قال مركز "العربية للدراسات" إن ثلاثة ملفات هيمنت على التفاعلات العربية خلال الأسبوع المنصرم "4 – 10" يناير، هي التقارب المصري الإيراني، واستقبال القاهرة لوزير الخارجية الإيراني "علي أكبر صالحي" وسط أنباء عن لقاءات سرية بين أحد مساعدي الرئيس المصري مع رئيس الاستخبارات الإيرانية، ودعوة "محمود أحمدي نجاد" نظيره المصري "محمد مرسي" إلى زيارة طهران للمرة الثانية خلال أقل من ستة أشهر. والملف الثاني كان الأزمة السياسية في العراق، واستمرار رئيس الوزراء "نوري المالكي" في محاولة تسويف الاستجابة لمطالب الانتفاضة السنية، ومحاولة المعارضة التحالف مع الأحزاب الكردية للإطاحة بالحكومة. أما الملف الثالث فهو تداعيات خطاب الأسد الذي رسم خريطة "مبعثرة" للحل كان هدفها الأساسي الالتفاف عن الهدف الرئيسي للثورة السورية وهو الإطاحة به وإنهاء حكم عائلة الأسد الذي استمر نحو 40 عامًا. مصر: رسم السياسة الخارجية الجديدة كان إعادة رسم السياسة الخارجية هو المسيطر على المشهد في قصر الرئاسة المصري خلال الأسبوع المنصرم، وهي السياسية التي حددتها العلاقة الاستراتيجية مع قطر، والسعي إلى التقارب مع إيران، والوصول لصيغة تعامل مع "حماس"، في سياق رعاية مصالحة مع السلطة الفلسطينية. بالتوازي تواصلت الأزمة المالية الخانقة باستمرار انخفاض سعر الجنيه، وفشل الحكومة في السيطرة على الأسعار وصولاً لقبول استقالة رئيس البنك المركزي فاروق العقدة، وتعيين نائبه هشام رامز خلفًا له. وعلى صعيد ملف السياسة الخارجية، استضافت القاهرة خلال الفترة من 8 - 12 ينايرالجاري كلا من رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم، والرئيس الفلسطيني محمود عباس "أبومازن"، ورئيس المكتب السياسي ل"حماس" خالد مشعل، ووزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، وهو ما يدلل على محاور الدبلوماسية المصرية خلال الفترة المقبلة. فمن ناحية العلاقة مع إيران، سيطر على الرأي العام المصري الحديث عن استعانة "الإخوان المسلمين" بخبرات من "الحرس الثوري" من أجل تعزيز سيطرتهم على السلطة. ومن جهتها، نفت جماعة الإخوان ما نشرته صحيفة "التايمز" عن لقاء بين مساعد الرئيس المصري عصام الحداد – عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان – ورئيس الاستخبارات الإيرانية بهدف طلب مساعدة الإخوان في بناء جهاز استخباراتي بعيد عن الأجهزة الأمنية التي يسيطر عليها الجيش لتعزيز قبضتها على السلطة. وقد عبرت المعارضة المصرية عن تخوفها من كون هذه الأنباء بداية لمحاولة الإخوان فرض النموذج الإيراني على مصر والحد من أية قدرة على التغيير عبر صناديق الاقتراع ومواجهة التظاهرات المعارضة بالقوة. وبعد أيام من هذه الأحاديث، كانت القاهرة تستقبل وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي في زيارة تمحورت ملفاتها الرسمية حول الأزمة السورية وملف القضية الفلسطينية وسبل التقارب بين البلدين، ونقل دعوة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لنظيره المصري محمد مرسي يدعوه فيها إلى زيارة طهران. وفيما تحدث المراقبون عن ملفات "سرية" تناولها اللقاء من بينها وساطة مصرية بين طهران وواشنطن، وربط مراقبون بين الزيارة وترشيح "تشاك هاغيل" لتولي وزارة الدفاع الأمريكية وهو المعروف بمواقفه "الحمائمية" تجاه الملف الإيراني. وبالتوازي، اعتبر البعض أن الزيارة كانت بمثابة رسالة من مصر إلى دولة الإمارات بإمكانية