محافظ شمال سيناء يعلن عن طرح مدينة رفح الجديدة وقري الصيادين والتجمعات التنموية (صور)    فاتن عبد المعبود: سيناء أرض الفيروز وكنز لدينا في مصر    عزوف المواطنين عن شراء الأسماك يؤتي ثماره بالدقهلية.. انخفاض الأسعار للنصف    الصوامع والشون تواصل استقبال محصول القمح في المحافظات    بتوجيهات رئاسية.. سيناء تحظى بأولوية حكومية فى خطط التنمية الشاملة    رد عاجل من حركة حماس على طلب 17 دولة بالأفراج عن الرهائن    آلاف اليهود يؤدون الصلاة عند حائط البراق .. فيديو    "أون تايم سبورتس" تحصل على حقوق بث مباريات نصف نهائي الكؤوس الإفريقية لليد    بسبب إيقاف القيد.. أحمد حسن يفجر مفاجأة في أزمة بوطيب مع الزمالك    منافسة قوية لأبطال مصر في البطولة الأفريقية للجودو.. ورئيس الاتحاد: الدولة المصرية والشركة المتحدة لا يدخرون جهدا لدعم الرياضة    مصرع طفلين وإصابة بنت فى التجمع.. الأب: رجعت من شغلي وفوجئت بالحريق    دعاء الاستخارة بدون صلاة .. يجوز للمرأة الحائض في هذه الحالات    مدرب صن دوانز: الفشل في دوري الأبطال؟!.. جوارديولا فاز مرة في 12 عاما!    "حماس": حال قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس سنضم جناحنا العسكري للجيش الوطني    بشرى للسيدات.. استحداث وثيقة تأمين على الطلاق يتحمل الزوج رسومها كاملة    الدورة 15 لحوار بتسبيرج للمناخ بألمانيا.. وزيرة البيئة تعقب فى الجلسة الأفتتاحية عن مصداقية تمويل المناخ    ضمن الموجة ال22.. إزالة 5 حالات بناء مخالف في الإسكندرية    وزير التعليم العالي يهنئ رئيس الجمهورية والقوات المسلحة والشعب المصري بذكرى تحرير سيناء    تشافي يبرّر البقاء مدربًا في برشلونة ثقة لابورتا ودعم اللاعبين أقنعاني بالبقاء    غير مستقر.. سعر الدولار الآن بالبنوك بعد ارتفاعه المفاجئ    «الجيزة» تزيل تعديات وإشغالات الطريق العام بشوارع ربيع الجيزي والمحطة والميدان (صور)    مصادرة 569 كيلو لحوم ودواجن وأسماك مدخنة مجهولة المصدر بالغربية    التحقيق مع المتهم بالتحرش بابنته جنسيا في حدائق أكتوبر    إصابة سيدة وأبنائها في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالدقهلية    جدول مواعيد امتحانات الصفين الأول والثانى الثانوى أخر العام 2024 في القليوبية    نقابة الموسيقيين تنعي مسعد رضوان وتشييع جثمانه من بلبيس    رد فعل غير متوقع من منة تيسير إذا تبدل ابنها مع أسرة آخرى.. فيديو    بلجيكا: استدعاء السفير الإسرائيلي لإدانة قصف المناطق السكنية في غزة    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    علماء يحذرون: الاحتباس الحراري السبب في انتشار مرضي الملاريا وحمى الضنك    كيفية الوقاية من ضربة الشمس في فصل الصيف    بنات ألفة لهند صبرى ورسائل الشيخ دراز يفوزان بجوائز لجان تحكيم مهرجان أسوان    خبيرة فلك: مواليد اليوم 25 إبريل رمز للصمود    عقب سحب «تنظيم الجنازات».. «إمام»: أدعم العمل الصحفي بعيداً عن إجراءات قد تُفهم على أنها تقييد للحريات    الكرملين يعلق على توريد صواريخ "أتاكمز" إلى أوكرانيا    وزارة العمل تنظم فعاليات «سلامتك تهمنا» بمنشآت السويس    محافظ كفر الشيخ يتابع أعمال تطوير منظومة الإنارة العامة في الرياض وبلطيم    أحدهما بيلينجهام.. إصابة ثنائي ريال مدريد قبل مواجهة بايرن ميونخ    حبس شاب لاستعراضه القوة وإطلاق أعيرة نارية بشبرا الخيمة    بيلاروسيا: في حال تعرّض بيلاروسيا لهجوم فإن مينسك وموسكو ستردّان بكل أنواع الأسلحة    أمين