الإصلاح.. الإصلاح.. الإصلاح أي إصلاح يتحدثون عنه ومن هم وماذا يقولون؟ أسئلة استنكارية طرحها البابا شنودة في إطار حديثه عن التيار العلماني القبطي الذي يتبني أجندة تطالب بالتحديث والإصلاح والعودة إلي تراث آباء الكنيسة القبطية وقد اتخذ أحد أبناء هذا التيار علي عاتقه الإجابة عن أسئلة البابا فأصدر الكاتب والباحث مدحت بشاي كتاب (علمانيون أقباط علي أجنحة البوم ) الذي يقع في 223 صفحة من الحجم المتوسط واحتوي علي عدد كبير من المقالات والأبحاث التي تدور حول رجل الدين الراعي الصالح والكنيسة التي نحلم بها وفي جرءة يخرج من الكنيسة إلي المجتمع ليتعرض إلي التميز الديني الذي يعاني منه الأقباط والمعالجات الفاشلة للأزمات الطائفية فالكتاب ثمرة ل 20 عاماً من مساهمات للكاتب في معظم جرائد ومجلات مصر المحروسة يتشائم المصريون من البوم ويعتبرونه رمزا للخراب لذلك كان عجيبا ان يستخدم الكاتب هذا الوصف في عنوان الكتاب ولكن هذا التعجب ينتهي عندما نعرف أن مدحت بشاي أخذه من وصف قيل إن البابا شنودة هو الذي استخدمه لكي يصف التيار العلماني المعارض له فقال إنهم كالبوم الذي ينعق في فرح الكنيسة وعلي الرغم من أن الكاتب يعلن عدم تصديقه ان يقول الباب ذلك إلا أنه استخدم هذا الوصف في العنوان الجذاب لكي يصل برسالته التي لخصها في مفتتح الكتاب قائلا لاشك اننا نعيش زمنا وظروف تتطلب منا جميعا اكليروس (اي رجال دين) وعلمانيون ان نعود فننصت لآيات الكتاب المقدس في قراءة متأنية لتحريك القلوب والعقول البليدة التي تكلس ما فوقها وما تحتها فتجمدت القراءة عند دلالات لفظية تم تلقينها من جيل الي جيل دون تأمل الرسالة الأسمي والأعظم لتوصيات وتعاليم السيد المسيح المدعمة بالأمثلة التي لا تسمح بالتوهان والضياع وتفتيت المؤمنين والزعم بأن هولاء من أبناء الكنيسة وآخرون يأملون تصويب مسارات وسلوكيات من يديرون العمل الكنسي وصولا إلي أعمال آية اجعلوا الشجرة جيدة وثمرها جيدا أو اجعلوا الشجرة ردية وثمرها رديا لأن من الثمرة تعرف الشجرة.. ويضيف الكاتب بشاي أري عبر التفاهم ضرورة الانتباه بعين الاعتبار لإعادة صياغة منظومة الإدارة الكنسية ومعايير النجاح في مدي تحقيق التواصل بين الكنيسة وشعبها. سر الخلطة ويكشف مدحت بشاي عن طريقة تعامل الاعلام مع القضايا القبطية عندما يقول «لقد باتت اخبار الكنيسة وراعيها الاكبر واساقفتها وكهنتها للأسف عناوين رئيسية ومانشيتات لصحف الاثارة وفقرات ساخنة لبرامج الهواء المسائية عبر اختراق اعلامي غير مسبوق في استجابة لشهوة الظهور الاعلامي من جانب بعض قيادات الموسسة الدينية حتي صار معلوما ان هناك توليفة صحفية متكررة نلحظها علي الصفحات الاولي لضمان اعلي توزيع مثل فضيحة جنسية واخلاقية وخبر رياضي مثير وورقة من الملف القبطي التي يتم التعامل معه بدون احتراف وبلا توقير للمؤسسة الكنسية العريقة». يبدأ الكتاب بتوثيق للقاءات التيار العلماني التي شارك الكاتب فيها ثم ينشر عدداً من مقالات الكاتب والتي منها «لسنا شياطين فهل هم ملائكة» والذي يرصد فيه عدداً من حالات الانفلات لبعض الكهنة الذين يخرجون عن سياق الدور الروحي والإنساني النبيل ويتحولون لمطاردة الأعمال الإبداعية أو الفنية أو الذين يسعون للظهور علي الفضائيات أو أصحاب المشاريع الاستثمارية. وفي مقاله «كنا نسامح والآن نمايز» يؤكد الكاتب علي حالة التميز الديني التي انتشرت في الشارع المصري وعلي نطاق مؤسسي فهناك فضائيات دينية إسلامية وأخري مسيحية داعمة للتمييز وهناك مدارس ومراكز خدمات مجتمعية تمارس التمييز مما يترتب عليه شق الشارع المصري وهو أمر جد خطير. أما مقال دور العبادة وتوطين الإيمان فأكد فيها علي حالة التعاطف المجتمعي التي تطالب بسرعة صدور قانون موحد لبناء دور العبادة وإعمال العدالة والأخذ بآليات القانون وإعمالها. الخطاب الإعلامي للبابا تحت عنوان «قداسة الباب والذهاب إلي الإعلام بداية عهد والعهد الأخير» رصد مدحت بشاي نموذجين للخطاب الاعلامي للبابا شنودة الأول مع الكاتب الكبير غالي شكري جاء في كتابه الأقباط في وطن متغير والثاني حوار تليفزيوني مع المذيعة لميس الحديدي في برنامج اتكلم وكان بشاي قد أشار بوضوح في استهلال الكتاب إلي أن البابا شنودة هو أول من فتح الكنيسة علي الإعلام والصحف كما جآء بمقال للكاتب الكبير سليمان نسيم يندد فيه بذلك حيث كتب في مدارس الأحد ان الرأي العام القبطي فوجيء بسلسلة من الكتب ذات الطابع الصحفي تحمل تصريحات منسوبة الي اسم قداسة البابا ويحررها احد الصحفيين (يقصد سلسلة كتب محمود فوزي مع البابا) تتناول أدق خصوصيات الكنيسة وخصوصيتها الداخلية وعلاقات قادتها بعضهم بالبعض وحملت في طياتها تشهيرا وتجريحا لبعض كبار قادة وآباء الكنيسة المعاصرين ومن هنا بدأت الشئون الداخلية للكنيسة تستباح لغير اعضائها والسؤال الذي يطرق ذهن القارئ اذن لماذا يتم لوم العلمانيين عندما يكتبون عن قضايا الكنيسة في الإعلام العام اذن قداسة الباب هو اول من فعل هذا وهو سؤال يجب ان يجيب عليه القراء لا الكاتب.