تعليم الجيزة: تسليم أجهزة التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي خلال 24 ساعة    رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر تؤكد ريادتها في ترسيخ السلام بقمة شرم الشيخ    نقابة الأطباء: حبس المعتدين على طبيب سوهاج العام 4 أيام على ذمة التحقيقات    ارتفاع عيار 21 الآن في الصاغة.. سعر الذهب اليوم الاثنين 13 أكتوبر 2025 (آخر تحديث)    سياسيون وأحزاب: نجاح قمة شرم الشيخ لوقف الحرب في غزة نصرًا سياسيًا.. ومصر تقود العالم بحكمة    رينارد يستقر على تشكيل المنتخب السعودي أمام العراق    نجم جالطة سراي يقترب من العودة إلى الكالتشيو    إحاله أوراق سيدة بالغربية لمفتي الجمهورية بتهمة قتل شريكها    بيان مهم من الأرصاد بشأن حالة الطقس بمحافظات الصعيد غدًا الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    ساب أكل عيشه وجري ينقذهم.. ميخائيل عياد يكشف تفاصيل سقوط تروسيكل محمل بطلاب مدارس في الترعة    عمرو محمود ياسين يطلب الدعاء لزوجته الإعلامية آيات أباظة قبل خضوعها لجراحة دقيقة    محافظ الجيزة: إحياء منطقة نزلة السمان كمقصد سياحي وثقافي عالمي    هل الحزن علامة ضعف؟.. أمين الفتوى يجيب    روتين صباحي يعزز صفاء الذهن قبل العمل أو المدرسة    الكاميرون تنتظر الملحق بعد التعادل سلبيا مع أنجولا بمشاركة شيكو بانزا    الجبلي: الزراعة تشهد طفرة غير مسبوقة بدعم من الرئيس السيسي    خبير استراتيجي ل"كلمة أخيرة": تصريحات ترامب تهدف لإعادة ترسيم الحدود    12 عرضا مسرحيا.. برنامج ملتقى شباب المخرجين بمسرحى السامر وروض الفرج    رابط استيفاء النموذج الإلكتروني للمخاطبين بقانون الإيجار القديم    هل يجوز إخراج زكاة الذهب للأقارب؟ .. عضو بمركز الأزهر تجيب    تأييد السجن 3 سنوات ل5 خطفوا شابين وأجبروهما على ارتداء ملابس نسائية بالصف    وكيل الصحة بالمنوفية: إنشاء صندوق لتلقي الشكاوى داخل المستشفيات    مدير مستشفى كفر الشيخ العام يحيل واقعة إعداد موظفات لإفطار جماعي للتحقيق    هل تنفَّذ وصيّة الميت بمنع شخص من جنازته؟.. أمين الفتوى يُجيب    انطلاق الدورة الرابعة من معرض الأقصر للكتاب.. و«شمس الدين الحجاجي» شخصية العام    محافظ المنوفية يتابع منظومة التصالح على مخالفات البناء وتقنين أراضي أملاك الدولة    وزير خارجية النرويج: قمة شرم الشيخ للسلام محطة بالغة الأهمية    الرئيس السيسي يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع إيطاليا في مختلف المجالات    رئيس جامعة بني سويف التكنولوجية يستقبل وفد المعهد الكوري للاقتصاد الصناعي والتجارة    المجلس الإعلامي الأوروبي يدين مقتل الصحفيين في غزة    حسن الدفراوي: منافسات المياه المفتوحة في بطولك العالم صعبة    إحالة العاملين المتغيبين في مركز الرعاية الأولية بالعريش للتحقيق بعد زيارة مفاجئة    محافظة بورسعيد: جارٍ السيطرة على حريق بمخزنين للمخلفات بمنطقة الشادوف    ضبط صانع محتوى في الإسكندرية نشر فيديوهات بألفاظ خادشة لتحقيق أرباح    وزير الشباب والرياضة يلتقي إنفانتينو على هامش حضوره مؤتمر السلام بشرم الشيخ    بيطري الإسماعيلية يشرف على ذبح 1646 رأس ماشية و2 مليون طائر    التوربينات