نظم التحالف الاشتراكي مؤتمرا لليسار المصري، بالمقر المركزي لحزب التجمع، شاركت فيه كل القوي اليسارية، وانتهت بإعلان بيان ختامي، أوضح خلاله برنامج اليسار للتغيير لصالح الطبقات الشعبية، والتي أكدت ضرورة إلغاء حالة الطوارئ وكل القوانين المقيدة للحريات، والتأكيد علي مبدأ المواطنة والدولة المدنية، والفصل بين الدين والدولة، وإطلاق حق الاحتجاج من إضراب واعتصام وتظاهر، وحق التنظيم في جمعيات ونقابات وروابط وأحزاب، وأيضا انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا بين أكثر من مرشح دون أي قيود علي الترشيح ولفترتين فقط، وتوفير كل الضمانات لنزاهة العملية الانتخابية بما فيها الإشراف القضائي، وإصدار قانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية يوفر هذه الضمانات. كان ما سبق هو ما توصلت إليه كل القوي اليسارية من خلال جلسات العمل للجان، وأعلن عنها في ختام المؤتمر. تجميع القوي افتتح كل من محمد فرج الأمين العام المساعد لشئون التدريب والتثقيف وإعداد القيادات بحزب التجمع، والدكتورة كريمة الحفناوي عضو حركة كفاية، فعاليات مؤتمر اليسار المصري، حيث أكدا أن التغيير السياسي المطلوب لن يحدث إلا بالشعب المصري وللشعب، وأن هذا المؤتمر الهدف منه هو تجمع اليسار المصري بكل تياراته وقواه، ليعلن موقفه من أزمة مصر الراهنة، ودوره في الخروج منها باعتباره طرفا أصيلا في النضال الشعبي المصري علي مر التاريخ ضد الاستغلال والاحتكار والديكتاتورية السياسية، والهيمنة الأجنبية، وقد تضمنت فعاليات الجلسة عدة كلمات لكل القوي اليسارية المشاركة، والتي بدأت بكلمة المتحدث الرسمي باسم التحالف الاشتراكي عبدالغفار شكر، الذي أشار إلي أن تجمع ممثلي القوي السياسية والديمقراطية ورموز حركة التغيير من التيار الليبرالي، والتيار الإسلامي والتيار القومي في مؤتمر اليسار المصري يعد خطوة جديدة لتحقيق مزيد من التعاون والتنسيق، الذي يعتبر الوسيلة الوحيدة لإخراج البلاد من أزمتها الراهنة، مضيفا أن المجتمع المصري يواجه الآن تطورات عاصفة تأخذ بخناق المجتمع المصري، بالإضافة إلي الأزمات المتلاحقة التي تكاد تطيح باستقرار المجتمع وتماسكه، حيث يعاني ملايين المصريين من تكثيف الاستغلال الرأسمالي بدرجة غير مسبوقة في تاريخ مصر الحديث. بينما أشار سيد عبدالعال الأمين العام لحزب التجمع إلي أن التغيير، ليس المقصود به تغيير الأشخاص أو رموز السلطة وإنما تغيير الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وهو ما يعد مسئولية كبيرة ألقت علي عاتق اليسار المصري، وأنه يعتقد أن اليسار قادر علي إحداث تلك التغييرات. بناء الاشتراكية فيما جاءت كلمة الحزب الديمقراطي الاجتماعي تحت التأسيس ، والذي ألقاها العامل ناجي رشاد، تؤكد أن بناء الاشتراكية يبدأ من بناء الناس لتنظيماتهم المستقلة ونضالهم معا، من أجل انتزاع حقوقهم وممارسة سلطتهم المباشرة، وعلي اليسار ألا يعد بأن يكون بديلا عن الناس بل عليه أن يكون في القلب في حركة الناس، وأن كل من يضع نفسه بديلا عن الناس ونائبا عنهم ينتهي به الأمر إلي أن يكون مستبدا جديدا. بينما رأي حزب الشعب الاشتراكي في كلمته التي ألقاها الدكتور محسن عزام عضو الحزب، ضرورة أن يكف اليسار عن الصيغ الفوقية لتحالفه، والتي تهدف إلي تجميع نخب يسارية أو تجميع المحاربين القدامي، وأن الطريق الوحيد الحقيقي لاتحاد اليسار هو طريق نضالي عملي يبدأ وينتهي بالاندماج في الحركة الجماهيرية المنظمة للكادحين وحفزها، مع ضرورة تركيز كل الثقل علي حركات الشباب المتصاعدة الآن. وأشار صلاح عدلي المتحدث الرسمي باسم الحزب الشيوعي المصري، إلي أن هذا المؤتمر ينعقد في ظل أزمة سياسية عاصفة تعيشها البلاد في