وزير التعليم العالي: تجهيز الجامعات الأهلية بأحدث الوسائط التعليمية والمعامل    «المحامين» تعلن بدء الإضراب العام الأربعاء المقبل بعد تصويت الجمعية العمومية    رئيس هيئة الدواء يستقبل وزير صحة موريتانيا لبحث التعاون في الرقابة الدوائية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    احتفالية " Egypt Car of the Year Award" في دورتها الخامسة عشرة تؤكد ريادتها إقليميًا ودوليًا    محافظ الغربية يتفقد المركز التكنولوجي بديوان عام المحافظة ويعقد لقاء المواطنين    تراجع البورصات الأوروبية وسط تصاعد التوتر في الشرق الأوسط    محافظ المنيا يوجّه بإخلاء عاجل لعمارة آيلة للسقوط بمنطقة الحبشي ويوفر سكن بديل ودعم مالي للمتضررين    مجلس التعاون الخليجي والخارجية السعودية يدينان الهجوم الإيراني على قطر    الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان    ميلوني تؤكد أولوية وقف إطلاق النار في غزة واستئناف المحادثات مع إيران    التونسى نبيل الكوكى يصل غدا إلى القاهرة استعدادا لقيادة المصرى    تحذيرات من حالة الطقس في مباراة تشيلسي والترجى التونسي    الجونة يُعين أحمد مصطفى "بيبو" مديرًا فنيًا للفريق خلفا لعلاء عبد العال    من 1929 ل 2025.. إسبانيا تحتل الصدارة ب24% في مواجهات الأهلي مع الأندية الأوروبية    وزيرة التخطيط تُشارك في الاحتفال ب «اليوم الأولمبي» وتُكرم لاعبة مصر بعد فوز منتخب السيدات بالميدالية البرونزية    محلل أداء الأهلي السابق: ريبيرو يختلف تمامًا عن كولر    إصابة شقيقين بطعنات على يد والدهما فى دندرة بقنا بسبب خلافات أسرية    حبس سيدة التجمع المتهمة بدهس 4 أسر داخل حى النرجس على ذمة التحقيق    إصابة 9 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة أجرة ميكروباص بالوادى الجديد    ضبط مركز علاج طبيعي غير مرخص يديره أخصائي علاج طبيعي وينتحل صفة طبيب جلدية وتجميل بسوهاج    وزير الثقافة يلتقي شيوخ القبائل وأعضاء البرلمان في ختام زيارته لشمال سيناء    تزامنا مع الذكرى الثلاثين لرحيله.. "عاطف الطيب" على "الوثائقية" قريبا (فيديو)    استنفار بغرفة عمليات البيت الأبيض بعد قصف إيران قاعدة العديد الأمريكية في قطر    أسامة عباس: دخلت التمثيل بالصدفة.. وكنت أمارس المحاماة في البداية (فيديو)    جريدة مسرحنا تفتح ملف آمال المسرحيين وتتابع أبرز عروض الموسم في عددها الجديد    أحمد صالح رئيسًا للمركز القومي للسينما (تفاصيل)    مجمع البحوث الإسلامية في اليوم الدولي للأرامل: إنصافهن واجب ديني لا يحتمل التأجيل    دار الإفتاء توضح بيان سبب بداية العام الهجري بشهر المحرم    هل من حق الزوجة معرفة مرتب الزوج؟.. أمينة الفتوى تُجيب "فيديو"    هل يجب حضور الراغبين في الزواج معا لنفس مركز إجراء التحاليل؟ وزارة الصحة تجيب    وزير الصحة يفتتح اجتماع اللجنة التوجيهية الإقليمية ReSCO    جامعة القناة تطلق قافلة طبية وبيطرية إلى رأس سدر لخدمة أهالى جنوب سيناء    تركيا تبرم اتفاقية مع الأونروا لاستضافة مكتب تمثيلي للوكالة بأنقرة    أزمة في ليفربول بسبب محمد صلاح    تأجيل محاكمة 35 متهمًا في قضية "شبكة تمويل الإرهاب الإعلامي" إلى 26 يوليو    "حقوق إنسان النواب" تطالب بتعزيز استقلالية المجلس القومي وتنفيذ توصيات المراجعة الدولية    طائرتان تابعتان لسلاح الجو الألماني تقلان 190 مواطنًا من إسرائيل    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على 5 أشخاص مرتبطين ببشار