التدخل العسكري لروسيا في الأزمة السورية، زاد الأمر صعوبة على كل الأصعدة، فالخاسر الأول والأكبر هو سوريا، وأتت عليها العلاقات الأمريكية - الروسية التي وصلت لأسوأ حالاتها، فكل طرف يتهم الآخر بالفشل ويريد إخراجه من اللعبة واحتكارها لنفسه، ليصبح هو المتحكم الأول والأخير فيها. بدأت الحرب كلامية بين البلدين؛ بسخرية أمريكا من التدخل العسكري الروسي في سوريا واصفة إياه ب"السلوك المتهور" واتهم جيب بوش أحد زعماء الحزب الجمهوري وأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة الامريكي 2016، بوتين ب"البلطجي" قائلا في تقليل من شأن الرئيس الروسي، إنه يجب التعامل مع بوتين بنفس طريقته، وليس على الأممالمتحدة خلق مزيد من الأجواء المولعة بالقتال، وإنما بأن تنذره بوجود عواقب لذلك، وأطلقت دعوات في الولاياتالمتحدة لاتباع نهج أكثر قوة في سوريا ومع روسيا.
الخلاف حول مصير الأسد
الاختلاف حول من يبقى في سوريا بين البلدين هو سبب تطور التلاسن، النظام الروسي بقيادة فلاديمير بوتين يرى الحل في بقاء نظام بشار الأسد، فهو لا يريد أن يخسر نظام حليف، وهذا ما تؤكده التقارير السياسية بأن معظم الضربات الجوية الروسية كانت تركز على المعارضة السورية أولا، وهذا عكس إدعاء الرئيس الروسي بأن الهدف من التدخل هو محاربة الإرهاب ومحاربة داعش، فعدد قليل من الضربات التي تلقتها الأراضي السورية كان تحت سيطرة التنظيم الإرهابي.
على العكس، ترى الولاياتالمتحدةالأمريكية ومعظم دول العالم، أن بشار الأسد هو السبب الرئيسي للصراع المستفحل في سوريا ويجب التخلص منه بضمان انتقال آمن ووضح حد لمشكلة الاجئين، وهذا يتعارض مع الأغراض الخفية لبوتين التي تقاتل من أجل الحفاظ على ثكناتها العسكرية الوحيدة لها في المنطقة والمتمثلة قاعدة طرطوس البحرية.
صراع الزعامة
في مقابلة على شبكة "سي بي اس نيوز" الإخبارية الأمريكية، رد الرئيس الأمريكي على الادعاءات التي تقول إن التدخل العسكري الروسي في سوريا نوع من "التحدي" للزعامة الأمريكية في الشرق الأوسط، معلقا: "إذا كان طرح الاقتصاد أرضا وإرسال قوات لدعم حليف يعتبر قيادة، فنحن لدينا تعريف مختلف للقيادة"، من جهته حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن ينفي هذا الكلام.
وقال بوتين، إن روسيا لا تسعى للعب دور الزعامة في سوريا، بل يكمن هدفها في المساهمة في مكافحة الإرهاب الذي يهدد العالم كله، وأضاف "أريد أن أشدد على أننا لا نسعى للزعامة في سوريا بأي شكل من الأشكال. ويمكن أن يكون في سوريا زعيم واحد فقط وهو الشعب السوري".
الضربات الجوية
بوتين قام بمقارنة بسيطة بين نوعين من الغارات، جميع العمليات الروسية في سوريا تنفذ ميثاق الأممالمتحدة والقانون الدولي بحذافيره، وهذا ما يميز الحملة الجوية الروسية في سوريا عن الغارات التي يشنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن والذي يعمل في الأراضي السورية دون تفويض من مجلس الأمن الدولي وبدون موافقة السلطات السورية، كما أنها لم تأت بنتائج تذكر وهذا بعد تنفيذ أكثر من 500 ضربة في أراضي سوريا، وأنفقوا نصف مليار دولار على تدريب "الجيش السوري الحر".
رفض التعاون
لم تكتف واشنطن برفض تعاونها مع روسيا بإرسال وفد إلى موسكو لبحث سبل أزمة سوريا، بل وأنها على ما يبدو تريد أن تخلي روسيا طرفها تماما من الأزمة، وترفض التعاون مع موسكو بشكل كامل في هذا الصدد.
فقد أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف أن الولاياتالمتحدة امتنعت رسميا عن استقبال وفد روسي رفيع المستوى يشمل مسؤولين عسكريين على مستوى نائب رئيس هيئة الأركان وكذلك من أجهزة الأمن لبحث الملف السوري، كما رفضت إرسال وفد أمريكي إلى موسكو.
وهذا ما دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاتهامه لواشنطن برفض تقاسم معلومات الاستخبارات حول سوريا، وأبدى رغبته في إرسال وفد رفيع المستوى برئاسة رئيس الوزراء ديمتري مدفيديف إلى الولاياتالمتحدة.