بداية يري الفنان هادي الجيار ان الاعمال الدرامية المقبلة التي نشهدها هذا العام لا تحمل في طياتها تغيير جذري في طبيعة ونوعية الافكار التي ستتناولها المسلسلات فالمرحلة المقبلة كما يعتقد البعض مشيرا الي انها لن تتجه للمضمون السياسي فجأة بل ان الاحداث الجارية هي التي تقود المؤلفين لاختيار اعمالهم لأن الفن يعالج قضايا مجتمعه مشبها ذلك بعملية الهضم فعندما نتناول الطعام نحتاج لفترة حتي تتم عملية الهضم ويظهر تأثيره علي الجسم وكذلك المجتمع خلال الفترة السابقة والحالية به بعض السلبيات التي سوف تعالجها الاعمال الدرامية في الفترة المقبلة وبعدها تظهر تدريجيا الاعمال الهادفة التي تسيطر علي المشهد الفني وتعود بالدراما المصرية الي عصرها الذهبي. ويؤكد الجيار أن الوقت مبكرا عن الحديث عن الاعمال التي تستطيع نقل نبض الثورة لافتا إلي ان هناك اعمال انتجت بالفعل وتناولت احداث الثورة لكنه يري انها اعمال منقوصة وغير ناجخة لأن الصورة لم تكتمل والدليل علي ذلك أنه بعد حرب اكتوبر أسرع بعض المنتجين لتناول هذا الحدث العظيم ولكن جاءت بشكل سطحي عكس الاعمال التي تناولت الحدث بعد عدة سنوات. ويري الفنان محمد رياض أن الأعمال الدرامية المقبلة ستتجه لقضايا المجتمع بعيدا عن تناول الموضوعات السياسية البحته التي يمل منها الجمهور نظرا لكم الاحداث المتعاقبة التي يشاهدها علي شاشات الفضائيات ويقرأها في الصحف كل يوم مشيرا إلي أن المجتمع مليء بالقضايا التي يجب أن تعالجها الأعمال الجديدة بعيدا عن الثورة وإن كانت المسلسلات التي تتناول الثورة وتنقل نبض الاحداث التي أعقبتها امر حتمي لتاريخ هذا الحدث العظيم الذي جاء بتغيرات عديدة في كل المجالات ولكن وقتها ليس مناسبا حاليا لأنه يجب أن ينتظر المؤلفون تحقيق اهداف الثورة كاملة وتكتمل الصورة حتي ينجح العمل الفني ويحمل قيمه فنية للجمهور. فيما يؤكد الكاتب اشرف عبدالشافي أن الاعمال الدرامية القادمة ستشهد تغيير علي مستوي المضمون لفترة طويلة حيث تطرق الاعمال الفنية لإحداث الثورة وملابساتها والصراع السياسي القائم مشيرا إلي أن هذه هي متطلبات الفترة الحالية من الجمهور الذي لا يمل من هذه الاعمال خاصة ان المصريين جميعهم تحولوا إلي محللين سياسين يناقشون شئون البلاد ويتابعون برامج التوك شو التي تتناول احداث الساعة بشغف كبير كما يتوقع عبدالشافي من بعض الاعمال أن تطرق لموضوعات وقضايا اخري اجتماعية بالاضافة إلي ذكر السير الذاتية للصحابة الذين يمثلون قدوة للجمهور خاصة مع دخول الاخوان لمجال الانتاج الفني وبالتالي سيكون هناك اعمال تتحدث عن موضوعات وقضايا اخري في المجتمع لأن الفنان ليست مهمته أن يقدم خطابا سياسيا وانما هي رسالة فنية وشتان بين المعنيين منافسة شرسة وفي السياق نفسه يؤكد المخرج نادر جلال أن الاعمال الدرامية في الفترة المقبلة ستدور في فلك السياسة بعيدا عن السير الذاتية أو السياق الرومانسي حيث تركز علي احداث الثورة وما تابعها من تغيرات طرأت علي المجتمع ، لكنه يحذر من هذا الاتجاه لأن الثورة لم تكتمل بعد ولم تتضح تبعاتها وتأثيراتها علي المجتمع بكل فئاته وبالتالي أي عمل سيتناولها سيحكم عليه بالفشل الذريع ، وهو ماحدث مع الاعمال التي اعقبت ثورة يوليو 52 حيث إنه لم ينجح منها سوي فيلم «رد قلبي» والذي انتج بعد سبع سنوات من انتهاء الثورة وبالتالي كانت الصورة مكتملة الجوانب واستطعنا متابعة الفيلم بشغف حتي يومنا هذا، لذلك يدعو جلال صناع الدراما الدراما تناول اوجه الفساد قبل الثورة فقط في الاعمال المقبلة ويوضح الكاتب محمد صفاء عامر أن مضمون الاعمال الدرامية في الفترة المقبلة يتجه نحو الاحداث واحوال البلاد مشيرا إلي أن الاعمال الدرامية المقبلة ستكون كاشفة للكثير من الامور المحيطة علي المسرح السياسي والاجتماعي في المجتمع بعيدا عن الثورة واحداثها الدفينة التي لم تتضح صورها وتكتمل بعد ، كما أن التناول الفني للجماعات الاسلامية لعام 2012 سيختلف عن التناول السابق لهم ولكن اذا حاولوا السيطرة علي الفن بأي شكل من الاشكال سيؤدي لعواقب خطيرة علي صناعة الدراما خاصة أن ذلك يخلق هجوما