لنستكمل معًا ما طرحناه في الحلقة الأولى من استعراض لمسببات ادت الى فورة الغضب الشعبى فى 25 يناير التي جاءت نتيجة حتمية لمجمل نضالات المصريين عبر سنوات من أجل الحرية ومن أجل حياة كريمة من اجل قرار حر مستقل ليعكس إدراة الشعب المصري، وكما أقول دائما الثورة لم تهب فجأة فهي تراكمات لنضالات وأفعال شارك فيها الشعب بجميع قواه السياسية على اختلاف تياراتهم السياسية وأفكارهم، وشاركت فيها الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني في جميع المجالات المختلفة حقوقية وسياسية واجتماعية، ساهم فيها كل من كتب حرفًا يساند به نضالات فئات الشعب المصري ضد الظلم والقهر والتشرد والجوع والاعتقال والسجن والتعذيب، وأود ان أشير في هذه الحلقة إلى ثلاث وقائع كانت من وجهة نظري مقدمة لإشعال ثورة 25 يناير. أولاً انتفاضة كبرى ضد التعذيب لم يكن الشاب خالد سعيد أول ولا آخر من يتعرضون للتعذيب والإهانة وانتهاك الحريات والحرمات من قبل جهاز الشرطة المصرية والذي تحول في عهد الرئيس المخلوع إلى جهاز لممارسة القهر والتعذيب ضد المواطنين يوميا كمنهج أساسي يقوم على أن أعضاء جهاز الشرطة ورجاله وجهاز الأمن هم السادة، والشعب هو العبيد وهو العدو الأول، منهج يعكس فكرا أساسيا يتربى عليه أفراد جهاز الشرطة وهو أن الأمن هو أمن الرئيس وعائلته وكبار رجال النظام أصحاب السلطة والجاه ورأس المال، مما جعل جيش الأمن المركزي جيشا داخليا مزودا بأحدث الأدوات لقمع الشعب المصري ( العدو). كانت هناك الانتهاكات اليومية فها هو مدير مباحث قسم المنصورة ورجاله يعذبون طفلا ( لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره ) حتى الموت والتهمة سرقة ( باكو شاي )! وها هو مأمور قسم العمرانية وزبانيته يتسببون في مقتل مواطن حينما هجموا عليه في شقته وضيقوا علية الخناق ورموه من بلكونة شقته ليسقط قتيلا على ارض الشارع وسط ذهول الآهل والجيران، وهاهو ضابط كبير في بولاق الدكرور ينتهك حرمة سائق ساقته الأقدار ليدخل القسم ويتم تعذيبه وانتهاك جسده. وها هم رجال الداخلية يلقون بالقبض على مئات وآلاف من أبناء سيناء غير مراعين تقاليد قبائل سيناء العرقية يقبضون على النساء والأطفال والأمهات من اجل الضغط عليهم لتسليم أبنائهم إلى الشرطة. وها هو قسم شبرا الخيمة تفوح رائحته الفاسدة فى تعذيب وتلفيق قضايا السلاح والمخدرات لكل من تسوقه الأقدار تحت رحمة المأمور ورجاله. وهب المصريون ضد التعذيب فى يونيو 2010 عند قتل شاب فى مقتبل العمر تحت ضرب وتعذيب من قبل اثنين من المخبرين بالاسكندرية عند إلقاء القبض عليه. هب المصريون مجسدين فى هبتهم رفضهم لكل ما سبق من انتهاك لحرياتهم واغتصاب لذويهم وانتهاك لحرماتهم واحتقان دام اختزانه سنين وسنين وقامت الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات فى أماكن عديدة من مصر فى الإسكندرية والقاهرة وعدد من المحافظات وأمام وزارة الداخلية وهتف الشباب بعلو الصوت ( لو كان خالد ابن وزير كانت فيها رقاب تطير) (خالد خالد يا سعيد أنت شاهد