الأسد    فيلم "المشروع X" يواصل التألق 117 مليون جنيه في 5 أسابيع    الخميس 26 يونيو إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص    اعتراضا على رفع رسوم التقاضي.. وقفة احتجاجية لمحامي دمياط    سوكوف: رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 60% خطوة سياسية لا تكتيكية    السيسي يُعلن تدشين مقر جديد للمكاتب الأممية الإقليمية بالعاصمة الجديدة    مصرع عامل وإصابة اثنين آخرين في انفجار غلاية مصنع منظفات بأسيوط    وزيرة البيئة تبحث مع محافظ الوادي الجديد فرص الاستثمار في المخلفات    حوار - جوزيه يتحدث عن غضبه من مدير الكرة بالأهلي وعروض الزمالك.. ورأيه في كأس العالم للأندية    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    وظائف شاغرة في الهيئة العامة للأبنية التعليمية    سامو زين يستعد لبطولة فيلم رومانسي جديد نهاية العام | خاص    تناول هذه الأطعمة- تخلصك من الألم والالتهابات    مي فاروق تحيي حفلا بدار الأوبرا مطلع يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يضع حجر الأساس لمركز أورام الفيوم    الطائفة الإنجيلية بمصر تنعى شهداء «مار إلياس» بدمشق    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-6-2025 في محافظة قنا    الحبس والحرمان، عقوبة استخدام الطلبة اشتراك المترو بعد انتهاء العام الدراسي    حكم الشرع في غش الطلاب بالامتحانات.. الأزهر يجيب    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 35.. حالة الطقس اليوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"السفينة والوحشين" ..بين إسلام إمام وداريو فو!
نشر في القاهرة يوم 13 - 12 - 2011


عرضت "السفينة والوحشين" علي خشبة المسرح العائم الصغير بالمنيل، والمسرحية إعداد عن نص للكاتب والمخرج والممثل الإيطالي داريوفو المولود عام 1926 م والحاصل علي جائزة نوبل في الآداب عام 1997 وهو واحد من مسرحي إيطاليا العظام، وله أكثر من خمسين مسرحية ألفها وأخرجها وجهز ديكورها ويمثل فيها، وقد اتسم مسرحه بالسخرية والنقد اللاذع ضد الديكتاتوريات والاستغلال وانحطاط الأخلاق، وله مسرحية بعنوان "فدائيين" بالنطق العربي للكلمة تتناول قضية فلسطين وقد أخرجها بممثلين عرب وجعلهم يؤدون أدوارهم بالعربي، ويترجم كلامهم إيطاليون لتوضع الترجمة للمتفرجين أعلي منصة العرض، ومن أشهر مسرحياته "اللغز المضحك لم تترجم"، ومن مسرحياته التي ترجمت إلي العربية ونعرفها له في مصر نذكر"موت فوضوي قضاء وقدراً، السيدة لا تصلح إلا للرمي" ومسرحية "إيزابيل وثلاثة مراكب ومشعوذ" موضوع مقالنا هذا. بحث وتنقيب وقد التقط هذا النص المخرج المجتهد إسلام إمام الذي يتميز بدأبه الشديد في البحث والتنقيب عن نصوص لم يسبق طرقها حسبما عوَّدنا في تجاربه الإخراجية السابقة، وهو مخرج جاد يمتلك أدواته بشكل كبير ويجيد صنع الحالة المسرحية وكاد يصل إلي أسلوب يميزه بين مخرجي جيله، ويجيد رسم حركة الممثلين بشكل عام مع اعتماده عليهم بشكل أساسي للتشكيل في الفراغ المسرحي، كذلك تميزت عروضه بالإيقاع المنضبط وأحياناً السريع . وهو يقوم بإعداد نصوص عروضه بشكل لا ينفي عنها العالمية حيث لا يقوم بالتمصير وإنما بعمل معادلة وسطي تقرب النص للمتلقي في بلادنا بحيث يظل النص محتفظاً بمساحة من التغريب التي تفيد أحيانا في اليقظة الدائمة لدي المتلقي. تكتل بشري يبدأ إسلام عرضه بشكل أوبرالي من خلال تكتل بشري وسيمفونية كورالية لجمع كبير من الشباب يرتدي الأسود يقوده