية: زرع الاستعمار، الكيان الصهيوني في فلسطين منذ بدايات القرن العشرين وأعطاه دولة باطلة عام 1947، ودعمه فى الحرب ضدنا عام 1948، وهى الحرب التى أسفرت عن اغتصاب 78 % من أرض فلسطين. ثم قدم له كل أنواع الدعم المالي والعسكري على امتداد 60 عاما لتمكينه من الانتصار علينا واغتصاب مزيد من أراضينا. ولقد وقفت مصر منذ البداية مع كافة إخوتها من الأقطار العربية صفا واحدا، ضد المشروع الصهيوني وكيانه، فما كان منه إلا أن قام بالعدوان علينا عدة مرات في 1955 و 1956 و1967. ولقد نجح العدو للأسف الشديد بسبب أخطائنا الكبرى، في الاستيلاء عام 1967 على سيناء والجولان وغزة والضفة الغربية بما فيها القدسالشرقية. وهى الهزائم التى لا زلنا نسدد أثمانها الفادحة حتى يومنا هذا. ولكن شعبنا الكريم في مصر وباقي الوطن العربي رفض قبول الهزيمة ورفض شروط الأمريكيين لاستعادة سيناء وبعض الأراضى المحتلة. وكانت شروطهم أن نعترف بإسرائيل وننسى فلسطين ونتعايش مع الكيان الصهيوني، ونقبل وجوده بيننا إلى أبد الآبدين. وفى الخرطوم اجتمع القادة العرب فى أول سبتمبر 1967 واتفقوا جميعا على مواصلة القتال، وعلى عدم الاعتراف بإسرائيل وعدم الصلح أو التفاوض معها. وتفرغت مصر شعبا وجيشا للإعداد للمعركة، ونجحت بفضل الله فى تفجير حرب التحرير فى السادس من أكتوبر 1973. وهى الحرب التي أثبتت للصهاينة والأمريكيين أننا أمة باقية لا يمكن إفناؤها. ولكن ما حدث بعد الحرب جاء مخالفا على طول الخط لما اتجهت اليه إرادة الشعب وإرادة الأمة على امتداد قرن من الزمان: * * * خلاصة حرب اكتوبر وما بعدها: · 6و7و8 أكتوبر عبرت القوات المسلحة المصرية قناة السويس فى عمل بطولي خارق أذهل العدو والعالم أجمع ونجحت بالفعل فى تحرير شريط بعمق متوسط من 10 12 كم شرق القناة محققة هذا النجاح بواسطة 80 ألف مقاتل. · 11 أكتوبر أصدر الرئيس السادات قرارا بتطوير الهجوم داخل سيناء معللا ذلك برغبته فى تخفيف الضغط على سوريا. · 14 أكتوبر تم تنفيذ القرار وذلك بدفع الفرقتين المدرعتين 4 و 21 الاحتياطيتين من غرب القناة إلى شرقها. · 16 أكتوبر استغل العدو الوضع الجديد الذي كشفته له طائرات التجسس الأمريكية، ونجح في عمل ثغرة بين الجيشين الثاني والثالث وعبر بقواته إلى الضفة الغربية للقناة وحاصر الجيش الثالث ومدينة السويس. · رفض الرئيس السادات القضاء على الثغرة خوفا من تهديدات كيسنجر طبقا للتصريحات التى أدلى بها فيما بعد. · 20 أكتوبر طلب الرئيس السادات وقف إطلاق النار. · 22 أكتوبر صدر قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار. · من 22/10 الى 28/10 لم يلتزم العدو بالقرار. · 28/10 / 1973 تم الإيقاف الفعلي لإطلاق النار. · بدأت الضغوط الأمريكية على القيادة السياسية المصرية للقبول بشروط انسحاب القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية للقناة. · 18/1/1974 خضعت مصر للضغوط وقبلت الشروط الأمريكية الإسرائيلية ووقعت مع إسرائيل الاتفاق الأول لفض الاشتباك والذي بموجبه وافق السادات على ما يلى: · سحب 70 ألف جندى مصرى من سيناء فى شرق القناة وإعادتهم مرة أخرى إلى مواقعهم قبل العبور مع الإبقاء على 7000 جندى مصري فقط فى سيناء. · سحب أكثر من 1000 دبابة مصرية من شرق القناة وإبقاء 30 دبابة