المشاركة في التحالف الدولي ضد «داعش» تلقي تركيا في جحيم الإرهاب ثلاثة تفجيرات في ستة أشهر تحصد عشرات الأرواح.. والتنظيم لم يقصد استهداف الألمان في أحد أشهر الأماكن السياحية في العالم، وعلى مقربة من مسلة تحتموس الثالث بميدان السلطان أحمد في إسطنبول، اهتزت تركيا إثر تفجير أحد الانتحاريين نفسه وسط تجمع من السياح الألمان بساحة الخيول الشهيرة، ليقتل عشرة أشخاص ويصيب 15 آخرين من فوج سياحي ألماني، ويعلن بقوة عن توغل تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي أعلن مسؤوليته عن التفجير، داخل أراضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أحد المتهمين برعاية الإرهابيين ورعايتهم وإيوائهم، تبعه انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارة عسكرية في منطقة "نصيبين" التركية المحاذية للحدود السورية جنوب البلاد، ونشوب حريق هائل في أحد المناطق السياحية بمنطقة "مال تبه" الواقعة في الشطر الآسيوي من مدينة إسطنبول بشمال غرب تركيا، وانفجار سيارة مفخخة في دياربكر جنوبي شرق البلاد، أسفر عن مقتل 5 أشخاص وإصابة 39 آخرين. التفجيرهو الثالث الذي تشهده تركيا خلال ستة أشهر، فقد شهدت في يوليو الماضي تفجيرا قويا هز مدينة سروج الواقعة عند الحدود مع سوريا، ما أسفر عن مقتل 30 شخصا وإصابة نحو 100 آخرين، والثاني في العاصمة أنقرة، وأودى بحياة أكثر من 100 شخص خلال مسيرة مؤيدة للأكراد، كأسوأ هجوم على الأراضي التركية، ليسارع تنظيم "داعش" الذي يسيطر على أجزاء واسعة من العراقوسوريا بتبني الهجمات الثلاثة، وتوعده بالمزيد للرد على مشاركة الأتراك في التحالف الدولي ضده، بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ أكثر من عام. وقد هاجمت الصحف التركية إجراءات التأمين داخل إسطنبول، حيث وصفت صحيفة "جمهورييت"، تركيا بأنها "بلد المجازر" عقب التفجير، فيما أشارت وكالة "رويترز" إلى فشل تركيا في تأمين جبهتها الداخلية، رغم إجراءاتها الاحترازية بالمطارات والموانئ، ونشر آلاف الجنود بمحيط المزارات السياحية، وعدم مرور أكثر من شهرين على قمة الدول الثماني التي استضافتها بلاد العثمانيين منتصف أكتوبر الماضي، وشهدت تأمينًا كبيرًا، وإعلان وزير الداخلية التركي أفكان آلا احتجاز 220 شخصا على صلة بتنظيم "داعش" الإرهابي قبل نحو أسبوع من التفجير. كما احتجزت تركيا 4 أشخاص على صلة بالتفجير، و65 شخصًامنذالهجومبينهم 16 أجنبيافيستمدنتركية، وفقا لوكالة"دوجان". وقال وزير الداخلية التركي في مؤتمر صحفي عقب الحادث: "نواجه الإرهاب نتيجة الوضع الأمني في سوريا، ونعمل على مكافحته"، معلنا استعداد بلاده التعاون مع جميع الدول لمكافحة الإرهاب، واحتجاز 3318 شخصا للاشتباه في صلتهم بداعش منذ بدء الصراع السوري، بينهم 847 صدرت لهم أوامر اعتقال بعد ذلك غالبيتهم أجانب. وأعلن وزير الداخلية التعرف على هوية منفذ الهجوم من أشلائه، وانتمائه لتنظيم "داعش"، موضحا أنه كان مسجلا لدى سلطات الهجرة التركية، لكنه لم يكن على قائمة من يشتبه بتشددهم، ومن مواليد 1988، كما سافر لتركيا من سوريا في الفترة الأخيرة.فيما أفادت وسائل إعلام محلية بأن اسمه نبيل فضلى، وأنه من مواليد السعودية.ورغم تحديد وجهته من سوريا، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، استمرار بلاده في استقبال كل من يلجأ إليها من السوريين، وليس فقط مليون ونصف شخص يعيشون داخل الأراضي التركية. لكن الألمان لم يكونوا هدفا مقصودا من التفجير، كما كان مختلفا من حيث النوايا والأهداف، حيث كان الأتراك يعبرون إلى سوريا لقتال الأكراد ثم يعودون لمهاجمة أهداف كردية، وليست داخل الأراضي التركية، أو استهداف مجموعات سياحية داخل أماكن يفترض تأمينها بشكل جيد، وذلك وفقا لتصريحات "آرون ستاين"، المحلل بمركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، التابع للمعهد الأطلسي للدراسات، لوكالة "فرانس برس". فيما علّق وزير الداخلية الألمانيدي مايتسيره، بأنه لا توجد مؤشرات على تعمد استهداف الألمان، وإنه لا يرى سببا لأن يغير الناس خطط سفرهم لتركيا، معلنا وقوف ألمانيا بقوة إلى جوار تركيا في قتالها ضد الإرهاب. وأضاف: "إذا كان هدف الإرهابيين هو إثارة الاضطراب أو الدمار أو التأثير على التعاون بين الشركاء فإن ما تحقق عكس ذلك، أصبحت العلاقة أوثق بين ألمانياوتركيا". وردا على الهجوم، أكد رئيس الوزراءالتركي، أحمد داود أوغلو، الخميس الماضي، أن قوات برية تركية أطلقت النار 500 مرة على أهداف لتنظيم داعش في سورياوالعراق، ماأدى إلى مقتل نحو 200 من المتشددين، وقال أوغلو خلال مؤتمر لسفراء تركيا عقد في أنقرة، إن تركيا ستنفذ ضربات جوية إذااقتضت الضرورة، وستحافظ على "موقفها الحازم" حتى يغادرالتنظيم المناطق الحدودية.