تعمل بشكل محدود، خبير يكشف تأثير زلازل إثيوبيا ال7 على سد النهضة    تكريم أفضل طلاب الجامعات الملتحقين ببرنامج التدريب الصيفي بوزارة الرى    أحمد ياسر يعتذر لطارق مصطفى بعد تصريحاته الأخيرة: حصل سوء فهم    برلماني: قمة شرم الشيخ تؤكد أن مصر تظل منبرًا للحوار ومقرًا للسلام العالمي    مدبولي يُتابع مشروع إنشاء القوس الغربي لمحور اللواء عُمر سليمان بالإسكندرية    فيديو توضيحى لخطوات تقديم طلب الحصول علي سكن بديل لأصحاب الإيجارات القديمة    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    خالد جلال ضيف بودكاست كلام فى السينما مع عصام زكريا الليلة على الوثائقية    محدش يعرف حاجة عنهم.. 5 أبراج تكتم أسرارها وخطوات حياتها عن الناس    10 آلاف سائح و20 مليون دولار.. حفل Anyma أمام الأهرامات ينعش السياحة المصرية    ضبط 9 متهمين وتشكيل عصابي تخصصوا في سرقات السيارات والدراجات والبطاريات بالقاهرة    محافظ القاهرة: تكثيف أعمال الرقابة علي كافة السلع وضبط الأسواق    ماكرون: سنلعب دورا في مستقبل قطاع غزة بالتعاون مع السلطة الفلسطينية    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    منتخب إسبانيا يعلن إصابة مهاجمه واستبعاده من مواجهة بلغاريا    مصطفى شوبير: لا خلاف مع الشناوي.. ومباريات التصفيات ليست سهلة كما يظن البعض    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    طريقة تحميل صحيفة أحوال المعلمين 2025 بصيغة PDF من موقع الوزارة (رابط مباشر)    سعد خلف يكتب: السلاح الروسى الجديد.. رسالة للردع أم تجديد لدعوة التفاوض؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تخليق الثورة في رحم الأدب
نشر في القاهرة يوم 29 - 11 - 2011


تعيش الأعمال الأدبية- روائية كانت أو قصصية أو شعرية - بقدر ما تتوافر فيها بداية شروط الإبداع الحقيقي، ثم بقدر ما تستشرف - بحس كاتبها «المرهف» السامي- آفاق المستقبل القريب، وملامح الغد الآتي.. وإذا كنا نعيش الآن أجواء ثورتنا المجيدة والتي بدأت في الخامس والعشرين من يناير الماضي، وأدت إلي تغيير النظام السياسي القائم بأكمله وأخذت بأيدينا وقادت أقدامنا للمضي علي طريق «التغيير»المأمول، الذي نتمني أن يطال بجانب قياداتنا ومسئولينا وولاة أمورنا، نفوسنا أيضاً ودواخلنا ومعتقداتنا وتوجهاتنا - فكرياً وفعلياً- في العيش والارتقاء والتحقق.. أقول إذا كنا بالفعل نعيش تلك «الأجواء».. يجب علينا أن نلتفت إلي حقيقة مؤكدة وإن كانت غائبة عن الكثيرين.. وهي أن تلك الثورة لم تكن وليدة هذا اليوم المذكور فقط، أو منحة من وقفوا في «الميدان» ساعتها رافعين راية الرفض والمقاومة، مع كامل احترامنا وتقديرنا - جميعاً- لهم ولشهدائهم.. بل كانت نتاجاً طبيعياً، وحصاداً مؤكداً، لما ألقي- علي مدار عشرات الأعوام- في «أرض» الفكر والرأي والإبداع، من بذور البحث والتأمل والانتقاد. عشرات الأعمال الأدبية، تنبأت بحدوث «الثورة» وقدوم «التغيير».. وإن لم تكن قد تنبأت، فهي - علي الأقل- قد بشَّرت به، وتأملت - بالفعل- في أسبابه وبواعثه. من هذه الأعمال ولنقل من أبرزها رواية الأديب الكبير «محمد جبريل»، «إمام آخر الزمان» والتي صدرت منذ ما يقرب من سبعة