مرت انتخابات الصحفيين و طوى البعض صفحتها و لم يطوها البعض الاخر .. و بعيدا عن تفاصيل التحالفات و مواقف التخلى .. و صدمات الخيانة لا يمكن ابدا للصادقين انكار امرين .. اولهما الاغتيال المعنوى الذى تعرض له النقيب السابق ضياء رشوان .. و الحملات المتتالية التى مورست عليه منذ التحاقه بالعمل فى قناة سى بى سى كمقدم برنامج تحت اسم " صانع القرار " .. و كأن الجمعية العمومية لم تكن تعرف أن رشوان كان يشارك فى برنامج على قناة الاوربت اثناء انتخابه نقيبا .. و ظل الاغتيال مستمرا و لم ينطق احد ليرد للرجل حقه او يرفع عنه الظلم باعلان انسحابه من قناة سى بى سى بسبب اختلافه مع مالكها محمد الامين .. بعد محاولة الامين و اخرين انشاء ما اطلقوا عليه غرفة صناعة الصحافة .. و رأى رشوان و مجلسه - كما يطلق عليه البعض- ان انشاء مثل تلك الغرفة هو بمثابة خصخصة للصحافة و سطو على الاختصاصات الاصيلة لنقابتنا العريقة .. فكان ما كان و دفع ثمن موقفه و دفع المجلس باكمله ثمن وقوفه ضد سطوة رجال العمال و بعض رؤساء تحرير صحفهم الذين اوقف المجلس قيد الصحفيين منها بعد ممارستهم الفصل التعسفى لزملائنا. لم تكن قصة غرفة الصناعة هى الوحيدة التى شهدت تعتيما .. بل كل ما حققه المجلس السابق من نجاح كان يتعرض للتعتيم و التشويه اعدادا لمعارك انتخابية كانت الفائتة هى اولها بمنطق النفس الطويل .. و فى ظل تغير تركيبة الجمعية العمومية و عزوف البعض عن المشاركة و جنوح البعض الاخر لتصفية حسابات قديمة ما زالت اثارها على اعناقهم جاءت نتيجة الانتخابات كما شهدناها. فى محاولة لضرب تيار اليسار ببعضه البعض تمهيدا لاعادة النقابة الى احضان الفلول و الاخوان مرة اخرى فى الجولات القادمة . الامر الثانى كان المعركة الكاشفة و هى خطة اسقاط الرائع جمال فهمى الذى كان رمانة ميزان المجلس و ايقونه الخير به .. هذا الرجل لم يكن يرغب فى الترشح مرة اخرى الا بعد ان مارس - كل من يعرف قيمته - ضغوطا شديدة عليه لكى لا يترك مكانه خاليا .. فما من احد يمكنه تعويض غيابه ابدا .. جمال فهمى صاحب التاريخ النقابى و التاريخ السياسى المضىء .. الذى دفع حريته ثمنا لمواقفه و مبادئه قبل عقدين من الزمان .. حينما ناضل ضد نظام ديكتاتورى .. و يدفع ثمن موقفه الان لانه ناضل - و ما زال - ضد الفاشية الدينية و النظام الاخوانى المحتل .. جمال الذى تعلمنا على يديه انه لا مواءمة فى المبادىء .. و لا رهبة من عواء الذئاب لانهم داخل مصيدة الوطن اغلقت حناجرهم .. جمال المناضل و جمال الانسان الذى علمنا كيف يترفع عن الصغائر كل من قدم نفسه لخدمة الناس .. و كان وجوده فى هذا المجلس رمزا للتواضع و انكار الذات . جمال فهمى النقى .. الصادق مع نفسه .. الواضح كسطوع الشمس .. على وجهه ابتسامة طالما طيب بها جروح الكثيرين .. خبأ خلف ظهره ورودا للجميع و اخفوا خلف ظهورهم خناجرا مسمومة ليطعنوه بهاو ما بين انتقام الكارهين و خيانة الاحباء بيع هذا الرجل حتى من قبل انصاره و كم هى موجعة جروح الاحباء .. رايته حينما جاء يلملم حاجاته من مكتبه بالنقابة فلم يجد ما يحمله الا الامه التى لم يبح بها .. لكتها احتلت ملامحه و استوطنت عينيه .. جمال فهمى الذى اسقطوه من عضوية مجلس نقابة الصحفيين و يسعون حاليا لازاحته عن عضوية المجلس القومى لحقوق الانسان و انتزاعها منه فى مزيد من الشماتة الفاجرة .. و بجهالة لا يدرون ان مكانته غير قابلة للانتزاع او النزاع .. و محبته راسخة فى قلوبنا رسوخ الجبال .. و مع الزمن سيعلم الجميع ان الاماكن تحترق و تبقى المكانة . و اخيرا فان جمال فهمى كان الضحية لانه الانقى .. و كما يقولون لكل ضحية لعنة .. نعم انها لعنة تلتصق بحاضر و مستقبل من تآمر على الضحية .. لا تفارقه تتسرب تحت جلده .. تسرى الى دمه .. تنفذ الى قلبه .. كقلائد سوداء تلتف حول عنقه .. الى ان تعيد الحق لاصحابه مهما حاول البعض النيل منهم .