موعد وجدول امتحانات أولى ثانوي بالقليوبية الفصل الدراسي الثاني 2025    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 12-5-2025    تغير المناخ يهدد زراعة الموز في العديد من البلدان    "تعليم النواب" توافق على موازنة ديوان الوزارة وتوصى بصرف مستحقات معلمى الحصة    بيطري أسوان ينجح في تحصين 40 ألف رأس ماشية خلال أبريل ومايو 2025    وزير الإسكان يعقد اجتماعا لمتابعة مشروع تطوير موقع التجلي الأعظم بمدينة سانت كاترين    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب منطقة "شيتسانغ" جنوب غربي الصين    صحيفة فرنسية: حلفاء زيلينسكي نصحوه بقبول عرض بوتين وبدء المفاوضات دون شروط مسبقة    وزير الخارجية يثمن التزام الجانبين الأمريكي والإيراني بمواصلة المسار الدبلوماسي    «وقت إضافي أم ركلات ترجيح».. ماذا يحدث حال تعادل مصر وغانا في كأس أمم أفريقيا للشباب؟    النصر ضيفًا على الأخدود لمصالحة جماهيره بالدوري السعودي    الأهلي يختتم مرانه اليوم استعدادًا لمواجهة سيراميكا    فلوريان فيرتز يصدم بايرن ميونخ بسبب مغامرة جديدة    ضبط لصوص المساكن والشركات في القاهرة    طقس اليوم فى مطروح.. غائم جزئيا معتدل نهارا وليلا واستقرار نشاط الرياح    محافظ المنوفية: ضبط 50 طن قمح بمخزن غير مرخص بالباجور    نسرين طافش توجه رسالة دعم ل بوسي شلبي    ختام فعاليات مهرجان الفنون المسرحية لطلاب جامعة الإسكندرية بدورته الرابعة عشر    مسرح 23 يوليو بالمحلة يشهد ختام العرض المسرحي الطائر الأزرق    جنوب سيناء.. فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يرصد مخالفات بمستشفى دهب    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بدار السلام بسوهاج    مصرع وإصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى النزهة    أكبر صندوق سيادي بالعالم يسحب استثماراته من شركة إسرائيلية بسبب المستوطنات    تشكيل الهلال المتوقع لمواجهة العروبة في الدوري السعودي    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    4 ملايين مشاهدة، بيسان تتصدر تريند اليوتيوب ب "خطية"    عمرو سلامة يعلق على تصنيفه من المخرجين المثيرين للجدل    ما حكم الأضحية إذا تبين حملها؟.. الأزهر يوضح    تعويض 2000 جنيه.. البترول تعلن خلال ساعات آلية تقديم أوراق المتضررين من البنزين.. فيديو    «قصر العيني» يحصل على اعتماد الجمعية الأوربية لأمراض القلب    القافلة الطبية بقرية الوسطاني بدمياط تقدم خدمات علاجية مجانية ل 1758 مواطنا    قرار عاجل من الأهلي بشأن عماد النحاس.. مدحت شلبي يكشفه    رئيس جامعة حلوان يشهد افتتاح فعاليات المهرجان الأول لتحالف جامعات إقليم القاهرة الكبري    اليوم.. إعادة محاكمة متهم بالانضمام لجماعة إرهابية فى بولاق    إصابة طالب بحروق إثر حادث غامض في البراجيل    برلماني أوكراني يشير إلى السبب الحقيقي وراء الإنذار الغربي لروسيا    قبل بوسي شلبي ومحمود عبدالعزيز.. زيجات سببت أزمات لأصحابها في الوسط الفني    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    انتخاب المهندس أحمد عز رئيسًا للاتحاد العربي للحديد والصلب    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    منافسة رونالدو وبنزيما.. جدول ترتيب هدافي الدوري السعودي "روشن"    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخليق الثورة في رحم الأدب
نشر في القاهرة يوم 29 - 11 - 2011


