..وانتظرنا رد فعل القوى السياسية والحركات الشعبية بمظاهرات مليونية على الصفاقات الصهيونية.... فلم يحدث ومازلنا ننتظر. وجاء الخبرالمتكرر الصادم على شاشات الفضائيات يوم الجمعة الماضى: إسرائيل تستدعى سفير مصر بسبب تصريحات عصام شرف عن اتفاقية كامب ديفيد التى وصفها بأنها ليست مقدسة، وتطالبه بتفسير لهذا الكلام من القاهرة، وكأن دور السفير المصرى فى الكيان الاستيطانى الصهيونى هو "مراسلة"، وبالفعل هو كذلك بل أقل من ذلك لأنه منح شرعية لمحتلى أرض وقاتلى أشقائه الفلسطينين، وذهب لتمثيل نظام غير شرعى فى كيان غير شرعى، إنه تمثيل المصالح وتأكيد الخيانة. لن نغوص فى العمق فالمعنى واضح على السطح لأولى الألباب ولا يحتاج إلى شرح. باختصار الكيان الصهيونى يريد من مصر الصمت وعدم الكلام -وليس الفعل- إلا بإذنه. يحتلون فلسطين قلب العروبة ومهجة الإسلام، وينزعون السيادة عن أرضنا فى سيناء، ويقتلون أهلنا فى فلسطين، ويغتالون جنودنا فى سيناء، وعندما لا نرد طلقة الرصاص ب"طلقة حبر" ويتحدث ساستنا فى العموم كنوع من اثبات الوجود الخائب، يعترض بنو صهيون ويستدعون السفير، ويرسلون رسالة للحكام المصريين والعرب والمسلمين: لا تتحدثوا يا من كتبت عليهم الذلة والمسكنة إلا بإذن، ولا تتحركوا إلا بتصريح، هكذا صار حال خير أمة أُخرجت للناس تأتمر بأمر الصهيونية. اعتداءات العدو الصهيونى فرضت علينا أولوية القضية الوطنية وأهميتها، والثورة وضعتها على رأس قائمة مطالبها فى "الحرية والكرامة" اللذين يعنيان القضية الوطنية وتعقب الكيان الصهيونى الذى يتعقبنا.. يحتل أرضنا ويشرد شعبنا ويعتدى على حدودنا. والتهاون فى الوقوف ضد الهمجية الصهيونية هو تهاون وتخاذل فى أهم مطالب الثورة. والمدهش أن بعضا من النخب المصرية يدينون هدم جدار العار الذى بنوه لحماية سفارة العدو الصهيونى فى مصر، ويدينون صعود الشباب المصرى الحر إلى سفارة العدو وإنزال العلم الصهيونى واستبداله بالعلم المصرى، ويدللون على إفكهم بالقانون الدولى والمعاهدات الدولية فى حماية السفارات الأجنبية والعقوبات التى توقع على المخالفين، ولا يشعرون بالخزى والعار وهم يرددون ذلك فى غياب القانون الدولى والمعاهدات الدولية عن الجرائم التى ترتكب فى الأراضى العربية المحتلة وقتل الأبرياء فى فلسطين واغتيال الجنود المصريين على الحدود. فى الموقف الحالى عن الاستحقاقات الثورية من قِبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة للثورة يتعرض الوطن لاعتداءات صهيونية، آخرها محاسبة مصر على تصريح إنشائى. الوضع يحتاج لوقفة لبيان موقفنا وموقعنا ولماذا ثار الشعب، ومن أهم ما قامت من أجله الثورة ونادت به هو التغيير والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وكان من الأسباب الدافعة للثورة هو الضغط والقهر الداخليان والممارسات الصهيونية المباشرة وغير المباشرة على مصر والعالم العربى، ولذلك أصبحت القضية الوطنية على رأس أولويات الثورة، والعدو الصهيونى يستغل حاليا الشرخ الحادث بين القوى السياسية وبعضها وصراعها مع المجلس العسكرى لتحقيق مطالب الثورة، وقد يعول العدو على شرخ نتيجة الصراع الخفى بين المجلس العسكرى وجماعة الإخوان الذى بدت أعراضه واضحة فى نتوءات البيانات الصادرة عن جماعة الإخوان. ويجهل العدو أن الشعب المصرى يتوحد فى الشدائد وتتباين أراؤه واتجاهاته فى حالات الاسترخاء النسبى والبعد عن حافة الخطر، وهو ينسى موقف الشعب المصرى كله من نسيانه خلافاته السياسية وتوحده كما حدث فى ثورة 25 يناير، وما حدث قابل للتكرار وبسرعة فى أى وقت يشعر الفرقاء أن مصر فى خطر، وهى طبيعة الشعوب الحرة، وللتذكرة أن كل المختلفين سياسيا مع جماعة الإخوان حاليا كانوا المدافعين الأوائل عن حقوقها ومنددين بما يقع عليها من ظلم ومطالبين بحريتها وتحريرها من قبضة نظام مبارك. ومهما يكن لنا من ملاحظات على بعضنا البعض وانتقادات على المجلس العسكرى لكن عندما يتعرض الأمن القومى للخطر نطوى كل خلافاتنا ونحرقها وندوسها بأقدامنا فكلنا فداء الوطن وخلف القوات المسلحة يدا واحدة ذات أصابع خمس تتباعد وتتدانى حسب الظرف وتتجمع فى كف واحد، نصنع فى بعضنا ما نشاء وننتقد بهدف الوصول للأفضل، لكن لن نسمح لعدو أن يفرق بين الوطنيين فى الوطن الواحد. نحن فى لحظة تتطلب منا الوحدة فى مواجهة العدو الصهيونى، وإعلاء الموقف الوطنى ووضعه على رأس الأجندة الثورية فلا كرامة ولا حرية لمواطن فى وطن محتل أو منقوص السيادة. نحن بحاجة ملحة لرفض العربدة الصهيونية والرد عليها وإظهار إعادة لُحمتنا وتوحدنا فى مليونية: "لا للعربدة الصهيونية"، مليونية تعم كل ميادين مصر، يكون شعارها الوحيد وباتفاق الجميع لا للعربدة الصهيونية، تبدأ فى وقت محدد وتنتهى فى وقت محدد من نفس اليوم، وأظن أنها مليونية هامة وخالصة لوجه الله والوطن بعيدا عن مليونية لا يُجمع عليها كل القوى السياسية، وبغض النظر عن الاتفاق على مليونية فى أى يوم جمعة أو رفضها، فلا أظن أن أحدا يرفض التجمع ضد الصهيونية فى غطرستها واعتداءاتها بالفعل القاتل والقول الجارح على الشعب المصرى والعربى، وليعلن الشعب وهو صاحب الحق الأصيل أن مصر بعد ثورة 25 يناير تختلف عما قبلها. دعا كل فصيل إلى مليونية لتأكيد حقه، فهل آن للجميع أن يتوحدوا فى مليونية إعادة اللُحمة من أجل مصر وضد الغطرسة والعربدة الصهيونية أم أن مصالحنا الضيقة مازالت تحكمنا؟ ذلك هو التحدى، وهذا هو الاختبار، وتلك هى الرسالة الوطنية للعدو الصهيونى وللقوى المضادة للثورة. مصر دوما فوق الجميع.