التقارب مع طهران على حسابها في ظل الأزمة المتصاعدة بين مؤسسة الرئاسة المصرية والسلطات الإماراتية بشأن اعتقال نحو 11 من عناصر "الإخوان" المصريين في الإمارات، وفشل زيارة مساعد الرئيس الإخواني عصام الحداد ورئيس المخابرات المصرية رأفت شحاتة إلى الإمارات في حل الأزمة. وسبق زيارة وزير الخارجية الإيراني، وصول رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم، الذي رد على سؤال اللحظة حول سعي قطر إلى الهيمنة على مصر بأنه "نكتة أو مزحة ثقيلة"، مشيرًا إلى أن دولة مصر بحجمها ومقدراتها البشرية والاقتصادية لا يمكن الهيمنة عليها، ولكن هذا الحديث لم ينه الجدل المصري بشأن حجم الدور القطري في السياسة المصرية ودعمها لتنظيم "الإخوان المسلمين" والتطابق شبه الكامل بين الدوحةوالقاهرة في ملفات السياسة الخارجية. على صعيد آخر، سعت الرئاسة المصرية إلى لعب دور الوسيط بين "حماس" والسلطة الفلسطينية عبر استضافة "أبو مازن" و"مشعل"، وإعلان اتفاق بين "فتح" و"حماس" على بدء حوار للجنة تطوير وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية في الأسبوع الأول من فبراير المقبل للاتفاق على جدول زمني لتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في ملف المصالحة الفلسطينية. وعلى صعيد الخريطة الحزبية المصرية، شهدت مصر هذا الأسبوع ميلاد حزب "الوطن" السلفي، وبحسب تقرير ل"معهد العربية للدراسات" فقد جاء هذا الميلاد تتويجًا لصراع مكتوم، ضرب من الداخل حزب النور السلفي، وأسفر عن استقالة 150 عضوا من قادته الفاعلين الذين كانوا يعتبرون أنفسهم "جبهة الإصلاح"، في مقدمتهم "د. عماد عبدالغفور"، رئيس حزب النور السابق الذي أعلن استقالته أثناء تأسيس الحزب الجديد. وبحسب التقرير فقد قام هؤلاء بهجرة جماعية إلى حزب" الوطن" الجديد برئاسة عبد الغفور، وبالتزامن مع إعلان "حازم صلاح أبو إسماعيل" تأسيس حزبه، وقيادته ل"تحالف الوطن الحر" بغض النظر عن المنحى الليبرالي الذي قد يحمله اسمه في تأكيده على مفهومي الوطن/ المواطنة والحرية الليبرالية!!، والذي قد لا يعبر عنهما الخطاب الأيديولوجي لمؤسسي التحالف الجديد!. ويضم هذا التحالف مجموعة من الأحزاب السلفية والجهادية. وعلى ما يبدو، فإن حازم أبو إسماعيل لم يكن بعيدا عما كان يدور فى حزب النور من خلافات وانقسامات تحت السطح، وربما سعى لتوظيفها لصالح التحالف الجاري تأسيسه، كي يتمكن من بناء كيان سلفي سياسي كبير يخوض به الانتخابات البرلمانية المقبلة بعد شهرين أو أكثر، لاسيما أن الدستور حسم نظام الانتخابات بالقائمة لثلثي المقاعد وسمح للقوائم بالترشح على الثلث الباقي المفترض تخصيصه للأفراد. وانتخب حزب "النور" السلفي - الذراع السياسي للدعوة السلفية - يونس مخيون رئيسًا للحزب خلفًا للمنشق عماد عبد الغفور، وكان مخيون شديد الطموح في خطابه الأول كزعيم ل"النور" بقوله إن الحزب السلفي يسعى إلى إدارة البلاد في الفترة المقبلة، في حديث مباشر عن سعي الحزب إلى الحصول على أغلبية برلمانية خلال الانتخابات المقبلة التي تقرر اجراؤها في 22 فبراير المقبل. على صعيد آخر، حسمت "جبهة الإنقاذ الوطني" المدنية المعارضة الجدل بشأن الخلافات والانقسامات في صفوفها يوم الخميس 10 يناير بإعلان خوضها الانتخابات البرلمانية المقبلة بقائمة موحدة، وكانت عدة تقارير ومصادر قد تحدثت عن بوادر انقسام داخل الجبهة التي تضم كافة رموز المعارضة المدنية مثل محمد البرادعي