لا تستقر الأعمال الدرامية علي شاطئ منذ أن انتشرت الفضائيات وازدهرت صناعة الدراما من حيث العدد والكم.. فمع نجاح مسلسلات الصعيد والتي برز فيها المؤلف محمد صفاء عامر.. انساق عدد لا بأس به من كتاب الدراما وصناعها إلي السير خلف هذا الاتجاه.. ثم مسلسلات السيرة الذاتية الحديثة مع اشراقة صابرين والمخرجة انعام محمد علي من خلال مسلسل كوكب الشرق "أم كلثوم" وسار علي نهجها عدد من المسلسلات بشكل لافت للنظر. وعلي الرغم من فشل جميعها باستثناء التجربة الأولي في "أم كلثوم" إلا أن هناك عددا من مسلسلات السيرة الذاتية يتم التحضير لها حاليا لعرضها في رمضان القادم مثل "رجل لهذا الزمان" و"الضاحك الباكي" اللذين تخلفا عن ركب ماراثون الانتاج الدرامي في العام الماضي وأيضا يتم تحضير مسلسل ثالث عن "بديعة مصابني" وكذلك مسلسل "تحية كاريوكا" بالاضافة إلي "الفاجومي" وغيرها من المسلسلات. اتفق العديد من كتاب الدراما وصناعها علي أن هناك حالة من الخمول والافلاس الفكري وعدم الابتكار والتجديد لمسايرة روح العصر ومتطلباته ومجاراة تطور الأحداث بل وصل الأمر إلي درجة إعادة تحويل الأعمال السينمائية وكذلك المسلسلات الإذاعية والمسرحيات القديمة إلي مسلسلات درامية.. مثلما حدث مع "الباطنية" و"العار" وما هو قائم حاليا في "الكيف" و"الاخوة الاعداء" و"رمضان مبروك أبوالعلمين" و"سمارة" و"امبراطورية ميم" و"الزوجة الثالثة" والتي يتم التحضير لها للعرض في رمضان المقبل "2011". هناك اتجاه آخر بدأ يخرج من بنات أفكار بعض المبدعين وبدأ البعض الآخر في تبني منهجه من خلال الأعمال الرومانسية والواقعية.. وهذا ظهر بوضوح من خلال مسلسلي "قصة حب" و"الحارة" بجانب الاتجاه البوليسي والبحث عن الألغاز بمشاركة المشاهدين في البحث والتحري ذهنياً.. وهذا بدا واضحا في مسلسل "أهل كايرو". والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً: ما هي ملامح واتجاهات دراما العام القادم؟ * يري أحمد خضر المخرج الدرامي أن الدراما المصرية توقفت عن الحركة والتجدد منذ أن قدم الراحل أسامة أنور عكاشة آخر أعماله.. حيث لم يستطع أحد من المؤلفين والكتاب أن يأتي بمثل ما أتي به عكاشة.. بعد أن تفرد في قدرته علي ترجمة مفردات العصر واسقاطها علي الواقع.. لينتج عن ذلك ما اسماه "مرارة الواقع". يؤكد خضر ان تيار السيرة الذاتية وموضوعات المخدرات والعصابات اصبح الملمح المطروح حاليا علي أجندة الانتاج الدرامي المقبلة بجانب إعادة الأعمال الفنية القديمة في صورة درامية. ولفت خضر الانتباه إلي الاقبال المتزايد من الجمهور علي مشاهدة الدراما التركية والأجنبية لمناقشتها موضوعات تخاطب المشاعر الإنسانية وتدعو إلي التفاؤل والأمل في المستقبل.. مؤكدا ان هذا الاتجاه غائب تماماً عن صناع الدراما المصرية.. ويعكس حالة الفراغ الدرامي في مصر. * أشار المخرج أحمد السبعاوي إلي غياب الاتجاه الرومانسي والكوميدي عن موضوعات دراما العام الماضي.. ويتوقع استمرار هذا الغياب العام المقبل.. خاصة في ظل تكرار الأعمال وتشابهها. حذر السبعاوي من تمكن الدراما السورية خلال الفترة المقبلة علي سوق العرض خاصة بعد تبنيها اتجاه مخاطبة المشاعر والإنسانيات بجانب تسويقها بأسعار أقل بكثير من