تعيش الأعمال الأدبية- روائية كانت أو قصصية أو شعرية - بقدر ما تتوافر فيها بداية شروط الإبداع الحقيقي، ثم بقدر ما تستشرف - بحس كاتبها «المرهف» السامي- آفاق المستقبل القريب، وملامح الغد الآتي.. وإذا كنا نعيش الآن أجواء ثورتنا المجيدة والتي بدأت في الخامس والعشرين من يناير الماضي، وأدت إلي تغيير النظام السياسي القائم بأكمله وأخذت بأيدينا وقادت أقدامنا للمضي علي طريق «التغيير»المأمول، الذي نتمني أن يطال بجانب قياداتنا ومسئولينا وولاة أمورنا، نفوسنا أيضاً ودواخلنا ومعتقداتنا وتوجهاتنا - فكرياً وفعلياً- في العيش والارتقاء والتحقق.. أقول إذا كنا بالفعل نعيش تلك «الأجواء».. يجب علينا أن نلتفت إلي حقيقة مؤكدة وإن كانت غائبة عن الكثيرين.. وهي أن تلك الثورة لم تكن وليدة هذا اليوم المذكور فقط، أو منحة من وقفوا في «الميدان» ساعتها رافعين راية الرفض والمقاومة، مع كامل احترامنا وتقديرنا - جميعاً- لهم ولشهدائهم.. بل كانت نتاجاً طبيعياً، وحصاداً مؤكداً، لما ألقي- علي مدار عشرات الأعوام- في «أرض» الفكر والرأي والإبداع، من بذور البحث والتأمل والانتقاد. عشرات الأعمال الأدبية، تنبأت بحدوث «الثورة» وقدوم «التغيير».. وإن لم تكن قد تنبأت، فهي - علي الأقل- قد بشَّرت به، وتأملت - بالفعل- في أسبابه وبواعثه. من هذه الأعمال ولنقل من أبرزها رواية الأديب الكبير «محمد جبريل»، «إمام آخر الزمان» والتي صدرت منذ ما يقرب من سبعة وعشرين عاماً عن مكتبة «مصر». تتناول هذه الرواية فكرة «الإمام».. والشروط الواجب توافرها في شخص «الإمام» وحتمية ظهور «الإمام».. وبواعث اختفائه أو ظهوره، ومدي توقف حياة البشر واستقامة وجودهم علي بقائه فيهم أو عدم بقائه ويصل «جبريل» من خلال البحث في كل ذلك وغيره إلي لزوم «التغيير» وكيفيته ومََنْ الذين يقومون به أو يحدثونه. تبدأ الرواية في فصلها الأول بالحديث عن شخص الرسول الكريم محمد «ص» وأجواء بعثته، وجهوده «ص» في نشر الدعوة والحث علي مكارم الأخلاق، واكتساب الفضائل، ونبذ الشرور والآثام، ثم تواصل سيرة الإسلام والدعوة المباركة في الخلفاء الراشدين من بعده، وصولاً إلي الخليفة «عثمان بن عفان» الذي بدأ ولايته بالسير علي نهج سابقيه ثم ما لبث أن خضع لحصار «بني أمية» فابتعد عن رعيته وأعطي الفرصة لطبقة من أصحابه وأحبائه للنيل ممن يشاءون، وتكوين الثروات والضياع واستغلال النفوذ مما دفع الإمام «علي بن أبي طالب» - كرم الله وجهه - لمحاولة تعديل مساره، وإفاقته مما هو فيه، لكن الحال كان قد تأزم والمعارضة له قد اشتدت حتي قُتلْ.. ثم بايع الناس «الإمام» «علي» الذي وافق علي تقلد الخلافة بعد الرفض في البداية.. ولكن «بني أمية» لم يتركوا الأمر علي حاله، فانتشر رجال «معاوية» في كل مكان يذيعون بين الناس أن «عليا» قد قتل «عثمان» ويطالبون بالقصاص منه.. واستطاعوا أن يضموا إلي جانبهم نفراً غير قليل كان من بينهم بالطبع «الأثرياء» وأصحاب النفوذ الذين خسروا بمقتل «عثمان».. وكان أن وقع «الصدام» والقتال بين الجانبين، حتي لجأ «معاوية» وأتباعه إلي «الخديعة» حين نشرت المصاحف ورفعت علي «أسنة» الرماح، وطالب البعض بتحكيم القرآن.. وأحدثت الخديعة تأثيرها، وتم عزل الإمام «علي»، وتعيين «معاوية» أميراً للمؤمنين. ويقتل «الإمام» «علي»، ويعطي «معاوية» تعليماته بالتنكيل ممن يظَن فيه ولاؤه ل«علي» أو آل البيت.. وىُقتل أيضاً «الحسن» ابن الإمام، ثم يستخلف «معاوية» ابنه «يزيداً» فيمتنع «الحسين» ابن «علي» عن مبايعته لسوء أخلاقه وعدم أهليته للولاية، ويطالبه أهل «الكوفة» بالتدخل وإنقاذ الأمة، ويلبي «الحسين» النداء ويخرج لقتال «يزيد» وأتباعه وقبل أن يصل إليها تصله الأخبار بتنكر أهل «العراق» له، لكنه لم يكن يملك التراجع أو النكوص، فيستمر في ركضه إليها، ويقاتل «يزيدا» ويقتلُ في المعركة هو وأتباعه القليلون.. لكن دعوة «الإمام» وآل البيت لم تمت، وأصبح اسم «الإمام» علماً يلتف به كل مظلوم وصيحة ينادي بها كل طالب إنصاف.. وكان قد أوصي الإمام «الحسين» بالإمامة ل«علي» ابنه من بعده، ثم ل«محمد» بن «علي» ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسي بن جعفر.. إلي أن وصلت الإمامة إلي حلقتها الثانية عشرة من أهل البيت: الإمام «المهدي».. إمام آخر الزمان.. ويظل المظلومون والمقهورون من الناس علي انتظارهم ل«المهدي» علي مر السنين والأعوام، لكي يخلصهم مما هم فيه من جور وبغي وظلم، وهم علي ثقة من ظهوره حتماً في أي زمان ومكان: «غاب المهدي» الإمام الثاني عشر من السلالة الطاهرة، غيبته الصغري امتدت عشرات الأعوام، الغيبة الكبري متواصلة حتي يعود آخر الزمان، يقود جيش الملحمة، يعيد الحق إلي موضعه، ينزع الجور والظلم، ينشر العدل والقسط والمساواة» ص28. في الفصل الثاني يتحدث الناس عن ظهور «المهدي» في مدينة «الفتح»، ويذهب الحالمون والمنشدون للخلاص، ومنهم «منصور العابد» لمقابلته ومبايعته، مأخوذين بشخصه وسماته وملامحه ونورانيته. «لمحه الأتباع بنظرات متعجلة، وعاودوا الاتجاه إلي الهالة النورانية، فلا يبصرون سواها، اجتذبتهم - واجتذبته- قوة الشخصية، وعذوبة الصوت، وخطورة الكلمات.. نسي الرحلة والكلمات التي لقنها له الشيخ البحر، والرهبة التي تلف المكان.. غابت مشاعره وحواسه في أذنين ترهفان السمع، تعانقان البشير والميلاد والخلاص، البداية والنهاية، الأمل الذي أثمره اليأس» ص 35. وتتم توليته - تولية السيد «المهدي» - بديلاً عن الإمام الجائر الظالم، فيبدأ حكمه بالعفو عن المظلومين، وإظهار العدل والإنصاف والرفق بالمسلمين وأهل الذمة، وتفقد أحوال الناس بنفسه، وغيره مما أكد للناس حسن ظنهم به.. إلي أن بدا العنف والتشدد في قراراته وأحكامه بحجة الحفاظ علي دولة الإسلام، وإعلاء راية الدين، وتطبيق الشريعة الإسلامية، فلم يسمح للمرأة غير المحجبة بدخول العمل، وأخذ في ملاحقة النساء السافرات بالبصق أو الضرب، وحظر علي الرجال مصافحة النساء وقصر عضوية الأندية وممارسة الألعاب علي الرجال، وحرم الرقص والغناء، وأكد علي حق الرجال في تعدد الزوجات والطلاق وحضانة الأولاد، وحظر علي النساء الذهاب للطبيب الرجل ونهي عن تكرار الأذان لغير صلاة الجمعة، وأبطل قراءة القرآن علي القبور، وقصر تلاوته في المساجد، وشدد للغاية علي عدم ترك الواجبات المفروضة كالصلاة والزكاة والحج وغيرها.. وأضاف إلي القلاع والحصون التي تحيط بالمدينة، وترقب النأمة والهمسة وهدم في سبيل ذلك الكثير من البيوت والقصور وقطع مئات الأشجار، كما أمر سكان المناطق القريبة من أبواب المدينة الثلاثة أن يتركوا مساكنهم ليحل - بدلاً منهم- جنده ورجاله، وزاد في الشرطة فتضاعفت أعدادها، وقضي علي كل الأصوات والآراء وصادر حقوق النقد والمعارضة والتعبير.. إلي أن ضج الناس وجهرت أصواتهم بالشكوي وإبداء السخط والغضب وأحسوا بفداحة خيبة الأمل:- «قال علي عبدالحسين لعبدالرازق سالم، وهما يغادران - بعد صلاة العشاء- مسجد الأنصار: زمان.. هز المسلمون سيوفهم في وجه أبي بكر، جواباً علي سؤال اختباري حول رأيهم في الانحراف. قال عبدالرازق سالم: هذا زمان.. أما نحن، فلسنا سوي قطيع من الماشية يرعاه الإمام. قال علي عبدالحسين: الاستسلام حظ الماشية.. أما الإنسان فيقاوم. أضاف وقد شابت صوته رنة انفعال: «لماذا لا نقاوم؟!» ص 63 . ويعود الجميع إلي انتظار قدوم «مهدي» جديد يكون علي يديه النجاة والخلاص.. إلي أن ظهر بالفعل في «العراق» وإن كان في اعتقادي الشخصي لا يهم المكان هنا .. داعيا إلي مظلة القانون، يحتمي بظلها الجميع ويتخلصون من أسر الإمام السابق الذي أردف