وعشرين عاماً عن مكتبة «مصر». تتناول هذه الرواية فكرة «الإمام».. والشروط الواجب توافرها في شخص «الإمام» وحتمية ظهور «الإمام».. وبواعث اختفائه أو ظهوره، ومدي توقف حياة البشر واستقامة وجودهم علي بقائه فيهم أو عدم بقائه ويصل «جبريل» من خلال البحث في كل ذلك وغيره إلي لزوم «التغيير» وكيفيته ومََنْ الذين يقومون به أو يحدثونه. تبدأ الرواية في فصلها الأول بالحديث عن شخص الرسول الكريم محمد «ص» وأجواء بعثته، وجهوده «ص» في نشر الدعوة والحث علي مكارم الأخلاق، واكتساب الفضائل، ونبذ الشرور والآثام، ثم تواصل سيرة الإسلام والدعوة المباركة في الخلفاء الراشدين من بعده، وصولاً إلي الخليفة «عثمان بن عفان» الذي بدأ ولايته بالسير علي نهج سابقيه ثم ما لبث أن خضع لحصار «بني أمية» فابتعد عن رعيته وأعطي الفرصة لطبقة من أصحابه وأحبائه للنيل ممن يشاءون، وتكوين الثروات والضياع واستغلال النفوذ مما دفع الإمام «علي بن أبي طالب» - كرم الله وجهه - لمحاولة تعديل مساره، وإفاقته مما هو فيه، لكن الحال كان قد تأزم والمعارضة له قد اشتدت حتي قُتلْ.. ثم بايع الناس «الإمام» «علي» الذي وافق علي تقلد الخلافة بعد الرفض في البداية.. ولكن «بني أمية» لم يتركوا الأمر علي حاله، فانتشر رجال «معاوية» في كل مكان يذيعون بين الناس أن «عليا» قد قتل «عثمان» ويطالبون بالقصاص منه.. واستطاعوا أن يضموا إلي جانبهم نفراً غير قليل كان من بينهم بالطبع «الأثرياء» وأصحاب النفوذ الذين خسروا بمقتل «عثمان».. وكان أن وقع «الصدام» والقتال بين الجانبين، حتي لجأ «معاوية» وأتباعه إلي «الخديعة» حين نشرت المصاحف ورفعت علي «أسنة» الرماح، وطالب البعض بتحكيم القرآن.. وأحدثت الخديعة تأثيرها، وتم عزل الإمام «علي»، وتعيين «معاوية» أميراً للمؤمنين. ويقتل «الإمام» «علي»، ويعطي «معاوية» تعليماته بالتنكيل ممن يظَن فيه ولاؤه ل«علي» أو آل البيت.. وىُقتل أيضاً «الحسن» ابن الإمام، ثم يستخلف «معاوية» ابنه «يزيداً» فيمتنع «الحسين» ابن «علي» عن مبايعته لسوء أخلاقه وعدم أهليته للولاية، ويطالبه أهل «الكوفة» بالتدخل وإنقاذ الأمة، ويلبي «الحسين» النداء ويخرج لقتال «يزيد» وأتباعه وقبل أن يصل إليها تصله الأخبار بتنكر أهل «العراق» له، لكنه لم يكن يملك التراجع أو النكوص، فيستمر في ركضه إليها، ويقاتل «يزيدا» ويقتلُ في المعركة هو وأتباعه القليلون.. لكن دعوة «الإمام» وآل البيت لم تمت، وأصبح اسم «الإمام» علماً يلتف به كل مظلوم وصيحة ينادي بها كل طالب إنصاف.. وكان قد أوصي الإمام «الحسين» بالإمامة ل«علي» ابنه من بعده، ثم ل«محمد» بن «علي» ثم جعفر بن محمد الصادق، ثم موسي بن جعفر.. إلي أن وصلت الإمامة إلي حلقتها الثانية عشرة من أهل البيت: الإمام «المهدي».. إمام آخر الزمان.. ويظل المظلومون والمقهورون من الناس علي انتظارهم ل«المهدي» علي مر السنين والأعوام، لكي يخلصهم مما هم فيه من جور وبغي وظلم، وهم علي ثقة من ظهوره حتماً في أي زمان ومكان: «غاب المهدي» الإمام الثاني عشر من السلالة الطاهرة، غيبته الصغري امتدت عشرات الأعوام، الغيبة الكبري متواصلة حتي يعود آخر الزمان، يقود جيش الملحمة، يعيد الحق إلي موضعه، ينزع الجور والظلم، ينشر العدل والقسط