تباينت ردود الفعل القوية على إبرام الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى الست بين مؤيد ومعارض ومطمئن ومتوجس، باعتبار أن هذا الحدث سيكون له انعكساته السريعة على الأوضاع السياسية والاقتصادية في العالم أجمع. فلم ينتظر الرئيس الأمريكي طويلاً حتى بعث برسالة طمأنة صريحة لاسرائيل أكد فيها أن اتفاق إيران مع القوى الكبرى حول البرنامج النووي "يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي"، و"يضمن استقرار دول الخليج وإسرائيل". وقال أوباما، في كلمة عقب الإعلان عن التوصل للاتفاق برفقة نائبه جو بايدن، إن بنود الاتفاق تفرض على إيران التخلي عن 98 % من مخزون اليورانيوم المخصب، وإن التفتيش الدولي جزء أساسي من أدوات التأكد من تنفيذ إيران للاتفاق. وأضاف أن الاتفاق ليس مبنيا على الثقة وإنما على التحقق، وفي حال انتهكت إيران الاتفاق فإن كل العقوبات التي سترفع بموجب الاتفاق سيتم فرضها مجددا، وحذر من أن الخيار العسكري سيظل قائما إذا حدث أي انتهاك للاتفاق.
وأضاف "أمننا الوطني ومصلحتنا تقتضي منع إيران من الحصول على سلاح نووي.. وإذا انتهكت إيران الاتفاقية ستكون جميع الخيارات المتاحة الآن متاحة أمام أي رئيس للولايات المتحدة". واعتبر أوباما "أن عدم وجود اتفاق مع إيران يعني مزيدا من الحروب في منطقة الشرق الاوسط". وقال إن الاتفاق وأوضح أنه سيتم الإبقاء على "العقوبات المتعلقة بدعم إيران للإرهاب"، وأشار إلى استمرار "حظر الأسلحة 5 أعوام.. والحظر على الصواريخ الباليستية 8 أعوام". كما حذر أوباما الكونجرس من عرقلة الاتفاق، قائلا إنه سيستخدم حق الفيتو ضد أي تشريع يمنع تنفيذ الاتفاق النووي. إلا أن جون بينر رئيس مجلس النواب الأمريكي والمنتمي للحزب الجمهوري أدلى ببيان شديد اللهجة قال فيه إن الاتفاق سيشعل على الأرجح سباق تسلح نووي دولي. وأضاف "بدلا من وقف انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط فإن هذا الاتفاق سيشعل على الأرجح سباق تسلح نووي في العالم." وتابع أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي تخلى أثناء المحادثات عن أهدافه لإبرام اتفاق مع إيران. السعودية: المنطقة ستصبح أكثر خطورة وبادرت السعودية عل الفور بتصريح عبر مسؤول لوكالة رويترز قال فيهإن اتفاق إيران النووي مع القوى الدولية سيكون يوما سعيدا للمنطقة إذا منع طهران من امتلاك ترسانة نووية لكنه سيكون سيئا إذا سمح لطهران بأن تعيث في المنطقة فسادا. وأضاف المسؤول إن إيران زعزعت استقرار المنطقة كلها بأنشطتها في العراقوسوريا ولبنان واليمن. وتابع أنه إذا منح الاتفاق تنازلات لإيران فإن المنطقة ستصبح أكثر خطورة. الإمارات: تهنئة مكتومة ومن جانبها قالت وكالة أنباء الإمارات إن رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بعث برقية تهنئة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد توصل طهران لاتفاق نووي مع القوى العالمية الست. والبرقية هي أول تعليق رسمي من دول الخليج العربية على الاتفاق الذي تبدي كثير منها سرا خشيتها من أن يشجع إيران على دعم خصوم هذه الدول في منطقة الشرق الأوسط بشكل أقوى. سوريا: دعم لقضايا "الشعوب العادلة" أما الرئيس السوري بشار الأسد أعرب عن ثقته في أن