إدماج قضية فلسطين في المناهج التعليمية ضمن توصيات منتدى اسمع واتكلم    جدول امتحانات الصف الثاني الثانوي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني 2025    محافظ المنيا يؤكد استمرار حملات إزالة مخالفات البناء والتعامل بكل حسم    "التنمية المحلية" توجه بتخفيض تكلفة ووقت استخراج تراخيص المحال    هيئة قناة السويس ترد على المعلومات المغلوطة بشأن اتفاقيتها مع مجموعة موانئ أبوظبي بشأن تطوير وتشغيل منطقة "كيزاد شرق بورسعيد"    قصف إسرائيلي يستهدف مطار صنعاء الدولي بعد إنذارات بالإخلاء    الصين تحذر واشنطن: لا تفاوض تحت التهديد والضغوط    يبقى مستبعدا من مونديال الأندية.. محكمة "كاس" ترفض استئناف ليون المكسيكي (مستند)    لتجنب الأزمات.. موعد جلسة الزمالك مع بيسيرو لإنهاء التعاقد    الفروسية من أجمل المسابقات الرياضية    أمن القاهرة يكشف حقيقة تضرر مسنة من نجلها وزوجته لتعديهم عليها بالساحل    بسبب خصومة ثأرية.. المؤبد ل 3 أشخاص بتهمة إنهاء حياة نسيبهم بطلقات نارية في قنا    مفتي الجمهورية: الشريعة الإسلامية سبَّاقة في مراعاة الحالات الإنسانية    15 صورة ل ملك زاهر من أحدث جلسة تصوير لها في الفيوم    نجوم الفن وصناع السينما في افتتاح سمبوزيوم «المرأة والحياة» بأسوان    ظافر العابدين مفاجأة فيلم "السلم والثعبان" .. أحمد وملك"    بعد اغتصاب مراهق لكلب.. عالم أزهري يوضح حكم إتيان البهيمة    نجم برشلونة يضع محمد صلاح على عرش الكرة الذهبية    «ابتزاز» أون لاين.. العنف السيبراني يتصدر أجندة المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية    موسكو: نحارب «النازية» الجديدة التي ظهرت في أوكرانيا بمساعدة ودعم الغرب    موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2025 في مصر والدول العربية    تأجيل محاكمة 7 متهمين في خلية "مدينة نصر" الإرهابية ل 16 يونيو    الكرملين: بوتين يبحث هاتفيا مع نتنياهو الأوضاع في الشرق الأوسط    رئيس شركة فيزا يعرض مقترحًا لزيادة تدفق العملات الأجنبية لمصر -تفاصيل    منها إنشاء مراكز بيع outlet.. «مدبولي» يستعرض إجراءات تيسير دخول الماركات العالمية إلى الأسواق المصرية    حفل استقبال رسمي على شرف البابا تواضروس الثاني في بلجراد    قصور الثقافة تطلق العرض المسرحي "منين أجيب ناس" لفرقة الزيتيات بالسويس|صور    رئيس "شباب النواب": استضافة مصر لبطولة الفروسية تعكس مكانة مصر كوجهة رياضية عالمية    رسميًا.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025    عالم أزهري: الإحرام لا يصح دون المرور بالمواقيت المكانية.. والحج دعوة للتجرد من الماديات    الشيخ خالد الجندي: عبادة الله بالشرع وليست بالعقل    رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد الشركة القابضة للقاحات «فاكسيرا»    في يومه العالمي- 5 زيوت أساسية لتخفيف أعراض الربو    مشروبات صحية يُنصح بتناولها لمرضى السرطان    وزير الاستثمار يلتقى رئيسة البنك الأوروبى لتعزيز الاستثمارات الأوروبية فى مصر    أكاديمية الشرطة تستقبل وفداً من أعضاء هيئة التدريس بكلية الشرطة الرواندية (فيديو)    تأجيل محاكمة نقاش قتل زوجته فى العمرانية بسبب 120 جنيها لجلسة 2 يونيو    