المستكاوى: مخاوف نضوب البترول دفع الخليجة للاستثمار في نجوم أوربا باتت كبار الأندية الأوروبية المستفيد الأكبر فى جميع الاتجاهات الفترة الماضية، بعد تدفق الاستثمارات الخليجية على هذه الأندية، سواء من خلال تملك أسهم فى تلك الأندية أو تملكها كاملة أو فى عقود الرعاية التى أبرمتها الشركات الخليجية فى الآونة الأخيرة، لأندية النخبة فى الدوريات الأوروبية. فعلى مستوى الاستثمارات القطرية، عمدت شركة "الاستثمارات الرياضية الحكومية" والتى أسسها أمير قطر الحالى الشيخ تميم بن حمد آل ثانى، بشراء 70% من أسهم نادى باريس سان جيرمان الفرنسى عام 2011، بمبلغ 100 مليون جنيه استرلينى، قبل أن تستحوذ الشركة القطرية على أسهم النادى الفرنسى كاملة من المالك الرئيسى للنادى وهى شركة "كولونى كوبيتال" الأمريكية بعدها بسبعة أشهر فقط، باستكمال عملية شراء بقية الأسهم، ليعود الفريق الفرنسى لمنصات التتويج من جديد، عندما تمكن عام 2011 من التتويج بلقب الدورى المحلى برئاسة منصور الخليفى "رجل الأعمال القطرى ورئيس الاتحاد القطرى للتنس" بعد غياب دام 18 عامًا، ليضاف إلى سلسلة الأندية الأوروبية التى وقعت معها الشركات القطرية عقود رعاية تاريخية. ولم يكن نادى العاصمة الفرنسية هو الأول فى سلسلة صفقات الشركات القطرية فى الكرة الأوروبية، بل سبق وأن استحوذت على نادى ملقه الإسبانى، عبر الشيخ عبدالله آل ثانى أحد أفراد الأسرة الحاكمة عام 2011 بمبلغ 36 مليون يورو، حيث استلم ملاك النادى الأندلسى على مبلغ 14.5 مليون يورو فقط، ودفع المبلغ المتبقى على هيئة ديون للنادى،ليصبح أول نادى إسبانى مملوك لمواطن غير إسبانى، قبل أن تقوم مؤسسة قطر غير الربحية بتوقيع عقد رعاية فلكى مع نادى برشلونة الإسبانى. وفى نفس السياق،كانت الشركات الإماراتية السبَّاقة فى ميدان الاستثمار فى مجال كرة القدم الأوروبية، عندما عمد الشيخ منصور بن زايد آل نهيان "نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شئون الرئاسة فى الإمارات ومالك مجموعة أبوظبى المتحدة للاستثمار والتطوير" بشراء نادى مانشستر سيتى الإنجليزى دفعة واحدة عام 2008 بمبلغ خرافى وصل ل 200 مليون استرلينى، إضافة لجلبه صفقات من العيار الثقيل دعم بها صفوف الفريق بمبلغ 100 مليون استرلينى أخرى فور توليه المهمة، ليعود به من جديد لكبار الكرة الإنجليزية بعد غياب دام 44 عامًا، عندما توج بلقب الدورى الإنجليزى عام 2011، كما قامت شركة "رويال إيميريتس" الإماراتية برئاسة الشيخ بطئ بن سهيل آل مكتوم بشراء نادى خيتافى الإسبانى، بصفقة بلغت مابين 70 إلى 90 مليون يورو. ولم تغب الاستثمارات السعودية عن المشهد الكروى الأوروبى، عندما قام الأمير عبدالله بن مساعد آل سعود، والذى يعتبر من الأسرة الحاكمة فى المملكة العربية السعودية وشقيق الأمير عبدالرحمن بن مساعد آل سعود " رئيس نادى الهلال السعودى" ، بشراء نادى "شيفيلد يونايتيد الإنجليزى" الذى يلعب فى دورى الدرجة الأولى الإنجليزى "تشامبيون شيب" ، دون الكشف عن قيمة الصفقة، وقد وعد جماهير النادى بإجراء صفقات ضخمة خلال الفترة القادمة تساعد الفريق للعودة للدورى الممتاز. عقود الرعاية وقد تطورت لدى الشركات الخليجية فكرة امتلاك بعض الأسهم فى نادى معين أو