6490 جنيها لهذا العيار، آخر تطورات أسعار الذهب اليوم    مباحثات لتدشين خطين شحن جديدين Ro-Ro بين مصر واليونان    وزير الاستثمار: التجارة البينية الإفريقية الحالية لا تتجاوز 15% من إجمالي تجارة القارة    تفشي الكوليرا في الكونغو الديمقراطية يصبح الأسوأ خلال 25 عاما    الخطيب يعتذر عن عدم المشاركة في المؤتمر العربي لجامعة هارفارد الأمريكية    الأمن يكشف حقيقة الاعتداء على شاب بالسب والضرب بالشرقية    أمطار خفيفة بمناطق متفرقة بالجيزة والقاهرة على فترات متقطعة    يحمل جنسية عربية.. مصرع مسن اختل نوزانه وسقط من الطابق الرابع في الهرم    تحذيرات من نقابة المهن الموسيقية بشأن التعاقد مع المنتجين: عقوبات مشددة للمخالفين    موعد ومكان صلاة الجنازة على الناشر محمد هاشم    الصحة: تقديم أكثر من 7.8 مليون خدمة طبية بالقليوبية خلال 11 شهرًا    الإعلام الحكومي بغزة: 12 شهيدا ومفقودا جراء المنخفض الجوي وانهيار المباني    الاحتلال الإسرائيلي يستهدف تدريبات "قوة الرضوان" في جنوب لبنان    سقوط تشكيل عصابي تخصص في تزوير العملات المحلية ب 3 محافظات    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي للرئيس الأنجولي    تقارير إعلامية: 3 أندية أوروبية تهدد حلم برشلونة فى ضم جوهرة الأهلي    بالصور.. أحدث ظهور للفنان تامر حسني بعد وعكته الصحية الأخيرة    خدمات بطاقات التموين متاحة أونلاين    مصر وقبرص تمضيان قدمًا في تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين في قطاع الطاقة    "قصة حقيقية عشتها بالكامل".. رامي عياش يكشف كواليس أغنية "وبترحل"    أحمد كريمة: «اللي عنده برد يصلي الجمعة في البيت»    ذا صن: تفاصيل اجتماع سري بين صلاح وهيندرسون في لندن    ما حجم التطوير في مستشفى قصر العيني وأهم التحديات؟..رئيس جامعة القاهرة يجيب    الأهلي يراقب 4 لاعبين في مركز الظهير الأيسر    سلوت: أرغب فى بقاء محمد صلاح مع ليفربول.. وأنا صاحب التشكيل    جامعة المنصورة تشارك في المعرض الدولي لتسويق مخرجات البحوث والابتكار    انقطاع المياه بعد ساعات.. استعدوا الآن    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : أنت صوفى ?!    القوات الروسية تعلن تدمر 90 طائرة أوكرانية مسيرة    28 لاعبًا في قائمة نيجيريا استعدادًا لأمم إفريقيا 2025    انطلاق انتخابات مجلس إدارة نادي محافظة الفيوم وسط انضباط وتنظيم محكم    وزير الثقافة يعلن موعد انطلاق فعاليات المؤتمر العام لأدباء مصر ال37 بالعريش    الحصر العددي لأصوات الناخبين في دائرة المنتزه بالإسكندرية    «الصحة»: H1N1 وRhinovirus أكثر الفيروسات التنفسية إصابة للمصريين    «المجلس الأعلى لمراجعة البحوث الطبية» ينظم ندوة لدعم أولويات الصحة العامة في مصر    جوائز مهرجان البحر الأحمر السينمائي في نسخته الخامسة    ترامب يوقع أمراً تنفيذيا لمنع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بشأن الذكاء الاصطناعي    رئيس جامعة العاصمة: تغيير الاسم لا يمس الهوية و«حلوان» تاريخ باق    أمريكا تغرق.. فيضانات عارمة تتسبب في عمليات إجلاء جماعية بولاية واشنطن    انطلاق القافلة الدعوية بين الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء إلى مساجد شمال سيناء    الأعلى للجامعات يجري مقابلات للمتقدمين لرئاسة جامعة بني سويف    وزيرة التنمية المحلية تناقش مع محافظ القاهرة مقترح تطوير المرحلة الثانية من سوق العتبة    طريقة عمل الأرز بالخلطة والكبد والقوانص، يُقدم في العزومات    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 12 ديسمبر 2025 والقنوات الناقلة    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    القطري عبد الرحمن الجاسم حكما لمباراة بيراميدز وفلامنجو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 12-12-2025 في محافظة قنا    ياسمين عبد العزيز: خسرت الفترة الأخيرة أكثر ما كسبت.. ومحدش يقدر يكسرني غير ربنا    نتيجة الحصر العددي للدائرة ال 5 بحوش عيسى بانتخابات النواب بالبحيرة    مصرع تاجر ماشية وإصابة نجله على أيدى 4 أشخاص بسبب خلافات في البحيرة    تزايد الضغط على مادورو بعد اعتراض ناقلة نفط تابعة ل«الأسطول المظلم»    أبرزهم قرشي ونظير وعيد والجاحر، الأعلى أصواتا في الحصر العددي بدائرة القوصية بأسيوط    جوتيريش: غارات إسرائيل المستمرة فى غزة ما زالت تتسبب بخسائر كبيرة    فيديو.. لحظة إعلان اللجنة العامة المشرفة على الانتخابات البرلمانية الجيزة    رد مفاجئ من منى زكي على انتقادات دورها في فيلم الست    البابا تواضروس: «من الأسرة يخرج القديسون».. وتحذيرات من عصر التفاهة وسيطرة الهواتف على حياة الإنسان    رئيس الطائفة الإنجيلية: التحول الرقمي فرصة لتجديد رسالة النشر المسيحي وتعزيز تأثيره في وعي الإنسان المعاصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«قطايف».. جمال بدوي حفيد الجبرتي
نشر في القاهرة يوم 24 - 07 - 2012


كان يستحضر التاريخ بلغة الحاضر.. ويكشف عن مكامن القوة والضعف في الانسان من خلاله.. ويقدم صور الانتصار والانكسار في وقت واحد ..حيث ينتمي بتفسيره إلي مدرسة تنظر إلي التاريخ علي أنه أداة للإزعاج واليقظة والوعي والتنوير. في سيرة ومسيرة جمال بدوي ..لاشك أنه أبدع وأضاء وأسعد وأبكي ..وكشف اللثام عما كان مكنونا وفتح مغاليق الماضي ..وسار بقلبه وعقله وفكره داخل دهاليزالتاريخ وردهاته جمال بدوي واحد من اشهر مؤرخي العصر الحديث ..كتب في الشأن العام والتاريخ والسياسة والفكر ..وهو صحفي من طراز فريد ..تالقت كتاباته بصحيفة اخبار اليوم وشارك مع صديقه الراحل مصطفي شردي في تأسيس صحيفة الوفد.. وكان رئيسا لتحريرها . وكاتبنا له ابجدياته ومفرداته ولغته في التعبير.. وكان عاشقا للتاريخ علي وجه العموم والتاريخ المصري بشكل خاص يما يجعله حفيد الجبرتي.. كتب حلقاته بنظرة معاصرة من العصر الفرعوني وحتي العصر الحديث مرورا بحقبه المختلفة . الجميل أنه يستحضر التاريخ بلغة الحاضر.. ويكشف عن مكامن القوة والضعف في الانسان من خلاله.. ويقدم صور الانتصار والانكسار في وقت واحد ..حيث ينتمي بتفسيره إلي مدرسة تنظر إلي التاريخ علي أنه اداة للازعاج واليقظة والوعي والتنوير. وفي سيرة ومسيرة جمال بدوي ..لاشك أنه ابدع واضاء واسعد وابكي ..وكشف اللثام عما كان مكنونا وفتح مغاليق الماضي ..وسار بقلبه وعقله وفكرة داخل دهاليزالتاريخ وردهاته . تلميذ مصطفي امين ولد محمد جمال الدين اسماعيل بدوي في بسيون التابعة لمحافظة الغربية بدلتا مصر يوم 12 من فبراير من عام 1934 .. كان والده تاجرا معروفا بالبلدة.. وقد رحل عن عالمنا وعمر كاتبنا لم يتجاوز السادسة.. وفي جمعية المحافظة علي القرآن الكريم بالقرية تلقي علومه الاولي مع حفظ القرآن وبعد حصوله علي الشهادة الابتدائية.. انتقل إلي التعليم الثانوي بمدينة طنطا وبعدها التحق بكلية الآداب جامعة القاهرة و تخرج فيها عام 1961 قسم الصحافة . وقد توطدت علاقته برائد الصحافة المصرية مصطفي امين من خلال المحاضرات التي كان يلقيها في قسم الصحافة.. وكانت علاقة امين بطلابه ليست مجرد استاذ يلقي مجموعة من المحاضرات او الدروس النظرية لكي يمتحنوا فيها آخر العام وانما كان يكلفهم بتنفيذ مشروعات صحفية لتكون بمثابة تدربيب علي ممارسة العمل الصحفي ..