بعد رحيله عن الأهلي.. تقارير: عرض إماراتي يغازل مارسيل كولر    نائب وزير الصحة: تحسين الخصائص السكانية ركيزة أساسية في الخطة العاجلة لتحقيق التنمية الشاملة    جامعة كفر الشيخ تنظّم ندوة للتوعية بخطورة التنمر وأثره على الفرد والمجتمع    المخرج جون وونج سون يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    وزير المالية الإسرائيلي: سيتم تركيز سكان غزة في محور موراج جنوبا    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    مجلس مدينة الحسنة يواصل إزالة الآثار الناجمة عن السيول بوسط سيناء    تعليم السويس يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة اليسار المصري في أسباب الخروج الكبير عن حزب التجمع
نشر في القاهرة يوم 20 - 12 - 2011


تسيطر حالة الشعور بالأزمة علي معظم اللقاءات والندوات التي تجمع فصائل اليسار والتي تهدف إلي صياغة جبهة يسارية للعمل المشترك، ويصعب تحديد ماهية تلك الأزمة التي يتفق الجميع علي وجودها باعتبار أن معظم فصائل اليسار المصري تعاني من ضعف العضوية وعدم القدرة علي الحصول علي مردود تنظيمي لنضالها في أوساط العمال والفلاحين وتتعدد تفسيرات اليساريين لأسباب تلك الأزمة فمنهم من يري أنها أزمة علي مستوي الرؤية، ويتحدث هؤلاء عن عجز التكوينات اليسارية عن إدراك طبيعة المرحلة التي يمر بها الوطن قبل وبعد ثورة 25 يناير ومنهم من يري أنها نتيجة طبيعية لسقوط النموذج السوفيتي باعتبار أن الجزء الأكبر من اليسار المصري كان مبهورا بذلك النمط من الاشتراكية ويذهب البعض إلي اتهام الفصيل الأكبر وهو حزب التجمع بالمساهمة في تقليص حجم تأييد الجماهير لليسار وانه السبب المباشر في أن كثيرا من العضوية المحتملة لليسار عزفت عن الانضمام للتجمع باعتبارهم كانوا يرون أنه بعد أن فقد الحزب حليفه الدولي( كما يفترضون) و كذا الحلفاء في المنطقة العربية ولم يعد يشكل رؤيته في إطار اشتراكي أممي أو إطار قومي ووحدوي عربي- أصبح مجرد حزب مؤيد للحزب الوطني ولا سيما في تبني خطاب معاد لحركة الإخوان المسلمين بحجة الحفاظ علي الدولة المدنية، الأمر الذي لم يكن مقنعا للجماهير المفترضة اليسار لأن الدولة كانت عائلية بامتياز ولذا اكتنفت مواقف قيادات الحزب الكثير من الريبة لكون تلك القيادات كانت معادية في نفس الوقت للحركات الاحتجاجية كحركة 6 إبريل وحركة كفاية، مع تحفظنا طبعا علي هذا الطرح إذ ضمت حركة كفاية الكثير من أعضاء الحزب الرافضين لنهج قيادته في التعامل مع النظام السابق، هذا فضلا عن أن بعض أمانات حزب التجمع في المحافظات كانت تتصرف بمنأي عن آراء قيادته ومن ثم فتحت أبواب المقرات لكفاية وغيرها. وعلي الرغم من أن ذلك كان يعني أن حزب التجمع في مجمله ظل مبادرا ومتعاطيا مع القضايا الوطنية ببوصلة التوجيه اليساري الذاتي التي تنحاز دائما إلي حركة الجماهير بغض النظر عن سياسة " الأسقف الواطئة " أو العلاقات السياسية لقيادة الحزب بالنظام، والتي بررتها القيادة بأنها محاولات للنجاة بالحزب وسط عواصف وأنواء حركات الإسلام السياسي ووسط تآكل العضوية بالإضافة إلي الترويع الأمني الذي كان النظام يمارسه علي الأعضاء الرافضين حالة الهدنة مع النظام والذين كانت لهم قبل الثورة تحليلاتهم المستقلة عن القيادة