ملتقيات ،ندوات، مؤتمرات كل يوم وفي النهاية لا تخرج عن كونها توصيات ورقية منمقة تغادر عقول السامعين فور مصافحتها! - وربما يسأل سائل : ولماذا الثقافة؟ الثقافة في أبسط صورها هي هوية هذه الأمة ،فالمكون الرئيس للثقافة لدينا هو اللغة العربية التي تتميز بخصائها وسماتها ،التي تميزها عن غيرها، واللغة العربية لغة القرآن الكريم ومن ثم فإن دعمنا لثقافتنا وإحياء دورها هو أحد أوجه الدفاع عن قرآننا ودستورنا ، فضلا عن أننا أمة عريقة وهي خير أمة أخرجت للناس ، ومن ثم الاعتزاز بهويتنا وثقافتنا يعد نوعا من الدفاع عن هذه الأمة - الهوية الثقافية ، مشكلات وحلول المشكلة الأولى أن نطرح بقوة وجرأة مظاهر وأسباب هذا التراجع والغياب في مجتمعنا ،وأن نطرح الإشكالبات والتساؤلات التي نلمسها جميعا ولا نعبر عنها أحيانا علينا أن نعترف أن جل اهتمام المجتمع الآن بما أطلق عليه (إعلام الطبخ والفن والرياض والمسابقات،) وعلينا أن نعترف أن ثقافة الشاب العربي تكاد تكون شبه مغيبة ،حيث لا تحتفظ ذاكراته إلا بصور وسير وأحاديت الفنانين والإعلاميين ولاعبي كرة القدم (والشيفات )، علينا أن نعترف أن الحركة النقدية تراجعت حيث لا قراءة جادة في معظمها ،ولا نتاجا جادا في - في بعض المطروح الآن-وأصبحنا ندور في حلقة مفرغة ،النقاد يتهمون الكتاب بالمستوى الركيك ،والكتاب يتهمون النقاد بتراجع دورهم بل وغيابه ،وعلينا أن نعترف أيضا أن كل هذه التساؤلات لا تخرج في مناقشتها عن إطار الورش البحثية المغلقة ،والمؤتمرات التي يشارك فيها بعضنا لحاجة في نفس يعقوب ،وكأن النية الجادة للإصلاح ،أو على الأقل تقويم المشكلة ،اقتصرت على أوراق مغلفة أنيقة بلا تطبيق، أو سعي لتحقيقها على أرض الواقع. بالطبع لا أتحامل على هؤلاء فهم يؤدون دورا نتفق أو نخالف معه ،لكن هل يكفي هذا الدور وحده لإصلاح ما أفسده الدهر؟ وهل أصبحت مشكلاتنا محصورة في الغرف المغلقة والمؤتمرات المفتعلة ،تماما مثلما حدث في أحد المؤتمرات العلمية التي تناقش اضرار التدخين وكان القائمون عليها من المدخنين! بالطبع لا ننكر دورهم فقط نريد أن يتكاتف الجميع لحل هذا الإشكالية والسؤال وهل سيتكاتف الجميع في لحظة من دولة ومؤسسات ثقافية وأفراد لحل المشكلة ؟ الإجابة لا ! نعم عزيزي القارئ ربما تضحك بعد كل هذه المقدمة التي لا تتناسب مع الإجابة أقول لك (لا ) هي الجرح الذي لا يستطيع الطبيب إنكاره ،وما الحل أن يقوم الطبيب بدوره ويكتب روشته للمريض تاركا له حرية الحياة أو الموت. إذن أين أطراف المشكلة ؟ أطراف المشكلة هم الجناة نعم هم الجناة الذين شاركوا في تدمير هذا الوطن عمدا أو بغير عمد! 1- انتشار الأعمال الفنية الركيكة بل المنحدرة التي وصلت في بعضها إلى مستوى القاذورات ،وليت ضررها اقتصر على دور السينما التي تعرضها فالخطر هنا محدود على مجموعة محددة من الأفراد المشاركين طواعية ولكن وسائل الإعلام المرئية ،والمسموعة والمكتوبة أسهمت بدور فاعل في تشكيل كيان المواطن العربي حيث نشر هذه المواد ،وتكرارها بقوة حتى أصبحت جزءا لا ينفصل من العقل الجمعي حتى أنك ترى أن المشاهد يحفظ نصوص بعض المسرحيات والأفلام عن ظهر قلب مثل: مدرسة المشاغبين التي أزعم أنها إحدى القنابل التي دمرت المجتمع ووجدت من يدافع عنها بحجة الفن والإبداع ! منذ سنوات تتجاوز 100 عام وقنواتنا العربية، تعرض بضاعتها الركيكة ووسائل الإعلام تروج، فالمكاسب ضخمة والبضاعة رائحة والزبون موجود! بل ومتهافت فلماذا لا نبيع سلعتنا وفتوة الحارة يدعمنا ويجني بعض أربحانا؟ الوزرات والهيئات الثقافية: المتهم البرئ! لم تهتم الدولة بالندوات الثقافية أو معارض الكتاب ،سوى اهتماما شكليا، عملية تجريف للعقل الجمعي الذى استجاب، طوعا أو كرها ،لكل هذه المعطيات حتى أصبح المثقفون أنفسهم يدورون في حلقة مفرغة يسمعون بعضهم في أمسياتهم وندواتهم لا يجتمعون إلا نادرا، وإذا اجتمعوا فالمعارك تأخذ دورا لدخول الأدعياء على الثقافة ،فلا رقيب إذن ،صارت هموم الثقافة تناقش بين غرف مغلقة ،وصارت مجرد ( تستيف )أوراق ،والكل يتساءل، لماذا نجهد أنفسنا فمن يعرف قدر المثقف أو المبدع ؟الآن نحن نجهل أنفسنا ولا يعرف كلانا الآخر إلا عبر وسائل التواصل أو في ندوة ما نحن مجهولون ونكرة في عالم لا يعطي لقب نجم إلا يملك مهارة القدم ،أما مهارة العقل فلا داعي لها الآن ،ولعلكم تتذكرون عندما افتتح معرض الكتاب في مصر،فى إحدى السنوات ،مع (مونديال ) كأس العالم وكان المسؤلون يعلنون بكل أريحية وثقة ضعف الإقبال على معرض الكتاب، بسبب كأس العالم وهكذا انتصر القدم على العقل كما كتب أحدهم في ذات الوقت !.