والمساواة» ص28. في الفصل الثاني يتحدث الناس عن ظهور «المهدي» في مدينة «الفتح»، ويذهب الحالمون والمنشدون للخلاص، ومنهم «منصور العابد» لمقابلته ومبايعته، مأخوذين بشخصه وسماته وملامحه ونورانيته. «لمحه الأتباع بنظرات متعجلة، وعاودوا الاتجاه إلي الهالة النورانية، فلا يبصرون سواها، اجتذبتهم - واجتذبته- قوة الشخصية، وعذوبة الصوت، وخطورة الكلمات.. نسي الرحلة والكلمات التي لقنها له الشيخ البحر، والرهبة التي تلف المكان.. غابت مشاعره وحواسه في أذنين ترهفان السمع، تعانقان البشير والميلاد والخلاص، البداية والنهاية، الأمل الذي أثمره اليأس» ص 35. وتتم توليته - تولية السيد «المهدي» - بديلاً عن الإمام الجائر الظالم، فيبدأ حكمه بالعفو عن المظلومين، وإظهار العدل والإنصاف والرفق بالمسلمين وأهل الذمة، وتفقد أحوال الناس بنفسه، وغيره مما أكد للناس حسن ظنهم به.. إلي أن بدا العنف والتشدد في قراراته وأحكامه بحجة الحفاظ علي دولة الإسلام، وإعلاء راية الدين، وتطبيق الشريعة الإسلامية، فلم يسمح للمرأة غير المحجبة بدخول العمل، وأخذ في ملاحقة النساء السافرات بالبصق أو الضرب، وحظر علي الرجال مصافحة النساء وقصر عضوية الأندية وممارسة الألعاب علي الرجال، وحرم الرقص والغناء، وأكد علي حق الرجال في تعدد الزوجات والطلاق وحضانة الأولاد، وحظر علي النساء الذهاب للطبيب الرجل ونهي عن تكرار الأذان لغير صلاة الجمعة، وأبطل قراءة القرآن علي القبور، وقصر تلاوته في المساجد، وشدد للغاية علي عدم ترك الواجبات المفروضة كالصلاة والزكاة والحج وغيرها.. وأضاف إلي القلاع والحصون التي تحيط بالمدينة، وترقب النأمة والهمسة وهدم في سبيل ذلك الكثير من البيوت والقصور وقطع مئات الأشجار، كما أمر سكان المناطق القريبة من أبواب المدينة الثلاثة أن يتركوا مساكنهم ليحل - بدلاً منهم- جنده ورجاله، وزاد في الشرطة فتضاعفت أعدادها، وقضي علي كل الأصوات والآراء وصادر حقوق النقد والمعارضة والتعبير.. إلي أن ضج الناس وجهرت أصواتهم بالشكوي وإبداء السخط والغضب وأحسوا بفداحة خيبة الأمل:- «قال علي عبدالحسين لعبدالرازق سالم، وهما يغادران - بعد صلاة العشاء- مسجد الأنصار: زمان.. هز المسلمون سيوفهم في وجه أبي بكر، جواباً علي سؤال اختباري حول رأيهم في الانحراف. قال عبدالرازق سالم: هذا زمان.. أما نحن، فلسنا سوي قطيع من الماشية يرعاه الإمام. قال علي عبدالحسين: الاستسلام حظ الماشية.. أما الإنسان فيقاوم. أضاف وقد شابت صوته رنة انفعال: «لماذا لا نقاوم؟!» ص 63 . ويعود الجميع إلي انتظار قدوم «مهدي» جديد يكون علي يديه النجاة والخلاص.. إلي أن ظهر بالفعل في «العراق» وإن كان في اعتقادي الشخصي لا يهم المكان هنا .. داعيا إلي مظلة القانون، يحتمي بظلها الجميع ويتخلصون من أسر الإمام السابق الذي أردف بتعاليم الدين مظالم لا تنتهي. قدم الناس من كل مكان من بلاد العرب يقصدون «المهدي» الجديد، أخذوا تماماً بعذوبة صوته وحسن بيانه وقوة حجته، سمعوا عنه خرائق وأعاجيب ومعجزات.. صدَّقوا علي قوله بخضوع الكل لسيادة القانون، مستشهداً بأن الجد الأعظم محمد «ص» تساوي مع غيره أمام القانون.. فاجأ الجميع برفضه في البداية ل«الإمامة» رغم إلحاح الكل عليه وترقبهم لعدله وإنصافه، ولكنه