عاصم الجزار: "الجبهة الوطنية" يعكس الهوية المصرية ويدعو لتفعيل المشاركة السياسية الواعية    متحدث "مياه الجيزة": عودة المياه تدريجيًا.. وحل الأزمة خلال ساعات    رئيس حزب الجبهة: الدول التي تسقط لا تنهض مجددًا وتجربة مصر العمرانية الأنجح    ترامب : نرفض اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين    برلماني: كان الأولى إغلاق السفارات الإسرائيلية ولكنهم ينفذون أجندة صهيونية    الأهلي يهزم إنبي 2-0 استعدادا لانطلاق مباريات الدوري    أمن أسوان يبحث لغز العثور على جثة شاب بين العمارات بمنطقة الصداقة    مدير "بروكسل للبحوث": فرنسا فقدت ثقتها في حكومة نتنياهو    خبراء ودبلوماسيون: أمريكا تعترف بالمجاعة فى القطاع بعد كلمة الرئيس بشأن فلسطين    يبدأ العمل بها 1 أكتوبر .. تعرف علي أسباب إنشاء المحاكم العمالية بالمحافظات واختصاصاتها    «شيكودى» يغيب عن بتروجت 3 أشهر للإصابة    ترامب: عقوبات جديدة على روسيا ما لم تنه الحرب في 10 أيام    المؤبد لتاجر وتغريمه مبلغ 200 ألف جنيه للاتجار في الهيروين بالقليوبية    «التعليم» تحدد موعد بداية العام الدراسي الجديد 2025-2026.. (الخريطة الزمنية)    إصابة 3 أشخاص بطلقات نارية فى مشاجرة بمدينة إدفو بأسوان    السفير المصرى لدى لبنان يعزي النجمة فيروز في وفاة نجلها زياد الرحباني    "جالي فيروس".. صبري عبد المنعم يكشف تطورات حالته الصحية    عمرو دياب vs تامر حسني.. من يفوز في سباق «التريند»؟    السياحة: وضع خطة تسويقية متكاملة لمتحف الحضارة    خالد الجندي : الذكاء الاصطناعي لا يصلح لإصدار الفتاوى ويفتقر لتقييم المواقف    أمين الفتوى : الشبكة ليست هدية بل جزء من المهر يرد فى هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟    تحذير عالمي| سرطان الكبد يهدد جيل الشباب    لمرضى التهاب المفاصل.. 4 أطعمة يجب الابتعاد عنها    سعر ومواصفات 5 طرازات من شيرى منهم طراز كهرباء يطرح لأول مرة فى مصر    الغندور: صفقة تاريخية على وشك الانضمام للزمالك في انتقال حر    نقابة المهن التمثيلية تهنئ الفائزين بجوائز الدولة التقديرية فى الفنون والآداب    رئيس جامعة برج العرب في زيارة رسمية لوكالة الفضاء المصرية    نصائح للاستفادة من عطلات نهاية الأسبوع في أغسطس    مبابي ينتقل لرقم الأساطير في ريال مدريد    حكم الرضاعة من الخالة وما يترتب عليه من أحكام؟.. محمد علي يوضح    محافظ الدقهلية يهنئ مدير الأمن الجديد عقب توليه منصبه    بدء انتخابات التجديد النصفى على عضوية مجلس نقابة المهن الموسيقية    من أجل قيد الصفقة الجديدة.. الزمالك يستقر على إعارة محترفه (خاص)    ضخ المياه بعد انتهاء إصلاح كسر خط رئيسى فى المنصورة    تأجيل محاكمة المتهم بإنهاء حياة شاب بمقابر الزرزمون بالشرقية    38 قتيلا حصيلة ضحايا الأمطار الغزيرة والفيضانات العارمة فى الصين    برلمانية تطالب بإصدار قرار وزاري يُلزم بلم شمل الأشقاء في مدرسة واحدة    وزارة الأوقاف تعقد (684) ندوة علمية بعنوان: "خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي"    وزير الدفاع يلتقي رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستانية - تفاصيل المناقشات    النقابات العمالية تدشن لجنة الانتقال العادل لمواجهة التحول الرقمي    وزير العمل: مدرسة السويدي للتكنولوجيا تمثل تجربة فريدة وناجحة    20% من صادرات العالم.. مصر تتصدر المركز الأول عالميًا في تصدير بودرة الخبز المُحضَّرة في 2024    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    خاص.. الزمالك يفتح الباب أمام رحيل حارسه لنادي بيراميدز    "ياعم حرام عليك".. تعليق ناري من شوبير على زيارة صلاح للمعبد البوذي    حتى لا تسقط حكومته.. كيف استغل نتنياهو عطلة الكنيست لتمرير قرارات غزة؟    