إيران أكبر حليف له في المنطقة ستكثف من جهودها لدعم "قضايا الشعوب العادلة" في إشارة إلى أنه يتوقع مزيدا من الدعم من طهران لمعركته ضد ما يسميه التمرد الداخلي بعد توصلها لاتفاق نووي. وقال الأسد في رسالة بعثها للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني ونشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) "نحن مطمئنون أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستتابع وبزخم أكبر دعم قضايا الشعوب العادلة والعمل من أجل إحلال السلم والاستقرار في المنطقة والعالم." ووصف الأسد الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الدولية في فيينا بأنه "يعتبر نقطة تحول كبرى في تاريخ إيران والمنطقة والعالم" نتنياهو: خطأ تاريخي من جانبه لم يخف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قلقه من توقيه الاتفاق النووي، ووصف هذا الاتفاق بأنه "خطأ تاريخي". وقال أعضاء في حكومة نتياهو "هذا الاتفاق هو استسلام تاريخي من قبل الغرب لمحور الشر بقيادة إيران.. دولة إسرائيل ستتخذ كل الإجراءات لمحاولة منع الموافقة على الاتفاق". وأعربوا عن قلقهم من أن هذا الاتفاق سيدع إيران مع ما وصفوها بأنها بنية تحتية نووية هائلة. وفي غضون عقد من الزمن فإنه سيجعل من طهران عتبة نووية تستطيع صناعة أسطول من الأسلحة النووية بحسب ما قالوا. كما أشاروا بأن التفتيشات والاستخبارات التي استندوا إليها في هذه الاتفاقية لن تكفي لمنع إيران من الغش.
أما في ظهران فنقل الموقع الإلكتروني الإخباري لوزارة النفط الإيرانية (شانا) عن مسؤول كبير بالقطاع قوله يوم الثلاثاء إن طهران ستعود لسوق النفط العالمية بكامل طاقتها فور رفع العقوبات عن بلاده عقب التوصل لاتفاق نووي مع القوى العالمية. وتراجعت أسعار النفط أكثر من دولار بفعل هذه الأنباء حيث سيخفف الاتفاق العقوبات المفروضة على طهران وسيزيد من صادراتها النفطية تدريجيا. وقال محسن قمصري مدير الشؤون الدولية في شركة النفط الوطنية الإيرانية إن إيران تعتبر السوق الآسيوية ذات أولوية كبرى لبيع نفطها الخام. وأضاف "سنسعى لرفع طاقتنا لتصدير الخام إلى أوروبا لأقصى مستوى ممكن واستعادة حصة تتراوح نسبتها بين 42 و43 بالمئة في السوق الأوروبية (كانت تتمتع بها إيران) قبل فرض العقوبات." وأشار إلى أن عددا من مصافي النفط أبدت رغبتها في شراء إمدادات نفطية إيرانية. وتابع "في الوقت الحالي لا يمكنني قول أي شيء محدد عن حصة إيران في السوق خلال الأشهر المقبلة. سننتظر ونرى كيف سيتفاعل السوق (مع عودة إيران). توقيع عقود طويلة ومتوسطة وقصيرة الأجل أمر تتم دراسته (من جانب إيران) بالتأكيد." وأظهر استطلاع أجرته رويترز لآراء 25 محللا متخصصا في شؤون النفط من بنوك وشركات سمسرة كبرى أن إيران ستكون قادرة على زيادة إنتاجها من النفط الخام بمقدار مابين 250 ألفا و500 ألف برميل يوميا بنهاية العام الحالي وبواقع ما يصل إلى 750 ألف برميل يوميا بحلول منتصف 2016. وسيزيد هذا إجمالي إنتاج الجمهورية الإسلامية من النفط الخام إلى نحو 3.6 مليون برميل يوميا وهو أعلى مستوى في له أربع سنوات كما سيؤدي إلى ارتفاع صادرات إيران بنحو 60 بالمئة في وقت تشهد فيه الأسواق العالمية بالفعل تخمة في المعروض.