الفتوى لزوجة: اطلقى لو زوجك لم يبطل مخدرات    أبورجيلة: فوجئت بتكريم النادي الأهلي.. ومتفائل بقدرة الزمالك على تخطي عقبة دريمز    محافظ شمال سيناء: كل المرافق في رفح الجديدة مجانًا وغير مضافة على تكلفة الوحدة السكنية    انعقاد النسخة الخامسة لمؤتمر المصريين بالخارج 4 أغسطس المقبل    7 مشروبات تساعد على التخلص من آلام القولون العصبي.. بينها الشمر والكمون    «التعليم» تستعرض تجربة تطوير التعليم بالمؤتمر الإقليمي للإنتاج المعرفي    آخرهم وائل فرج ومروة الأزلي.. نجوم انفصلوا قبل أيام من الزفاف    منها طلب أجرة أكثر من المقررة.. 14 مخالفة مرورية لا يجوز فيها التصالح بالقانون (تفاصيل)    موعد مباراة الزمالك وشبيبة أمل سكيكدة الجزائري في نصف نهائي كأس الكؤوس لليد    فن التهنئة: استقبال شم النسيم 2024 بعبارات تمزج بين الفرح والتواصل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    عادل الغضبان يهنئ أبناء محافظة بورسعيد بالذكرى ال 42 لعيد تحرير سيناء    افتتاح وتشغيل 21 سرير عناية جديد بمستشفي الكرنك في الأقصر تزامنا ذكرى تحرير سيناء    حدث ليلا.. تزايد احتجاجات الجامعات الأمريكية دعما لفلسطين    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    أحمد موسى: مطار العريش أصبح قبلة للعالم وجاهز لاستقبال جميع الوفود    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التشخيص بلغة التجريد.. وسحر المدينة الفاضلة
نشر في القاهرة يوم 26 - 01 - 2010

نسمة سخية وعفية هبت علينا من الإسكندرية نسمة دافئة مسكونة بسحر التشكيل وأناقة التعبير وجمال النظم اللوني الذي تألق في آفاق وتجليات تشع ببهجة الخيال الفنتازي. في قاعة «المسار» بالزمالك.. افترشت أعمال الفنانة جيهان سليمان بمعرضها الذي ضم أحدث أعمالها.. وهو يعد بحق من أجمل معارض الموسم التشكيلي الحالي وأكثرها حضورا. بعد تخرجها في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1988 بدأت جيهان رحلتها مع الدأب والبحث .. مضيفة إليها قوة موهبتها وكان أن كشفت عن شخصياتها الفنية التي شكلت لها مساحة خاصة ومتميزة في التصوير المصري المعاصر.
وأعمال جيهان سليمان التي سبقت معرضها الحالي.. تمثل مساحة تنتمي للتجريدية التعبيرية وترتكز علي لغة خاصة ومتفردة في التشكيل والتلوين وإذا كان الفنان كاند نسكي قد أعلن عن ظهور واحد من أكبر أساليب الفن الحديث وهو الأسلوب التجريدي بتجلياته المختلفة.. وقد استحدث اللوحة عمق وجودها لديه من مصدر ظاهر هو الموسيقي بنظامها الإيقاعي المجرد.. كما كان اللون مثل الوسيط المسموع هو الوسيط المرئي لعالم الروح.. فقد قدمت جيهان إضافة جديدة في هذا الاتجاه بثقافتها البصرية التي قادتها إلي تأمل كل ما حولها من عناصر ومفردات وإعادة تركيبها في إيقاعات فريدة جمعت بين العفوية الشديدة والانفعال اللحظي.. وفي نفس الوقت لا تفتقد إلي المنطق الرياضي وصرامة العقل بما يجعلها لا تنتمي إلي التجريدية التعبيرية أو التصوير اللاشكلي فقط بل تلتقي مع أساليب التصوير العديدة فيما يتعلق بالاتجاه التجريدي مثل التجريدية الغنائية وحتي التبقيعية والتجريد الهندسي الذي يعمد إلي توالد الأشكال الهندسية والمساحات الصريحة.
يقول هريرت ريد «استطاع الفن التجريدي بالتناغم والاتزان والقياسات النفسية خلق عوالم صغيرة تعكس للعالم الكبير.. بمعني أن الفنان يسطتيع أن يقف علي نظام العالم.. وإن لم يكن في ذرة أوحبة رمال فسيكون ذلك ضمن كتلة من الحجارة أو ضمن نمط من الألوان».