الأمراض المتوطنة.. مذكرة تفاهم بين معهد تيودور بلهارس وجامعة ووهان الصينية    بالأرقام.. رئيس هيئة الإسعاف يكشف تفاصيل نقل الأطفال المبتسرين منذ بداية 2025    مقتل وإصابة خمسة أشخاص في إطلاق نار بولاية نيفادا الأمريكية    «بيفكروا كتير بعد نصف الليل».. 5 أبراج بتحب السهر ليلًا    منال عوض: تمويل 16 مشروعا للتنمية بمصر ب500 مليون دولار    مجمع إعلام القليوبية يطلق أولى فعاليات الحملة الإعلامية «صوتك فارق»    أُسدل الستار.. حُكم نهائي في نزاع قضائي طويل بين الأهلي وعبدالله السعيد    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 29 يوليو 2025 في شمال سيناء    الكهرباء: الانتهاء من الأعمال بمحطة جزيرة الذهب مساء اليوم    السيطرة على حريق بمولد كهرباء بقرية الثمانين في الوادي الجديد وتوفير البديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اقتصادات الدول الكبري وأزمات البقاء حصيلة عام 2011
نشر في القاهرة يوم 03 - 01 - 2012

اقتصادات الدول الكبري وأزمات البقاء حصيلة عام 2011 : أزمات تهدد الاقتصاد العالمي بالسقوط وزيادة في معدلات الفساد والفقر وقدر هائل من الكوارث الطبيعية في الذكري العاشرة لاعتماد اليورو .. توقعات بانهيار منطقة العملة الأوروبية الموحدة تحت وطأة أزمة الديون السيادية نصف سكان العالم يعيشون تحت خط الفقر وعدد أطفال الشوارع في الولايات المتحدة يصل إلي أكثر من مليون ونصف المليون الكوارث الطبيعية تكلف العالم 350 مليار دولار والخبراء يصفون عام 2011 بأنه الأكثر قتلا وتدميرا علي مدي عشرات السنين في أواخر عام 2011 ، يتداعي المشهد الدولي علي أنباء اقتصادية "صادمة " بكل المقاييس ، سواء في الدول التي عرفناها باسم" الدول الغنية المتقدمة " أو تلك التي تمثل العالم النامي والدول الفقيرة ، حيث يلحق الجميع " شبح " الأزمة الاقتصادية والمالية الممتدة ، والتي تصل آثارها إلي جميع الأنحاء دون استثناء . وانعكاسا لهذه الحالة ، كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة " جالوب" الدولية أن القارة الأوروبية تتصدر العالم بالنسبة لدرجة الإحباط والتشاؤم إزاء الاقتصاد العالمي ، تليها منطقة أمريكا الشمالية ، واحتلت فرنسا المكانة الأولي كأكثر الدول تشاؤما في العالم إزاء مستقبل الاقتصاد الدولي ، حيث حصلت فرنسا علي أقل درجة علي الإطلاق منذ ما يزيد علي 30 عاما ، واحتفظت القارة الأفريقية ببعض التفاؤل مع قليل من مناطق العالم الأخري ، ولكن مجمل المشاكل يؤدي إلي زيادة وتيرة " الغضب الشعبي " والذي نجد مظاهره في أنحاء متفرقة . ولا غرو أن يكون هذا هو حال العالم ، مع تردد الأنباء المزعجة عن احتمالات انهيار منطقة اليورو الأوروبية ، الأمر الذي تنعكس آثاره السلبية البالغة علي مناطق عديدة ، بما فيها الاقتصاد الأقوي في العالم ، أي الاقتصاد الأمريكي . هذا، بينما أفادت المؤشرات التي كشفتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في بيان نشر مؤخرا أن أكبر اقتصادات العالم تواجه حالة من " التباطؤ الشديد "، حيث سجل المؤشر تراجعا ب .03 نقطة خلال شهر أكتوبر ، وهو الشهر الثامن علي التوالي الذي يشهد التراجع في المنطقة التي تشمل 34 بلدا عضوا في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية . إضافة إلي ذلك ، تدل المؤشرات