ويمنح مكافأة مالية لافضل المشروعات.. وكان جمال الفائز فيها بالمرتبة الاولي فكان ضمن مجموعة الطلاب الذين اختارهم للالتحاق بدار اخبار اليوم وهو في السنة الثانية.. ومن فرط اعجابه به.. رفع مصطفي امين سماعة التليفون وقال لاحد كبار مساعديه أنه سيبعث اليه بافضل طلابه لكي يلتحق بقسم الاخبار.. ومنذ هذه اللحظة بدأت رحلة كاتبنا بدوي مع بلاط صاحبة الجلالة . ومع كتاباته باخبار اليوم شارك جمال بدوي في تأسيس صحيفة الوفد التي تصدر عن حزب الوفد عام 1984 مع صديقه الراحل مصطفي شردي.. وكان مديرا لتحريرها ثم رئيسا للتحرير حتي عام 1999.. وكان له كتابات بالعدبد من الصحف والمجلات العربية والمصرية مثل الجمهورية والاتحاد والشرق.. بالاضافة إلي أنه قدم 304 حلقات من سلسلة: " المصور.. شاهد عيان علي الحياة المصرية " ..وقد بدأ في كتابتها حتي رحيله في اليوم المتمم لعام 2007 . قطايف وفي سلسلة كتبه " قطايف " يقول جمال بدوي : الفرق بين القطايف وغيرها من اطباق رمضانه هو الفرق بين البساطة والدسامة.. فأهم مايميز القطايف انها سهلة الهضم فضلا عن حلاوة مذاقها وتنوع مكوناتها.. وتاريخنا الاسلامي ثري بهذا النوع من المواد الجذابة التي تمتع العقل والنفس معا منها علي سبيل المثال : المستظرف للابشهي وثمرات الاوراق للحموي واخبار الاذكياء لابي الفرج بن الجوزي.. ناهيك عن نوادر البخلاء للجاحظ والاغاني للاصفهاني ففيها غناء لمن يبحث عن المتعة العقلية والثقافة التاريخية.. وهو يقدم فصولا ممتعة استخلصها خلال عملية تنقيب في تاريخنا الاسلامي . وهو يشير إلي أنه : رغم أن التاريخ يتحدث عن الماضي الا أنه سيهدينا إلي المستقبل.. فهو ذلك المنصف المرشد المثقف الذي يطوف بنا المتاحف والمساجد والمعابد والمقابر.. ويأخذنا إلي اثار الاقدمين لنري وندرس ونتعلم منهم كيف ارتفعوا إلي الذري العالية.. ولماذا هبطوا إلي السفح.. فنضع ايدينا علي عوامل السمو والرفعة والقوة.. وندرك اسباب السقوط والتدهور والانخدار.. وتلك هي القيمة العظمي للتاريخ.. العبرة من الماضي والتفكير في الحاضر والتطلع إلي المستقبل . من المهد إلي المجد ولاشك أن كتاب المفكر جمال بدوي " مسلمون واقباط من المهد إلي المجد " ..هذا الكتاب البديع يمثل قيمة فكرية كبيرة فهو يتجاوز معني الوحدة الوطنية إلي الاصل الواحد والنسيج الواحد ..محذرا من خطورة الفرقة التي تاخذ من مكانة مصر ودورها في الحاضر والتاريخ . فهو يقول : مااكثر الشعوب التي لم تصمد امام عوادي الزمن وقوي الشر.. ولك أن تسأل : اين الاشوريون والاكاديون والكنعانيون والبابليون وكل الشعوب التي واكبت مسيرة المصريين القدماء.. لن تجد لهم ذكرا الا في الكتب المقدسة فهي شعوب بادت بفعل التاكل الذاتي او النقمة الالهية او بفعل قوي قاهرة.. لكن هؤلاء المصريين الذين عاشوا علي ضفاف النيل ولا يزالون .... فقد ذهب الدخلاء والاغراب وبقيت مصر.. فما السر الذي حفظ للمصريين هذا الربيع الدائم والوجود الادبي والتواصل التاريخي.. أن السر يتلخص في تعويذة واحدة اسمها