كانت زيارات قادة ثورة يوليو 1952، لعواصم المحافظات، أحد التقاليد الشائعة في خلال العام الأول من الثورة، كجزء من حملة دعائية منظمة استهدفت تقديمهم إلي الرأي العام، وحشد التأييد الشعبي لهم، والبرهنة، علي أن جماهيرية الأحزاب السياسية التقليدية، وعلي رأسها حزب الوفد، الذي ظل خلال الفترة بين عامي 1918 و1953، يمثل الأغلبية الشعبية في مصر، قد تلاشت بقيام الثورة. وخلال تلك الجولات، كان قادة الثورة، يطوفون بالشوارع الرئيسية لعواصم المحافظات ومدنها الكبري، وهم يستقلون عربات جيب عسكرية مكشوفة، ويحيون الجماهير التي احتشدت في نوافذ وشرفات المنازل، أو علي جانبي الشوارع، للاحتفاء بهم، والهتاف بحياتهم، من أبناء المدينة، أو من الوافدين من القري القريبة منها، وكان استخدام عربات الجيب العسكرية في تنقلاتهم، يساهم في إعطاء الانطباع، ببساطتهم وقربهم من الناس، وتفضيلهم للحياة العسكرية الخشنة، علي مظاهر الرفاهية، التي كانت تتسم بها مواكب أقطاب ما كان يعرف آنذاك بالعهد البائد.. وفي هذه الصورة، التي القطت عام 1955، في مدينة «منيا القمح»- أحد أهم مدن محافظة الشرقية- يمر موكب قادة الثورة، في أحد شوارع المدينة، في سيارة مكشوفة، يستقلها اثنان من أعضاء مجلس قيادة الثورة، بملابسهما العسكرية، هما «جمال عبدالناصر» و«حسين الشافعي» يتوسطهما أحد ألمع الوجوه المدنية في تلك الفترة، وهو الشيخ «أحمد حسن الباقوري» وقد اعتلت إحدي المواطنات مقدمة السيارة، لتقدم إلي عبدالناصر الذي كان يرأس آنذاك مجلس الوزراء، مظلمة تتضمن مطالبها.