المركزية إلا أنه من الإنصاف أن نقول أن هذا الاستقلال عن المركز أدي بعد الثورة إلي سهولة وسيولة حالة الهروب الكبير من حزب التجمع وتشكيل أحزاب أخري عوضا عن خوض نضال داخلي لاستعادة الحزب كحزب اشتراكي مصري يمثل إمكانية العمل المشترك الذي يشعر اليساريون بالحاجة إليه الآن، ومن ثم وجدنا قيادات مثل أبو العز الحريري وعبد الغفار شكر يدشنان حزبا جديدا هو " التحالف الشعبي الاشتراكي "، ورغم أن قيادته ضمت مستقلين عن التجمع مثل المهندس أحمد بهاء شعبان إلا أن الحزب أيضا حصل علي عدد غير قليل من الأعضاء البارزين المستقيلين من حزب التجمع والحزب الشيوعي المصري كالدكتور سالم سلام القيادي البارز في حركة 9 مارس والأستاذ مصطفي مجدي وهو باحث ومترجم معروف والدكتور عبدالعزيز عبدالحق أحد قيادات الحركة الطلابية في المنصورة في نهاية السبعينيات، وشهدنا أيضا في هذه المرحلة التي أعقبت سقوط مبارك إعلان الحزب الشيوعي المصري تخليه عن العمل السري ومن ثم استقال معظم أعضاؤه من حزب التجمع كالأستاذ سيد شعبان أمين تنظيم التجمع السابق، هذا فضلا عن حزب العمال الديموقراطي بقيادة كمال خليل، الذي حصل أيضا علي نصيبه من المبتعدين عن حزب التجمع بعد ما تم الترويج لفشل صيغته (التوافقية) التي جمعت بين كل هؤلاء ومعهم الناصريين في بداية تأسيس الحزب. تعنت ورغبة في التشبث بالكرسي في تقديري أن السبب الرئيسي لتلك الفوضي التنظيمية التي أصابت اليسار بعد الخامس والعشرين من يناير 2011 لا يرجع إلي أن تعدد الفصائل والأحزاب اليسارية يعبر عن خلافات جوهرية أو أنه مبني علي ضرورات موضوعية ولكن علي العكس تماما، إذ يصعب علي أي باحث أن يكتشف أية فروق جوهرية بين تلك الفصائل، تماما كما يسهل علي مرتادي المقاهي السياسية و(مجالس النميمة) إدراك أن الشخصانية والتعنت والرغبة في تصدر المشاهد من جانب وانسداد قنوات التعبير داخل الحزب الأكبر لليسار فضلا عن تشبث القيادات بمواقعها من جانب آخر هما السببان الجوهريان لحالة التعدد الكاذب للقوي اليسارية وأن تغييرا في فكر القيادة مع قدر من التجرد كفيل بجمع هؤلاء في حزب واحد، وهذا ما ثبت صحته من خلال مؤتمر قوي اليسار بالدقهلية والذي عقد في 14 سبتمبر 2011 بقصر ثقافة المنصورة والذي شهد حضورا كثيفا من الجماهير واستجابة من جانبها لما طرحه اليساريون علي اختلاف فصائلهم ولكن نفس الجماهير بدأت تنفض حين شرع المؤتمرون في فتح باب المناقشة التي أظهرت أن كل هؤلاء ينتمون لذات الرؤي وبعدها صرح القيادي عبدالعظيم الطريفي المستقيل من التجمع والمنضم إلي التحالف الشعبي قائلا " بعد هذا المؤتمر لا أجد مبررا لعدم وجودنا في حزب واحد" وهذا ما ذكرني بمقولة محمود درويش " تتكاثر الأحزاب والطبقات قلت يا رفيق الليل" إذ لم يعد التهميش والإفقار مقصورا علي العمال والفلاحين بعد تآكل الطبقة الوسطي وبعد أن أصبح المجتمع مقسوما بين طبقتين فقط ( أغنياء وفقراء) وأصبح يسهل علي اليسار أن ينادي " يا فقراء العالم اتحدوا " ليشمل النداء العمال والفلاحين والموظفين والحرفيين وليشكل الواقع الجديد فرصة للإبداع النظري في فكر اليسار غير مسبوقة بشرط أن يقبل اليساريون بغلق العقليات القديمة والانفتاح علي آفاق المتناقضات الجديدة التي فاقمتها سياسة العولمة