اسم العروس: تحية محمود كاظم.. اسم العريس: جمال عبد الناصر حسين خليل سلطان.. تاريخ الزواج: 29 يونيو عام 1944.. أي فاتني أن أتوقف منذ تسعة أيام بالضبط، عند هذه الذكرى العطرة.. العروس من مواليد القاهرة.. لها أختان، وأخ واحد اسمه عبد الحميد، عاشت معه بعد وفاة والديهما وزواج أختيها.. عبد الحميد كان يسكن في منشية البكري ويرث عن والده "ورشة" صغيرة لصناعة السجاد.. وحينما كان عبدالناصر يقيم، وهو طالب، مع عمه خليل في القاهرة، تعرف على عبد الحميد كاظم شقيق العروس.. والدنيا صغيرة: الدنيا هاهي، تجمعهما من جديد على "حب الكلام في السياسة".. وهاهو الضابط جمال عبدالناصر حسين يزور صديقه عبدالحميد في منزله للكلام في أحوال البلد.. وحينما كان يحتدم بينهما النقاش، كان عبد الحميد ينادي على شقيقته "تحية" لكي تعد لهم الشاي.. فيهدأون.! وشاي بعد شاي، تشجع الضابط جمال عبد الناصر حسين، وطلب يد الآنسة تحية كاظم من شقيقها عبد الحميد.. وحين قدم لها دبلة الخطوبة.. لاحظت تحية أن جمال لم يكتب على الدبلة تاريخ اليوم الذي يحتفلون فيه بالخطوبة وإنما كتب على الدبلة تاريخ "أول" مرة رآها في منزل أخيها.. وفي يوم الزفاف، لم يقدم جمال لعروسه "طقم صيني" هدية الزواج.. وإنما قدم لها "جرامافون" وعشرة اسطوانات من الموسيقى الكلاسيك.. وفي غرفتها الخاصة بمنزل الزوجية بمنشية البكري.. ذلك المنزل الذي مازال مغلقا حتى الآن رغم صدور القانون 77 لسنة 1970 الذي يلزم الحكومة بتحويله إلى (متحف ومزار تاريخي مفتوح للجمهور!).. في غرفة الست "تحية" الخاصة.. غرفة نوم العظيم عبد الناصر.. وبصحبة نجلهما الدكتور خالد عبدالناصر، رأيت بعيني ذلك "الجرامافون" هدية الزواج مازال قابعا حزينا وبجواره "البيانو" الذي كانت الست "تحية" تعزف عليه لزوجها "جمال" أغنيته الأثيرة، رائعة أم كلثوم الشهيرة "جفنه علم الغزل".! وتقول ابنتها مني: "والدي كان يعمل أحيانا حتى الساعات الأولى من الفجر، وكانت والدتي يعز عليها أن تفارقه وهو في نفس البيت.. لهذا كانت والدتي تجلس في صمت، في ركن من الحجرة التي يجلس فيه والدي، وتشغل نفسها بالتطريز أو بقراءة كتاب، بينما والدي يعمل، والموسيقى الكلاسيكية الهادئة تضمهما في سكون الليل!". هذا هو الثائر، الرومانسي، جمال عبد الناصر، وتلك هي عروسه! [email protected]