بالانتخابات.. وآخر ينتظر صواريخ مصرية في غزة توقع مستشرق إسرائيلي تزايد التطرف الديني في مصر، مع استمرار الكلمة العليا للجيش في إدارة البلاد، علي ضوء نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب، فيما توقع مستشرق إسرائيلي آخر أن يصل التحالف بين "الإخوان" وحركة حماس الفلسطينية إلي حد مبادرة مصر إلي وضع أنظمة صواريخ مضادة للطائرات في قطاع غزة. وقال المستشرق الإسرائيلي موشيه شارون، الذي شغل منصب رئيس ادارة الشئون العربية في قيادة اركان الجيش الإسرائيلي، وكان المستشار المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحم بيجين، إن التيار الإسلامي استيقظ من سباته العميق في مصر، ليعلن عن نفسه في ثورة 25 يناير، وتوقع ان تتجه مصر إلي مزيد من التطرف الديني، لكنه يؤمن بأن الجيش سيواصل أداء دوره لتصبح له الكلمة العليا في ادارة البلاد. ويعكف شارون علي اعداد موسوعة للنقوش العربية في فلسطين، وأشارت صحيفة "يسرائيل هايوم" الإسرائيلية الي ان من بينها نسخة من الجبس لنقش نادر باللغة العربية يخص فريدريك الثاني، الذي يعد واحدا من اقوي الحكام في العصور الوسطي، وقاد الحملة الصليبية السادسة (1228 - 1229)، وتوج نفسه ملكا علي القدس عام 1229، وظل ملكا علي صقلية خلال الفترة من 1198 حتي 1250، وأسس جامعة نابولي عام 1224م، وجعل من جامعة ساليرنو أفضل مدرسة طب في أوروبا، وكان طوال حياته في خلاف مع البابوات والمدن الناهضة في ألمانيا وإيطاليا. وقد أعجب فريدريك الثاني بالثقافة العربية الإسلامية وشجع دراستها والترجمة منها، وأصبحت صقلية في عهده مركزًا مهما لانتقال الحضارة الإسلامية إلي أوروبا، الامر الذي أغضب رجال الدين المسيحيين فاتهموه بالهرطقة أو الخروج عن الدين المسيحي. ويوصف موشيه شارون بأنه خبير عالمي في الاسلام، وكان من بين المشاركين في بلورة اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، عبر العمل مستشارا لرئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيجين، وخلال عمله بالجيش الإسرائيلي عمل لسنوات طويلة مع البدو في فلسطين والشيعة في لبنان، ويحظي بسمعة عالمية اكتسبها من نشره مئات الابحاث والمقالات في المطبوعات الدولية. ولا يخفي شارون عدم تفاؤله من ثورات الربيع العربي، حتي انه يقول: "لا يحدث الكثير في الشرق الأوسط، والمؤكد انه لا يوجد ربيع عربي، فما كان هو ما سيكون، مع مزيد من التطرف". وقال إن الاسلام عاد الي مصر وكل الدول العربية منذ عام 1979، وكان خاملا او نائما لفترة طويلة لسببين، الاول هو الاستعمار الاوروبي الذي نجح في خمد الاسلام وحصره في المساجد، والثاني هو سيطرة الطبقة الحاكمة التابعة للغرب علي البلاد. وأوضح أنه منذ سنوات الخمسينات من القرن العشرين كان المجتمع العربي شرقيا ذو صبغة غربية، فعاشوا حياة الغرب، ولبسوا ملابسه، وكانوا يرسلون أبناءهم إلي جامعات في الغرب. ومع حصول الدول العربية علي الاستقلال، في الخمسينات أيضا، بدأ عصر الانقلابات العسكرية. ومع تحررها من القوي الغربية، نشأ وضع كان الجيش فيه هو العنصر المنظم الوحيد. وحظيت الانقلابات العسكرية بدعم الاتحاد السوفيتي الذي كان مهتما بها لالحاق الضرر بالغرب. وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي واصل الجيش حكمه للبلاد، ولكن في اثناء ذلك ومنذ عام 1979 بدأت عودة الاسلام ولكن تحت الارض. وقال ان العالم الاسلامي كله يتطلع الي العودة للاسلام، فبدأت المساجد تمتلئ، وبرز الشيوخ ورجال الدين بصورة اكبر. وفجأة قامت حركات اسلامية سياسية، كانت نائمة او نصف نائمة، ولكنها موجودة منذ عشرينيات القرن الماضي. ويقول شارون إن القوي الليبرالية، التي كانت تسعي لإبعاد العسكريين عن السلطة، هي التي ساعدت علي صعود القوي الاسلامية، التي ظهرت بأنها الاكثر تنظيما بعد رجال الجيش، وهو ما عبرت عنه نتائج الانتخابات المصرية، ومن قبلها التونسية. وقال إن ما كان في مصر هو ما سيكون، ولكن الصورة بالنسبة لإسرائيل ستكون اكثر صعوبة، لأن من سيؤثر