بتعاليم الدين مظالم لا تنتهي. قدم الناس من كل مكان من بلاد العرب يقصدون «المهدي» الجديد، أخذوا تماماً بعذوبة صوته وحسن بيانه وقوة حجته، سمعوا عنه خرائق وأعاجيب ومعجزات.. صدَّقوا علي قوله بخضوع الكل لسيادة القانون، مستشهداً بأن الجد الأعظم محمد «ص» تساوي مع غيره أمام القانون.. فاجأ الجميع برفضه في البداية ل«الإمامة» رغم إلحاح الكل عليه وترقبهم لعدله وإنصافه، ولكنه في النهاية رضخ لمطلبهم، وتمت البيعة بالإجماع. استفتح «المهدي» الجديد أموره بالكف عن الدماء، والتورع عن أخذ شيء من أموال الناس، وحفظ حقوق العباد وتحصين الثغور بالقوة الهائلة ذات البأس ومناقشة المواطنين في أمور دينهم ودنياهم، والعمل علي حل مشكلاتهم وأداء الخدمات الاجتماعية وإعادة تعيين كل الولاة مع اشتراط توفر الأمانة والصدق والقناعة وحسن التواصل فيهم، واتجه إلي رعاية مصالح الناس الدنيوية بجانب الدينية.. ولكن بعد فترة من ولايته تعددت التشريعات والقوانين واللوائح، شملت أوجه المعاملات في الحياة اليومية بكل أشكالها وأنواعها.. تحددت القوانين في إطار الشريعة لكل جانب في الحياة ولكل تصرفات الإنسان، عمت الشريعة أرجاء البلاد، شملت حتي أدق تفصيلات معاملات المرء، دنيا ودين.. تعددت التقارير، توقفت وسائل الإعلام عقب صلاة العشاء، وكذلك دور السينما، وتعطلت وسائل المواصلات بعد العشاء بنصف ساعة ، خلت الشوارع في هذا التوقيت من البشر.. أصدرت المراسيم بمنع الدفن في أرض المدينة إلا لأبنائها فقط، ومنع تداول كتب المذاهب الخمسة، ومنع السجود علي التربة الحسينية، ومنع مجالس التعزية وتحريم قراءة الشعر والنثر في المناسبات وضرورة أداء الصلوات في المساجد وعقاب من يخالف ذلك.وعندما شكا الناس من هذه الأمور، أمر بإجراء استفتاءات - صورية- طعن البعض في صحتها حول قوانينه وتشريعاته وفي الغالب كانت تأتي بالموافقة، همس الكثيرون في البداية بالرفض والاستنكار له، ثم علت أصواتهم بذلك في مجالسهم واجتماعاتهم:- قال صالح الغزالي: أي استفتاء في بلاد تعاني من الأمية، ومن فقدان النضج السياسي؟ قال الشيراوي: القانون هو اختيار الناس. قال الغزالي: لقد جاوز في تصرفاته كل القوانين. قال عبدالرازق سالم: انه ينفذ القانون كما يريد هو، وليس في ضوء اختيار الناس له.. أقحم الإسلام فيما لا ينبغي أن ىُقحمَ فيه.. وأقحم الناس فيما لا ينبغي أن يقحموا فيه.. قال الغزالي:- «هذه الاستفتاءات.. لا أكثر من أداة خطرة في يد الإمام! إنه يداري سوءاته بخرقة من نسيج عصري!!» ص 100. ويعود الكل لانتظار قدوم «مهدي» ثالث يقع علي يديه النظام القائم بكل مساوئه وعيوبه، وتتحقق في رحابه الآمال والأحلام وهكذا تمضي الرواية، من زمن إلي زمن، من عهد إلي عهد، من «مهدي» إلي «مهدي».. حلقة متوالية يدور فيها الناس ويحيون. وبين مفهوم «الزعامة أو الرئاسة»، ومعني «الإمامة» أو «الوصاية» تتحلق فصول النص الروائي، إلي أن يصل الكاتب إلي غايته، وقمة مراده، عندما يؤكد في ختامه علي أن التغيير لابد أن يأتي بأيدينا نحن، عن طريقنا نحن، وليس ب«إمام» جديد، أو «مهدي» قادم:- قال الرويعي:- الزعامة مطلوبة في كل الأحوال. قال ياقوت نافع: فارق بين الزعامة والوصاية.. الكل يأتي للوصاية. قال الرويعي:- لم توجد بعد ثورة بلا زعيم! قال ياقوت نافع:- «سيكون كل شيء علي ما ىُرام، حين يسقط النظام علي أيدي الجماهير، وليس عن طريق فرد - أو أفراد- أيا كان، أو كانوا» ص206. وهكذا تتلاقي رواية الأستاذ «محمد جبريل» «إمام» آخر الزمان» في نهايتها، مع انطلاق ثورتنا المجيدة التي أقامت الدنيا وأقعدتها دون «قائد».. أو «إمام».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.