باحث فى الشئون السياسية و نائب مدير مركز الحوار للدراسات السياسية ليست مبالغة القول أن ما تشهده المنطقة العربية من تحولات وتغيرات ومستجدات وتطورات تجعل ثمة قراءات عديدة ومتنوعة وربما متناقضة لتوجهات دولها وجيرانها حيال هذه الأحداث وتلك التحولات، وينطبق هذا بصورة جلية على السياسة العراقية حيال ما يطلق عليه الربيع العربى، فإذا كان صحيحًا أن العراق آثر الصمت حيال ما شهدته المنطقة بدءًا من تونس بهروب رئيسها زين العابدين بن على إلى المملكة العربية السعودية، مرورًا بمصر بخلع رئيسها حسنى مبارك والبدء فى اجراءات محاكمته امام القضاء المصرى، وصولاً إلى الاحداث المأسورية فى اليمن بسبب عناد الرئيس اليمنى وتمسكه بالسلطة ورفضه التنازل عنها وكذلك الازمة الانسانية التى تعيشها ليبيا مع تدخل الناتو وتمسك العقيد القذافى بمواقفه واصراره على الاستمرار فى الحكم رافضًا الخضوع لمطالب شعبه بالرحيل، بما يهدد وحدة البلاد وتقسيمها إلى شطرين (شرق وغرب)، إلا أنه على الجانب الآخر كان للعراق مواقف صريحة وجلية حيال احداث اخرى شبيه بتلك التى صمت عنها، وتجلى ذلك بوضوح فى موقفه حيال الازمة البحرينية ومن بعدها الازمة السورية التى ما زالت تشهد المزيد من المستجدات والانتكاسات، وهو ما يفتح المجال واسعا امام جملة من الاستفهامات التى تبحث عن اجابات، حول الاسباب التى دعت العراق الى الصمت حيال بعض تلك الاحداث واتخاذ مواقف حيال الاخرى؟ وإلى اى مدى تباين الموقف العراقى حيال الاحداث التى عبر عن موقفه بشأنها؟ بمعنى أكثر تفصيلا هل تماثلت السياسة العراقية حيال الاحداث البحرينية والاحداث السورية أم ثمة تباينات وتناقضات فى المواقف؟ واذا كان ثمة تبابنات، فما هى الاسباب وراء هذا؟ هل ترجع الى اسباب داخلية تتعلق بتوازنات القوى السياسة وتوجهاتها أم تلعب العوامل الخارجية الدور المهم فى توجيه هذه السياسات؟ واذا كان للخارج دورا، فهل يقتصر على الخارج الاقليمى ام يشمل الخارج الدولى ايضا؟ وإلى اى مدى كانت لهذه السياسات تاثير على علاقات العراق مع جيرانه خاصة الدول الخليجية؟ تستوجب الاجابة على هذه التساؤلات تسجيل عدد من الملاحظات التى تكشف عن حقيقة السياسة العراقية حيال قضايا المنطقة ومحركاتها الرئيسية وأسبابها المحورية ودوافها الأساسية، وذلك على النحو التالى: اولا- لم يعد خافيا ان ثمة دورا ايرانيا حاسما فى الداخل العراقى، فصحيح ان قوات الاحتلال الامريكى ما زالت موجودة فى العراق وان الوجود الامريكى ما زال الموجه للسياسات العراقية، إلا انه من الصحيح ايضا ان هذا الوجود لم يعد منفردا فى رسم الخطط وتوجيه السياسات وتحديد الممارسات، وإنما نتج عن السياسات الامريكية الخاطئة منذ احتلالها للعراق عن فتحه كساحة للاعبين دوليين واقليميين وإن ظل النصيب الاكبر للاعبين الاقليميين ويأتى فى مقدمتهم كل من ايران فى جانبه الاكبر وتركيا فى جانبه الادنى، وإن ظل التدخل العربى محدود فى ضوء امرين: الاول، الحرص الامريكى على إبعاد العراق من المنظومة العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة، سعيا الى جعله خصما من رصيد القوى العربية فى مواجهة الكيان الاسرائيلى. الثانى، انشغال البلدان العربية بتطوراتها الداخلية وقضاياها