د.مغاوري شحاته دياب مستشار وزير الري السابق في حوار جرئ ل"المشهد": - "سد النهضة" وضع مستقبل الدولة فى خطر.. ومصر المتضرر الوحيد - 30 مليار متر مكعب عجز مائي حالياً قابل للزيادة في السنوات المقبلة - الاعتراف ب"السد" أضر بمستقبل مصر المائي.. ويجب مساءلة "أبو زيد" - الوزير السابق كان يسير وفق تعليمات "السيسي" في إدارة المفاوضات - ممثل السودان أكد أن السد العالى سيصبح مجرد "حائط خرساني" يتعطش للمياه - محمود أبو زيد اعترف رسميًا ب"السد" الإثيوبى.. ووثيقة حكومية تدينه - الحرب ضد إثيوبيا "مستبعدة".. والرئيس ليس من هواة الحروب - نهر الكونغو مشروع "افتراضي" لا يجوز تنفيذه - إسرائيل محرض قوي على كل ما يمكن أن يؤذي مصر - السودان تؤيد بناء "سد النهضة" بكل وضوح وعلانية - البحث العلمي في مصر "متلغبط".. وجوائزه تمنح "مجاملة" ربما تلجم المناصب أصحابها عن كشف العديد من الأسرار، خاصةً التي تمس الأمن القومي، وربما مع كثرة التصريحات الرسمية، تتجمل الحقائق.. ولكن مع الدكتور مغاوري شحاته دياب، مستشار وزير الري السابق، ورئيس جامعة المنوفية الأسبق، كان للحديث أبعاداً أخرى، حيث كشف خلال حواره مع "المشهد"، عن عدد من القضايا الشائكة، وعلى رأسها ملف "سد النهضة"، مؤكداً أن مصر على أبواب شح مائي، يهدد مستقبلها، كما اتهم وزير الري الأسبق محمود أبو زيد، بأنه وراء الاعتراف رسمياً ب"السد"، بعد موافقته على مباردة حوض النيل، واصفاً الوزير الجديد، بأنه خريج نفس المدرسة. كما أكد "شحاتة"، أن حسام مغازى، وزير الري السابق، كان يعمل في ملف "سد النهضة"، وفقًا لتوجيهات الرئيس السيسي، مستبعداً الحديث عن دخول مصر في حرب ضد إثيوبيا، خاصةً وأن النظام الحالي ليس من "هواة الحروب"، كما أشار إلى دور الممثل السودانى في المفاوضات، واصفاً إياه بأنه "كاره" لمصر.. وغيرها من القضايا المثيرة للجدل.. وإلى نص الحوار: - بدايةً.. هل ستعاني مصر من أزمة مياه في المستقبل؟ يجب أن نعترف أن مصر هي المتضرر الوحيد، من بناء "سد النهضة"، بعدما أصبح واقع نعيشه، بمقتضاه سيتحكم الجانب الإثيوبي، كلياً بالموارد المائية السطحية، والتي تأتي من النيل الأزرق على وجه التحديد، بالإضافة لعدم اعترافه بحصتنا، حتى ولو كانت موجودة، وهو ما يعنى خضوعنا لاعتبارات التشغيل والملئ في "السد"، ما يؤدي لمزيد من الأخطار، على مستقبل مصر المائي، أضف إلى ذلك "نقص الإيراد جبراً"، فكما نعلم لدينا عجز مائي يصل ل30 مليار متر مكعب سنوياً، ومن المتوقع أن يتزايد خلال السنوات المقبلة، للدرجة التى جعلت رئيس المفاوضات السوداني، ورئيس اللجنة الفنية للجانب السوداني في "سد النهضة"، يؤكد أن السد العالي، سيصبح مجرد "حائط خرساني" يتعطش للمياه. - هل وصف الممثل السوداني، يشير لوجود اتفاقات "خفية"، مع نظيره الإثيوبي، ضد مصر؟ يجب أن أذكر أننا في الماضي، كنا نمتلك تصور بأن عجز المياه، سيطول مصر والسودان، سوياً، وهو ما اتضح أنه خطأ، حيث أن الحقيقة تؤكد أن السودان تمتلك إمكانيات، وموارد، تكفيها لزراعة أكثر من مليون فدان، بالإضافة لإنشاءها عدد من السدود، والمنشآت الزراعية، سواء كانت بتعاون إثيوبي، أو بمفردها. كل ذلك ينفى وجود علاقات خفية بين السودان، وإثيوبيا، فهي معلنة وواضحة للجميع، كما أن الواقع يقول أن مصلحة الخرطوم ليست مع مصر، ويكفي موقف وزير الري السوداني السابق، د.سيف حمد، الكاره لمصر وشعبها، وللتنمية فيها. - لديك تحفظات على مبادرة دول حوض النيل التي وضعت عام 1999 ؟ الدكتور محمود أبوزيد، وزير الري الأسبق، رأى أن المبادرة هي "المنقذ" لموارد المياه، ومستقبل التنمية، فأعلن دعمه، موافقاً على إنشاء سدين لإثيوبيا، "سد الحدود الإثيوبية" وهو السد الحالي، و"سد مندايا"، بالإضافة إلى سدين لدولة السودان، ولم يتم الاكتفاء بذلك، بل شاركت مصر في دراسة الجدوى عامي، 2005 و2006، وهو ما تأكده وثيقة حكومية رسمية تحت عنوان "تقرير إنجازات 2006"، أشار فيها عبدالفتاح مطاوع، رئيس قطاع مياه النيل حينها إلى: "دعم أبو زيد للمباردة، باعتبارها "الأمل في التنمية"، وبهذا الشأن تم إنشاء مكتب للمبادرة بالقاهرة عام 2005، وأن مصر تشارك حالياً في دراسة جدوى سدي (الحدود ومندايا)". - تقول أن وزير الري محمود أبو زيد، هو من أوقع مصر فى أزمة "سد النهضة"، وعرض مستقبلها المائي للخطر، بدعمه لمبادرة "حوض النيل"؟ "لا عذر لنا".. الاعتراف ب"السد" ، كان على "يد أبو زيد"، فكل ما ذكر يكشف عن وجود من أضر بمستقبل مصر المائي، مقابل اعتراف ضمنى ب"السد"، يؤدي إلى "قيام الدول أو الهيئات الدولية التي كانت تمتنع عن التمويل، بتغيير موقفها"، وسواء تم عن جهل، أو عدم إلمام بالملف، فإنه يجب مساءلة من تسبب فى الأزمة. - ألا ترى إنجازات للوزير "أبو زيد"، تؤهله لمكانته الحالية؟ في تقديري، لا أرى إنجازاً واحداً حققه في مجال المياه، كان رئيس المجلس العالمي للمياه، وبعد انتهاء مدة ولايته، كون "المجلس العربي للمياه"، ومعه باقة من "المتربحين" من أعمال المياه، وحريص على أن يرأس كل ما يتعلق بالمجتمع المائي في مصر، هو ونجله "خالد"، كما أنه يسعى الآن للسيطرة على سوق المياه، خاصةً بعد التغيير الوزاري الأخير، فهو يعتبر وزارة الري منطقة نفوذه، من يأتيها يجب أن يخضع له. - ماذا عن اتفاق "عنتيبي"؟ أشير أولًا، إلى أول إخطار ب"السد"، والذي كان عام 1964، ضمن دراسات مكتب الاستصلاح الأمريكي للاستشارات، والمنصوص فيها على 33 مشروعاً ب"سدود" بينها السد الإثيوبي، و"الري" تمتلك 17 مجلداً، يعترف بهذا المعلومات. ومنذ مبادرة دول حوض النيل التي وضعت عام 1999، واستمر الحوار فيها حول المشروعات الفنية والإطار الإداري، حتى عام 2008، والذي بدأ خلاله التعثر حول الاتفاق