علي الانشطة الدبلوماسية ومنظومة العلاقات مع إسرائيل هي عناصر ذات توجه اسلامي صارخ. وتوقع ان يظل للجيش اليد العليا في ادارة شؤون البلاد، لكن كل ما دون الجيش سيزداد توجهه نحو الاسلام المتطرف، لافتا الي ان مصر لن تكون مثل إيران. تشويه الجيش وقال المحلل السياسي بصحيفة هاآرتس الإسرائيلية، تسفاي برئيل، إن حملة صاحبت الأحداث الأخيرة لتصوير الجيش، الذي كان حليف المتظاهرين والحركات الاحتجاجية عقب اندلاع الثورة، إلي عدو للثورة نفسها، واتهم المجلس العسكري بالفشل في عرقلة "الانقلاب السياسي" الذي يقود الإخوان إلي الحكم. وأشار إلي أن نتائج المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشعب عززت مكانة الإخوان المسلمين كأكبر القوي في البرلمان القادم، بما زاد من مخاوف الليبراليين والعلمانيين من سيطرة دينية علي الدولة، لكنه قال إن الليبراليين أنفسهم باتوا يعتبرون الإخوان أفضل الجهات وأكثرها قدرة علي إعادة الدولة إلي مسارها الطبيعي، بشرط أن يسمح الجيش لهم بفعل ذلك. وأوضح أن أكثر السيناريوهات ذعرا للقوي السياسية في مصر هي تحالف حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، مع حزب النور السلفي، بما يسمح للبعض القول إن "مصر تلونت باللون الأخضر وسقطت ضحية للإسلام". وقال إن "الإخوان" يحافظون علي التحرك بثبات والحفاظ علي خط دقيق يتيح لها التعاون مع الجيش، مع الاحتفاظ بمكانتهم كزعماء للثورة، ويدركون انه سيكون عليهم الدخول في ائتلاف مع القوي العلمانية والأقباط، لمنع تظاهرهم في ميدان التحرير، وضمان الأغلبية التي تكفل لهم تشكيل الحكومة القادمة. من جانبه، أشاد محلل الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي، جاكي حوجي، بالتكتيك السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، وقال إنهم حققوا إنجازهم الكبير في الانتخابات البرلمانية، بفضل تنظيمهم الجيد، ولأنهم أجادوا الإصغاء إلي نبض الشارع المصري وهمومه، في الوقت الذي كان فيه النظام السابق يصم آذانه بكل حماقة. وأضاف: "الشعب المصري جائع، ومنهك ومهموم، وكان ضحية للقمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري منذ عهد جمال عبد الناصر، ولا يبحث هذا الشعب عن قيادة دينية، وإنما يبحث عمن يوفر له أمانا اقتصاديا، وهو يري ان الإخوان المسلمين وحدهم هم القادرون علي تحقيق ذلك". وأكد حوجي أن الإخوان متعطشون للسلطة، لكنهم لا يرغبون في الاستئثار بالكعكة كلها، لأنهم يعلمون أكثر من الجميع طبيعة الملعب السياسي، وسيكونوا سعداء باقتسام المسئولية مع آخرين، حتي لا يتحملوا الوزر كله في حالة الفشل. اتفاق السلام اما المستشرق الإسرائيلي يوناثان داحوح هاليفي، وهو خبير في شئون الارهاب والحركات الاسلامية المتطرفة بالشرق الاوسط، فيقول في موقع "نيوز ون" الإسرائيلي إن مواقف حزبي "الحرية والعدالة" و"النور" تختلف تماما عن تصريحات مسؤوليهما فيما يتعلق باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، متهما اياهما بالبحث عن سبيل للتنصل من الاتفاقية بطريقة لا تسبب لمصر سوي ضرر سياسي واقتصادي ضئيل قدر الإمكان. وأشار إلي لقاء السيناتور جون كيري والسفيرة الأمريكية بالقاهرة آن باترسون مع الدكتور محمد مرسي، رئيس حزب الحرية والعدالة، الذي اكد ان مصر دولة كبيرة وتحترم اتفاقياتها الدولية، مطالبا الادارة الامريكية بالاستماع الي صوت الشعوب وليس الي ما يقال عنها. وقال إن عددا من مسئولي الحزب، وعلي رأسهم مرسي واحمد أبوبركة، المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، ومحمد جمال حشمت، والدكتور عصام العريان، نائب رئيس الحزب، طالبوا اكثر من مرة بتعديل اتفاقية السلام أو الغائها وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل، لأنها اعتادت خرق الاتفاقيات بطريقة ممنهجة، والتأكيد علي ضرورة انتشار الجيش المصري في سيناء مسلحا بأسلحة ثقيلة ومتطورة. وقال هاليفي.. إن تصريحات مسئولي حزبي "النور" و"الحرية والعدالة" لا تشير الي تحول أيديولوجي