ظل نظام استبدادي يكرس السلطة في يد رئيس الجمهورية، ودولة بوليسية تستبيح كل شيء تحت غطاء قانون الطوارئ، وأضاف أنه لا يمكن أن يحدث تغيير من قوة واحدة، وإنما من جميع القوي السياسية للشعب المصري، من أجل التغيير، وأن تصبح مصر حرة. وقد اختتمت كلمات القوي اليسارية بكلمة الكتلة الاشتراكية للتغيير، والتي ألقاها أحمد بهاء الدين شعبان عضو الكتلة، حيث أكد أن الكتلة الاشتراكية لم ولن تكون منغلقة ومغلقة علي نفسها، وأنه فيما يتعلق بالتوقيعات المنشورة علي بيانها التأسيسي هي مجرد الحملة الأولي من التوقيعات، وأن الباب مفتوح للمزيد من التوقيعات من مختلف ألوان الطيف اليساري، كما لن يقتصر عمل الكتلة علي جمع التوقيعات، وإعادة الاتصال بمئات وآلاف اليساريين، وأن الكتلة ستسعي إلي بلورة وجهة نظر شعبية ويسارية في كل قضايا الوطن لتكون مرجعية لنضال اليسار في معركة مستقبل مصر. التنسيق مهمة عاجلة كما جاءت كلمات الشخصيات العامة المستقلة، والتي بدأت بكلمة الدكتور شريف حتاتة المناضل اليساري والكاتب الروائي، حيث أكد أنه ليس المطلوب من القوي السياسية أن تكون تنظيما واحدا، ولكن المطلوب أن يكونوا قوة وكتلة واحدة بينها تنسيق، وطالب بضرورة الخروج بصياغة جديدة واحدة تحمل التنسيق والاتحاد والتطبيق العملي. بينما أكد المهندس عادل المشد عضو التحالف الاشتراكي أن هذا المؤتمر قد جري عقده علي نحو متعجل، وبالتالي فإنه لن يكون ممكنا أن يتيح من الوقت ما يكفي لحسم بعض قضايا الخلاف بين اليسار، وأضاف أيضا أنه بحكم أننا نتحدث عن تيار سياسي وليس عن حزب واحد يجمع اليسار، وبالتالي فإننا لا نملك أي آلية لتنفيذ أو متابعة ما يجري الاتفاق عليه. واختتمت فعاليات الجلسة الأولي برسالة الدكتور محمد أحمد غنيم عضو التحالف الاشتراكي، والتي ألقاها عبدالغفار شكر المتحدث الرسمي باسم التحالف، والتي تضمنت المطالبة بوضع حد للتنظير والنقاش داخل الغرف المغلقة، وأن يتحول النشاط إلي عمل جماهيري. وتحديد هدف واضح للمدي القصير، وهو الإصرار علي المطالبة بتغيير دستوري محدود يمهد لحياة ديمقراطية سليمة تسمح بالتعددية، وتداول السلطة، وأن تساهم جميع الاتجاهات السياسية في المطالبة بهذا التغيير. تجسيد مطالب الجماهير وقد تلت الجلسة الافتتاحية جلسة عمل، تم خلالها تقسيم الحضور إلي أربع لجان لمناقشة أربع قضايا وهي اليسار والتغيير الديمقراطي، والثانية اليسار والتغيير الاجتماعي، والثالثة اليسار والقضايا الدولية والإقليمية، والرابعة آليات العمل المشترك لقوي وشخصيات اليسار، وذلك للخروج بنتائج وتوصيات تحدد عمل القوي اليسارية في الفترة القادمة، وكان قد تولي عدد من الشخصيات اليسارية مقررين لهذه اللجان لإعلان نتائج عمل اللجان وهم فريد زهران وصابر بركات وحمدي حسين وعبدالعال الباقوري وأحمد بهاء الدين شعبان، وقد تشابهت المناقشات الداخلية للجان واتفقوا علي نقطة واحدة في أثناء النقاش علي أنه علي الرغم من التواجد الفردي والجماعي للعديد من الأفراد والجماعات والأحزاب اليسارية، في المجال العام، إلا أن الصوت اليساري خافت للغاية، ولا يتوازن مع متطلبات الظروف الراهنة، التي تستلزم طرح الرؤي اليسارية بقوة في المجتمع والتعبير عن المطالب الجماهيرية بأشد درجات الوضوح والحسم. وفي الجلسة الختامية أعلن مقررو اللجان الأربعة التوصيات النهائية وجاءت توصيات لجنة «التغيير طريق الديمقراطية» لتؤكد أن تأييد مطالب الدكتور محمد البرادعي أمر ضروري ولكن ذلك لا يعني الذوبان أو التمادي مع مطالبه المحدودة بالنسبة لمطالب اليسار وأن اليسار يمكنه أن يبني تحالفاته علي قضية الديمقراطية للحظة الراهنة ولكن ذلك لا يعني أن يتوقف النضال من أجل أهداف اليسار الوطنية