افتتح الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون معرضه الأربعاء قبل الماضي بمركز الجزيرة للفنون بعدد من اللوحات بلغ 113 لوحة بين تصوير ورسم بخامات زيتية ومائية وأحبار.. وقد صاحبه في الافتتاح الفنان محمد رزق مدير المركز. السمة السائدة في معرض شعلان الكبير العدد ذلك التفكك النفسي الروحي لشخوصه نساء ورجال.. حتي لوحات البورتريه خاصة الوجوه المائية الألوان أصابها تداعي الألوان المائية والورقة المرسمة عليه كأنه يكشف عن تداعي نفوس شخوصه.. المعرض يكشف عن أن الفنان شعلان يري الشخصية المصرية علي هذه الهيئة المعبر خارجها عن تمزق داخلي وأيضًا ربما يكشف المعرض عن مدي سوء العلاقة وعدم التواصل بين الرجل والمرأة.. وقد تأكد هذا في ذلك العدد الكبير من اللوحات بذلك التزاحم في المشاعر المتضاربة المتناقضة في لوحات أبطالها نساء عاريات.. ورجال مقيدون إلي مقاعدهم ونساء يقيدن رجالاً مقهورين.. ورجال مختبئون خلف المقاعد أو وجوه بلا ملامح محددة.. مما يجعل المعرض يبدو كأن الفنان يعمل علي مبحث للنفس البشرية قبل المبحث التشكيلي.. المعرض في مجمله يبدو تعبيري الاتجاه إلا أن بعضها تبدو تجسيدًا لكابوس يعيشه بطل العمل المرأة والرجل كحالة بين الوعي واللاوعي.. وقد صاحب المعرض كتاب فخم كبير الحجم منفذ بطباعة فاخرة يضم كلمات صحفية وأخري نقدية.. الكتاب الواقع في مائتين واثنين وسبعين صفحة قدم له الفنان محسن شعلان بكلمة عنوانها «نحن هنا».. وضم الكتاب التذكاري صورًا للوحات بشكل مستقل عن الكلمات بلغت 103 لوحات ورسومات طبعت كل صورة علي صفحة علي الصفحات اليسري وفي الصفحات اليمني المقابلة طباعة لمقطع مكرر من اللوحة بنفس الحجم تقريبًا.. وإن كانت هذه الفكرة تهدف لتسليط الضوء والانتباه إلي تقنية معينة في اللون أو التكوين أو حركة الفرشاة إلا أنها أتت بنفس الحجم مكررة فلم تلق أي ضوء علي العمل نفسه.. .. لوحات المعرض تضم أعمالا من عام 1980 وأحدثها 2009 أي أعمال علي مدي ثلاثين عامًا وأقدم لوحات العرض بعنوان «موت سميرة» 1980 قدم خلالها حتي 1985 ثلاث لوحات لسميرة ملقاة عارية.. .. وتعد أكثر اللوحات تعبيرًا لوحة رجل عجوز حامل لأحجار من مجموعة «ولحين إشعار آخر» 2003. .. ومن ألطف البورتريهات رغم تقنيته المختلفة عن البورتريهات بعنوان «مدير.. فيه زيه كتير» 2006.. ولوحة «دفء باريس» 2006.. أما رسوماته بالقلم الرابيدو جراف علي الورق فأراها من أصل تقنياته وتظهر مجاله الحقيقي كفنان رسام بقدرة التكوين المتماسك والملمح السيريالي وأتمني أن يقدم معرض كامل في هذا الاتجاه من رسومات الرابيدو التي تميزت منها رسومات «ماوست».. «تراكيب الخير والشر»..«تداعيات الكراسي»..«معني القوة» «حب منزوع الأمان».. وقد لاحظت أن معظم لوحات 1991 و1996 لرجال ونساء نائمين كأنهم خارج الزمن والوعي مثل «الأزمة» «وأحوال شخصية» و«انعدام الزمن».. أما لوحات 2008 أو معظمها فهي لرجال مقهورين مهزومين تمارس عليهم النساء سادية عنيفة وهم مستعذبون للقيد الذي هو دائمًا «الكرافت» متحولاً إلي قيد طويل محكم.. ليبدو لي وكأن نساء لوحاته ساديات النزعة والرجال مازوشيست أو ربما رجال ماريكيزم. .. ثم ليصبح في لوحات 2009 الرجل خائفًا مختبئًا وراء بدلة تأخذ هيئة إنسان دون وجوده أي دون قيمة كما في لوحته «نحن هنا» وهو نفس عنوان كلمته في مقدمة الكتاب.. وزي امرأة ترتكن إلي جدلة دون رأس رجل تحمل نفس المعني بعنوان «ماركة مسجلة».. والكرافت المفروض أنها مكملة لهيئة الرجولة تصبح في لوحاته هي الرمز والقيد معًا الذي يقهر الرجل بدلا من تأكيد وجوده فتربطه إلي مقعد كما في «قيود لبعض الوقت».. تجذبه منها امرأة وأحكمت قيده كما في «كلنا مقيدون».. أو رجل مقيدبها كما في «قيود مؤقتة».. ونجده فيها مقيدا ومرتكنا إلي حامل رسم وفوق رأسه غراب.. وربما للغراب رمزية مبررة لكن في لوحة «بدون تعليق» لا نجد لرمزية حذاء الرجل المعلق إلي جوار امرأة مبتهجة معني رمزيًا.. .. معرض شعلان يحمل كثيرًا من الأنين واللاتواصل بين المرأة والرجل فالرجل مقهور والمرأة تائهة أو عارية في كثير من اللوحات يبدو لي أن الفنان شعلان الممتلئ بمشاعر كثيفة وآراء خاصة حول علاقة المرأة بالرجل والذي قال في مقدمة كتابه إنه قضي مع الفن خمسة وثلاثين عامًا.. اعتقد أن دفق مشاعره لم يمسك بفرشاته ليدعها هي تعمل وتعبر ولا يراجعها تاركًا إياها تعبر عن حسه اللحظي.. وهنا أين موقع تراكم التجربة علي مدي ال 35 عامًا؟.. أعتقد أن الفنان مازال يعمل بتلقائية المشاعر وربما يقصد ألا يتحول العمل بين يديه إلي صنعة لذلك أفلتت اللوحة من بين يديه وفرشاته وألوانه من الصنعة.