في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها، أعلنت محافظة القاهرة عن إطلاق منظومة جديدة لتنظيم مهنة السايس، تتضمن زيًا موحدًا رسميًا ونظام تحقق ذكيا يُسهل على المواطنين والجهات الرقابية التفرقة بين السايس المرخص وغير المرخص. بدأت التجربة فعليًا منذ أمس الخميس بأحياء المنطقة الغربية، على أن يتم التوسع تدريجيًا لباقي أنحاء العاصمة. «أمان المواطنين» يفتح بابًا جديدًا للجباية أكد الدكتور إبراهيم صابر، المحافظ، أن هذه الخطوة جاءت استجابة لمطالب المواطنين بهدف القضاء على العشوائية والاستغلال في ساحات الانتظار، محذرًا من أن أي سايس لا يرتدي الزي المعتمد سيتم القبض عليه فورًا باعتباره مخالفًا وغير مرخص له بمزاولة المهنة. المنظومة، بحسب محافظة القاهرة، تهدف إلى حماية المواطنين من الاستغلال والابتزاز، وذلك من خلال أدوات تقنية أبرزها الباركود الذكي على زي السايس، والذي يكشف كافة تفاصيل العامل والشركة المتعاقدة، إلى جانب أسعار الانتظار المحددة سلفًا، ما يضمن شفافية التعامل. لكن على أرض الواقع، جاءت ردود فعل المواطنين متباينة، وخصوصًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث كتب أحد الأشخاص على «فيسبوك»: «اسمها بلطجة مش سايس»، في إشارة إلى شعوره بعدم قبول إضفاء صبغة قانونية لمهنة السايس. بينما علّق آخر: «حتى ركنة العربية هتكون بفلوس رسمي بعد ما كنا بنقول بلطجة وشحاتة»، متسائلًا: «أنا بدفع ضريبة للعربية عند تجديد الرخصة لاستخدام الطريق، ليه أدفعلهم تاني؟». السايس الرسمي بين التوثيق والمساءلة الزي الجديد يتكون من جاكيت أزرق فاتح يحمل على أحد جانبيه شعارا تراثيا مستوحى من نحاسة السايس القديمة، بينما يحتوي الجانب الآخر على «باركود» يمكن مسحه بالموبايل ليكشف كافة بيانات السايس والشركة والموقع وسعر الساعة. على الجزء الخلفي من الزي، طُبع رقم الخط الساخن لغرفة عمليات محافظة القاهرة لتشجيع المواطنين على الإبلاغ الفوري عن أي مخالفات أو شكاوى. ولقى هذا التطور شيئًا من الترحيب بين المواطنين في الشوارع والذين عبروا عن دور القرار في توفير الثقة لهم قبل أن يتركوا سياراتهم للسايس، فبمجرد النظر إليه يحددون ما إذا كان يعمل بشكل قانوني ورسمي من المحافظة أم أنه مجرد «عاطل يتفنن جباية الأموال» من المواطنين بعيدًا عن إشراف الدولة. إلا أن بعض المتأثرين بالقرار الجديد كتب تعليقًا على «إكس» قال فيه: «دلوقتي اللي هيركن تحت بيته هيدفع كل يوم للسايس عنده، ولو راح مشوار ورجع هيدفع تاني، ولو حد جاله زيارة هيدفعله بردو»، مضيفًا بسخرية: «خلاص شيلوا ضرائب العربيات بقى، بلطجي برخصة من الدولة، هو ده اللي ناقص». مطالب بتعميم الفكرة على مهن أخرى الانتقادات لم تتوقف عند رفض الفكرة، بل امتدت للسخرية منها والمطالبة بتطبيق مماثل على مهن أخرى، حيث كتب أحدهم: «المفروض تعملوا لبس برضه لبلطجي المواقف اللي بياخد فلوس على كل حمولة علشان سواقين الميكروباص تعرف هي بتدفع لمين». وأضاف آخر: «ياريت زي موحد ومعروف للي بيوزعوا مخدرات علشان نتعرف عليهم بسرعة ومانتلخبطش في حد»، في إشارة واضحة إلى فقدان الثقة في جدوى التطبيق ومخاوف من أن يكون مجرد «تقنين للبلطجة» في الحصول على مبالغ مالية دون وجه حق. القانون يُطبق لأول مرة في الزي الموحد محافظة القاهرة أكدت أن المنظومة تعتمد على القانون رقم 150 لسنة 2020، والذي ينظم مهنة السايس ويمنع ممارستها دون ترخيص رسمي، بينما شدد المحافظ على أن أي شخص يرتدي زيًا غير معتمد أو يمارس المهنة دون تعاقد رسمي مع شركة مرخصة سيتم التعامل معه وفقًا للإجراءات القانونية. ويأمل المسؤولون أن تكون هذه الخطوة نواة لتجربة ناجحة في إعادة تنظيم الشارع القاهري، لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في الباركود والزي الموحد، بل في بناء ثقة المواطن وضمان عدم تحوّل التنظيم إلى عبء إضافي عليه.