يكتب: قناة السويس دراما في الرابع عشر من يناير الماضي أعلن رئيس هيئة قناة السويس، الفريق "مهاب مميش" عن تحقيق قناة السويس خلال عام 2014 لأعلى عائد لها في التاريخ منذ حفرها في عام 1859 حيث بلغت أرباح القناة "5 مليارات و405 ملايين دولار" أي حوالي 43 مليار جنية .. مقابل "5 مليارات و110.8 مليون دولار" في 2013 أي بزيادة "294.3 مليون دولار" وهذا رغم الظروف السياسية المضطربة التي تمر بها البلاد, بسبب تفشي الإرهاب وتدهور الحالة الأمنية في مصر. منذ أن تم الإعلان الرسمي عن العمل المزمع البدء به في منطقة قناة السويس العام الماضي, كانت المصطلحات الرسمية واضحة للغاية بأن هناك مشروعين بصدد تنفيذهما هناك وهما: الأول: مشروع حفر تفريعة جديدة لتصبح التفريعة الخامسة في قناة السويس وتبدأ من الكيلو 60 حتى الكيلو 95 بطول 35 كيلو متر.. وتعميق تفريعات "المره و البلاح" بطول 37 كيلو متر.. والذي من المتوقع في عام 2021 أي بعد ستة أعوام على الحفر والتعميق أن تتضاعف عدد السفن المارة من القناة لتصبح 97 سفينة بدلاً من 49 بزيادة 16% أي 900 مليون دولار كل عام حتى يبلغ ناتج الدخل بعد الأعوام الستة إلى 11 مليار دولار أي 88 مليار جنيه بدلاً من 5,5 مليار دولار أي 43 مليار جنيه هذا العام.. هذا إذا تم رواج السوق التجاري بين أوربا وأمريكا وأشرق أسيا في الأعوام القادمة.. خاصة وأن نسبة الإشخال في القناة في الفترة الحالية مازالت لم تتجاوز 65% من قدرتها على التشغيل.. وهذا هو المشروع الذي كلف الدولة 60 مليار جنيه. الثاني: مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس.. والغرض منه تحويل المنطقة إلى مركز إقتصادي عالمي؛ صناعي ولوجيستي وتجاري من خلال خلق كيانات صناعية ولوجيستية كبيرة بمنطقة السويس, تعتمد على الصناعات التكميلية والقيم المضافة وإعادة التصدير للخارج من خلال تلك الكيانات المزمع إنشائها.. مع إنشاء مدن سبع مدن سكنية جديدة في المنطقة لخدمة هذا المشروع الضخم المتوقع الإنتهاء منه في 2025 إذا ما تم البدئ فيه بعد الإنتهاء من المشروع الأول.. أي بعد عشرة أيام.. وهذا المشروع متوقع أن يجلب استثمارات بقيمة 100 مليار دولار على أنه سوف يتكلف 250 مليار جنيه مازالت الدولة تبحث له عن ممول أو مجموعة ممولين من الدول العربية. لكن وسائل الإعلام جميعها منذ اليوم الأول لإعلان الرئيس عن المشروع وعن طلبه لأن يعطيه الشعب 60 مليار جنيه لتنفيذ المشروع الأول.. كانت مصرة على أمرين غريبين جهلاً أو طوعاً.. أولهما أن المشروع الأول وهو حفر التفريعة الجديدة هو إعلان عن حفر قناة سويس جديدة موازية للقناة القديمة أي حفر بطول 196 كيلومتر وليس 35 كيلومتر فقط لأن القناة ليست بحاجة لإنشاء فرع موازي كامل من الأساس.. وثانيهما هو إعتبار أن المشروعين هما مشروع واحد من حيث العمل والعائد المتوقع, حيث أصبح 80% من الشعب المصري على يقين أن بعد عشرة أيام سوف يتم الإنتهاء من حفر "قناة السويس الجديدة" على حد وصف الإعلام وقتها, ومن ثم ينتظرون العائد المقدر ب 100 مليار دولار أي 800 مليار جنية بنهاية هذا العام وهذا هو الرقم يساوي الموازنة العامة المصرية. في الأول من فبراير الماضي بدأ الخطاب الرسمي للدولة من خلال الخطب والبيانات الرسمية هو الأخر يتحدث عن "قناة السويس الجديدة" وهذا ما ورد مراراً على لسان الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ورئيس الوزراء "إبراهيم محلب" و رئيس هيئة قناة السويس "مهاب مميش" ووزير الدفاع "مصدقي صبحي" ورئيس الهيئة الهندسية "كامل الوزيري" .. فضلاً عن جميع المسؤولين على المستوى الأدنى في الدولة إذا ما تحدثوا عن مشروع مشروع حفر التفرعة الجديدة.. وكأن شيئاً جديداً طرأ فجأة.. وكأنه ليست هناك تفريعات أربعة سابقة تم حفرها وإحداها طول التفريعة الجديدة وهي تفريعة "بورسعيد" ويبلغ طولها 36,5 كليومتر وهناك تفريعة "الدفرسوار" ويبلغ طولها 27,5 كيلومتر.. ومن هذا المنطلق يجب أن يكون الخطاب الرسمي والإعلامي والشعبي يتحدث عن أن مصر تمتلك "ستة قنوات سويس" القناة الأم والخمس تفريعات! ويبدو بالفعل أن الدولة تتجه نحو هذا, فقد صرح أمس الفريق "مهاب مميش" وهو يتابع تجربة مرور ثلاث سفن في الممر الملاحي الجديد.. بأن هناك قناة سويس ثالثة بطول 9,6 كيلومتر سوف يتم الإعلان عن حفرها خلال أيام.. هكذا فجأة.. يتم الإعلان عن حفر تفريعة جديدة بطول 9,6 كيلومتر وتعتبرها الدولة قناة سويس أجدد من الجديدة التي اعتبرتها! يبدو أن الدولة تتعامل مع قناة السويس على أنها قناة فضائية, قررت أن تصدر قنوات متخصصة تابعة لها, مثل مجموعة قنوات "النهار و mbc و cbc" وغيرها.. وهي تبدأ بفكرة إنشاء قناة عامة بالتكلفتها الكبرى من ايجار استوديوهات وكاميرات وموظفين وخدمات, ثم بعد ذلك يصبح من اليسير استخدام تلك الإمكانيات الكبرى في إطلاق قنوات متخصصة أخرى مثل الرياضية والدراما وغيرها. ويبدو أن قناة السويس الأم هي القناة العامة والقناة التي سيتم إفتتاحها بعد أيام هي بمثابة قناة رياضية.. أما التي سوف يعلن عنها بعد أيام سوف يتكون "قناة السويس دراما" على أن يتم افتتاحها هي الأخرى بعد عام.. مع دراما شهر رمضان المقبل! لا أعلم لماذا تصر الدولة على بيع الوهم للناس عبر تصريحات إعلامية غير مسؤولة وتريد منا أن نتبنى تسويق سلع الوهم هذه للناس أو لنصمت إلى الأبد! وكيف ستواجه الغلابة الذين ينتظرون الرخاء القادم بعد أيام من افتتاح التفريعة الجديدة.. من خلال مئات المليارات التي روج لها الإعلام طيلة العام الماضي! إننا حقاً بصدد متابعة دراما حقيقية في الصراع المتوقع أحلام الشعب وخداع الدولة في الفترة القادمة.. المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية