على مدى سبعين دقيقة، انتهت بنفس الحماس الذى بدأت به، تفنن الداعية الدكتور محمد العريفى - الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود، فى إلهاب حماس المصلين الذين احتشدوا بالآلاف فى جامع عمرو بن العاص بحى مصر القديمة بالقاهرة. استطاع "العريفى" خلال خطبة الجمعة التى ألقاها أمس الأول العزف على وتر الانتماء، فكانت المحصلة نشيدًا وطنيًا مضفرًّا بآى الذكر والأحاديث النبوية الشريفة، التى أتت على ذكر مصر وأهلها، وبخاصة الأقباط، الذين وصفهم العريفى ب"أخوال قريش مرتين". المصلون الذين ارتادوا المسجد للاستماع إلى داعية سعودى معروف باعتناقه للفكر الوهابى المعروف بالتشدد، لم يدر بخلدهم أن يوصى الرجل بالأقباط خيرًا - اقتداء بهدى المصطفى "ص" - لتتسع الهوة والفجوة التى صنعها "شيوخ الفضائيات" المصريين بنقلهم فكرًا منقوصًا، فشتان ما بين العريفى والدعاة المصريين المنتمين إلى الدعوة السلفية، رغم وحدة المصدر "فكر الوهابية" العريفى بدأ خطبته بقصيدة عصماء عرَّج فيها على العديد من أسماء البلدان المصرية، كأنه يحفظها "شبرًا شبرًا"، وهو الأمر الذى ارتفعت إزاءه هتافات المُصلين مهللين ومكبرين، تعبيرًا عن إعجابهم. خطبة العريفى كشفت عن ضحالة ما تلقاه سلفيو مصر من أفكار الوهابية، وكأنما أخذوها ناقصة، أو مشوهّة، وهو الأمر الذى بات معه تغيير الخطاب الدعوى فى مصر أمرًا ملحًا، فمقارنة بسيطة بين خطباء الجمعة فى مصر - حتى المنتمين منهم للمؤسسة الأزهرية - وبين خطبة العريفى، ليتضح منها أنّ تركيز الخطاب الدعوى على نواقض الوضوء وتقديم القدم اليسرى على عتبة المرحاض، إلى غير ذلك من الفروع التى يعلمها - عن ظهر قلب - أطفالkg1، أو الحديث فى السياسة بغير علم ولا هدى "ولا كتاب منير"، يختلف تمامًا عن توجيه خطاب دينى مفعم بروح الوطنية والانتماء. استطاع العريفى - بحرفية غير مسبوقة - سلب ألباب المصلين، فتعلقت به الأفئدة قبل العيون، وما إن صارت عقولهم بين يديه "عجينة لدنة" يشكلها كيفما شاء، راح يعزف على وتر آخر، موجهًا الدعوة إلى أثرياء الخليج، وأرباب العمائم البترولية بتوجيه استثماراتهم إلى مصر بديلًا عن بنوك سويسرا، وكما لم ينسَ الداعية السعودى الأشهر إلقاء رائعة شاعر النيل "وقف الخلق"، فإنه لم ينس التضرع إلى الله بأن يحفظ رئيس مصر وقائدها المفدّى، وظل يكرر الدعاء لمرسى ولمؤسسته الرئاسية، حتى قال كثيرون: "ليته سكت"، وكان هذا الجزء - الأخير - سببًا فى تعرض العريفي إلى حملة من النقد على صفحات المواقع الاجتماعية وعبر الأحاديث التليفزيونية. من "المشهد" الأسبوعى.. الآن بالأسواق..