وشهيد). وفى يونيو 2010 كنا على موعد كل القوى السياسية مع شعب الإسكندرية فى تظاهرة كبرى تضم الآلاف ووجدتني أهتف وأقول ( بتقولها من الإسكندرية إقالة وزير الداخلية، حبيب العدلي يا خسيس دم خالد مش رخيص، كفاية نهب كفاية فساد كفاية انتهاك للحريات، كفاية ذل كفاية قهر كفاية تعذيب كفاية فقر). كلمات نلخص بها سمات عصر من الفساد والاستبداد وأنا فى الإسكندرية وسط الآلاف أحسست أن هبة المصريين ضد التعذيب تحمل فى طياتها بداية انتفاضة كبرى. ثانيًا التزوير الفج الفاجر فى انتخابات مجلس الشعب 2010 ثلاثة آلاف حركة احتجاجية اجتماعية فى السنتين الأخيرتين 2009/2010 قبل ثورة يناير 2011 وكنت أقول دائما إذا نظرت إلى الرصيف المقابل أمام مجلس الشعب ستجد أن (شعب مصر على الرصيف مش لاقى حق الرغيف ) جميع فئات الشعب المصري من متحدى الإعاقة إلى موظف مراكز المعلومات الذين لا يزيد راتبهم على 99 جنيهًا ( أه والله 99 جنيه ) إلى عمال شركة طنطا للكتان الذين طردهم المستثمر السعودي وفصلهم ولم يقبضوا رواتبهم بالثلاثة أشهر إلى المدرسين وإداريي التربية والتعليم إلى الأطباء الذين يريدون زيادة ميزانية الصحة وزيادة رواتبهم إلى أعضاء هيئة التدريس بالجامعة. إلى أصحاب المعاشات الذين استولت وزارة المالية على معاشاتهم لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة تدافع لصالح حق المواطن فى العلاج والدواء مع تصديها لمحاولة وزير الصحة حاتم الجبلي آنذاك خصخصة التأمين الصحي. كان هناك الأمل فى أعضاء مجلس الشعب 2005 /2010 من الإخوان والمستقلين فى حل بعض المشاكل ولو حلا جزئيا لتحسين أحوال معيشتهم هذا الأمل الضئيل استكثره عليهم مهندس التنظيم بعصابة ( الحزب الوطني ) وأراد ألا تمر ( ذبابة معارضه) إلى مجلسهم الموقر فالبلد بلدهم وعلى رأى المثل ( مجلسي وانأ حر فيه، مجلسي اغسله واكويه ) تتوالى الوقفات أمام المجلس فى مايو 2010 كان حكم المحكمة الإدارية العليا بحد ادني للأجور 1200 جنيه مظاهرة كبيرة أمام مجلس الشعب ومجلس الوزراء للمطالبة بتنفيذ حكم المحكمة والحكومة ودن من طين وودن من عجين ووزير ماليتها الهمام لا يلوى ذراعه احد، هذا الوزير المسكين (عينه بتوجعه) عالجها على نفقة الدولة بما يزيد على مليون جنيه!) تتكاتف رموز القوة السياسية مع أعضاء البرلمان المستقلين والإخوان حول تقديم وثيقة قوانين خاصة بمباشرة الحقوق السياسية والحريات الديمقراطية فى مظاهرة كبيرة أمام مسجد عمر مكرم ويتم تشكيل وفد من أعضاء مجلس الشعب لتسليم الوثيقة إلى مجلس الشعب ويرفض رئيس المجلس ويفض الأمن التظاهرة بالقوة السماء ملبدة بغيوم سوداء بلون ملابس آلاف من جنود الأمن المركزي غيوم تنذر بالغيث فأول الغيث قطرة ويبدأ النظام المتغطرس، المستبد، الفاسد الناهب أموال اليتامى التابع الراهن كرامة وشرف الوطن لأمريكا وإسرائيل حتى يرضيا عن استمراره يبدأ النظام باستخدام آلته الأمنية الجبارة فى تزوير انتخابات برلمان 2010 ويعلو صوت الشعب متحديا هذا البرلمان المزور بفتح الواو والمزور بكسر الواو