بالنسبة لليابان وروسيا علي مستوي للنشاط الاقتصادي " دون " وتيرته علي المدي الطويل ، مع تباطؤ في اتحاد روسيا ، وتباطؤ أكبر منه في اليابان ، الأمر الذي دفع كريستسن لاجارد مديرة صندوق النقد الدولي لتأكيد أن الاقتصاد العالمي مُهدد ويعاني من وضعا خطيرا . إلي ذلك ، تتواتر الأنباء الأكثر خطورة ومنها أن نصف سكان العالم يعيشون حاليا علي أقل من دولارين في اليوم للفرد الواحد ، وأن خمس سكان العالم يعيشون علي أقل من دولار واحد في اليوم للفرد ، وهذا هو حد الفقر المدقع ، الذي يتردد أنه قد يطيح بالنظام العالمي ، فضلا عن التهديدات البيئية التي تثقل عمليات التنمية في البلدان الأشد فقرا ، وتأثيرات المناخ العالمي علي عمليات التنمية البشرية ، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره السنوي لعام 2011 . 1 مخاطر السقوط من أهم التساؤلات الحرجة التي ترددت في عام 2011 ما يتعلق باحتمالات سقوط منطقة اليورو الأوروبية ، بالرغم من الجهود التي يبذلها قادة الاتحاد الاوروبي لاحتواء أزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو، حيث بدا واضحا تأخر وعجز هذه الجهود عن إنقاذ المنطقة التي تضم 17 دولة من شبح الركود . وفي ذلك ، أكد كريس وليماسول كبير الاقتصاديين في مؤسسة " ماركيت " ومقرها لندن أن منطقة اليورو مرت خلال الربع الأخير من العام الحالي بأسوأ نتائج فصلية منذ عامين ونصف العام ، وأشارت بيانات المؤسسة إلي أن الاقتصادات الأوروبية ستنكمش بنسبة 6 . 0 % من إجمالي الناتج المحلي خلال الشهور الثلاثة الأخيرة من العام ، فيما أكدت مؤشرات ودراسات اقتصادية أن " منطقة اليورو تتجه نحو عام اقتصادي أسود " . كانت المؤشرات والبيانات الرسمية قد أشارت تفصيلا إلي تباطؤ الاقتصاد ، وتراجع الصادرات ، وانكماش الناتج الصناعي ، وتراجع الطلبيات الدفترية لدي المصانع ومبيعات التجزئة ، وبلوغ معدلات البطالة أعلي مستوياتها علي الإطلاق ، منذ إطلاق العملة الأوروبية الموحدة (اليورو ) قبل 13 عاما . وفي تأكيدات أخري علي سوء الموقف الاقتصادي في أوروبا ، اتجه مؤشر ثقة مديري المشتريات الذي تصدره مؤسسة "ماركت " دوريا إلي مسار انخفاضي لمستوي أقل من 50 نقطة، ما يعني الدخول في مرحلة الانكماش ، وعلق المحلل الاقتصادي فان فلايت الخبير في " أي ان جي بنك " أن اقتصاد منطقة اليورو ينزلق إلي مستنقع الركود . وضاعف من هذه المخاطر التهديدات التي صدرت عن مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية بخفض تصنيف كل دولة علي خلفية أزمة الديون السياسية ، حيث حذرت وكالة التصنيف الائتماني "ستاندرز اند بورز " من تخفيض تصنيف 15 دولة في منطقة اليورو، بينما قامت وكالة " فيتش " بتخفيض تصنيف فرنسا إلي " سلبي " وهددت بتخفيض تصنيف إسبانيا وإيطاليا وبلجيكا وسلوفينيا وقبرص وايرلندا بحلول يناير 2012 . وبالرغم من الآمال التي كانت تنعقد علي جهود القادة الأوروبيين للتوصل إلي قواعد لضبط الموازنة ، فإن المؤشرات الظاهرة تؤكد أن الأزمة المالية وصلت إلي حدود خطيرة ، وصارت أكثر استحكاما مما كانت عليه منذ عام مضي ، وامتدت الأزمة إلي اقتصادين مهمين في المنطقة وهما إيطاليا وإسبانيا ، واقترن ذلك بأزمات سياسية ، حيث أقيلت حكومتان منتخبتان في اليونان وإيطاليا لتحل محلهما حكومتان من التكنوقراط وملتزمتان بخفض عجز الموازنة ومعدل الدين العام . هذا، فضلا عما أثارته الأزمة الطاحنة من خلافات داخل المؤسسات السياسية في منطقة اليورو ، ويلاحظ أن ألمانيا علي وجه الخصوص هي أحد أهم أطراف التأثير علي سياسات المنطقة ، حيث دعت الدول الأعضاء إلي ضرورة اتباع " قواعد صارمة " بهدف السيطرة علي عجز ميزانياتها ، وفيما يدل علي تصاعد الانقسامات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، فقد رفضت بريطانيا المشاركة في جهود الدول الأوروبية ، ما ضاعف من حجم الخلافات بين الشركاء الأوروبيين، خاصة أن بريطانيا لم تنضم بعد إلي منطقة اليورو ، حيث تمسكت بالسيادة الوطنية كالعادة ، واعتبرت أن أية اجراءات يتخذها أعضاء منطقة اليورو يمكن أن تضر " المركز التجاري للندن " علي الصعيد الأوروبي ، وتتمحور السياسة البريطانية حول حماية بريطانيا من التدخل الأوروبي ، واستثناء بنوك بريطانيا من الضرائب الأوروبية المطلوب فرضها علي بنوك منطقة اليورو ، وتطالب لندن بأن تكون أية موافقة علي تغييرات مالية تتعلق بالضرائب علي تعاملات البنوك عن طريق الإجماع وليس غالبية دول الاتحاد . وكانت دراسة مهمة قد أصدرها معهد " كابيتال ايكونومكس " الدولي قد أكدت أنه حتي في حالة حصول تغيير محدود في منطقة اليورو مع تخلي اليونان ثم البرتغال وايرلندا وحدها عن العملة الأوروبية الموحدة ، فإن ذلك سيؤدي إلي تراجع في إجمالي الناتج الداخلي في منطقة اليورو بنسبة 1 % عام 2012 ، و5 . 2 % في عام 2013 ، أي بنسبة مساوية لما سجل خلال مرحلة الانكماش في 2008 2009 . وتقول الكاتبة سيلين لوبيت إنه في حالة خروج بعض الأعضاء من منطقة اليورو ، فإنه لن تخرج دولة سالمة من الضرر ، علي الأقل في المدي القريب ، أما إذا خرجت دولة قوية مثل ألمانيا من منطقة اليورو ، فلن تكون العواقب طفيفة ، وسيتراوح الثمن علي كل فرد ما بين 6000 8000 يورو في السنة ، ما يشكل 20 25 % من إجمالي الناتج المحلي للبلاد . في الوقت نفسه ، فإن زوال منطقة اليورو أو تقلصها سيؤدي إلي أضرار مؤكدة علي الاقتصادات الخارجية ، وهو ما يفسر حالة القلق في الولايات المتحدة ، ومناشدتها للقادة الأوروبيين بالمسارعة في إيجاد حلول لأزمة الديون ، حيث يصل انكشاف المصارف الأمريكية علي النظام المصرفي في منطقة اليورو إلي ألفي مليار يورو . ويحذر أنطوان بريندر كبير الاقتصاديين في مؤسسة " يكسيا " لإدارة الأصول من مخاطر انهيار منطقة اليورو علي أوروبا ، وعلي الاقتصاد العالمي ، مشيرا إلي أن " فك الارتباط مع دول اليورو ستكون له نتائج كارثية علي دول منطقة الشرق الأوسط " ،( ويؤكد أن أزمة مالية ستعم العالم في حال أدت مجمل الظروف إلي ارتفاع أسعار النفط إلي أكثر من 100 دولار للبرميل ) . وكانت المقترحات التي تداولتها دول اليورو لوضع حد لأزماتها تتراوح بين : التنسيق ووضع ضوابط للمحافظة علي الاستقرار المالي ، وفرض عقوبات مباشرة وفورية علي الدول التي يتجاوز العجز الكلي في موازنتها العامة نسبة 3 % من الناتج المحلي ، ووضع آليات أوتوماتيكية لتصحيح أي اختلال ، وضرورة استغلال طاقة الاقتصاد بصورة كاملة ، وتفعل الآلية الجديدة للإنقاذ المالي في منتصف عام 2012 ، وعرض الموازنة العامة لكل دولة علي المفوضية الأوروبية التي ستمتلك حق مراجعة الدول في حالة عدم اتباع القواعد التي تضمن الاستقرار المالي ، وقد اتفقت الدول الأوروبية علي استمرار المفاوضات فيما بينها حول هذه المقترحات حتي شهر مارس 2012 . أيضا أعلنت منطقة اليورو أنها تتجه إلي إعادة رسملة صندوق النقد الدولي بمستوي 200 مليار يورو ، بما يسمح بتسليف دول المنطقة بعد ذلك والتي تمر بصعوبات مالية . ويري خبراء الأسواق أن اتجاهات الدول الأوروبية لأساليب التقشف الاقتصادي سوف تؤدي إلي المزيد من انخفاض معدلات النمو الاقتصادي بما ينعكس سلبا علي