تعهد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم السبت بالتصدي للولايات المتحدة وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط رغم الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران والقوى العالمية الأسبوع الماضي. وأضاف في كلمة ألقاها في مصلى الإمام الخميني بالعاصمة الإيرانيةطهران وتخللتها هتافات "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" أنه يرغب في أن يدرس السياسيون الاتفاق لضمان الحفاظ على المصالح الوطنية لأن إيران لن تسمح بتعطيل مبادئها الثورية أو قدراتها الدفاعية. وقالت رويترز تكرار خامنئي الذي يملك القول الفصل في الشؤون العليا للدولة في إيران عبارة "سواء تمت الموافقة عليه أم لا" في كلمته مما يشير إلى أن الاتفاق مازال بحاجة إلى كسب دعم كامل من المؤسسة السياسية في البلاد. وقال "سواء تمت الموافقة على الاتفاق (النووي) أم لا لن نكف مطلقا عن دعم أصدقائنا في المنطقة وشعوب فلسطين واليمن وسوريا والعراق والبحرين ولبنان. حتي بعد هذا الاتفاق سياستنا تجاه الولاياتالمتحدة المتغطرسة لن تتغير." وينص الاتفاق المبرم يوم الثلاثاء على أن ترفع العقوبات تدريجيا عن إيران مقابل قبولها بقيود طويلة الأجل على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب بأنه يهدف إلى صنع قنبلة ذرية فيما تنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي. وقد لا تتماشى تصريحات خامنئي التي تهاجم سياسات واشنطن في الشرق الأوسط مع مسعى دبلوماسي يعتزم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف القيام به في الأيام المقبلة بعد إبرام الاتفاق.
* "إهانة" ترى إيران في برنامجها النووي رمزا للكرامة الوطنية في مواجهة ما تعتبره عداء غربيا لها منذ عقود بعد أن عارضت الدول الغربية الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. ولم يكرر خامنئي انتقادات وجهها يوم الجمعة رجل الدين الإيراني آية الله محمد علي موحدي كرماني للاتفاق النووي عندما قال في خطبة بثتها الإذاعة إن الاتفاق يتضمن مطالب مفرطة للقوى العالمية تعتبر "إهانة". لكن تصريحات خامنئي عكست انعداما واسع النطاق للثقة في نوايا الولاياتالمتحدة إذ قال إن الرؤساء الأمريكيين سعوا "لإخضاع" إيران وإنه إذا اندلعت الحرب فإن الولاياتالمتحدة ستخرج منها في حالة أسوأ وستلقن درسا قاسيا. وقال "يقول الأمريكيون إنهم سيمنعون إيران من الحصول على سلاح نووي. "يعرفون أن هذا ليس صحيحا. لدينا فتوى تقول إن الأسلحة النووية حرام بموجب الشريعة الإسلامية. ليس لذلك صلة بالمحادثات النووية." وقال إن شعارات "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل" التي تم ترديدها في مظاهرات بإيران الأسبوع الماضي لدعم القضية الفلسطينية أظهرت ما يفكر فيه الإيرانيون. وتابع "قلنا مرارا إننا لا نتفاوض مع الولاياتالمتحدة بشأن الشؤون الاقليمية أو الدولية ولا حتى القضايا الثنائية. هناك بعض الاستثناءات مثل البرنامج النووي الذي تفاوضنا عليه مع الأمريكيين لخدمة مصالحنا." وأشار إلى أن السياسات الأمريكية في المنطقة تتعارض تماما مع سياسات إيران.
* "المسار القانوني" وأثنى خامنئي على المفاوضين الإيرانيين الذين بحثوا الاتفاق في محادثات ماراثونية في فيينا قائلا إن جهودهم تستحق المكافأة سواء تمت الموافقة على الاتفاق أم لا وإنه يوجد الآن "مسار قانوني متوقع" في إيران للاتفاق النووي. وقال "نتوقع أن يحرص بشدة المعنيون على وضع قضايا الدولة والقضايا الوطنية في عين الاعتبار. وينبغي أن يكون ما يقدمونه للشعب هو ما يستطيعون أن يقفوا به أمام الله مرفوعي الهامة." ولم تسلط تصريحات خامنئي المزيد من الضوء على الإجراءات التي ستتخذها إيران للمصادقة على الاتفاق والتي لا تعرف عنها أي تفاصيل. وقالت وسائل الاعلام الإيرانية إن ظريف سيطلع البرلمان على الاتفاق يوم 21 يوليو تموز وإن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سيبحث الاتفاق أيضا. وقال ظريف الذي يعتزم زيارة عدة دول في المنطقة يوم الجمعة إن إيران تأمل أن يمهد الاتفاق الطريق أمام مزيد من التعاون في منطقة الشرق الأوسط والعالم. وتتهم بعض الدول الخليجية العربية إيران منذ وقت طويل بالتدخل وتزعم أن طهران تقدم الدعم بالمال أو السلاح لحركات سياسية في عدة دول من بينها البحرين واليمن ولبنان. وتنفي إيران الأمر لكنها تتعهد بمواصلة دعمها المعلن للحكومتين السورية والعراقية اللتين تحاربان جماعات سنية مسلحة متنوعة. وفي كلمة وجهها إلى الدول العربية والإسلامية بمناسبة عيد الفطر قال ظريف "حل الأزمة المصطنعة للبرنامج النووي دبلوماسيا يعني فرصة جديدة للتعاون الإقليمي والدولي." والتزم بعض المحافظين البارزين في إيران الصمت تجاه الاتفاق. ولم يتطرق علي أكبر ولايتي وهو مستشار بارز لخامنئي للاتفاق في كلمته بمناسبة عيد الفطر. وقال محمد رضا نقدي القيادي في الحرس الثوري وقائد قوات الباسيج في مقابلة مع وكالة فارس للأنباء يوم الجمعة "إذا وافق أي من مسؤولينا الأمنيين أو أعضاء البرلمان على الاتفاق أو نبذوه دون دراسته بالكامل فسيندمون."