باطل مجلس شعب باطل. التزوير الباطل الحزب الوطني باطل الاعتقال باطل حسنى مبارك باطل جمال مبارك باطل علاء مبارك باطل فتحي سرور باطل وزير الداخلية باطل وما يبنى على الباطل فهو باطل ليس هذا برلمان الشعب. ويتشكل من القوي الوطنية والسياسية المشهود لها بالشرف والنضال مع أعضاء البرلمان المعارضين السابقين برلمان شعبي مواز تحول بعد ذلك إلي البرلمان الشعبي الذي اشتركت شخصياته مع الجمعية الوطنية للتغيير التي ضمت كل القوي السياسية للشعب المصري من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار ومعهم ائتلاف شباب الثورة اشتركوا جميعا في الصفوف الأولي وسط الشعب المصري في تفجير ثورة 25 يناير. ثالثًًا الإسكندرية وتفجير كنيسة القديسين: انتابني الهلع والخوف علي مصر والشعور بأن هذه المرة لن تمر علي خير فشعور المصريين جميعا علي اختلاف انتماءاتهم ودينه واحد وهو الدفاع عن أمن وسلامة مصر وشعور ينتاب الكل لأول مرة وهو أنه من المؤكد أن العصابة الحاكمة ووزير داخليتها هو المسئول لإلهاء شعب مصر وتفتيت وحدة نسيجه حتى لا يصحو من غفوته ويقوم بثورته ضد الظلم والاضطهاد الواقع علي كل المواطنين، إنه الخوف علي مصر فور كارثة الاعتداء علي كنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة رأس السنة الميلادية وخرج آلاف المصريين في كل محافظة وخرج الآلاف في مسيرة من دوران شبرا في أول يناير عام 2011. حبيب العادلي يا خسيس دم المصري مش رخيص مسلم ومسيحي أيد واحدة جامع وكنيسة تحيا مصر محمد وعيسي تحيا مصر مريم ونفيسه تحيا مصر يسقط يسقط حسني مبارك يسقط يسقط حبيب العادلي ويتسارع المسلمون لحماية الكنائس أثناء قداس عيد الميلاد ليلة السابع من يناير وتتعالي الأصوات لا للتمييز الديني فالكل سواء كل من يعيش علي أرض هذا الوطن وينتمي إليه له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات سنفدي مصر بأرواحنا ضد من تسول له نفسه تفتيت هذا الوطن (العصابة الحاكمة في الداخل ومن يحمونها من الخارج أمريكا والعدو الصهيوني). عظيم يا شعب مصر حينما تحس بالخطر وتتحد في وجه الأعداء عظيم يا شعب مصر حينما يرتفع صوتك عاليًا من الإسكندرية لأسوان ومن رفح والعريش لمرسى مطروح. عظيم يا شعب مصر حين تذهب إلي القضاء إلي مجلس الدولة إلي المحكمة الإدارية العليا للدفاع عن حقوقك وثرواتك فها هي الأحكام تأتي لصالح الشعب الحكم بتسيير القوافل إلي إخواننا المحاصرين في غزة. الحكم بمنع تصدير الغاز المصري للعدو الصهيوني وإعادة تسعيره. الحكم بطرد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية ومباحث أمن الدولة. الحكم بأحقية أهل جزيرة القرصاية في أرضهم. الحكم ببطلان عقد أرض مدينتي لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفي. الحكم ببطلان عقد بيع عمر أفندي. الحكم بالحد الادني للأجور 1200 جنيه، الحكم بأنه لا يجوز خصخصة التأمين الصحي فحق العلاج حق دستوري لكل مواطن يعيش علي أرض الوطن عاش القضاء الشريف ويحيا العدل (بس مين يا صاحبي ينفذ الأحكام).