زعيم حزب "الدستور"، وحمدين صباحي زعيم "التيار الشعبي"، وعمرو موسى زعيم حزب "المؤتمر"، ومحمد أبو الغار رئيس حزب "المصري الاجتماعي"، والسيد البدوي رئيس حزب "الوفد". فيما يبدو أن حزب "مصر القوية" - الذي خرج من رحم الاخوان فكريًا - بزعامة عبد المنعم أبو الفتوح، لتصبح الجبهة "مدنية" بشكل كامل. العراق: حديث "الرهانات" بين المالكي والسنة ما زال تعنت رئيس الوزراء نوري المالكي ومحاولة المعارضين محاصرته عبر المظاهرات والبرلمان هي محددات الصورة العراقية خلال الأسبوع الماضي، وبدا أن المالكي يراهن على عزل العراق عن تيار التغيير الذي يعصف بالمنطقة. في المقابل، ما زالت المعارضة تراهن على الأكراد لإنهاء قصة المالكي مع السلطة في بغداد، وهي الرهانات التي تبدو بعيدة عن واقع الحال، مع اشتداد حدة الاستقطاب الطائفي والسياسي الذي يحاصر الحكومة العراقية ورفض الأكراد الخروج من الحكومة سعيًا إلى الحصول على تنازلات "مؤلمة" بشأن الأمن والاقتصاد. ومع دخول اعتصام المتظاهرين في الأنبار أسبوعه الثالث، خرج المالكي في عيد الجيش "6 يناير" ليعيد اكتشاف النار بقوله: إن التوترات الطائفية في المنطقة ألقت بظلالها على العراق، داعيًا القوى السياسية إلى رفض التدخل الأجنبي وحل المشكلات الداخلية عبر "حوار أخوي"، وحذر رئيس الوزراء العراقي من استقواء بعض القوى بالأطراف الخارجية والإقليمية بهدف "إضعاف العراق". وبدا أن خطاب المالكي لم يقدم جديدًا، حيث أعاد ترديد نفس الجمل التي تحدث بها من قبل بشأن ضرورة انعزال العراق عن التيارات التي تعصف بالمنطقة، واتهام المعارضة بالارتباط بأطراف إقليمية، ملوحًا بوجود أجندة خارجية للاعتصامات التي يشارك فيها عشرات الآلاف من السنة احتجاجًا على حملة اعتقالات "سياسية" لعناصر من حرس وزير المالية السني رافع العيساوي في 20 ديسمبر الماضي. وبجانب التلويح بالعصا في كلماته، التي وصف فيها مظاهرات الأنبار والمدن السنية بأنها خروج عن القانون، وضد المصالح العليا للدولة واتهامه المتظاهرين باستغلال الحريات لنشر الفوضى، قام المالكي بتحريك المظاهرات التي خرجت في مناطق ذات أغلبية شيعية للتعبير عن تأييد رئيس الوزراء وقائمة "دولة القانون" التي تسيطر على حكومة بغداد. ومع رفض المالكي تقديم تنازلات واضحة للجمهور السني وتمسكه ب"قبضة السلطة الحديدية"، اندفعت المعارضة السنية للتحرك على مستوى البرلمان والتحالف مع الأكراد الذين خرجوا للتو من أزمة مع حكومة بغداد. وراهنت الأطراف السياسية العلمانية والسنية على الأكراد لإسقاط حكومة المالكي. وبالفعل ساهم الأكراد في زيادة الضغوط على المالكي بإعلان وزير خارجية لإقليم كردستان العراق "فلاح مصطفى" أن المالكي يصطنع الأزمات للتغطية على فشل حكومته؛ لكن نفس المسئول رفض منطق الانسحاب من الحكومة من منطلق ما أسماه " مصلحة البلاد". فالأكراد يتبنون نفس مواقف الأطراف السنية من الأزمة الحالية، حيث يرون أن الحكومة مسئولة عن استمرار العنف والانفلات الأمني وترسيخ الطائفية وفرض الحل العسكري على المخالفين وإقصائهم، ويحملون المالكي مسئولية الأزمة في الأنبار بسبب التجاوزات في حق السنة والاعتقالات غير المبررة لعناصر حرس رافع العيساوي؛ وفي نفس الوقت ما زالت كردستان تستضيف طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي المحكوم عليه بالإعدام في بغداد. ولكن بالتوازي، فإن الأكراد يدركون جيدًا أن انسحابهم من الحكومة في اللحظة