معدلات الاستهلاك وأرباح الشركات ، وصولا إلي جملة إيرادات الدولة من الضرائب . وفي السياق العام ، فقد وافق 23 زعيما أوروبيا ( من أصل 27 أعضاء الاتحاد الأوروبي ) علي إنشاء اتحاد أكثر ترابطا يتضمن تشديد قواعد الميزانية في منطقة اليورو ورفضت بريطانيا التوافق مع الدول الأوروبية في هذا الصدد ، وبعد مفاوضات شاقة ، اتفقت الدول الأعضاء في منطقة اليورو ( 17 دولة ) بالإضافة إلي 6 دول اخري تطمح للانضمام إلي كتلة اليورو علي التفاوض من اجل التوصل إلي معاهدة جديدة للاتحاد الأوروبي بما يتضمن نظاما حاسما للحماية من العجز والديون وأزماتها . وعموما ، فإن الهوية الأوروبية التي كان من المفترض أن يرسخها اليورو تتلقي حاليا ضربة قاسمة مع أزمة الديون ، والمفاوضات التي تخللتها خلافات ظاهرة ، واتهامات متبادلة ، فالألمان يتهمون اليونانيين بالكسل، فيما بدت من جانب الإيطاليين والفرنسيين مواقف تنم عن العداء للألمان . ويقول فيليب وايت الباحث في مركز الإصلاح الأوروبي في لندن " كل شيء كان يسير علي ما يرام ، حتي كشفت الأزمة المالية عن الثغرات المؤسسية في منطقة اليورو . ويطرح الجميع تساؤلات حول مصير منطقة اليورو التي تشمل 332 مليون شخص في 17 دولة ، بلغت فيها الكتلة النقدية قيد التداول في منتصف 2011 ( 2 . 14 ) مليار ورقة مالية و6 . 95 مليار قطعة نقدية بقيمة تقارب 870 مليار يورو . ويري عدد من المحللين أن أزمة منطقة اليورو وتدابير التقشف التي أقرتها معظم الدول الأوروبية ستنال من " النماذج الاجتماعية " التي تم اعتمادها بعد الحرب العالمية الثانية ، والتي يتعين إصلاحها اليوم لضمان استمرارها . 2 صعود .. وتراجع بينما تتصاعد الأزمة في الدول الأوروبية ، فإن بعض المراكز الاقتصادية والتجارية تكشف عن الصعود التدريجي لدول أخري في آسيا وأمريكا الجنوبية لتحتل مكانا متميزا في السلم العالمي . وقد أعلن مركز الأبحاث الاقتصادية والتجارية " سنتر فور ايكو نوميكس اند بيزنس ريسيرش " ومقره لندن أن البرازيل تجاوزت بريطانيا لتحتل في عام 2011 المرتبة السادسة كقوة اقتصادية في العالم ، لتأتي بريطانيا في المركز السابع ، بينما تتصدر الولايات المتحدة القائمة ، تليها الصين ، ثم اليابان ، ثم ألمانيا ، ثم فرنسا ، ثم البرازيل . ويظهر هذا الترتيب ثقل القارة الآسيوية المتزايد علي صعيد الاقتصاد العالمي ، علي حساب دول غربية . ويقول دوجلاس ماكوليامز مدير المركز إن الدول التي تنتج المواد الأولية مثل الأغذية والطاقة تحقق نجاحا ، وتتقدم في الترتيب الاقتصادي العالمي ، وتوقع المركز أن تتمكن بريطانيا في عام 2016 من تجاوز فرنسا التي لن تحتل سوي المركز التاسع للاقتصادات العالمية في 2020 ، بينما تصعد
دولتا روسيا والهند إلي المرتبتين الرابعة والخامسة . وقد حققت البرازيل التي يبلغ عدد سكانها نحو 200 مليون نسمة نموا بنسبة 5 .7 في المائة عام 2010 إلا أن الحكومة البرازيلية خفضت توقعاتها للنمو إلي 5 .3 % هذا العام ، بسبب التباطؤ القوي في الفصل الثالث من العام . غير أن بعض التفصيلات حول اقتصادات الدول الكبري تشي بصعوبات مرتقبة ، ففي الولايات المتحدة ، جاء في تقرير " ماركت ووتش " أن النمو الاقتصادي الأمريكي في الربع الثالث من العام كان أضعف قليلا مما كان متوقعا ، وقد بلغ النمو السنوي الحقيقي لأكبر اقتصاد عالمي نسبة 8 .1 % ، وكان في السابق 2 % وهي أيضا نسبة منخفضة . وفي الآونة الأخيرة ، انشغلت جميع الأوساط بقضية الخفض الضريبي حيث تم توقيع الاتفاق بالكونجرس علي تمديد خفض ضريبة المرتبات لملايين الأمريكيين لمدة شهرين ، الأمر الذي وصفه الرئيس أوباما بأنه يمثل خطوة مهمة للطبقة المتوسطة الأمريكية ، وحث الجميع علي الإبقاء علي هذا الاتفاق حتي نهاية عام 2012 . أما الأنباء الواردة من الصين ، فقد أفادت بأن ميزانية الصين لعام 2012 ستتضمن " عجزا " قدره 800 مليار يوان ( 126 مليار دولار ) أو نحو 5 .1 % من الناتج المحلي الإجمالي ، بما يقل عن 900 مليار يوان في ميزانية 2011 . وقد قررت الصين تطبيق سياسة مالية " «استباقية " لعام 2012 ، لكن ليس من المتوقع تكرار التحفيز الذي شهدته سنة 2008 حيث تم ضخ 4 تريليون يوان في الاقتصاد . 3 الفقر .. والفساد أصبح تعريف حالة الفقر تعريفا شاملا يمس جوانب عديدة من " نوعية الحياة " المعاشة ، فيشمل : الحرمان الشديد من الحياة المُرضية ، والحرمان المادي من الدخل والصحة والتعليم ، والمعاناة نتيجة التعرض للمخاطر كالمرض ، وتضاؤل القدرة المادية ، والعنف ، والجريمة ، والكوارث ، والحرمان من المدرسة ، وانعدام الحيلة وعدم قدرة الشخص علي إسماع صوته للآخرين ، والانعدام أو النقص في الحريات السياسية والمدنية . وبناء عليه ، فإن الفقر لا يتعلق فقط بنقص القدرة المادية ، وإنما هناك أيضا الجوانب المتعلقة بالحق في الحياة الآمنة سواء في مواجهة العنف أو كوارث الطبيعة ، وتعدد الاختيارات والفرص أمام المواطن ، وحرياته السياسية ، والتعبير عن نفسه في المحيط الذي يعيش فيه . هنا ، يلفت الانتباه أن جميع دول العالم تعاني انتشار ظاهرة الفقر ووجود نسبة من السكان تقاسي من تداعيات هذه الآفة الخطيرة ، بما في ذلك أغني أغنياء العالم ، ففي الولايات المتحدة صدر تقرير يكشف عن زيادة عدد الأطفال والفقراء والمشردين الذين يعيشون في مسكن هش ، ومحرومين من المأوي الطبيعي والصحي لأنهم يعيشون في السيارات والمتنزهات والمباني المهجورة ، وقد ازداد عددهم بنسبة 38 % خلال أربع سنوات ، ليصل عدد الأطفال من هؤلاء تحديدا إلي 6 .1 ملايين طفل عام 2010 بحسب منظمة متخصصة . ويقول التقرير إن طفلا من أصل 45 طفلا هو اليوم يعيش مشردا ، ويضيف " ليس من العجيب أن يرتفع عدد المشردين في ظل الأزمة الاقتصادية وذلك علي الرغم من ازدياد عدد المساكن خلال السنوات الأربع الأخيرة بمعدل 15 ألف وحدة سكنية " ، ويعيش من بين كل طفلين طفل مشرد ، في ست ولايات أمريكية في جنوب شرق البلاد مثل جورجيا والاباما ، وفي غرب الولايات المتحدة مثل كاليفورنيا . ويلاحظ أن 42 % من هؤلاء الأطفال دون السادسة من العمر ، وثلثهم تعولهم أمهات عزباوات أومصابات بأمراض مزمنة ، ويعاني هؤلاء الأطفال الجوع ونقص التعليم والضغوطات النفسية والأمراض مما يضع حياتهم ومستقبلهم علي المحك ، علي حسب التقرير . ويؤكد عدد من رؤساء البلديات الأمريكيين أن مسحا لحوالي 29 مدينة أمريكية أظهر أن عدد الجوعي ارتفع في معظم تلك المدن في العام الماضي ، ومن المتوقع أن يواصل الارتفاع في عام 2012 ، وأفاد المسح أن 86 % من تلك المدن فيها زيادات في طلب المساعدات الغذائية ، وجاءت في مقدمة أسباب الجوع : البطالة ، ثم الفقر ، يليها انخفاض الأجور وارتفاع تكاليف السكن . وبعد ذلك ، لنا أن نتصور الحال في الدول الفقيرة . علي أن ظاهرة الفقر تتسع عالميا لتشمل حوالي نصف سكان العالم الذين يعيشون علي أقل من دولارين يوميا للفرد الواحد ، وهذا تبعا لمعيار الفقر المطلق العائد إلي نقص الدخل ، بينما يعيش خمس سكان العالم علي أقل من دولار واحد يوميا للفرد ، وهذا تبعا لمعيار الفقر المدقع . ويقول الباحث كمال عبيد إن الصين أعادت تعريف مستوي الفقر في مناطقها الريفية معتبرة أن الفقير هو كل شخص يحصل علي أقل من دولار ( 5 .6 يوان ) في اليوم ، وكان الناس في المناطق الصينية الريفية يعدون فقراء إذا كان دخل الفرد منهم أقل من 33 سنتا في اليوم ، وتسمح الخطوة الجديدة بدخول ملايين السكان ضمن نظام المعونات الاجتماعية الحكومي ، حيث تم تصنيف 27 مليون شخص في المناطق الريفية ضمن الفقراء . أما في الهند ، فقد وافق مجلس الوزراء علي معالجة سوء التغذية المنتشر في الهند علي نطاق واسع بتقديم المواد الغذائية لحوالي ثلثي عدد السكان البالغ 2 . 