وفي الحقيقة يمكن أن نجد كل هذا في عالم جيهان سليمان بالإضافة إلي الحيوية والحضور الشديد الذي يوقظ الحواس وينعش الوجدان.. فألوانها تمثل منظومة جديدة تضاف إلي ثقافة الصورة في الفن المصري المعاصر.. خاصة واللون عندها يعد انطلاقة تعبيرية لا تحدها حدود أو قيود فهي تقدم حدائق لونية يتجاور فيها الأحمر الناري والفوشيا والرمادي والأسود والأخضر الزرعي والزيتوني والأبيض والبرتقالي والبنفسجي الناعس والأصفر المشرق والأزرق البحري البهي.. وتشكل من كل هذا قواما تشكيليا ينساب بالمتعة البصرية وعالمها هنا توليفات رصينة تمتد بتداعيات تلقائية من كريات وخطوط متقاطعة ومستقيمة ومائلة ومتقطعة ونقوش ومسطحات وأرقام وكلما تكشف عن ملامح تشخيصية مثلما نري في لوحتها التي تصور فيها ما يوحي بمانيكان تتوسط السطح التصويري ولكن تعمد إلي الإيهام حين تقطع عنه الرأس بمساحة صريحة تعرض اللوحة وأيضا في تشكيلها الثلاثي الذي يتوسط إيقاع من الأخضر الزيتوني مسكون بالنقوش يشكل في النهاية بورترية إنساني تعكس من خلاله حالة تجريدية أكثر منها تشخيصية بتلك الرموز والإشارات ولكن في إحدي اللوحات باحت جيهان ببعض الملامح التشخيصية حين صورت ست نساء متشحات بالأسود مع همسات من النقوش اللونية في فضاء تجريدي.
وفي النهاية تبدو أعمال جيهان بمثابة مطرزات تشكيلية وتصاوير من البهجة تنساب في إيقاع خيالي من الحلم والنور والبهاء والإشراق.
مدينة الفضيلة
في معرضها الحالي بالمسار تقدم جيهان انطلاقة جديدة في التصوير حولت أعمالها إلي فنتازيا من نوع آخر.. جمعت بين الإيقاع الهندسي والمنطق الرياضي الصارم المحسوب والمدروس بدقة شديدة وبين الغنائيات التجريدية.. بمعني آخر جمعت بين التجريد الهندسي التصميمي عند ماليفيتش وإحكام التنظيم ونقاء الشكل وصفاء السطوح عن موند ريان.. كل هذا مع غنائيات التجريدية التعبيرية عند كاندنسكي وفي نسق خاص وإيقاع جديد يبوح بعناصر تشخيصية بلغة التجريد.
وجيهان سليمان توحي أعمالها بتلك البنايات الضخمة من ناطحات السحاب وعلاقة الكتلة بالفراغ في المدينة المعاصرة والتي يسودها نزعة تصميمية شديدة.. معتمدة علي المسطحات من الأشكال والظلال والتوافقات اللونية.. وهي هنا تصور عناصر من العمارة الداخلية مثل: كرسي - منضدة - كنبة داخل حجرة معيشة كما تصور تصميمات وهياكل وبنايات خارجية تجمع بين الهندسي والعضوي.. الواقعي والمتخيل في وسط مثالي افتراضي تطلق عليه «مدينة الفضيلة» .. وسط يخرج بنا من زحام المدن وصور النكوث والصراع والتطاحن البشري إلي دنيا من النقاء والصفاء تنساب بدرجات من السلم الموسيقي اللوني.. دنيا يسودها السلام النفسي والطمأنينة تتعانق فيها الحركة والسكون والصمت الشاعري والتناغم اللوني وحيوية اللمسة.
وإذا كان منهج سيزان في الإبداع قد أثار الاهتمام بإحياء الأنماط الهندسية وتجلياتها ضمن تنظيم الشكل واللون في إيقاع جذاب من السطوح.. كما جعل للعناصر ثقلاً وكثافة مثل تفاحاته الشهيرة ولا شك أن جيهان قد أكدت ذلك من خلال تلك النفاحات التي تتكرر في معظم لوحاتها نطالعها فوق منضدة أو كرسي، خضراء وحمراء وبرتقالية كل تفاحة تشكل ظلها.. ورغم ضآلتها في فضاء اللوحات إلا أنها تبدو عنصرا حيويا يبعث الدفء والحياة داخل هذا المحيط الهندسي الصارم والمسكون بروعة المقابلات اللونية التي تتألق في سطوح العناصر وظلالها علي حد سواء.
تقول جيهان: «الفكر المعاصر في أي مجتمع ليس أكثر من شكل يمثل هوية لنمط فريد يتعانق فيه القديم والمعاصر وتتحاور النزعات التي تؤكد رغبة طليقة تنزع نحو رؤية بصرية علمية تقود إلي الأصالة والابتكار.. وعلي الإنسان أن يكون علي وعي بأن الكون الذي نعيشه تنتظمه النظريات الهندسية والرياضية.. وأن الأشكال عموما محكومة بقوانين رياضية وهذا المفهوم يقود إلي إبداع المدينة المثالية.. مدينة الفضيلة».
داخل المعرض وفي الافتتاح كانت جيهان سليمان مطوقة بمشاعر الإعجاب من جمهور الحضور من محبي فنها.. وجاء تصريح أستاذها الفنان فاروق وهبة: من هنا أمنحك الأستاذية وكان أن دمعت عيناها من فرط التأثر.
تحية إلي فنانة من الإسكندرية بعمق النقاء وحيوية اللمسة وفصاحة التشكيلي والتعبير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.