شاب يرتدي الأبيض، ونعرف بعد ذلك أنه ممثل، وبعد حوارية صدامية له معهم يكشفون عن نظرتهم المتدنية للفن و للممثلين ويضطر لاستعراض فنه وإبراز إمكانياته ، فيتهم من الجميع بالكفر والزندقة فيحكمون عليه بالإعدام وبينما يستعد الجلاد الموجود بينهم لتنفيذ الحكم يتدخل البعض لمحاولة كسب الوقت لصالح الممثل أو إشباع رغبة الجلاد في التمثيل باقتراح علي الشاب بأن يقوم بتمثيل مشهد من مسرحية فيوافق علي أن يشاركونه التمثيل، .. ويختار مسرحية تدور أحداثها في إسبانيا خلال العصور الوسطي وتتناول قصة كريستوف كولومبس من خلال الملكة إيزابيلا وزوجها فرناند اللذان حكما اسبانيا وتمكنا طرد العرب منها، ويبدأ مباشرة في تقمص دوره مستعرضاً جملة معاناته من أجل إقناعهما للقيام برحلته الاستكشافية إلي الهند من طريق آخر غير المعتاد، ويظل كولومبس لسنوات يحاول إقناعهما، حيث انشغال الملك بحروبه ضد العرب تمنعه لاحتياجه الدائم للأموال ومع تأزم الأمر.. وتفاصيل كثيرة ، تكون الموافقة علي الرحلة ،ويتمكن من اكتشاف الأمريكتين ليرسل لإسبانيا أموالاً وذهباَ، وحينما يصبح كولومبس من الصفوة، ويظن اقتراب تحقيق كل أحلامه، تتآمر الحاشية عليه للوقيعة بينه وبين الملك ويفلحون في ذلك ويعقدون محاكمة له يواجه فيها بسيل من التهم ويحكم عليه بسنوات طويلة تصل للسجن 150 سنة.. ولتنتهي عملية التمسرح ليعود الشاب في مواجهة حكم الإعدام الذي بدأ به حيث يهم الجلاد بتنفيذ حكمه . ومن العبث تصورنا اختيار الشخص المحكوم عليه بالإعدام لمسرحية كولومبس عفوياً وإنما لتشابهها معه فيما تنتهي إليه من حكم واجب النفاد بقصد كسب لعطفهم تمهيداً لكسب عفوهم. وحين يبدأ المحكوم بتمثيل دور كولومبس بتقمص الشخصية نراه يندمج فيها ليوهمنا ويوهمهم بأنه كولومبس ذاته. وفي ذات الوقت حافظ مخرج العرض علي إرشاد مؤلف المسرحية لضرورة أن يدرك الجمهور أن ما يجري تمثيلاَ وليس حقيقياً، بما يحافظ علي حيلة التمثيل التي تبرر الملحمية التي عززها بمساحة التغريب التي أبقي عليها في إعداده حتي لا يغرق المتفرج في المعايشة ليظل يقظ العقل. مسرحية هزلية وقد قدم المخرج مسرحية هزلية من طراز رفيع علي مستويات متعددة فأجاد في تدريب ممثليه فبلغ بهم أعلي درجات الأداء المطلوب، ووفق في اختيار موسيقي ممتلئة بتوترات تساير دراما العرض بل وتجعلنا نشعر بحدث جلل، ووفق في عدم الاستعانة بديكورات ضخمة واكتفائه بتصور "عمرو حسن" المعتمد علي البساطة بالتوظيف الجيد لقطع الإكسسوار الموحية، وتعتبر ملابس مروة عودة من العناصر المهمة التي تحسب للعرض حيث عوضت فقر المنظر العام وكان لألوانها تأثير جيد. ومع كل هذا التميز الذي وصل به إسلام إمام لعرضه إلا أننا نشتبك معه حول الفكر الذي قد يختلط علينا ويصلنا من عرضه، إذ لا يمكن نزع العرض من سياقه الزمني، كذلك لا يمكن تجاوز الإعداد الذي تم للنص بحيث يجعله نصاً حديثاً يتماشي مع زمننا ومكاننا، وقد حاول المعد/ المخرج إنصاف كريستوف تحت زعم المقولة الشائعة "لا كرامة لنبي في وطنه" وأنه تعرض لمحاكمة ظالمة بنيت علي الافتراءات بما جعل النهاية تنكراً لإنجازاته العظيمة التي حققها لأسبانيا، وهنا يبرز خلافنا مع فكر العرض. محاكمة طاغية مشهد محاكمة كولومبس الذي يتماس مع محاكمة مبارك في وقتنا الراهن، وهي مقابلة أرفضها كلية، فمبارك لم يتنكر له شعبه، ولم يتجن عليه أحد وإنما هو الذي جني علي شعبه، ولن أدخل في تفاصيل عن كينونة هذا الإنجاز لكل منهما أو الفرق بين فكر وعقل أيهما وكيف تحقق، ولكن أعود