المحلية بعيدا عن الروح القومية التى سادت فى خسمينيات وستنيات القرن المنصرم، وإن ظل للوجود السورى موطأ قدم داخل العراق حفاظا على مصالحها وليس ايمانا بدورها القومى. ثانيا- ترتيبا على ما سبق، يمكن القول أن الوجود الاقليمى المسيطر على الداخل العراقى والموجه له وبصفة خاصة الوجود الايرانى انعكس على توجهات السياسة الخارجية العراقية، بل جعل ثمة انقساما داخليا بين مؤسسات الدولة العراقية حيال بعض قضايا المنطقة، وليس ادل على ذلك مما حدث بشأن الازمة البحرينية، ففى الوقت الذى رفضت فيه وزارة الخارجية العراقية موقف كل من الحكومة والبرلمان العراقى معتبرة انه تدخل في شؤون دول الجوار، وهو ما لا ينسجم مع سياستها التي انتهجتها منذ سبع سنوات، يأتى موقف المؤسستين (الحكومة والبرلمان) معبرا عن انحيازًا طائفيًا وانسجامًا مع السياسة الايرانية وتدخلاتها فى الشأن البحرينى، والذى وصل الى حد تعليق البرلمان العراقى جلساته لمدة عشرة ايام تضامنًا مع تلك الاحداث وذلك بعد جلسة خطابات لعدد من أعضائه اعلنت الولاء للشعب البحريني، بل أكثر من ذلك اقتراح البعض صرف خمسة مليون دولار ل "الثوار البحرينيين" على حد وصفهم. فضلاً عن قيام أحزاب الائتلاف الوطني وبعض القوى السياسية بتنظيم تظاهرات طالبت بقطع العلاقات مع بعض الدول الخليجية على خلفية الموقف الخليجى القومى المساند للمملكة فى مواجهة هذه الازمة والذى وصفه رئيس الوزراء العراقى "نورى المالكى" بأنه "الاحتلال العربي للبحرين". ثالثا- فى ضوء ما سبق، يكشف الموقف العراقى الرسمى (رئيس الحكومة وبعض اعضاء البرلمان) من الاحداث البحرينية عن عدة مفارقات تؤكد على ان السياسة الخارجية العراقية ما زالت تحت تأثير السياسة الايرانية ومرهونة بتوجهاتها وبعيدة عن توجهات الشارع العراقى، ومن أبرزها ما يلى: 1- فى الوقت الذى طالبت فيه القوى السياسية المشكلة للحكومة واغلبية البرلمان مساندة الاحداث البحرينية والخروج فى تظاهرات لمساندتها ودعمها، إلا انها لم تؤيد الاحتجاجات التى شهدتها البصرة على الواقع السيئ للخدمات وتردي الوضع الأمني والسياسي، بل الاسوأ من ذلك نشطت هذه القوى من خلال تنظيم التظاهرات الرافعة للافتات التى تحتج على حكام دول الخليج ليصفوهم بانهم "عبيد الامريكان"، فى حين تناسوا انه يتواجد على الاراضى العراقية المحتلة عشرات الآلاف من القوات الأميركية منذ أكثر من سبع سنوات، ولم يكن ثمة احتجاج من هذه القوى حول ذلك. 2- كثيرا ما كانت هناك شكوى عراقية من تدخلات عربية فى الشأن الداخلى، فتسجل وسائل الاعلام المختلفة موقفا عراقيا كان دائما الاحتجاج على تدخل السعودية وسوريا والاردن في شؤونه الداخلية، إلا انه تناسى ذلك ليقحم نفسه فى شأن بحرينى داخلي لا علاقة له به فلماذا يكيل بمكيالين؟ فليس من الحكمة فى شئ أن يعترض على التدخل العربي في الشأن العراقي ومن جهة اخرى يتدخل في شؤون البحرين عبر سلوك طائفي غير مرحب به في الساحة العربية، وهو ما عبر عنه نائب الأمين العام للجامعة العربية احمد بن حلي بقوله:"يتوجب على الحكومة العراقية أن تلتفت لمطالب المتظاهرين العراقيين .. وهذا ضرورة ... وأن تراعي شعبها وتحرص على توفير الخدمات له بأسرع وقت ممكن، وان تقوم على توزيع الثروات بعدالة فيما بينهم... وأن الشعب العراقي من أكثر الشعوب العربية الذي عانى الظلم والاستبداد ويجب ان يحصل على الحياة التي يستحقها باعتبار العراق من أغنى بلدان المنطقة". 