الوحدة الوطنية.. ومن حقنا نحن احفاد الاقدمين أن نتعرف علي الاجداد الذين شكلوا نواة مصر البشرية . ويستشهد جمال بدوي بالمفكر جمال حمدان في عبارة محددة يضعها في اطارها الصحيح : أن معظم المصريين او الكثير منهم اليوم انما هم معظم الاقباط المصريين الذين اسلموا بالامس بمثل ماان اقباط اليوم انما هم بقية قبط الامس الذين استمروا علي عقيدتهم السابقة ومعني هذا أن كلمة قبط مرادفة لكلمة مصري.. وعلي اية حال فقبل اخوة الدين والعقيدة وعوضا عنها.. هناك اخوة الوطن.. فالكل مصريون قبل الاديان وبعدها.. واذا صح التعبير الشائع عن عن الزواج الطبيعي بين ارض مصر وفيضان النيل فإنه من الصحيح ايضا أن ثمرته هي المصريون جميعا فالنيل ابوهم ومصر امهم . وبدوي يشير إلي رأي الدكتور وليم سليمان قلادة صاحب كتاب " مبدا المواطنة" : أن التعددية الدينية في مصر بدأات في عام 640 مع لقاء عمرو بن العاص والبابا بنيامين بطريرك الكنيسة القبطية . . وأن اساس اللقاء احترام كل طرف لعقيدة الاآخر اي تعايش العقيدتين الدينيتين معا لايستبعد احدهما الاخر وانه بدخول الاسلام اضيف عنصر جديد إلي مقومات الكيان المصري . ويقول جمال بدوي بعنوان " القران في بيت عم صليب " : حفظت اوليات سور القرآن الكريم في بيت عم صليب وكان من اعيان الاقباط في بسيون ولم يجد حرجا في أن يؤجر بيته لجمعية المحافظة علي القرآان الكريم وكانت فصول المدرسة لاتخلو من تلاميذ يحملون اسماء : مرقص وجرجس ومسيحة وسمعان.. كنا نجلس معا فوق دكة خشبية متهالكة لحفظ القران ونتعلم القراءة والكتابة والحساب ونتلقي من افواه مشايخنا مباديء الحب والاخاء ونتفاعل في بوتقة الامتزاج الحضاري الذي ورثناه عن اجدادنا من الااف السنين . محمد علي وأولاده وفي كتابه " محمد علي واولاده ".. ينقلنا جمال بدوي إلي مصر الحديثة التي ولدت مع مطلع القرن التاسع عشر.. وهو يضع محمد علي في مكانه مستشهدا براي المؤرخ عبدالرحمن الرافعي الذي يعترف بأن عصر محمد علي يمثل صفحة مجيدة من صحائف الحركة القومية ..ففيه نشأت الدولة المصرية الحديثة وفيه تحقق الاستقلال القومي وشيدت الدعائم الكفيلة للقيانم به.. فيه تأسس الجيش المصري والاسطول المصري والثقافة المصرية.. وفيه وضعت أسس النهضة العلمية والاقتصادية للبلاد . وهو يقدم محمد علي بصورة اخري مناقضة لذلك ايضا مستشهدا بوصف المفكر جمال حمدان فهو : " آخر المماليك العظام واول الفراعنة الجدد " والذي اتي به مزيج من الثورة الشعبية والانقلاب العسكري.. وجاء بنظام سياسي هو مزيج من الفرعونية والمملوكية ليصبح نسخة جديدة من الطغيان وعلما حديثا علي الاوتوقراطية المطلقة . وجمال بدوي بنظرته الموضوعية يقول : وسواء صحت نظرية هؤلاء او اولئك.. فإن العدالة في تقويم العظماء تقتضيتا أن نحكم عليهم بمقاييس عصرهم وليس بمقاييس عصرنا وأن نفهم الظروف التي عاشوا فيها ..وكل هذا يتطلب أن ننتقل بغقولنا إلي العصر الذي كانت فيه مصر قبيل ظهور محمد علي لنحدد مقدار المكسب او الخسارة من خلال المقارنة بين مصر القرن الثامن عشر ومصر القرن التاسع عشر . وقد صدر لكتبنا بدوي مايربو علي العشرين كتابا في الثقافة والتاريخ من بينها : " في محراب الفكر " و" مسرور السياف واخوانه " و" في دهاليز الصحافة " و"مصر من نافذة التاريخ " و"انا المصري " و"حكايات مصرية " . سلام علي جمال بدوي الكاتب والمؤرخ والصحفي بعمق ماقدم .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.