حتى امتلاك نادِ بعينه، لتنتقل لمرحلة عقود رعاية لبعض الأندية العملاقة فى القارة العجوز، وقد نجحت الشركات الإماراتيةوالقطرية فى تلك الخطوة بامتلاكها عقود رعاية للدوريات الست الكبرى فى العالم. وتعتبر الشركات الإماراتية السبَّاقة فى عقود الرعاية لعمالقة الكرة الأوروبية، عندما تمكنت شركة "طيران الإمارات" فى توقيع عقد رعاية مع نادى تشيلسى الإنجليزى عام 2001 بمبلغ 40 مليون يورو لثلاثة سنوات، قبل أن توقع عقد ثانى مع جاره اللندنى نادى آرسنال عام 2006 على أن يوضع اسم الشركة على قمصان الفريق لثمانية أعوام، مع تسمية الملعب الجديد للنادى ب "ملعب الإمارات"لمدة 15 عامًا، بمبلغ 30 مليون استرلينى سنويًا، ولم تكتفى الشركة الإماراتية العملاقة بذلك بل انتشرت فى الدوريات الكبرى فى القارة العجوز لترعى قمصان فرق " ريال مدريد الإسبانى وميلان الإيطالى وباريس سان جيرمان الفرنسى وهامبورج الألمانى وأولمبياكوس اليونانى"، كما أن شركة "الاتحاد" المملوكة للأسرة الحاكمة فى دولة الإمارات تعاقدت مع فريق مانشستر سيتى على وضع اسم الشركة على قمصان الفريق وإطلاق اسمها على ملعب الفريق ليصبح اسمه "ملعب الاتحاد" بمبلغ 20 مليون استرلينى سنويًا، كما أن شركة "قطر للطيران" تحظى برعاية قميص برشلونة الإسبانى بمبلغ 30 مليون يورو سنويًا. ويرى البعض أن الهدف الرئيسى لتلك الشركات من تملك بعض الأندية أو عقود الرعاية ليس العائد المادى فحسب، بل تهدف لتواجد فعَّال ومؤثر فى الكرة الأوروبية لدول تلك الشركات، لتكون علامة تجارية عالمية بارزة، وأيضًا لتكون واجهة عالمية فى تنظيم المحافل العالمية، ولعل أبرزها مونديال قطر 2022 . من جانبه، يرى حسن المستكاوى، الكاتب الصحفى ورئيس مجلس إدارة نادى وادى دجلة،أن الاستثمارات الخليجية فى الدوريات الأوروبية نوع من التنوع فى الاستثمارات، تحسبًا لنضوب الغاز والبترول فى تلك المنطقة، مؤكدًا على أن الاستثمارات فى الوقت الحالى فى الأندية يعتبر واحدًا من مجالات الاستثمار المختلفة من خلال شراء أندية فى تلك الدوريات فى الدرجة الثانية أو الثالثة والصعود بها لدائرة منافسة الدرجة الأولى وتطرح بعد ذلك فى البورصة العالمية لتعود بالربح الوافر لملاكها، وعلى سبيل المثال فإن استثمارات الشركات الإماراتيةوالقطرية فى أوروبا فاق مبلغ 500 مليار دولار أمريكى فى الأعوام القليلة الماضية – على حد قوله-. وأضاف المستكاوي فى تصريحات خاصة ل"المشهد"،أن نجاح تلك الأندية اتضح جليًا للجميع بعد انتقال مقاليد إدارتها لملاكها العرب سواء من الناحية الفنية أو الجماهيرية أو من ناحية حصد الألقاب، لأنهم يتلقون دعمًا كبيرًا فى تلك الدول سواء من ناحية الحكومات أو من ناحية الجماهير، على عكس مجريات الاستثمار فى مجال كرة القدم فى دول الشرق الأوسط. كما تطرق المستكاوى لظاهرة إنهاء نجوم أوروبا مسيرتهم الكروية فى الدوريات الخليجية، على غرار تشافى هيرنانديز نجم برشلونة وقبله راؤول جونزاليس نجم ريال مدريد، موضحاً أن تلك الصفقات فاشلة بمعنى الكلمة، وأن الدوريات الخليجية تكون بالنسبة لتلك النجوم ك "مقبرة الفيلة" ، وأنها لم تؤتى ثمارها على المستوى القارى لتلك الأندية، بدليل تفوق الأندية الإيرانية واليابانية والأسترالية عليها.