الراهنة لن يحقق لهم أية مكاسب – خاصة مع استمرار غياب جلال طالباني وعدم وجود قيادة موحدة للأكراد، ويرون أنه من الأفضل الاستمرار في الحكومة للحصول على أكبر قدر من التنازلات من المالكي على الصعيدين الاقتصادي والأمني لإدراك الأخير عدم قدرته خوض الحرب على جبهتي السنة والأكراد معا. وفي البرلمان، سعى النواب السنة إلى استجواب المالكي في البرلمان وطرح قانون لتحديد ولاية رئيس الوزراء لمنع ترشيح المالكي لولاية ثالثة بعد انتهاء دورة ولايته الحالية العام المقبل. ورغم أن رئيس البرلمان السني أسامة النجيفي سعى إلى تحريك هذه المطالبات، إلا أن الأغلبية التي يتمتع بها التحالف الشيعي الذي يضم "دولة القانون" حالت دون الوصول إلى نتيجة محددة في هذه الشأن، وأعاد نواب المعارضة في 9 يناير تصميمهم على مثول المالكي أمام المجلس لاستجوابه ونجحوا في جمع ال 25 توقيعًا التي تتطلبها عملية الاستجواب؛ ولكن يبدو أن قدرة المعارضة على الحصول على الأصوات المطلوبة لسحب الثقة سيكون صعبًا. وجاء هذا التحرك بعد فشل المعارضة في عقد جلسة طارئة يوم 6 يناير لمناقشة الأزمة السياسية الراهنة بسبب امتناع أعضاء "دولة القانون" وبعض الكتل المتحالفة معه من حضور الجلسة. هذه المراوحة في الأزمة العراقية تزيد آمال المالكي في الخروج بأقل قدر من الخسائر، واستمرار تصدير صورته كزعيم قوي قادر على الدفاع عن مصالح الطائفة الشيعية. في المقابل، فإن استمرار حالة الغليان قد يدفع - في حال تزامنه مع عمليات إرهابية ذات بعد طائفي - إلى اشتعال العراق والعودة إلى سيناريو الحرب الأهلية لمنتصف العقد الماضي. هكذا فإن حديث الرهانات ما زال يسيطر على المشهد العراقي، بينما تم تأجيل حديث "الحلول" مؤقتًا، وربما يحمل الأسبوع الحالي إرهاصات "الحلول" عبر خطة سياسية يقدمها إياد علاوي وبرزاني. سوريا: عندما تحدث الأسد عن "مبادرته" "أسبوع حديث الأسد"، فقد انتظر السوريون والعالم خطاب بشار الأسد في دار الأوبرا بدمشق في 6 يناير وسط توقعات بتنازلات ومبادرات وحديث مغاير، ولكن "تمخض الجبل وولد فأرًا". فقد تحدث الأسد بنفس لغة مارس 2011 وقت انفجار الثورة السورية في درعا. فاتهم معارضيه بأنهم "إرهابيون ودمى في يد الغرب". ولكنه استدرك ليعرض "الحوار" مع من "لم يخونوا" سوريا، يعقبه تشكيل حكومة جديدة وإصدار عفو. وهنا طرح المراقبون السياسيون التساؤل حول من يمنح للأسد حق تحديد الخائن وغير الخائن. واحتوى خطاب الأسد على نقاط تعبر عن استمرار غرور السلطة، وسعيه إلى وضع العراقيل أمام أي حل سياسي، والتضحية بالسوريين من أجل بقاء العائلة والطائفة؛ فقد اشترط وقف الدول تمويل تسليح المعارضة وبعدها يوقف الجيش النظامي العمليات العسكرية مع الاحتفاظ بحق الرد، وعقد مؤتمر وطني لرسم المستقبل الدستوري للدولة وعرضه للاستفتاء الشعبي، وتشكيل حكومة وطنية موسعة، وصياغة دستور جديد يطرح للاستفتاء، ثم تنظيم الانتخابات. وفي مرحلة ثالثة تشكل حكومة جديدة ثانية وتجرى مصالحة وطنية، ويعلن العفو العام، وأخيرًا إعادة الإعمار. وهكذا أدخل الأسد الجميع في تفاصيل مبادرة معقدة وغير واقعية للالتفاف على الحديث عن النقطة الرئيسية وهي تنحيه عن السلطة. فقد جاء الخطاب بعد سبعة أشهر من الغياب، ويبدو أن كاتبه لم يجد جديدًا، فاعتمد أسلوب الأفلام الكوميدية بشأن إغراق الحوار في تفاصيل التفاصيل دون الوصول إلى شيء. وبينما صمت العالم برهة لاستيعاب "الصدمة"، كان الرد "الكوميدي" من حكومة الأسد التي أعلنت عن اجتماع عاجل و"نوعي" لوضع آليات تنفيذية للخطوات التي طرحها بشار في الخطاب لحل الأزمة. وردت المعارضة على "المبادرة" بقولها إنها محاولة يائسة للتشبث بالسلطة وقطع الطريق أمام إيجاد تسوية سياسية. ووصف وزير الخارجية البريطانية الخطاب بأنه "وعود فارغة مفعمة بالنفاق"؛ وكان وزير الخارجية الألماني أكثر وضوحًا بتأكيده أن الأسد غير قادر على "إدراك الجديد"؛ واعتبر جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض الخطاب "محاولة يائسة للبقاء في السلطة". وكالعادة جاءت النغمة النشاز الدولية من موسكو، التي انتظرت ثلاثة أيام بعد الخطاب لتخرج وزارة الخارجية الروسية في 9 يناير ببيان غريب عن أن الأسد "أبدى استعداده - في الخطاب - لبدء حوار فيما بين السوريين وإصلاح البلاد على أساس السيادة السورية". من جانبه، واصل المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي الحوارات الفارغة من مضمونها. ويبدو أنه أعاد اكتشاف النار بقوله إنه لا دور لبشار الأسد في الحكومة التي اقترحها إعلان جنيف - خلال يونيو العام الماضي - للإشراف على المرحلة الانتقالية في سوريا. وواصل الإبراهيمي اجتماعاته المستمرة مع المسئولين الدوليين، والتقى الخميس "10 يناير" كل من نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز ووزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف في جنيف، وشدد الإبراهيمي تصميمه على كون "إعلان جنيف هو أساس الحل في سوريا.. نتحدث عن حل سلمي .. لا حل عسكري". ومثل جميع المنخرطين في الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب السورية، أبدى الإبراهيمي استياءه من خطاب الأسد، معتبرًا أنه كان "ضيقًا ومتصلبًا"، معتبرًا أن حكم أسرة الأسد – الذي دام نحو 40 عامًا – قد طال. ويبدو أن انتقاد الإبراهيمي النادر للأسد هو تعبير عن "الصدمة" من خطاب الأسد؛ واعتبر ممثل للائتلاف السوري المعارض أن الإبراهيمي أصيب باليأس بعد "خطاب الأحد" ولم يعد له بديل سوى أن يقول للعالم إن حكم الأسد يجب أن ينتهي. ووسط العواصف والثلوج، واصل مقاتلو المعارضة المسلحة قتالهم الشرس للحفاظ على مكتسبات الأشهر الماضية، حيث إن "الجنرال ثلج" كان قاسيًا على المعارضة خلال الأسبوع الماضي بسبب عدم توفر التجهيزات المناسبة للقتال في الشتاء من معدات وتجهيزات لوجستية، خاصة في المناطق الشمالية التي يسيطر عليها المقاتلون؛ لكن خبرة المقاومة السورية في القتال - عبر أكثر من 21 شهرًا من الحرب - جعلتهم ينجحون في السيطرة على قاعدة جوية حكومية في تفنتاز. وبالتوازي، تحالف الصقيع والنظام البعثي في تجويع مدن وقرى المعارضة في هذا الشتاء القارص. وتحدث برنامج الغذاء العالمي – التابع للأمم المتحدة – عن عدم القدرة على توصيل المساعدات الغذائية لأكثر من مليون ونصف مليون سوري بسبب إغلاق الطرق وإغلاق ميناء طرطوس. وفي مشهد يؤكد ارتهان الأسد برغبات قادة طهران، بادر بشار الأسد بالإفراج عن أكثر من ألفي معتقل في سجونه مقابل 48 من عناصر الحرس السوري الإيراني الذين كان يحتجزهم الجيش السوري الحر، في عملية تبادل للأسرى وصفها الجيش السوري الحر بأنها تظهر لكل العلويين عدم اهتمام الأسد بالضباط من الطائفة الذين تحتجزهم المعارضة المسلحة، بينما هو مستعد للإفراج عن الآلاف لإرضاء إيران. وكانت عملية تبادل الأسرى - بوساطة تركية - هي الأكبر منذ بداية الثورة السورية.