3- لم يكن ثمة رد فعل من جانب البرلمان – المفترض انه الصوت المعبر عن الشارع- فى مساندة التظاهرات الشعبية التى نظمها الشباب العراقى فى كل جمعة تزامنا مع احداث الربيع العربى للمطالية باصلاح النظام، بل سجلت الاحداث انه كادت ان تقع "الفتنة" بين متظاهري يوم المعتقل العراقي في ساحة التحرير وبين متظاهرين خرجوا تضامنا مع متظاهري البحرين، لولا استيعاب التظاهرة الاولى للثانية واختفاء اللافتات البحرينية. رابعا- لم يختلف الموقف العراقى حيال الازمة السورية فى انقسامه عن موقفه حيال الازمة البحرينية، وإن تبادلت المواقع، فعلى النقيض من الموقف الحكومى الداعم للاحتجاجات البحرينية، يأتى موقفها مساندا ومؤيدا للنظام السورى بتجاوزاته الانسانية وخروقاته الاخلاقية وانتهاكاته بحقوق شعبه الذى اعمل فيه رئيسه آلته العسكرية وسياسته الامنية، فبدلا من ان توجه فوهات المدافع والدبابات نحو العدو الذى يحتل ارضه منذ اكثر من اربعين عاما، انحرفت تجاه صدور واجساد شعبه، فقد سارع رئيس الوزراء العراقى الى التأكيد على موقفه الداعم للرئيس السورى ونظامه وهو ما عبر عنه خلال استقباله لوزير الخارجية السوري وليد المعلم في 31 مايو الماضي بتأكيده على:"حرص العراق على استقرار سوريا وتحقيق الاصلاحات التي من شأنها المساعدة على تحقيق الامن والاستقرار"، وتاكد ذلك بصورة جلية فى ارسال مبعوثا منه يحمل رسالة تأييد ودعم للرئيس السوري، وتكرر هذا التأكيد فى نهاية يونيو الماضى بقوله إن:"استقرار المنطقة ككل مرتبط باستقرار سوريا وأمنها"، وهو ما يتناقض صراحة مع مواقف الحكومة العراقية فى السابق المعارضة للنظام السورى بل كانت سوريا فى مقدمة الدول الموصومة بدعم الارهاب والجماعات المسلحة فى العراق، ولطالما وجهت اليها الحكومة العراقية الكثير من الانتقادات والادانات بتهمة التدخل فى شئونها الداخلية، كان آخرها الخلاف الدبلوماسى الذى وقع قبل عامين وتسبب فى قطيعة بين البلدين لاكثر من عام على خلفية موجة من التفجيرات هزت بغداد صيف 2009، حينها اعلن رئيس الوزراء العراقى "نورى المالكي" في ديسمبر 2009 عن:" أن العراق يملك ادلة دامغة على تورط سوريا في تفجيرات في العراق وفي تسهيل تدفق جهاديين الى اراضيه". وهو ما يطرح التساؤل وراء هذا التحول فى الموقف العراقى حيال الاحداث المأسوية التى تعيشها سوريا رغم رفض الشارع العراقى لتجاوزات النظام كما بدا فى البيان الصادر عن 11 منظمة من منظمات المجتمع المدني اضافة لوسائل اعلام وشخصيات عراقية، فى ادانتها لسلوك النظام السوري تجاه الاحتجاجات ومطالبة الحكومة باتخاذ مواقف واضحة وصريحة فى مساندة الشعب السورى ضد الممارسات الوحشية والجرائم اللانسانية التى ترتكب فى حقه. خامسا- يمكن تفسير التحول فى الموقف العراقى حيال الازمة السورية فى ضوء ثلاثة عوامل احداهما داخلى، والاخرين يتعلقان بالشأن الاقليمى، وهم: الاول، داخلى يتعلق بالقوى السياسية المسيطرة على الحكم فى العراق، فلا شك ان الانتماء الشيعى لتلك القوى يجعلها تؤيد بقاء حزب البعث فى سوريا رغم ما عانته