الدراما المصرية. يؤكد السبعاوي أن المغالاة في اسعار النجوم وتبعات الأزمة المالية العالمية وتأثيرها علي قطاعات الانتاج الخاصة تحدد نوعية الموضوعات التي سيتم طرحها في الفترة المقبلة.. نظراً لحاجة الانتاج إلي جني الأرباح. * أكد المؤلف والسيناريست أيمن سلامة أن الدراما المصرية سوف تتشعب خلال الفترة القادمة إلي ثلاث شعب هي: السيرة الذاتية وإعادة الافلام القديمة بالاضافة إلي المسلسلات البوليسية. يري سلامة أن الاتجاه نحو عنصري السيرة الذاتية وإعادة الافلام القديمة في صور درامية يعد افلاساً فكرياً من جهة كتاب الدراما.. خاصة تحت ضغط المنتجين وتلبية رغباتهم في انتاج هذا النوع من الدراما للإسراع في الانتاج والانتهاء منه في فترة زمنية قليلة والاعتماد علي مبدأ اللعب علي المضمون. أضاف أيمن سلامة إلي أن الاعتماد علي تقديم الأعمال القديمة وسيرة الشخصيات الفنية الشهيرة تثير "لعاب" الفنانين وقال: يتنافس نجوم الدراما في الوقت الراهن علي تقديم شخصيات فنية مثل تحية كاريوكا أو سعاد حسني أو بديعة مصابني فضلا عن تقديم ادوار قدمها من قبل نجوم مثل فريد شوقي ورشدي أباظة.. ومن ثم تساهم هذه الدوافع في تسهيل عقد الاتفاق بين جهة الانتاج والنجم المرشح للعمل. أشار سلامة إلي الاتجاه الثالث الذي يحمل في طياته قداًر من التميز والابتكار وهو الاتجاه "البوليسي" بهدف صنع توليفة درامية يستطيع المؤلف من خلالها السيطرة علي النصيب الأكبر من كعكة المشاهدة. * اشار المؤلف والسيناريست وليد يوسف إلي أن الدراما تبتعد خلال الفترة المقبلة عن الواقعية والابتكار... مؤكدا أنه بعد أن تعافت الدراما المصرية واستعادت هيبتها ومكانتها وتفوقها علي الدراما السورية وغيرها.. وبعد محاولة عدد قليل من الكتاب أصحاب الفكر المستنير تجديد دماء الدراما المصرية بأفكار جديدة ومبتكرة ومتماشية مع روح العصر وأحداثه المتلاحقة جاء السيناريست مصطفي محرم ليقود تيار اعادة تحويل الأعمال القديمة إلي مسلسلات وسار علي نهجه عدد من الكتاب. أوضح أن هذا الاتجاه أضر بالأجيال الجديدة التي تتزعم تيار التجديد والتغيير في تناول الموضوعات الدرامية. يري وليد يوسف أن اتجاه صناع الدراما في تبني فكرة تحويل الأعمال الفنية القديمة علي اختلاف أنواعها إلي مسلسلات درامية بحجة أن المعالجة سوف تكون مختلفة وأن كتابة سيناريو المسلسل مختلفة عن الفيلم أو المسرحية.. وأن الاعتماد علي أن هذا يمثل اضافة وابتكاراً إنما يعبر في حقيقة الأمر عن مخطط منظم لضرب صناعة الدراما المصرية علي حد قوله. اضاف قائلاً: الأعمال القديمة جمالها في كونها قديمة وطالب بأهمية توجه الدراما إلي مناقشة القضايا الواقعية التي تشغل الرأي العام ومستقبل الأجيال الحالية. * بينما أكد المؤلف والكاتب أحمد عوض أن دراما العام المقبل غير واضحة المعالم.. وليست محددة الاتجاهات. وقال: الاتجاه العام للدراما المقبلة لا هوية له... لكنها يغلب عليها اتجاه السيرة الذاتية الذي يثبت في كل تجربة يمر بها فشلا ذريعاً بعدما نجحت التجربة الأولي منه في مسلسل "أم كلثوم". أوضح عوض أن اتباع العديد من مسلسلات رمضان "2011" مبدأ اللعب في المضمون من خلال انتاج المزيد من أعمال السيرة الذاتية يعد فقراً وافلاساً.