عنيفا وانتقادات حاد{ تدفع الفنانين لهجرة البلاد لأن البيئة لم تعد حينها مناسبة للابداع الفني واخرون يظلون في صراع مع الجماعات الاسلامية يدفع بهم للتحدي بأعمال تظهر صورة الاخوان السلبية وما يمارسونه من تزوير ومتاجرة بالدين وهنا سيحدث صدام لا نعرف مداه أو عواقبه. ومن جانبه يقول المؤلف ايمن سلامة: إن مضمون الدراما المصرية في المرحلة المقبلة يطلب اعادة النظر من قبل المؤلفين في أعمالهم التي كتبت كي تناسب المرحلة الجديدة متوقعا أن عدد المسلسلات المصرية سيقل هذا العام وسيسحب البساط من الساحة المصرية وتعطي فرصة للأعمال الإيرانية والسورية والتركية بل ستنعشها أكثر، وتحدث لها رواجا أكثر من المسلسلات الدرامية المصرية. شهرزاد اما الناقد محمود قاسم فيتوقع أن تسود المسلسلات التجارية التي تميل للتسلية خلال الفترة المقبلة خاصة لأن المشاهد حاليا بحاجة الي شهرزاد تحكي له وتخفف عنه ما يراه ويسمعه من احداث مؤسفة علي المسرح السياسي عبر وسائل الاعلام المختلفة ، كما يؤكد عدم توقف عجلة الدراما واستسلامها للظروف السياسية السيئة التي تمر بالبلاد وفي الوقت نفسه لا يتوقع تغيير علي حال الدراما لعام 2012 بسبب امتناع الكتّاب الكبار عن الكتابة نتيجة للاحداث المؤسفة التي تقلق الجميع علي مستقبل الوطن. وتؤكد الناقدة دلال عبدالفتاح علي ضرورة تقديم اعمال جيدة تتناول الاحداث والواقع بشيء من التحليل مع عرض المقترحات والحلول لحل ازمات المجتمع المصري خاصة أن يصرف علي الاعمال الفنية كل عام الملايين مشيرة إلي أن صناع الدراما هم الذين يتحكمون في اذواق المشاهدين لذلك لابد من تقديم فن هادف يرتقي بذوق الجمهور ،كما تنصح المنتجين في مصر أن يشاهدوا الغرب في كيفية تناول الاعمال الفنية التي تقدم قصص مليئة بالعبر والمواعظ لاننا باخلاقنا وثقافتنا أولي أن نقدم للجمهور قيمة فنية متكاملة الاركان مشيرة إلي أن الدراما المصرية تتراجع كل يوم آلاف الاميال لكنها تأمل ان تتغير ملامح الدراما في المرحلة المقبلة خاصة بعد أن اثبت الشعب المصري ادراكه ووعيه وارادته علي التغيير في ثورة 25 يناير مما يجعل صناع الدراما يحترموا عقول جمهورهم بتقديم فن هادف يعود للمبادئ المفقودة بعيدا عن الابتذال. كما يعتقد الناقد طارق الشناوي أن الدراما في الفترة المقبلة ستكون بمثابة عنق الزجاجة وبداية لتقديم مسلسلات ترقي إلي مستوي فكر المشاهد المصري، الذي أثبت نضجه ووعيه السياسي والاجتماعي بعد ثورة 25 يناير ، لذلك يتوقع أن تقدم تلك المسلسلات وجهات نظر جديدة تعبر عن نبض الشارع والمواطن المصري الجديد، خاصة في ظل الظروف والأحداث المتلاحقة، والتي من المتوقع أن تشهد تطورات جديدة علي الساحة في الأيام القادمة مشيرا إلي اهم ما تتميز به التغيرات التي ستطرأ علي الدراما المصرية خلال الفترة المقبلة هو خروجها من سيطرة واحتكار مجموعة من النجوم الكبار. وفي الوقت نفسه يؤكد المنتج محمد فوزي أن المرحلة المقبلة يمكن أن تشهد عودة قوية للدراما الدينية التي تتناول شخصيات أو أحداثاً إسلامية، والتي تمتلئ بها أدراج جهات الإنتاج الحكومية في قطاع الإنتاج ومدينة الإنتاج الإعلامي وشركة صوت القاهرة، بعدما اختفت بفعل توجيهات النظام السابق من المشهد الدرامي، وكانت تعامل علي أنها مسلسلات من الدرجة الثالثة، بدعوي أنها تؤجج نار الفتنة، وتعد وقوداً تستند إليه الجماعات المتشددة. بينما يري المنتج إسماعيل كتكت أنه لا أحد يستطيع أن يتوقع ما هو مستقبل الفن لكن المؤكد أن الصناعة تنهار بعد ازدهارها الأعوام الماضية مشيرا إلي أن المشهد الفني ستحمل طابعاً مختلفاً عما شهدته في السنوات السابقة خاصة ان المرحلة المقبلة ستعيد صياغة بورصة النجوم من جديد ،كما ستختفي بعض السلبيات التي كانت تحدث في الماضي ومنها ظاهرة النجم الاوحد نتيجة للظروف الاقتصادية التي يمر بها قطاع الانتاج وكذلك تختفي ظاهرة المط والتطويل الذي كان يضر بالمشاهد في تذوقه الفني حيث يتم الاعتماد علي الكيف وليس الكم في الاعمال التي تقدم في الفترة المقبلة وذلك من خلال تناول مضمون يناسب التغيرات التي طرأت علي المجتمع المصري