القانوني، وهو ما سمي فيما بعد باتفاق "سد النهضة"، أو "عنتيبي"، والذي كان بمثابة إعلان واضح على سوء نوايا إثيوبيا، التي قادت دول المنابع، لعدم الاعتراف بحصة مصر المائية، بالأغلبية، وهنا تبرز قضية عدم الاعتراف بحصة مصر المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب، ولا بالحصة المائية للسودان البالغة 18.5 مليار متر مكعب، باعتبارها "تراث مضى" ولم يعد وارد الحصول على مثل هذه الكميات، وهي المشكلة التي ستقابلنا في مفاوضات ما بعد مرحلة تشغيل "السد". - هل إسرائيل طرف في مفاوضات السد؟ لا اعتقد، لكنها محرض قوي على كل ما يمكن أن يؤذي مصر. - هل هناك ضمانات بشأن نزاهة تقرير المكاتب الاستشارية حول دراسات السد، خاصةً بعد إقصاء المكتب الهولندي؟ الفيصل يكون الناحية العلمية، والبيانات ومدى دقتها، والتعاون بين المتخصصين، فالمسألة صعبة، خاصةً أنها تقوم على التخمين والتنبؤ بكميات المياه التي ستسقط وكميات البخر التي ستتم وكذلك حجم الانحدار. - وقع الرئيس السيسى على وثيقة اتفاق المبادئ، وفي العام ذاته، تم توقيع وثيقة الخرطوم.. فما تأثير التدخل السياسي على ملف السد؟ المياه، قضية سياسية واستراتيجية، ومن أكثر أوراق الضغط حالياً على مستوى العالم فيما بين الدول. - هل خيار الحرب يجدي نفعاً لحل أزمة السد الإثيوبي؟ خيار صعب في هذا الوقت، خاصةً وأننا بصدد رئيس ليس من هواة الحروب، دائماً يبحث عن توطيد العلاقات، بزيارات عديدة لدول المنابع، عله يجد حلاً مناسباً، في ظل ما تروج له إثيوبيا دوليًا من استعدادها للتعاون. - ماذا عن مشروع نهر الكونغو؟ وهل من الجائز إعادة فتح الملف مجدداً بعد التعديل الوزاري الجديد؟ وهذا المشروع، افتراضي، لا يجوز تنفيذه، وكانت وزارة الري أصدرت بياناً من 22 نقطة توضح أسباب عدم التفكير في إنشاءه، وقد يحاول القائمين على هذه الفكرة المحاولة مجدداً مع الوزير الجديد بحجة تعنت وزير الرى السابق حسام مغازي. - في رأيكم، هل تم استبعاد وزير الري السابق لإخفاقه في إدارة ملف المياه، وملف سد النهضة؟ الدكتور حسام مغازي، كان ينفذ تعليمات الرئيس السيسي، بأن يكون الحوار هادئ، دون صدام، بحيث لا تتأثر العلاقة مع السودان وإثيوبيا سلبياً، لكنه فوجئ بألاعيب الجانب الإثيوبي، بتضييع الوقت، وكان يجب أن يكون أكثر حزماً، وفي الحقيقة، كان الوزير السابق يعمل في إطار قانوني وتقليدي. - لماذا انقطعت عن العمل بالوزارة بعد رحيل مغازي؟ وهل تم بشكل رسمي؟ لم أذهب للوزارة، منذ رحيل "مغازي"، هذا كل ما في الأمر، كما أن الوزير السابق، هو من استعان بي مستشاراً له، وهذا الأمر كان غريب في الوزارة، أن يكون أستاذ جولوجيا مياه، مستشارًا للمياه الجوفية، رغم أنه تخصصي، لكني صدمت هناك بنظام عتيق. - ماذا عن التغيير الوزاري الأخير بوزارة الري؟ نحن أمام إعادة لمدرسة محمود أبو زيد، ولكن أتمنى أن يكون الوزير الجديد لديه درجة استقلال. - هل ترفض التعاون مع الوزير الجديد؟ لم نتحدث على الإطلاق أنا والوزير الجديد، وإن كان يريد التعاون معي، فأنا موجود، لكن أنا "فاهم القصة". - هل تأثر ملف "الري" بالأوضاع السياسية في مصر؟ وزارة الموارد المائية والري لها أحكامها، وتحتاج إلى انتفاضة وفكر جديد، حتى الآن كل من يشغل منصب الوزير إما أن يقلل من عمل سابقه، أو ينتقده، أو لا يستخدمه استكباراً، أي أن الدراسات من الممكن أن تهمل لمجرد أن الوزير تم تغييره. - ماذا عن أبحاث سيادتكم في مجال المياه الجوفية؟ هل تم الاستفادة منها؟ الأبحاث كثيرة جداً، وتم الاستفادة منها كليًا في تقييم مشروع ال1.5 مليون فدان. - مشروع ال1.5 مليون فدان يعتمد على المياه الجوفية بنسبة 80%.. هل لدينا ما يكفي لخدمته؟ كنت دائماً في شجار مع رئيس قطاع المياه الجوفية، وسبق وحذرت من استمراره في منصبه، كونه يتسبب في إتلاف المشروع، واختلفت معه في تقييمه، وفهمه لمبادئ علم المياه الجوفية، لكن في النهاية تم الأخذ بالتعديلات التي أدخلتها على المراحل الثلاثة للمشروع، ولازال هو في منصبه حتى الآن. وعندما استدعوني في مجلس الوزراء، لإبداء الرأي، في خريطة المياه لمنطقة غرب المنيا، التي كانت مقدمة من المهندس سامح صقر رئيس القطاع، وخريطة أخرى تم تقديمها إلى وزير الإسكان مصطفى مدبولي، قلت إن هذا الخرائط "غير صحيحة". - هل تغيرت خصائص المياه الجوفية خلال الفترة الماضية؟ هناك مناطق عديدة طرأ عليها تغيير بالسلب، حيث قلت كمية المياه الجوفية فيها، كمنطقة الخطاطبة، ووادي النطرون، والنوبارية. - هل يمكن تقدير إيراد مصر من المياه الجوفية؟ حتى الآن، هذا الإيراد عبارة عن علامة استفهام!. - تم اختياركم ضمن أفضل 100 شخصية في مجال التعليم والبحث العلمي، عام 2012، من قبل المركز الدولي للسير الذاتية بإنجلترا.. من وجهة نظركم ماذا تحتاج المنظومة التعليمية في مصر؟ نحن نكذب ولا نريد حل مشاكلنا.. التعليم يحتاج لتوافر القدرة، فلدينا الكثير من المشاكل وبخاصة "الفكر"، كما أن البحث العلمي في مصر "متلغبط"، ولن يتقدم دون فكر وتمويل، وطالما أن جوائز الدولة للبحث العلمي تمنح بالمجاملة وشراء الخواطر، حتى وإن ادعى وزير البحث العلمي غير ذلك، سنظل نعود للخلف دون أى تقدم. - ما هي مقترحاتكم لمستقبل أفضل للمياه؟ نظام الري والصرف في مصر، "متخلف"، وهذه هي مسؤولية الوزير الجديد، لابد من متابعة التكنولوجيا الجديدة في معالجة مياه الصرف، كونها باهظة الثمن، والاهتمام بالزراعة الملحية والمقتنيات المائية للنباتات وترشيدها، فالصراع سيكون على المياه العذبة، في ظل معدلات النمو السكاني المتسارع، إضافة إلى تطوير شبكات المياه وشبكات الري، وتكوين علاقات جيدة مع باقي الهيئات المستخدمة للمياه. اضغط هنا لمشاهدة الملف بالحجم الكامل