والتي شكلت شروطا مواتية لصعود اليسار في أمريكا اللاتينية وعودة نفوذه جزئيا في أوروبا. كيفية الخروج من الأزمة إنني أختلف مع كل الداعين لهذا القدر من التعدد باعتبار أنه إضافة إلي قوي اليسار لأن الأحزاب الجديدة ليست جديدة بالمعني الحرفي ولكنها أجزاء سقطت من المبني الرئيسي لليسار المصري بفعل إهمال البناء العام لليسار، أو- لكي لا نتهم بالتشيؤ _ هم أناس مخلصون لم يجدوا سبيلا للتعبير عن تمايز رؤيتهم وفشلوا في زحزحة القيادة القديمة التي تمتلك المال والوجاهة الإعلامية وتستند إلي علاقاتها القوية بالسلطة وبلجنة الأحزاب سيئة السمعة قبل الثورة، تستند إلي كل ذلك في تثبيت مواقعها التنظيمية والتشبث بعجلة القيادة بغض النظر عن الاتجاه الذي تمضي فيه، فما الذي يشكل دوائر الخروج من تلك الأزمة، في تقديري أن الأمر يحتاج إلي عدة مراحل، تبدو لي كالتالي:- في المرحلة الأولي تقدم القيادات الحالية مراجعة ونقدا ذاتيا لمواقفها التي أدت إلي عزل اليسار عن جماهيره ومحبيه ومنها علي سبيل المثال لا الحصر الاشتراك في تضليل الناس عبر شرعنة الانتخابات المزورة في ظل النظام السابق والتي وصل الأمر لتزويرها لصالح مرشحي التجمع كما حدث في الدقهلية ودمياط الذين نجحوا بمساعدة الأمن فسقطوا في أعين الناس وفقدوا الكثير من شعبيتهم، وبعد ذلك تتخلي قيادة حزب التجمع عن مواقعها وتدفع بالقيادات الجديدة من الشباب الذين كانوا فاعلين في التحرير إبان الثورة، والمرحلة الثانية، تدعو قيادات اليسار الجديدة لحوار حول العمل اليساري المشترك في المستقبل بعد الاتفاق علي رؤية مشتركة تمثل الحد الأدني الذي لا خلاف فيه وتنظر تلك القيادات في إمكانية الاندماج في كيان يساري كبير يعترف بقوانين الوحدة والصراع ويعود للاحتكام للاشتراكية العلمية في إدارة الخلاف ويدين كل أشكال الانتقامات الشخصية أو شخصنة الخلافات السياسية، ويعتمد الأسلوب الديموقراطي أسلوبا وحيدا يشمل كل جوانب العمل الحزبي متخليا عن نهج التوافق والتراضي الذي ساد في الفترات السابقة. وفي المرحلة الثالثة، يعوض اليساريون العجز في العضوية بعمل حملات إعلامية واعتماد لغة البيان السياسي لإظهار الرؤية اليسارية في حل كل الأزمات التي تعصف بالمجتمع المصري وتؤكد تلك البيانات الانحياز الطبقي للعمال والفلاحين والفقراء وتتوقف عن طرح الأسلوب الإصلاحي في إطار النظام الرأسمالي إذ لا مصلحة لليسار ولا لجماهيره في إعادة إنتاج النظام الرأسمالي المبني علي اقتصاديات الربح، وعوضا عن ذلك الانحراف تتبني الحركة اليسارية نمط اقتصاد الإنتاج والتشغيل وتدعو لعودة الاشتراكية باعتبارها إمكانية هائلة لنهوض المجتمع المصري مرة أخري، وفي خضم ذلك علي اليساريين كشف فضائح ومخازي الاقتصاد الريعي الذي يفقر الفقراء ويغني الأغنياء ويعين العمال بعد أن يجبرهم علي كتابة استقالاتهم قبل استلام العمل، وأخيرا أقول كما قال السيد المسيح لحوارية- بعد أن تأكدنا أن غياب اليسار عن العالم قد ألحق الضرر بمكتسبات الإنسانية ومكن الرأسمال المتعولم من رقاب البشر والدول وسمح للرأسمالية الشرسة أن تدمر بلدان بأكملها - أقول لهم "أيها الاشتراكيون أنتم ملح الأرض فإذا فسدتم فبماذا يملح به؟

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.