1 مليار نسمة . علي صعيد آخر ، يشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره السنوي للعام 2011 حول التنمية البشرية إلي أن دولا عديدة يعاني جزء كبير من سكانها التأثيرات السلبية البيئية ، التي تؤثر علي التنمية البشرية ، ومنها مشكلات الصحة والنظافة والتلوث البيئي ، ومدي توافر المياه الصالحة للشرب ، ويقول التقرير إنه في البلدان النامية يعاني 6 أشخاص علي أقل تقدير من أصل 10 أشخاص من واحدة من هذه الفاقات البيئية ، في حين يعاني 4 أشخاص من أصل 10 فاقتين منها علي أقل تقدير ، ويشير البرنامج إلي أن نصف حالات سوء التغذية في العالم تعود إلي عوامل تتعلق بالبيئة . ولن يكون انتشار الفساد في العالم سوي الوجه الآخر للفقر ، حيث دعت الأمم المتحدة إلي محاربة " سرطان الفساد " دون إبطاء ، ودعا الأمين العام للأمم المتحدة جميع دول العالم للتصديق علي الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد ، وإدراج تدابير محاربة الفساد ضمن البرامج الوطنية التي تدعم التنمية المستدامة . وعندما احتفل العالم منذ أيام باليوم الدولي لمحاربة الفساد ، فقد جاء ذلك وسط اعتقاد يسود الجميع بأن داء الفساد الذي ينتشر في جميع الدول يقوض التقدم الاجتماعي وينشر عدم المساواة والظلم ، فالفاسدون عندما يسرقون أموال التنمية فإن الفقراء والمستضعفين يتم حرمانهم من التعليم والرعاية الصحية وسائر الخدمات الأساسية . ومما يذكر أن أحد جوانب اندلاع ثورات الربيع العربي ما يتعلق بمكافحة جريمة الفساد المالي ، والتي يعتبرها الأمين العام للأمم المتحدة " جريمة مناهضة للديمقراطية " مؤكدا مسؤلية جميع الأطراف في مكافحة سرطان الفساد . وقد أكدت منظمة الشفافية الدولية التي ترصد الفساد في العالم أن الوعي العام بالفساد قد ارتفع في الدول العربية في أعقاب ثورات الربيع العربي . وتقول بيانات المنظمة إن موقف تونس تغير عن العام الماضي ، وشغلت في العام الحالي المركز 73 بدلا من المركز 59 ، بحصولها علي 8 .3 نقطة بدلا من 3 . 4 نقطة ، بينما تحرك موقف مصر أيضا من المركز 98 لتشغل المركز 112 ، كما تغير موقف سوريا إلي المركز 129 بدلا من 127 ، وتغير موقف اليمن وليبيا ، لتنتقل اليمن إلي المركز 164 ، وليبيا إلي المركز 168 ( وهذه الأرقام تدل علي زيادة الوعي بالفساد ) . 4 مخاطر الغضب الشعبي خلال عام 2011 عمت بلدان العالم العربي انتفاضات شعبية يغلب عليها الطابع الشبابي فيما أطلق عليه " الربيع العربي " والذي رفع شعارات تطالب بالديمقراطية والإصلاحات السياسية وحق الشعوب العربية في حياة أفضل . غير أن دولا أخري في العالم شهدت أيضا مظاهرات مثيلة لما جري في العالم العربي ، بوتائر مختلفة وشعارات متنوعة ، وإن كان ما يجمع بينها هو " الغضب الشعبي " علي مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية ، وسوء أداء الحكومات ، وانتشار الفقر والبطالة، واتساع دوائر الفساد السياسي والمالي والإداري . وفضلا عن العالم العربي ، شهدنا نماذج من هذه الهبات الشعبية في الولايات