من تجاوزات وانتهاكات بسبب سياسات البعث العراقى طوال نظام حكم صدام حسين، إلا انها فى الوقت ذاته تخشى من وصول السنة الى سدة الحكم في دمشق، بمعنى اكثر وضوحا ترى هذه القوى أن استمرار البعث بانتماءه الشيعى افضل من وصول السنة الى الحكم، وهو ما عبر عنه صراحة القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى "جلال الصغير", بمعارضته للتغيير في سوريا خشية من:"وصول السلفيين الى السلطة، وهو ما يجعل المشكلة الطائفية تتعاظم في المنطقة ... وانه يجب ان يؤخذ في الاعتبار ان العراق سيكون اكبر المتضررين من عدم استقرار الاوضاع في سوريا". الثانى، يتعلق بالشأن السورى، حيث نجحت دمشق من امساك معظم خيوط اللعبة في العراق ونسج صلات وثيقة مع مختلف الاطراف, وخاصة بعد الدور الكبير الذي لعبته في عملية تشكيل الحكومة العراقية, وتقريب وجهات النظر بين الاحزاب العراقية وخاصة بين ائتلافي "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وائتلاف العراقية بزعامة اياد علاوي. ويرجع النجاح السورى الى دورها فى كونها الملاذ والداعم للعديد من الاحزاب والمجموعات سواء تلك التى رفضت الوضع القائم في العراق بعد الاحتلال الامريكي، فقد احتضنت سوريا اضافة الى المعارضة وحزب البعث العربي الاشتراكي بجناحيه عزة الدوري ومحمد يونس الأحمد، العديد من التيارات السياسية الأخرى منها المؤتمر التأسيسي ومكتب هيئة العلماء المسلمين بدمشق ومجالس عشائر العراق وحزب البعث (جناح سوريا) إضافة إلى عدد كبير من السياسيين والعلماء وضباط الجيش السابق والأجهزة الأمنية. كما تتواجد في دمشق أيضا الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية والتيار القومي العربي والجبهة الوطنية والديمقراطية، إضافة إلى جبهات المقاومة وهي المجلس السياسي للمقاومة العراقية وجبهة الجهاد والتغيير والقيادة العليا للجهاد والتحرير والخلاص الوطني وأسست جميعها عام 2007. كما احتضنت سوريا من قبل ذلك الكثير من الأحزاب والقوى المعارضة للرئيس العراقي صدام حسين وفي مقدمتها حزب الدعوة الإسلامية – الذي يتزعمه المالكي الان - والمجلس الأعلى الإسلامي -الذي يتزعمه حاليا عمار الحكيم- والحزبين الكرديين بزعامة جلال الطالباني ومسعود البارزاني، والحزب الشيوعي العراقي الذي يترأسه حميد مجيد موسى إضافة إلى شخصيات سياسية أخرى. ولذا لم يكن من المستغرب أن تكون الزيارة الاولى لوزير الخارجية السوري بعد الاحداث الى العاصمة العراقية "بغداد"، فى محاولة لتعويض التحالفات والعلاقات التي انتهت او فترت او ضعفت مع حلفاء اقليمين مهمين لدمشق، فى اشارة بشكل خاص الى كل من تركيا وقطر، خاصة اذا اخذنا فى الحسبان تعدد الملفات بين الدولتين ابرزها ملف اللاجئين العراقيين في سوريا الذين تشير أرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين إلى أن عدد المسجلين منهم لديها فى سوريا، وصل وفقاً لأحدث إحصائية إلى ما لا يقل عن 140 ألفاً. الثالث، يتعلق بالشأن الايرانى، لن تكن مبالغة القول أن التقارب الايرانى السورى بل التحالف الاستراتيجى بين الدولتين والدعم الايرانى اللامحدود للنظام السورى فى مواجهة الثورة الشعبية، كان له الاثر البالغ فى توجيه دفه الحكومة العراقية لمساندة