أما عن الكيانات والمؤسسات الثقافية الرسمية فهي تشبه التلميذ الفاشل الذي يؤدي الواجب من أجل المدرس والناظر بينما هو في واد آخر، بيوت خربة ونفوس مظلمة أعلم عزيزي المتلقي أن ثمة لحظة شرود قد تنتابك، وتحتاج مني إلى تلخيض كل هذا الموج المتلاطم ،سأرسم لك صورة مختصرة لما قلته من قبل :أطراف المشكلة التي أدت إلى غياب الهوية الثقافية ،باختصار، هم: أولا الفن والإعلام ووزارة الثقافة نفسها، هل هذا فحسب لا بل هناك سبب آخر هو جوهر المشكلة هو حارس العقار الذي رأى انحرافا في عمارته ،فاكتفى بتأمل الحال والأحوال والتزم الصمت طالما أن الإيجار مدفوع آخر الشهر،
لن أزعجك الآن بتلك العبارات الجوفاء العقيمة التي تندرج في قاموس الإعلام المنحدر مثل :الأسرة عليها دور ، المدرسة عليها دور، أما الأسرة فأعانها الله على هذا العفن فالأسرة التي تنجح فى تربية طفل مستقيم هي تؤدي دورا بطولبا الآن تخيل أن يدفع بك أحد إلى بحر مسمم من كل ناحية ويطلب منك النجاة! هل معنى ذلك أنك تجردين الأسرة من دورها؟ أبدا لا أجردها بل الدور الرئيس على عاتقها ،أن تربي نشأ صالحا ،أن تغرس فيه قيم الإسلام الصحيح ،ثم تضعه بيدها فى أى بحر فلن تخشى عليه من أية مخاطر ،لأن النبتة صالحة والركن تليد ! لكني أشف على تلك الأسر من هذا الكم من الإسقاف من هذه الحرب التي تواجهها بمفردها المهم أن تحاول وتننصر وستنتنصر طالما أخلصت النية لله فلم تلقن طفلا تعاليم الإسلام، كلاما أجوف ،بل طبقت ذلك سلوكا وتصرفا من أب واع وأم صالحة، علمت هؤلاء كيف يقرأوون وينشأوون على حب العلم والمعرفة والثقافة ،علمتهم أن الحفاظ على الصلاة هو حفاظ على الحياة ،علمتهم أن الإسلام ليس منغلقا ولا ارهابيا كما يدعون ،بل سمحا رحبا يتقبل الجميع ،يحب الجميع ،يحترم الجميع ،بل انه يعتبر ان احترامك للآخر هو حق له ،وليس تفضلا منك ،تعلمه كيف يحب الحياة ويرى الحياة من منظور الأخلاق لا من منظر فن عفن يقدم عريا وإسفافا ويطلب منك غصبا أن تتجرعه وتدافع عنه وتحتضنه في منزلك ليلا ونهارا! ظلام صورتي لا أنكر ،لكن سيبقى انتظار الضوء أملا وإنا لمنتظرون! فقط لنا أن نعلم أن قوة هذه الأمة في تمسكها بأخلاقها ودينها وقيمها ، ولن تنهض الأمة ثقافيا وفكريا وعلميا إلا بعد أن تستيقظ من سبات عميق وتعمل بإتقان وتخلص العمل لله وتزرع في أبناء مجتمعها قيم الدين ومبادئه وأخلاقه التي أفاد منها الغرب على الرغم من أننا أصحاب الأرض التي أنبت ولم تحصد! ............................................................ [email protected] المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية