رسمت دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي خريطة الحرب القائمة في سوريا واطرافه ومدى قوته، وقالت الدراسة أنه باستثناء القوات الكردية، فإنه تدور الاستباكات في سوريا على اربع جبهات، جبهة النظام السوري وتؤيده قوات القدسالايرانية، ومقاتلي حزب الله، وكذلك الآلاف من المتطوعين، الذين تدفقوا الى سوريا وانخرطوا في إطار مليشيات شيعية، وفي المقابل تقف الجبهات المعارضة وهي: 1 – الجبهة الشرقية، القوة الرئيسية العاملة بها هي تنظيم داعش، "الدولة الاسلامية"، الذي استكمل سيطرته على شرق سوريا والمعابر الحدودية بين سورياوالعراق، واحتل الاسبوع الماضي مدينة تدمر. 2 – الجبهة الشمالية، مركزها مدينة حلب، تنظيم المعارضة البارز في محاربة قوات الاسد في هذه الجبهة هو "جبهة النصرة"، ومؤخرا نجح هذا التنظيم في تشكيل إطار لعدد من التنظيمات الاسلامية المعارضة بإسم "جيش الفتح" لاحتلال مدن ادلب وجسر الشغور، وتتمركز على الجسر الرابط بين حلب واللاذقية على الساحل منطقة سيطرة الطائفة العلوية، التي ينتمي اليها الرئيس الاسد. 3 – الجبهة الوسطى، وتمتد على طول المحور الرئيسي حماة – حمص – دمشق، في هذه الجبهة ايضا، القوة الرئيسية المسيطرة من المتمردين هي "جبهة النصرة"، وتقاتل ضد حزب الله في جبل القلمون من اجل السيطرة على حدود سوريا – لبنان، والمعابر الحدودية، وممرات الامدادات بين سورياولبنان، وكذلك للسيطرة على المحور الرئيسي من دمشق الى شمال البلاد ومنطقة الساحل. 4 – الجبهة الجنوبية، المنطقة الممتدة بين دمشق ودرعا في الجنوب، السويداء في الشرق والقنيطرة في الغرب، شكلت قوى المعارضة في هذه الجبهة قوة مشتركة من جيش الاسلام، الذي يضم جبهة النصرة، وجيش سوريا الحر، والجبهة الاسلامية ومنظمات اخرى. هذه القوة، وهي الاقوى في المنطقة، نجحت في وقف الهجوم المضاد للقوات المشتركة للجيش السوري، قوات القدسالايرانية ومقاتلي حزب الله. واليوم يسيطر "جيش الاسلام" على معظم هذه المنطقة ويحاول تعزيز سيطرته عليها، من خلال السيطرة على الجيوب المؤيدة لنظام الاسد. وبالتوازي مع استعداد تنظيمات المعارضة للتنسيق فيما بينها، ودمج قواتها في هذه المرحلة، على اساس مؤقت ومناطقي في إطار "جيش الاسلام" و "جيش الفتح"، تغيرت مصالح الدول الداعمة لقوات المعارضة، حيث تفاهمت العربية السعودية والاردن، مع تركيا وقطر، الداعمة للاخوان المسلمين، حول توحيد القوات والجهود بهدف إسقاط نظام الاسد بداية وتأجيل معالجة مشكلة "الدولة الاسلامية" وكذلك لالحاق الضرر بالمصالح الاقليمية الايرانية. اتفقت الدول الاربعة فيما بينها على تدريب وتسليح قوات المعارضة على اراضي الاردنوتركيا، بمساعدة وتمويل سعودي وقطري، وفي نفس الوقت توظيف الجهود لاقناع القوات السنية للتوحد، تهمين على هذه القوات بشكل اساسي عناصر مؤيدة للاخوان المسلمين والقاعدة، والتي تهدف، الى بلورة جيش معارضة واحد، مع قيادة وعنوان متفق عليهما من قبل غالبية التنظيمات التي تقاتل ضد نظام الاسد، هذه القوات تعتمد على التنظيم الاقوى بينهاوهو "جبهة النصرة" فرع تنظيم القاعدة في سوريا، ولذلك فإن الدول السنية تحاول "الترويض" عن طريق إقامة تنظيم عسكري واحد، ذو هوية سورية مميزة، وتبديد بصمات القاعدة عنه وتعزيز الاحتمال بدعم هذا الاتجاه من قبل الولاياتالمتحدة. وبعد ما كانت حتى شهرين مضوا يبدو ان الغلبة في صف النظام السوري ومؤيديه أصبح هذا المحور يجد صعوبة في وقف قوات المعارضة الموحدة، ويبقى انه من المتوقع أن تبذل ايران وحزب الله كل جهودهما لمنع سقوط دمشق بأيدي القوات السنية وانتهاء النظام العلوي، حليفهم في سوريا. وعلى الرغم من انه لا يوجد في سوريا اغلبية شيعية، الا ان طهران ترى في دمشق وبيروت وكذلك بغداد حلقات استراتيجية حيوية في "الهلال الشيعي"، لذا فإنه حتى مع استمرار انتصارات جيوش المعارضة السنية في سوريا، فإن ايران وحزب الله سوف يستمران بالقتال لمنع سقوط دمشق في ايديهم. ولكن حتى ولو نجح الاسد بمساعدة "المحور" في الاحتفاظ بدمشق، فعمليا هو يسيطر على ربع مساحة سوريا ولا يمكنه ان يعيد الى الوراء الحدود الجديدة التي تشكلت على انقاض دولته، فتنظيم "الدولة الاسلامية" لن يتنازل عن سيطرته على شرق وشمال شرق سوريا وعلى التواصل الجغرافي مع غرب العراق، ونصر الله من جانبه اعرب في مقابلاته عن رؤية "لبنان الكبير"، الذي يشمل معاقل نظام الاسد، من اللاذقية جنوبا على طول حدود سوريا – لبنان، ولغاية دمشق والجولان السوري. بالنسبة لجنوب سوريا. وتوقعت الدراسة أنه ستحتدم المعارك في سوريا في سبيل تحقيق المحور الشيعي لاهدافه، كما توقعت ان نظام الأسد لن ينهار بسهولة، وقالت في مقابل ذلك قالت الدراسة ان احتدام الوضع قد يكون قاعدة لمبادرة سلمية، دولية واقليمية، يكون مضمونها وقف القتال في سوريا. وقالت انه من الممكن ان توافق الاطراف المتحاربة الى الوصول الى تفاهمات من نوع ما كمرحلة انتقالية، الا انه من غير المتوقع ان تتنازل عن انجازاتها في ساحة المعركة، مما يعني تفكك سوريا الى اربعة اقاليم منعزلة – الاقليم الكردي في شمال وشرق البلاد، االمحور الاوسط دمشق – حمص – اللاذقية، الذي تسيطر عليه القوات الموالية للاسد، وباقي المناطق، التي تسيطر عليها قوات المعارضة السنية. وأوصت الدراسة بان تستمر حكومة اسرائيل بالامتناع عن المساعدة المباشرة لقوات المعارضة السورية المتخاصمة. وفي المقابل، وعلى المستوى الاستراتيجي، فمن السليم ان تعمل اسرائيل على بناء منظومة تنسيق مع "محور الدول السنية"، خاصة لمنع التطورات السلبية وتمدد الاحداث الى حدودها في هضبة الجولان وجنوب لبنان.