النظام السورى والدفاع عنه، ودون خوض فى التفاصيل التى تؤكد جميعها على هذا الدور، تكشف عدة مؤشرات ودلائل عن ذلك، من أبرزها: - اعلان الحكومة العراقية فى اواخر يونيو على اعتزامها تزويد سوريا بكميات من النفط، للمساهمة فى تخفيف عبء الازمة التى تشهدها، ورغم عدم الافصاح عن هذه الكميات إلا ان الكثير من المصادر اشارت الى تجاوزها 150 الف برميل يوميا، وهو ما دفع الكثير من المحللين الى القول أن هذه الزيادات جاءت بناء على طلب من طهران، خاصة وان البلدين (سوريا والعراق) كانا قد اتفقا منذ بداية العام الحالى على تعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة ومنح الصادرات السورية التسهيلات المطلوبة. وتعزيز سبل نقل المنتجات النفطية العراقية إلى المتوسط عبر سوريا من خلال مد شبكة أنابيب جديدة عبر اراضيها بدلا من الأنابيب القديمة. - التنسيق الايرانى العراقى على اكثر من مستوى بشأن الازمة السورية، وكان ابرزها الزيارة التى قام بها وفد برئاسة القيادي عبد الحليم الزهيري في حزب الدعوة الاسلامية إلى طهران فى اواخر يوليو الماضى لبحث امكانية دعم النظام السوري. - اعلان طهران فى الخامس والعشرين من يوليو الماضى عن توقيع اتفاق لإقامة خط أنابيب اطلقت عليه " خط الغاز الإسلامي" وذلك بحلول عام2016 لنقل الغاز الإيراني الي سوريا عبر العراق لينتهي عند السواحل اللبنانية المطلة علي البحر المتوسط بهدف تصدير الغاز الي اوروبا وباقي دول العالم. ولا شك ان اطلاق هذا الخط واختيار هذا الاسم يحمل العديد من الدلائل، أهمها: انه بمثابة رسالة الى الغرب بوجه عام والولاياتالمتحدة علي وجه الخصوص تشير الي عدم جدوي الحصار الدولي المفروض علي ايران، وجاءت تصريحات وزير البترول العراقي حول استقلال سياسات بلاده عن الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بالعقوبات التي فرضتها واشنطن لتؤكد تلك الرسالة. كما انها كانت بمثابة رسالة اقليمية تؤكد طهران خلالها على قدرتها بقطع الطريق علي من يحاول استخدام اداة الطاقة لتحقيق اهداف سياسته الخارجية في المنطقة فى اشارة الى دول الخليج بصفة عامة والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، بل سعت طهران إلى جعل الطاقة وسيلة لتعزيز دورها الاقليمى اضافة الى وسائلها الاخرى التى تتبناها على المستوي السياسي والدبلوماسي والعسكري. قصارى القول أن ما كشفت عنه الاحداث الاخيرة فى كل من البحرين وسوريا وموقف الحكومة العراقية منهما اكدت على امرين مهمين: الاول، تعاظم الدور الايرانى فى الداخل العراقى بما يؤكد على ان الانسحاب الامريكى من العراق إن قُدر له ان يتم لا يعنى استقلال العراق وعودته الى الحضن العربى وإنما يعنى استبدال الاحتلال الامريكى باحتلال فارسى تمكن من احكام قبضته على جميع مفاصل الدولة العراقية. الثانى، لم يعد من المقبول الصمت العربى حيال السياسات الايرانية التدخلية فى الشئون العربية واستغلال الاحداث التى تمر بها المنطقة لتثبيت تواجدها وفاعلية دورها، وهو ما يفرض على الدول المحورية فى المنطقة وفى مقدمتها مصر ما بعد الثورة والمملكة العربية السعودية الاسراع باتخاذ زمام المبادرة للوقوف فى وجه المطامع الايرانية التى لا تقل خطورة عن المطامع الاسرائيلية.