والاجتماعية بشكل مستقل وفي أطر تحالفية أخري. كما أكدت التوصيات الصادرة عن اللجنة علي ضرورة إدانة اليسار لمشروعات التمديد والتوريث والتبشير بحكم العسكر والتأكيد علي ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا حرا مباشرا، وضرورة خوض المعارك الانتخابية سواء بالمقاطعة أو خوض الانتخابات بكل قوة ونضال لكسر العزلة التي يعيشها اليسار، مؤكدين علي ضرورة إدانة أي محاولات لبناء صفقات أو الاشتراك في تزوير أو تدليس. وفي ذات السياق أكدت توصيات لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية علي ضرورة الربط بين الحركات الاحتجاجية والكفاحات الاقتصادية والاجتماعية بالسياسات العامة وتغيير العلاقات الاجتماعية في المجتمع والتأثير علي الحكم، وعلي اليسار أن يدعم كل الأشكال التنسيقية الموجودة التي أنشأها ويعمل علي توسيعها وتقويتها والتأكيد علي ضرورة النضال من أجل التغيير الشامل ضد سياسات الرأسمالية الحاكمة وضرورة توحيد نضالات اليسار وسط الشارع خاصة أنه موحد الفكر برغم التنوع الموجود في صفوفه هذا إلي جانب توصيات أخري بشأن ضرورة وجود حزب ثوري للعمال والنزول لمواقع الاحتجاجات للتوعية والتثقيف وتجاوز جلد الذات ومعالجة الأخطاء السابقة والخوض في النضال في كل القضايا التي يطرحها الصراع الطبقي ودراسة أوضاع الطبقة العاملة والتأكيد علي أنه لا تغيير حقيقي دون اتحادات ونقابات حقيقية، والاهتمام بالدعاية والعمل المستمر في القضايا التي يخوض اليسار فيها النضال وتجاوز مسألة العمل والتوقف، وابتداع أشكال وهيئات ولجان تدعم حركة العمال ك «صندوق الأحزاب» و«شبكات الدفاع القانوني». وطالبت توصيات لجنة الأوضاع الدولية والإقليمية بضرورة أن يكون للقوي اليسارية رؤي مناسبة لجماهيرها حول النظام العالمي، وإمكانات القوي الإقليمية المتعددة في ظل انفراد الرأسمالية العالمية ذات الطابع الإمبريالي العدواني بقيادة الولاياتالمتحدة بالهيمنة علي مقدرات العالم والدفع به إلي هاوية الأزمات والحروب، وأن توقيع اتفاقية كامب ديفيد 1979 قد أدي إلي وقوع مصر في دائرة التبعية للتحالف الإمبريالي العالمي والوقوع تحت هيمنته المباشرة وهو ما ظهر بجلاء في تحول النظام المصري إلي وكيل مباشر للمصالح الأمريكية - الصهيونية في المنطقة وقد ظهر ذلك في خروج مصر من الصف العربي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وإلغاء دورها باعتبارها قوة إقليمية قائدة وتحولها إلي وسيط، وانتهاء دور مصر الفاعل في المجال الأفريقي ومنها قضايا بالغة الأهمية والحيوية بالنسبة لمصر مثل قضايا دارفور وجنوب السودان ودول حوض النيل الأمر الذي يهدد مصالح مصر الحيوية والاستراتيجية، بالإضافة إلي استقالة مصر من جميع أدوارها في المنطقة والعالم بما يضر بالمصالح الوطنية لمصر وهو ما تبدي في مباركة اجتياح الجنوب اللبناني 1982، ومباركة الحرب علي العراق 1993، والمشاركة في حصار غزة. وجاءت توصيات لجنة التنسيق لتؤكد علي ضرورة إيجاد آليات لاستكمال التنسيق المشترك وذلك بإنشاء موقع علي الإنترنت وإصدار مجلة تعبر عن التنوع اليساري وتنشر الدراسات والبحوث التي تساعد علي بلورة رؤية علمية دون خلاف. وضرورة التوجه إلي كل المحافظات وإنشاء لجنة بعمل تنسيقي مهمتها تحديد الملفات المتناولة ومواعيد انعقاد المؤتمر وورش العمل وضرورة توحيد الجهود داخل اليسار بكل تنظيماته لأن الجهود الفردية مهما كانت أهميتها لا تؤدي للتغيير، وعقد لقاء خاص خلال شهرين لإيجاد أعلي درجة من التنسيق داخل كل تيارات اليسار وتنظيماته وتوحيد موقف اليسار حول الانتخابات بشكل عام ومطالبة حزب التجمع بضرورة إيجاد آليات جديدة تسمح بدخول العدد الأكبر من التيارات اليسارية بداخله.