في مواقف الاسلام السياسي بمصر، وانما تعبر عن تكتيك لتحقيق الهدف الاستراتيجي وهو التنصل من اتفاقية كامب ديفيد، وتحويل مصر الي لاعب اقليمي يقود المعركة السياسية والعسكرية ضد إسرائيل. واضاف ان الاخوان المسلمين والسلفيين يبحثون عن خروج مريح من اتفاق كامب ديفيد، ويضعون في اعتبارهم خطورة انتهاك اتفاق سياسي دولي والأضرار المباشرة التي ستترتب علي ذلك وتلحق بالاقتصاد المصري، مشيرا إلي ان مصر تتلقي مساعدات عسكرية بقيمة 1.3 مليار دولار من الولاياتالمتحدةالامريكية، فضلا عن تلقيها عام 2010 مساعدات مدنية قيمتها 250 مليون دولار. وأوضح ان قوة الجيش المصري تعتمد علي التسليح الامريكي، الذي يضم طائرات "إف 16" و"إف 4"، ومروحيات اباتشي، ودبابات من طراز "إم 60 إيه 3"، وصواريخ ارض جو من طراز "إم 1 إيه 1"، وطائرات استطلاع، فضلا عن اجراء مناورات مشتركة بين الجيشين المصري والأمريكي في إطار تعاون عسكري. وقال إن الإخوان المسلمين يصرون علي "لعبة الديمقراطية" حتي النهاية، بما في ذلك ملف العلاقات مع إسرائيل، عبر البحث عن اغلبية برلمانية للمطالبة بمراجعة اتفاقية كامب ديفيد، أو حتي عبر إجراء استفتاء شعبي علي ذلك، استنادا الي ان إسرائيل سترفض المراجعة، وبالتالي يتم القاء مسئولية الغاء الاتفاقية علي عاتق إسرائيل. ويرجح ان تكون تقديرات الاخوان الاسلاميين تتلخص في ان الولاياتالمتحدة سوف تضطر لقبول الواقع الجديد بعد نجاح المزيد من الثورات العربية ووصول الاسلاميين الي الحكم، كما سلمت بالامر حتي الان، لدرجة ان مسئولي الادارة الامريكية باتوا يشيدون بمسيرة الديمقراطية التي اتت بالإسلاميين، الذين يصفهم بأنهم "راديكاليين يسعون الي تفريغ الديمقراطية من محتواها وتطبيق الشريعة الاسلامية بصورة تدريجية". وقال إن إسرائيل تنظر الي الثورة المصرية، التي تم ترجمتها عبر صناديق الانتخابات الي ثورة اسلامية، باعتبارها بداية لعملية تحول مصر الي دولة معادية ستعود الي قائمة دول المواجهة مع الدولة العبرية. وأوضح ان إسرائيل تحاول الحفاظ علي اتفاقية كامب ديفيد، ولكن التطورات الجارية في مصر تقود بالضرورة الي خلق تحد امني خطير علي الحدود الجنوبية لإسرائيل، مؤكدا ان مصر الجديدة ستسعي الي فرض سيادتها الكاملة علي سيناء، عبر نشر قوات من الجيش النظامي في مختلف ارجائها، تحت غطاء من الذرائع التي تتضمن الانتهاكات الإسرائيلية للاتفاقية، مرورا بالاستعداد لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل، وانتهاء بالتزام مصر الدفاع عن الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة. وقال إن جماعة الاخوان المسلمين في مصر، تعد الحركة الأم لحركة حماس الفلسطينية، ولذلك تقدم لها مساعدات غامرة وتوفر لها غطاء استراتيجيا، خاصة مع صعود الإخوان كقوة كبري عبر اول انتخابات لمجلس الشعب بعد ثورة 25 يناير. وكشف عن ان عددا من اعضاء كتائب عز الدين القسام، الذين استشهدوا من جراء العدوان الإسرائيلي المتكرر علي قطاع غزة في الفترة الاخيرة، كانوا اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين الي جانب عضويتهم في حركة حماس. وأوضح أن من السهل التكهن بأن اول اهداف الاخوان المسلمين بعد الامساك بزمام السلطة في مصر هو ضمان معبر حدودي مفتوح بين مصر وقطاع غزة، مع توفير مساعدات اقتصادية وعسكرية مكثفة لحماس، بما يحمله ذلك من مخاطر أمنية جديدة علي إسرائيل. وتوقع ان يؤدي التحالف الاستراتيجي بين الاخوان وحماس الي الحد من قدرة إسرائيل علي شن عمليات عسكرية في قطاع غزة، لأن ذلك قد يجر ردا عسكريا مصريا، سواء عبر تزويد حماس بالسلاح، او المعلومات الاستخباراتية، او نشر قوات في سيناء، او حتي في قطاع غزة، وتركيب انظمة صواريخ مضادة للطائرات في غزة، وصولا الي التهديد بعملية عسكرية ضد إسرائيل. أخيرا.. كل من يهاجم الجيش المصري عليه ان يتساءل: هل تريد إسرائيل جيشا قويا لمصر؟ أم تريد إسقاطه؟ عندها اسأل نفسك: هل توافق علي أن تكون مع إسرائيل ضد الجيش المصري؟ وكيف تكون مصريا؟!