لنص المسرحية الأصلي، فليس صحيحاً أنه يحمل تلك الرؤية وإنما المعالجة التي قام بها إسلام إمام للنص هي التي حولت كريستوف إلي مجني عليه كوجهة نظر تجعلنا نتأكد من عمدية إحداث تماس مع مبارك وإن أنكر فمؤلف النص الأصلي ذهب إلي تأكيد غير ذلك حيث اعتبر سعي كريستوف للعب مع الكبار هدف تطلعي كي يكون واحداً منهم طمعاً في منصب وقد تحايل بكل السبل لتحقيق هدفه هذا، بل إن الاكتشاف ذاته كان بغية هذا الهدف، لذا سعي لالتفاف علي إيزابيل ومن بعدها علي الملك ثم علي المؤسسة الرسمية ليحقق مآربه، وذلك التحايل ضد الأخلاق التي ينتصر لها المؤلف في النهاية مؤكداً أن للأخلاق حساباتها التي لا تحيد عنها وأن المكسب في النهاية للشريف الذي يلتزم بهذه الحسابات وليس للانتهازي الذي يقفز عليها. خروج الجوقة وما يؤكد رؤيتنا تلك وصف المؤلف له في عنوان المسرحية بالمحتال أو المشعوز، ويؤكده أيضاَ خروج الجوقة في ختام النص الأصلي لتنادي بالنزاهة وتندد بالانتهازية. وأما عن قصة كولومبس في حد ذاتها كسيرة ذاتية ليست نصاً جذاباً للمسرح، وإنما سر روعة هذا النص وتميز مؤلفه الذي جعله يحصل علي نوبل هو تلك الحبكة الرائعة وكم العلاقات الكثيرة والمتشابكة بين شخصياتها الأساسية بل والثانوية حيث يجوب داريوفو في أغوار وخبايا البشرية ومنها مناطق الضعف الإنساني ليعريها لنتخذ من المسرحية مرآة لنا، ولنتأمل كم تلك العلاقات التي نسجها بين الشخصيات فنجد أن الملك مغرم بالسلطة وبشهوة الفتوحات ويقبل في سبيل ذلك إهانة الملكة له حتي تغدق عليه بالأموال التي يحتاجها لغزواته التي ترضي غروره وتعود عليه بعد الفتوحات بالثروة. ونجد الملكة تقدم علي المغامرة بمساندتها لكولومبس من أجل أن تعود عليها اكتشافاته بالأموال وفي تلك الحالة تكون هي صاحبة فضل في جلب الأموال لا فتوحات الملك وحدها، وكولومبس ذاته سخر كل ما لديه من ذكاء وعلم وخبرة بحرية من أجل التحايل لتحقيق هدفه الذي يعود عليه بالمال أيضاً وربما طمعاً في أن يكون نائباً للملك أو كردينالاً دينياً، وهكذا نجد العلاقات يحكمها مصالح وأغراض أساسها الضعف الإنساني لا صالح الإنسانية ونلمح ذلك أيضاَ مع باقي الشخصيات، القاضي أو أعضاء مجلس الحكماء أو حتي العبيد الذين شهدوا علي كريستوفر، كل منهم له مآربه أو مغانمه. عناصر العرض وتبقي الإشادة بأفضل عناصر العرض ألا وهو عنصر التمثيل ، مجموعة الشباب الممتلئ حماساً لفن المسرح، مجموعة لديها طاقة تمثيلية رائعة تتميز بموهبة حقيقية، ويأتي في مقدمته ذلك ال "حمزة العيلي كريستوفر" الذي يمتلك قدرة عالية لجذب المشاهدين له وتحكم في إيقاع العرض وعدم هروبه منه ، كذلك أدي "رامي الطمباري الملك" دوره باقتدار، ونجحت "نفرتاري الملكة" في حصد إعجاب الجمهور وإن ظلت ملامحها المصرية حائلاً في تقبلنا لها ملكة لاسبانيا وكان علي المخرج أن يلجأ لماكياج لها أو باروكة صفراء علي أقل تقدير، وأضفي "مصطفي سعد الجلاد" مساحة مناسبة من الكوميديا علي العرض، وأجاد معهم سماح سليم، أمجد الحجار، إسماعيل جمال، نورا عصمت، محمود حسين، تفوقوا جميعاً ومعهم " صلاح الدالي، كريم محروس، كريم محمد، احمد إبراهيم، احمد عبدالصمد، خالد مجدي، نوال العدل، إسلام رجب، أحمد عوني، معتز الأسمر، منار عزوز، مصطفي سعيد، محمد طلعت، محمد جمال، محمد عادل، محمد سلامه، شادي أحمد" و"عمرو قابيل، حيدر شوهير، خالد السيد" فكل التقدير لهذا الفريق الرائعة ولمدير مسرح الشباب شادي سرور.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.