على مدار أكثر من 3 ساعات كاملة، أمّ الشيخ محمد جبريل الملقب بإمام التراويح فى مصر، جموع المصلين الهادرة التى ضاق بهم مسجد جامع عمرو بن العاص وخارجه، فى صلاة العشاء والتراويح أمس الأول الأربعاء الموافق لليلة السابع والعشرين من رمضان، والتى يحتفل فيها عادة المسلمون بليلة القدر، طمعا فى الفوز بثواب الليلة المباركة. ومع انتهاء صلاة المغرب والاقتراب من العشاء، كان مسجد عمرو بن العاص والشوارع المحيطة به وأعتاب الكنائس ومداخل العمارات والقهاوى ومواقف الأتوبيس، قد امتلأت عن آخرها بالمصلين، الذين جاءوا من كل حدب وصوب من محافظات القاهرة والمحافظات المجاورة، على أمل ورجاء التعرض لنفحات ليلة القدر، والعتق من النيران ودخول الجنة. وعلى مدار ساعتين، على صوت جبريل الندى، بآيات من الذكر الحكيم، الذى اخترق قلوب المصلين قبل آذانهم، فأدمع العيون خشية ورجاء، ووجل القلوب حبا وقربا لله. وبالرغم من الازدحام الشديد فإن الجميع يغشاهم حالة من السكون والطمأنينة، والتسبيح والتحميد والتهليل طامعين فى الفوز برحمة الله، لكن يقطع هذا السكون بين الحين والآخر أصوات طيور شاركت الجموع تسبيح الله، وبعد أن فرغ جبريل من صلاة التروايح، وقبل أن يبدأ فى الدعاء الذى استمر لأكثر من ساعة، حرص جبريل على التأكيد بأن من يقول إن «الدعاء لا يوافق الكتاب والسنة، فهذا كلام غير صحيح؛ لأن الداعية لابد أن يلمس الواقع، وأن يعيش أحوال الناس وآمالاهم وأحلامهم وأنه لا يعيش فى صومعة بعيدا عن أحوال العباد»، مشيرا إلى أنه «يريد أن يبعث من وراء الدعاء برسالة لكل مشكلة، فلدينا مشكلات كثيرة». وبالفعل، جاء دعاء جبريل جامعا شاملا مرتبطا بقضايا داخلية وخارجية. فبعد أن أثنى جبريل فى دعائه على الله كثيرا وحمده وسبحه، قال ودموعه تغالبه: «اللهم ارزقنا انتماء لهذا البلد، واحفظه من الجبارين والمفسدين والفاسدين، وممن لا يخافونك يارب العالمين، ومن شر المخلوقات»، وقال أيضا: «اللهم احفط مصر من الوباء والغلاء والفحشاء ومن وباء الطيور والخنازير وجميع البلايا يارب العالمين». ولم يفت إمام التروايح الدعاء للإعلام وللصحفيين أصحاب الكلمة الصادقة، فكرر مرارا: «اللهم اغفر لكل صاحب قلم دافع عن دينك، وكتب كلمة ترضيك، وتنصر سنة نبيك طاعة لك»، وأضاف: «اللهم ارزقنا إعلاما صالحا، يبنى ولا يهدم، يصلح ولا يفسد، يجمع ولا يفرق، يقوم على تقوى منك ورضوانك، وقنا شر كل إعلام يهدم ولا يبنى يفسد ولا يصلح يقوم على غضبك ومقتك ولا تأخذنا بما فعل السفهاء منا». وإلى قضايا الأمة، بلغت قلوب جبريل وخلفه المصلين الحناجر، حين دعا بتحرير المسجد الأقصى، ودعائه على اليهود ومن يعاونهم ويساندهم. كما دعا قائلا: يا عز كل ذليل، وغنى كل فقير، يا خالق الشمس والقمر المنير، «اللهم لا تعذب من أرشد العباد عليك وحببهم إليك وحببهم فيك ودلهم عليك». ووسط الأجواء الإيمانية التى ملأت ساحة عمرو بن العاص، وجد عدد من الناس من صلاة العشاء والتراويح فرصة للتكسب مع كثرة عدد المصلين، فمنهم من حرص على بيع مفارش للصلاة عليها، ومياه ومناديل، كما بدا لافتا انتشار الكمامات خشية من الإصابة بعدوى الإصابة بإنفلونزا الخنازير.