ماذا ننتظر من المؤتمر الاقتصادى الذى عقد فى مدينة شرم الشيخ السياحية وانتهى منذ يومين، إن علينا أن لا نفرط فى التوقعات فى جذب استثمارات عالمية للسوق المصرية، وكذلك علينا أن لا نقلل من قدرة مصر على جذب استثمارات كبيرة خلال الفترة القادمة، ولتكن توقعاتنا فى حدود المعقول، خاصة أن المؤتمر يعقد فى فترة عصيبة يمر بها العالم والشرق الأوسط تحديدا، فعالميا هناك أزمات اقتصادية تمر بها دول أوربا مثل اليونان وإسبانيا وهناك انخفاض كبير فى عملة الاتحاد الأوروبى اليورو مقابل الدولار وتكاد أمريكا والصين تسيطران على الاقتصاد العالمى، وعربيا هناك أزمات كبيرة بعدد من الدول العربية بعد ثورات الربيع العربى، مثل سوريا واليمن وليبريا وتونس وكذلك العراق لديها أزمة منذ سنوات، ولم يتبق متماسكا سوى دول الخليج العربى، ولكنها تعانى من أزمة انخفاض كبير فى أسعار النفط منذ ثمانية أشهر فبعد أن كان سعر برميل البترول 140 دولارا أصبح الآن 56 دولارا فقط، وهذا يؤثر بالطبع على خططها الاستثمارية الخارجية وجعلها توجه أغلب أموالها لاستثمارات داخلية. وهناك بعض من دول الخليج تكن لنا العداء مثل قطر، وبعض منعزل مثل سلطنة عمان، من هنا علينا أن ندرك أنه باستثناء السعودية والإمارات، فإنه لن يضع أحد قرشًا فى مصر لأسباب عاطفية أو من قبيل الدعم السياسى، أما الكويت فإنها ستقدم على استثمارات مربحة لها، كما أعلن أميرها عن توجيهه استمارات تقدر بأربعة مليارات خلال السنوات القادمة، أما دول مثل العراق والجزائر والمغرب والسودان وموريتانيا ولبنان وفلسطين والصومال وكثير من الدول المدعوة إلى المؤتمر فليس لديها ما تقدمه لمصر، لذلك علينا أن ندرك أن لغة المكاسب والمكاسب الكبيرة فقط هى التى تجعل المستثمر من دول أوروبا وآسيا يوقع على شيك مالى من أجل الدخول إلى الأسواق المصرية. إن المؤتمر ما هو إلا عرض للفرص الاستثمارية المتاحة بمصر وتقديم جيد للسوق المصرية لرجال الأعمال الذين حضروا، وأن أقصى درجات النجاح فى هذا المؤتمر هى: أن ينعقد دون أى مشكلة أمنية، وأن نحسن عرض فرصنا الاستثمارية، وأن نحصل على عقود تتجاوز ال15 مليار دولار، والأهم من كل ما سبق أن تتحول قصص المشاركة فى الاستثمار بمصر إلى قصص نجاح حقيقية تغرى وتجذب المزيد من المستثمرين فى الأعوام المقبلة. إن دولا فى الخليج قدمت لمصر بعد ثورة 25 يناير مساعدات ومنح مالية تجاوزت 20 مليارا مثل السعودية والإماراتوالكويتوقطر أيضا أيام مرسى، ولذلك نحن نمتن لهذه الدول لما قدمته من مساعدات مالية وسياسية خلال فترة عصيبة مرت بها مصر وفوضى كادت أن تودى بها إلى المهالك، وربما لن تستطيع تقديم منح أخرى نتيجة انخفاض أسعار البترول وهو المنتج الأساسى لديها، ولكن بعضها خاصة الإمارات والسعودية والكويت سوف تقوم باستثمار مبالغ كبيرة فى السوق المصرية خلال الفترة القادمة، وأن علينا أن نقنع مستثمرين آخرين بخاصة فى دول شرق آسيا وروسيا وأوربا بأن يأتوا للاستثمار فى السوق المصرية، وأن نقدم لها وسائل جذب جذب تمكنهم من اقتناص أرباح تفوق التى يحصلون عليها فى دولهم، دون أن نقدم لهم هذه الوسائل فلن يأتوا إلينا، ولذلك فإننى اعتقد أن مؤتمر شرم الشيخ هو بموضوعية شديدة، إعادة مصر على خارطة الاستثمار فى العالم بعد جمود وتوقف وخسائر منذ يناير 2011. إننا يجب أن نعمل بجد خلال السنوات القادمة وأن نسعى بكل جدية من خلال إصدار القوانين الجاذبة للاستثمارات الأجنبية، كما أن علينا أن نعمل بجدية كبيرة للقضاء على البيروقراطية والفساد الإدارى لأنها معاول سريعة لهدم أية بنية اقتصادية، علينا أن نسعى بكل قوة لإنشاء مدن صناعية كاملة المرافق تكون هى القاعدة الأساسية لنهضة قادمة، وأن نوفر قبل ذلك كله استقرارا سياسيا لأنه هو البداية الحقيقية لأى تنمية فى أى دولة تسعى إرخاء شعبها، والاستقرار السياسى يجب أن يبدأ بمصالحة عامة مع جموع الشعب المصرى وعودة دولة القانون والحريات، لا نريد دولة قمعية ولا بوليسية نريد دولة لكل المواطنين، تتساوى فيها الحقوق والواجبات، دولة ستؤديها حريات المعتقد والتعبير عن الرأى، وإذا نجحنا فى تحقيق هذه الآمال فإننا حتما سنصل إلى دولة تستطيع توفير متطلبات الرخاء لشعبها وتكون من الدول القوية والمستقرة سياسيا واقتصاديا فى المستقبل القريب، ووقتها لن تحتاج مصر لمساعدات خارجية، وإنما ستقدم هى يد المساعدة لمن يحتاجها وقت الأزمة. هذا والله أعلم. من العدد المطبوع من العدد المطبوع