المتحدة (حركة احتلوا وول ستريت ) التي تتهم الطبقة السياسية بالاستئثار بثروات البلاد ، وتطبيق النوع المتوحش من الرأسمالية ، كما شهدنا هذه الانتفاضات الشبابية الغاضبة في روسيا ، وهي الغضبة الشعبية التي تنتقد تجاهل السياسيين للإرادة الشعبية التي تريد حياة سياسية ديمقراطية حقيقية من خلال التنافس السياسي ، والتخلص من القيادة المزمنة للرئيس بوتين . وفي القارة الأوروبية ، شهدنا خروج التظاهرات إلي الشوارع في المدن الإسبانية واليونانية احتجاجا علي سياسات التقشف الحكومية التي تفرضها السلطات في محاولة لعلاج أزماتها المالية ، كما عمت المظاهرات مدن إيطاليا وبلجيكا وفرنسا ، ما أسقط حكومات جوروج باباندريو في اليونان ، وسيلفيو بيرلسكوني في إيطاليا ، وخوسيه ثباتيرو في إسبانيا . وجاءت مظاهرات الغاضبين الأوروبيين التي اندلعت في منتصف أكتوبر تحت عنوان " من أجل التغيير العالمي " وذلك عبر مسيرة شارك فيها النشطاء وآلاف الأوروبيين من بلجيكا وفرنسا وهولندة من الطلاب والعمال والمتقاعدين ، وقطعت مسافة 2000 كيلو متر سيرا علي الأقدام إلي بروكسل ، بهدف توجيه رسالة إلي المسئولين لتغيير السياسات التي أدت إلي غياب العدالة الاجتماعية ، ورفعوا شعارات تندد بواقع يتمتع فيه 1 % بحياة رغدة ، بينما يعاني 99 % تداعيات الأزمة المالية ، ورفع الشباب شعارا يقول " نريد حياة جديدة " يتم فيها علاج الفجوة بين السياسيين وممثليهم . ومن المظاهر الجديدة علي حياة الأوروبيين والتي تضاعف من مستوي التشاؤم لديهم ، اضطرار شباب اليونان وإسبانيا للتوجه إلي دول أمريكا اللاتينية ودول القارة الأفريقية بحثا عن فرص العمل التي تضاءلت في بلادهم من جراء الأزمة ، خاصة وقد بلغت نسبة البطالة 20 % وتخطتها في عدة مناطق . 5 غضب الطبيعة وصف خبراء الأرصاد الجوية عام 2011 بأنه الأكثر قسوة وقتلا وتدميرا علي مدي عشرات السنين ، وذكرت عدة مصادر لشركات التأمين أن الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية في عام 2011 بلغت 350 مليار دولار ، كما ارتفعت فاتورة هذه الكوارث إلي 108 مليارات دولار مقابل 48 مليار دولار في عام 2010 . ومن الكوارث التي حفلت بها 2011 فيضانات أستراليا والصين والبرازيل ، وزلزال تركيا الذي أدي إلي وفاة اكثر من 1000 شخص ، والعواصف التي اجتاحت الولايات المتحدة ، وتسونامي اليابان الذي نتج عنه وفاة 20 ألف شخص ، وبالجملة فإن عام 2011 كان عاما مأساويا بالنسبة لحجم الكوارث الطبيعية التي شهدها . ففي الولايات المتحدة وحدها ، كان حجم هذه الكوارث قياسيا ، بدءا من الأعاصير والفيضانات وتساقط الثلوج والجفاف وصولا إلي ارتفاع الحرارة واشتعال وحرائق الغابات ، وبالتالي شهدت البلاد أشد كوارث الطقس التي تسببت في أضرار في كل منها لا تقل عن مليار دولار علي الأقل . وفي اليابان ، تم تصنيف الزلزال الذي شهدته في عام 2011 علي أنه " أكبر كارثة في العالم " ، حيث أطاح الزلزال وما ترتب عليه بعشرات المباني والسيارات والمنشآت في مناطق شمال شرق اليابان ، ووصلت الأمواج العالية التي صاحبت الزلزال إلي سواحل هاواي الأمريكية ، وفي الصين ، أدت الكوارث الطبيعية والفيضانات والزلازل إلي تشريد أكثر من 9 ملايين شخص فقدوا منازلهم ، وفي تركيا ، ارتفعت حصيلة الزلزال الذي ضرب مناطقها الشرقية في نهاية أكتوبر إلي 595 قتيلا ، وفي تايلاند أسفرت الفيضانات عن سقوط 297 قتيلا منذ أواخر يوليو وسببت خسائر بلغت قيمتها 3 مليارات دولار ، وغمرت المياه الفيضانية ثلث البلاد .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.