(مؤشرات) تركيا وداعش من حليف الى عدو لاشك أن التحرك التركي ضد "داعش" وقبولها ما رفضته لشهور، بفتح قواعدها أمام الطائرات التركية لضرب معاقل التنظيم في سوريا، جاء متأخراً، وفي نفس الوقت لمطامع في سوريا، وباتفاق سري تم بين بارك أوباما، ورجب طيب أردوغان. حتما الاتفاق سيأتي على حساب سوريا كل السوريين، وفي المقدمة النظام الحاكم في دمشق، وربما لتنسيق أوسع في مجالات أخرى، وهو ما دفع دول عربية للتحذير من مخاطر ما هو قادم ضد سوريا. وقبل أيام أبدت مصر قلقها مما يحدث في سوريا، وتطور الموقف أكثر من جانب تونس، والتي رأت في قطع العلاقات مع سوريا خطأ كبير، يتحمله الجميع دون استثناء. والغريب في الأمر أن تركيا التي ظلت وربما حتى الآن الداعم الرئيسي سراً وعلانيةً لتنظيم "داعش" في سوريا وتأييده، باعتباره أحد وسائل تحقيق "الهدف التركي الأردوغاني" لاسقاط النظام السوري الحاكم، لم تتحرك إلا بعدما تحرك الشيطان نحو أراضيها، والذي خرج عن طوعها، وبدأ يطال أمنها وأراضيها، والذي يعتبر الجميع خارجين عن فهوم "الدولة الاسلامية" وفق أفكاره ومراجعه، وتركيا ضمن هذا الإتهام بالطبع، والذي لم تستوعبه إلا متأخراً. وزاد القلق التركي بتشييد "جدار" أو منطقة عازلة على الحدود مع سوريا، من خلال فرض منطقة آمنة في شمال سوريا، خشية من الارهاب الذي ارتد الى معقل داعميه في أنقره، بعدما دخل في صراع معها داخل أراضيها، وذلك نتيجة نظرة وحسابات تركية اتسمت بالطمع في بناء حلم وهمي. وطيلة شهور طويلة ماضية، ومنذ البدء الحرب على داعش والتنظيمات الارهابية الأخرى، لم تمتثل تركيا للمطالبات المستمرة لها بتحديد موقفها بوضوح من هذه التنظيمات الإرهابية وغيرها من الحركات المتطرفة وظلت في خانة المدافع عن هذه التيارات لغرض في "نفس يعقوب"، وظلت العديد من التساؤلات الشائكة حول مدى علاقتها بداعش عالقة. وظلت تصرفات تركيا تؤكد أنها المنفذ الرئيسي للمتشددين القادمين من كل أنحاء العالم للانضمام إلى التنظيم، بل وصل الأمر أن وصف أحد المحللين الغربية الموقف التركي "ينقصه فقط أن تضع علامات إرشاد في المطار تُكتب عليها "الطريق إلى الحرب المقدسة من هنا". وظلت تركيا، وربما مازالت، عند موقفها، تسعى الى تحقيق هدفيها، وهما الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وقمع الأكراد لقطع الطريق أمام إقامة دولة "كردية" مستقلة ومنفصلة، ورأت الإستراتيجية التركية أن الطريق لذلك هو قلق دائم في سوريا، والإبقاء على تنظيم "داعش" قويا في الجسد السوري، والذي يرى هو الآخر في الأكراد عدواً له، بخلاف إنشغال الأكراد في حرب طويلة مع التنظيم الإرهابي. وسعت تركيا منذ نشوء الأزمة السورية إلى استخدام المجموعات الإسلامية المتشددة كأداة لإسقاط نظام بشار الأسد، وفتحت أراضيها لمرور المقاتلين الأجانب وشحنات الأسلحة في اتجاه سوريا، وربما دول أخرى. ويبدو أن الرياح أحيانا أو كثيرا تأتي بما لا تشتهي السفن، فقد إنجرت تركيا خطوة خطوة الى سوء أعمالها، لتقع في "شرك داعش" نفسه، والذي شاركت في صُنعه بأيديها، لتجد نفسها في مواجهة مباشرة مع التظيم الإرهابي، ولم يكن أمامها سوى أن تقبل بما رفضته من قبل لتحارب داعش مباشرة أو من خلال أمريكا نيابة عنها وعبر أراضيها، لتحصد شرور أعمالها. ويبدو أن مقولة "عدو عدوي هو صديقي" ليست تتطابق على الحالة "التركية الداعشية"، وهو ما دفعها الى تغيير، ولو نسبي، في نظرتها تلك، لتدخل في حرب معه، والتحالف مع من يحاربه، ... ولكن يبقى السؤال مستمراً ودائم الاثارة، ..هل ستظل تركيا على موقفها، أم ستبحث عن حليف متشدد آخر، يحارب في سوريا، ويعادي دول الجناح المضاد للأطماع "الأردوغانية" في كل دول المنطقة.