عندما اهتم هيجل بالأشكال الفنية المختلفة وجد أنه خلال الشكل الرمزي لا تكون الفكرة قد وجدت شكلها الخاص، وفي الشكل الكلاسيكي حدث تناغم بين الفكرة والشكل.. أما بالنسبة للأشكال الرومانتيكية فتم التأكيد علي الجوانب الداخلية من الوعي الذاتي علي حساب تناغم الشكل أو هارمونيته. ويري هيجل أن فن العمارة يعبر عن المرحلة الرمزية أكثر من غيره من الفنون، بينما فن النحت يعبر عن المرحلة الكلاسيكية حيث ا عتبر هيجل الفترة الكلاسيكية من تاريخ الفن هي ذروته.. أما المرحلة الرومانتيكية فقد عبرت في فنون التصوير والموسيقي والشعر، ففي فن العمارة وهي نموذج للفن المكاني بمعناه الصحيح نجد أنواعا من التكرار أو التماثل أو توزيع المساحات والكتل بتوافق وانسجام علي نحو تؤلف نوعا خاصا من الإيقاع حتي ان البعض وصف الفن المعماري بعبارة شهيرة «الموسيقي المتجمدة». وفي قاعة أفق «1» يقام معرض خاص لثمانية من النحاتين المصريين من جيل الوسط وهم أحمد قرعلي، حسن كامل، سعيد بدر، شمس القرنفلي، طارق الكومي، عبدالغني قناوي، عصام درويش، علاء عبدالحميد، ناثان دوس، وهشام عبدالله، والذي قام بتحريضهم لإقامة هذا المشروع مدير قاعة أفق القوميسير الفنان إيهاب اللبان الذي يحرص دائما علي تقديم الجديد والهادف باعتباره فناناً يقوم بدور المنسق والمحرك الثقافي الذي يحمل علي عاتقه مسئولية إبراز الدور المجتمعي للفن التشكيلي المصري علي مستوي العالمين العربي والغربي، وفي هذا المعرض قدم إيهاب اللبان فريقاً من النحاتين يخوضون هذه التجربة لأول مر محاولا التأكيد علي مدي الترابط الكبير بين فن العمارة وفن النحت والذي تشهد عليه الحضارة المصرية القديمة وكذلك الحضارات الكبيرة الأخري. فكل من النحات والمعماري يتعامل مع الكتلة ومدي تأثيرها علي الفراغ المحيط، وقد مهد لهذه التجربة منذ أكثر من عام مضي ولم تقف هذه التجربة عند جهود الفناانين فقط بل اعتمدت علي عوامل أخري ساهمت في نجاح هذا المعرض من خلال مشاركة الفنان الدكتور مصطفي الرزاز كمتتبع لمراحل التجربة وكتابة دراسة كاملة عنها وقد تمت ترجمتها إلي اللغة الإنجليزية في كتالوج المعرض، بالإضافة إلي تصوير الأعمال والفنانين مجتمعين بكاميرا الفنان أيمن لطفي، وقد قام كل فنان بعمل اسكتش ملون ثلاثي الأبعاد لتوضيح الفكرة واكتمال الرؤية عند المتلقي. والفنان قرعلي «خريج كلية الفنون الجميلة - قسم النحت 1994» يقدم مشروع نموذج حديث للمسجد الجامع مستندا لشكل القبة التي ظهرت بشكل غير تقليدي غير الذي ألفناه، حيث قام بتقسيمها إلي نصفين ليلعب الضوء والفراغ دورا مهما داخل أروقة المسجد الذي يجمع فيه بين وحدة الشكل وأهمية المضمون المتصل بالمفهوم الروحي متأثراً في أعماله بالروح الشرقية في مصر القديمة، وكذلك استخدم الحجر كخامة أساسية قديمة في عمارة المساجد وقد يري البعض هذه القبة المنفصلة عن بعضها وكأنها كبسولة فضاء، وكلاهما فكرة متعلقة أيضا بالكون والروح والوجود. والفنان هشام عبدالله «مواليد أكتوبر 1972 - يعمل مدرسا للنحت في كلية التربية النوعية بينها» فيستمد أفكاره من مفردات البيئة التي يعيش فيها في الريف المصري مستلهما الساقية الخشبية في مشروعه المعماري النحتي الذي يبرز جماليات التصميم في الساقية التي تجمع بين البعد الإنساني والبعد الجمالي الذي يحمله هذا الشكل من خلال عنصر التكرار في صياغة هندسية تحدث إيقاعا موسيقيا منتظما وهو يتخذ الشكل الأفقي الذي يتفق وعنصر الدائرة المحاطة بأشجار النخيل الرأسية في نظرة مطابقة للواقع. والفنان عصام درويش «أستاذ مساعد بكلية التربية الفنية» فتتميز أعماله باتخاذها الشكل الهرمي المجرد متأثرا بالبناء المصري القديم وفكرة المثلث والعلاقة بين الأسطح الهرمية وضوء الشمس الذي ينعكس عليها والإحساس بالشكل