هل دخلت سيناء مرحلة الحرب الأهلية، الأوضاع هناك تشير الى الدخول في هذا المنحدر الخطير، فالقبائل البدوية بدأت في قتال بعضها البعض والقوات المسلحة تشاهد ذلك عن قرب، ولا نرى تدخلا منها لحسم موقف الدولة والانتصار لدولة القانون بدلا من دولة الفوضى. لنتابع سويا فيما يلي بعض الأخبار الواردة من سيناء، مساء يوم 27 ابريل 2015 وعلى فضائية "صدى البلد"، قال الشيخ موسى الدلح، أحد شيوخ قبيلة "الترابين"، "إن الجيش لن يستطيع مواجهة تنظيم بيت المقدس"!. وأضاف الدلح أنهم أي قبيلته تعرف كل التفاصيل عن "بيت المقدس": الأعضاء بالشكل والاسم، وأماكن اختبائهم!.. وقال إن قبيلته استطاعت "تحرير" إحدى القرى التي تعتبر معقلاً للتنظيم! مراسل موقع "مصراوي" في شمال سيناء "أشرف سليم" قال: إن أبناء القبائل البدوية ببعض مدن جنوبسيناء تحركوا بسياراتهم مسلحين باتجاه مدينة رفح عبر الدروب الجبلية لدعم قبيلة الترابين وقبائل شمال سيناء في حربها ضد تنظيم بيت المقدس في مدينتي رفح والشيخ زويد. كما أكد مصدر قبلي كبير أن قبائل سيناء كافة اتفقت على عقد اجتماع "طارئ ومصيري" يوم 10مايو الجاري في قرية بغداد التابعة لمركز الحسنة بوسط سيناء؛ لبحث سبل تطهير سيناء من الإرهاب ومواجهة تنظيم أنصار بيت المقدس خلال المرحلة المقبلة". وفي تقرير آخر، قال نفس المراسل في "مصراوي": إن شباب قبيلة الترابين المسلحين هاجموا جميع معاقل تنظيم بيت المقدس بقرية العجرا الحدودية جنوب رفح، الاثنين 27 ابريل الماضي، وشوهدت عناصر تنظيم بيت المقدس تفر من قرية العجرا باتجاه قرية المهدية جنوب رفح.. وقام شباب قبيلة الترابين بحرق جميع العشش الخاصة بعناصر وتجمعات بيت المقدس بقرية العجرا، وسيطر شباب القبيلة على قرية العجرا. وأضاف المصدر أن شباب قبيلة الترابين واصل ملاحقاته لتنظيم بيت المقدس بقرية المهدية المجاورة لقرية العجرا وداهموا مزرعة سلامة أبو ودان القيادي بتنظيم أنصار بيت المقدس ودمروا المزرعة بالكامل "انتهى". هذه الأخبار.. هي أسوأ ما نقلت عن الحرب الدائرة ضد الإرهاب في شمال سيناء، لأن القبائل بحسب اعتراف الشيخ موسى الدلح تعرف كل شيء عن "بيت المقدس"، بما فيها معقلهم قرية "العجرا" الحدودية جنوب رفح، وأن القبائل هي التي حررت الأخيرة وليس قوات الأمن!!، هو ما يعني أحد الاحتمالين: إما أن "الترابين" لا تتعاون مع الجيش وأخفت عنه كل هذه المعلومات، أو أنها تعاونت وقدمت له المعلومات، ومع ذلك ترك لها مهمة تحرير "العجرا". غير أن شهادة شيخ قبيلة الترابين بأن الجيش لا يستطيع مواجهة بيت المقدس، تظل ذات دلالة لا يمكن إغفالها بحال. والمشهد اللافت أيضًا، هو تحرك القبائل المسلحة من جنوبسيناء إلى شمالها، ولم تحدثنا الأخبار بأن قوات الأمن طبقت القانون وتصدت لها وصادرت أسلحتها، فالدولة وحدها صاحبة الحق في حمل "السلاح الشرعي"!!. الأخبار تقول إن القبائل الجنوبية، اعتدت على قرى شمالية وأحرقت البيوت والممتلكات والمزارع وهجرت أهالي بعض القرى، وبالطبع لم يحدث ذلك في "الظلمة" ولكن علانية تحت نظر وعيون قوات الأمن "المتوثبة" أربع وعشرين ساعة في تلك المناطق!. ويبدو لي أن صناع السياسات في القاهرة، يعتقدون بأنه يمكن استنساخ "الصحوات" في التجربة العراقية، أو "شبيحة" بشار في سوريا، وهو اعتقاد شيطاني، سيلحق سيناء إلى النموذجين العراقي والسوري: حرب أهلية لا نهاية لها. لاندري في الوقت الراهن كيف ستتعامل الدولة ممثلة قوات الأمن والقوات المسلحة الموجودة في جنوبسيناء وشمالها مع الكارثة التي تحدث هناك، فالقبائل الشمالية حتما ستنتقم من قبائل الجنوب، على ما قامت به من حرق وقتل سواء كانت قبائل الشمال تابعة لتنظيم بيت المقدس ام لم تكن تابعة له وليس لها علاقة به، وسواء كانت قبيلة الترابين والقبائل الاخرى تتحرك بتنسيق مع الأمن ام من تلقاء نفسها، فهناك عادات بدوية يتم توارثها حتى من قبل دخول الاسلام، وهناك تحالفات بين القبائل في السلم والحرب على بعضها ولن تترك القبائل المتحالفة مع بعضها قبيلة يتم الاعتداء عليها من قبيلة اخرى دون رد. كهذه الأمور تنبيء بدخول سيناء حرب أهلية اذا لن تتدخل الدولة لحسم هذه الأمور خلال الأيام القادمة. ##