فقط. · منع وجود أى صواريخ بعمق 30 كم غرب الخط المصرى. · وقد سجل الجمسى اعتراضه، ولكن تم توقيع الاتفاق بأوامر من القيادة السياسية. · 1/9/1975 وقع السادات اتفاق فض الاشتباك الثانى مع العدو الصهيونى والذى كان أهم ما جاء فيه : · إنهاء حالة الحرب مع إسرائيل وذلك باتفاق الطرفين على أن النزاع بينهما لا يتم حله بالقوة المسلحة. · قبول مصر بدخول مراقبين أمريكيين مدنيين إلى سيناء لأول مرة لمراقبة تنفيذ الاتفاق وهو ما أصبح قاعدة لما حدث فيما بعد فى اتفاقية السلام حيث أسندت مهمة الإشراف على القوات المتعددة الجنسية الموجودة الآن فى سيناء إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية (خرج الصهاينة ودخل الأمريكان). · 1977 1979 مفاوضات السلام بين مصر وإسرائيل تحت الرعاية الأمريكية. · 26 مارس 1979 توقيع معاهدة سلام مع العدو الصهيوني بمقتضاها تنسحب قواته من شبه جزيرة سيناء بشرط: · تجريد ثلثى سيناء المجاور لفلسطين (إسرائيل) من أى قوات مسلحة مصرية. · وبشرط تقييد وجود وسلاح القوات المصرية فى الثلث الباقى من سيناء المجاور لقناة السويس بما يوازى ربع القوات التى عبرنا بها بدمائنا فى حرب أكتوبر والتى قبل السادات بإعادتها فى 18/1/1974 كما تقدم. · وبشرط أن تقوم قوات أجنبية غير خاضعة للأمم المتحدة تحت قيادة أمريكية بمراقبة القوات المصرية فى سيناء من خلال معسكرات ونقاط مراقبة محددة على أرض سيناء. · وبشرط أن تنسحب مصر من المعركة العربية الدائرة ضد العدو الصهيونى، وتقف على الحياد فى أى صراع قادم. · وبشرط أن تعترف مصر بدولة إسرائيل وتتنازل لها عن 78 % من فلسطين. · وبشرط أن تقيم علاقات طبيعية مع (إسرائيل)على كافة الأصعدة. · وبشرط أن تتعهد بأن تبيع لها ما تريده من البترول. · وبشرط أن تلتزم بمحاكمة كل من يرتكب أى نشاط هدام ضد إسرائيل كالإثارة والتحريض والعنف. · وبشرط أن يتم إنشاء نظام سياسي جديد يلتزم فيه الجميع بالاعتراف بإسرائيل وبالسلام معها، وأن يحظر على المعارضين المشاركة فيه. · وبشرط أن يترك للأمريكيين مهمة إعادة صياغة مصر سياسيا واقتصاديا وعسكريا وطبقيا وتعليميا وثقافيا ودينيا ..الخ ، وأن تكون لهم الكلمة الأولى في كل ما من شأنه أن يهدد أمن إسرائيل. · وبشرط أن تقود مصر حملة لدفع الدول العربية والقيادات الفلسطينية للاعتراف بإسرائيل، وأن تشارك فى تصفية أى مقاومة أو فعل مسلح ضدها. * * * وبالفعل خرج الصهاينة من سيناء ودخلها الأمريكان كما دخلوا مصر كلها، وتم تنفيذ كل شروطهم حرفيا، فيما عدا نقطة واحدة عجزوا جميعا عن تحقيقها وهى: انتزاع حب فلسطين وكراهية (إسرائيل) من قلوب وضمائر الشعب الطيب وقواه الوطنية. فرغم مرور أكثر من ثلاثين عاما على المعاهدة مع العدو، إلا أن رفضها والنضال ضدها والمطالبة بإلغائها تتزايد يوما بعد يوم. خاصة بعد قيام الثورة المصرية التى حررت الشعب والرأى العام من نظام تابع وإعلام مضلل حجب كل هذه الحقائق لعقود طويلة. وخير دليل على ذلك هو حجم الغضب الشعبي ضد الجريمة الصهيونية الأخيرة على الحدود المصرية والتى راح ضحيتها 6 شهداء مصريين. وما تولد عنها من حالة إجماع وطنى على ضرورة تعديل هذه المعاهدة على أضعف الإيمان من أجل تحرير مصر من قيود كامب ديفيد. هانت بإذن الله [email protected]