الهرمي الذي يعبر عن الروح الأبدية وعلاقته بالفراغ المحيط. والفنان شمس القرنفلي «خريج كلية الفنون الجميلة - قسم النحت عام 1988 - وحاصل علي دكتوراه النحت عام 2001» تنطلق أعماله من الخط الرأسي من خلال قاعدة تجمع بين الشكل الكروي والشكل المكعب ليحدا من قسوة الخط الرأسي المتجه لأعلي في وضعية الصاروخ ويجمع بين بساطة التكوين والزوايا الضيقة الناتجة عن تقاطع الخطوط لتعكس بداخلها ظلال الضوء المنعكس علي الأسطح الملساء، وفي شكل آخر يتخذ نموذج الطائر في ثلاثة مستويات تدريجية سواء في القمة وهي التي تمثل وجه الطائر أو في القاعدة التي تمثلها أجنحة الطائر في حركة متموجة من منظور رأسي، ويتمني شمس في قرارة نفسه أن يخرج عمله إلي الفراغ ليتواءم مع بيئته الطبيعية بمفهوم معماري حديث ليكون هذا المعرض بمثابة بداية تحقيق الحلم. والفنان عبدالغني القناوي «مواليد القاهرة عام 1964 - درس الفن في قسم الدراسات الحرة بكلية الفنون الجميلة» فتتميز أعماله أنها تعتمد علي الارتكاز من خلال مراكز الثقل فهو لا يستخدم الشكل الرأسي للعمارة أو الشكل الأفقي لذلك فإن أعماله تنطوي علي الحس الفطري الأقرب إلي الطبيعة والخطوط المنحنية الإنسيابية ذات الحس الحركي بصياغة معمارية حديثة تلتقي فيها الانحناءات الملامسة للأرض لتخلق حالة من الاتزان بين الخط الأفقي في الطبيعة والخطوط المنحنية الموجودة في البناء نفسه. والفنان سعيد بدر «مواليد 1965 - دكتوراه الفنون الجميلة - قسم النحت 2004 جامعة الإسكندرية» يهتم في أعماله المعروفة بأنها تجمع بين القيم البصرية للتشكيل بين النحت وقيم البناء المعماري الصرحي وهو يركز علي قيمة الشكل من خلال السطح المحمل بتفاصيل مرتبطة بالتراث الإنساني والهوية المصرية من خلال ملامح الطيور والأسماك والجمال والنقوش ذات الطابع الزخرفي الشعبي. والفنان طارق الكومي «مواليد تلا 1962 - خريج كلية الفنون الجميلة - قسم النحت 1985» يهتم في أعماله بالكتلة القريبة من واجهة المنزل الفرعوني القديم الذي تتخذ اتجاها مائلا بزاوية من سطح الأرض، وهناك زوايا عديدة في البناء المعماري الذي يبرز منه شكل عمودي يذكرك بالمسلة المصرية القديمة، ويلعب هذا الشكل الرأسي دورا مهما في علاقته بشكل الكتلة والمسطحات المائلة والزوايا الحادة من تقاطع الخطوط الكثيرة والمتقابلة. والفنان ناثان دوس «مواليد ملوي 1971 - خريج كلية الفنون الجميلة - قسم النحت عام 1993» يستلهم أعماله من القواقع والحشرات والفراشات ليتخذ من التشعبات والنقوش الزخرفة الموجودة علي أسطح هذه الكائنات فيضعها في وحدات مفرغة مستخدما أدوات مساعدة من المعادن المختلفة ليصنع بناء قريباً من شكل الخيمة. والفنان علاء عبدالحميد «موايد طلخا 1986 - خريج كلية الفنون الجميلة - قسم النحت عام 2008» يعمل كاتبا بجانب كونه نحاتا وهذا يجعله قريبا من الشكل الإنساني ببعديه الأدبي والاجتماعي الذي يصبح مكوناً أساسياً لأعماله النحتية التي تعتمد علي الحركة الناتجة من الفعل ورد الفعل. والفنان حسن كامل «خريج كلية التربية الفنية عام 1991 - يعمل أستاذا مساعدا للنحت» يتكون مشروعه المركب من عدة أجزاء يجتمع كل منها في تكوين شبه مستقل في أربعة أركان تربط بينها مسطحات محددة بمستويات منخفضة تمثلها درجات السلالم التي تصنع إيقاعا منتظما مع باقي الخطوط المستقيمة والمتقاطعة والتي تنشئ زوايا هندسية تزيد من حركة العين في عدة اتجاهات. وكل الأعمال السابقة استخدم فيها اللون الأزرق كأحد ألوان الطبيعة وكنت أتمني أن أجد من الألوان الأخري كالأحمر والأصفر باعتبار مصر بلد الشمس، وكان هذا يتطلب جرأة من بعض الفنانين أتوقع أن أراها في المشاريع القادمة التي أتمني أن يشارك فيها باقي الفنانين ويتوفر لها المناخ لتنطلق في حيز الوجود.