في النهاية رضخ لمطلبهم، وتمت البيعة بالإجماع. استفتح «المهدي» الجديد أموره بالكف عن الدماء، والتورع عن أخذ شيء من أموال الناس، وحفظ حقوق العباد وتحصين الثغور بالقوة الهائلة ذات البأس ومناقشة المواطنين في أمور دينهم ودنياهم، والعمل علي حل مشكلاتهم وأداء الخدمات الاجتماعية وإعادة تعيين كل الولاة مع اشتراط توفر الأمانة والصدق والقناعة وحسن التواصل فيهم، واتجه إلي رعاية مصالح الناس الدنيوية بجانب الدينية.. ولكن بعد فترة من ولايته تعددت التشريعات والقوانين واللوائح، شملت أوجه المعاملات في الحياة اليومية بكل أشكالها وأنواعها.. تحددت القوانين في إطار الشريعة لكل جانب في الحياة ولكل تصرفات الإنسان، عمت الشريعة أرجاء البلاد، شملت حتي أدق تفصيلات معاملات المرء، دنيا ودين.. تعددت التقارير، توقفت وسائل الإعلام عقب صلاة العشاء، وكذلك دور السينما، وتعطلت وسائل المواصلات بعد العشاء بنصف ساعة ، خلت الشوارع في هذا التوقيت من البشر.. أصدرت المراسيم بمنع الدفن في أرض المدينة إلا لأبنائها فقط، ومنع تداول كتب المذاهب الخمسة، ومنع السجود علي التربة الحسينية، ومنع مجالس التعزية وتحريم قراءة الشعر والنثر في المناسبات وضرورة أداء الصلوات في المساجد وعقاب من يخالف ذلك.وعندما شكا الناس من هذه الأمور، أمر بإجراء استفتاءات - صورية- طعن البعض في صحتها حول قوانينه وتشريعاته وفي الغالب كانت تأتي بالموافقة، همس الكثيرون في البداية بالرفض والاستنكار له، ثم علت أصواتهم بذلك في مجالسهم واجتماعاتهم:- قال صالح الغزالي: أي استفتاء في بلاد تعاني من الأمية، ومن فقدان النضج السياسي؟ قال الشيراوي: القانون هو اختيار الناس. قال الغزالي: لقد جاوز في تصرفاته كل القوانين. قال عبدالرازق سالم: انه ينفذ القانون كما يريد هو، وليس في ضوء اختيار الناس له.. أقحم الإسلام فيما لا ينبغي أن ىُقحمَ فيه.. وأقحم الناس فيما لا ينبغي أن يقحموا فيه.. قال الغزالي:- «هذه الاستفتاءات.. لا أكثر من أداة خطرة في يد الإمام! إنه يداري سوءاته بخرقة من نسيج عصري!!» ص 100. ويعود الكل لانتظار قدوم «مهدي» ثالث يقع علي يديه النظام القائم بكل مساوئه وعيوبه، وتتحقق في رحابه الآمال والأحلام وهكذا تمضي الرواية، من زمن إلي زمن، من عهد إلي عهد، من «مهدي» إلي «مهدي».. حلقة متوالية يدور فيها الناس ويحيون. وبين مفهوم «الزعامة أو الرئاسة»، ومعني «الإمامة» أو «الوصاية» تتحلق فصول النص الروائي، إلي أن يصل الكاتب إلي غايته، وقمة مراده، عندما يؤكد في ختامه علي أن التغيير لابد أن يأتي بأيدينا نحن، عن طريقنا نحن، وليس ب«إمام» جديد، أو «مهدي» قادم:- قال الرويعي:- الزعامة مطلوبة في كل الأحوال. قال ياقوت نافع: فارق بين الزعامة والوصاية.. الكل يأتي للوصاية. قال الرويعي:- لم توجد بعد ثورة بلا زعيم! قال ياقوت نافع:- «سيكون كل شيء علي ما ىُرام، حين يسقط النظام علي أيدي الجماهير، وليس عن طريق فرد - أو أفراد- أيا كان، أو كانوا» ص206. وهكذا تتلاقي رواية الأستاذ «محمد جبريل» «إمام» آخر الزمان» في نهايتها، مع انطلاق ثورتنا المجيدة التي أقامت الدنيا وأقعدتها دون «قائد».. أو «إمام».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.